السبت 5 شباط (فبراير) 2011

هل يُطمئن عمر سليمان «الإسرائيليين؟»!

السبت 5 شباط (فبراير) 2011 par ياسر الزعاترة

من الواضح أن الجولة الأولى من الضغوط الأمريكية الغربية على حسني مبارك قد آتت أكلها تعيينا لعمر سليمان نائبا للرئيس ، في حين يعلم الجميع أن مبارك قد قاوم سائر الضغوط طوال ثلاثة عقود وأصرّ على رفض تعيين نائب له.

ما يمكن قراءته في السياق هو ان مبارك قد أراد من خلال التعيين المذكور أن يكسب واشنطن والغرب إلى جانبه في المعركة مع الجماهير المصرية ، هو الذي يعلم أن مصلحة الدولة العبرية وهواجسها هي التي تحرك سائر المواقف الغربية.

وفيما اعتقد مبارك أنه سيسوق الدهاء بتمريره هذه الخطوة ، وبالطبع تبعا لإدراكه لحقيقة أن سليمان هو الأقرب إلى قلوب الإسرائيليين ، فقد نسي أن يحسب حساب المنطق الغربي الذي ما لبث أن تبدى سريعا حين أدرك الجميع أن تسويقه (أي مبارك) من جديد على الشارع عبر إصلاحات محدودة لم يعد ممكنا.

ما ينبغي أن نذكره هنا هو أن سليمان بمواقفه التي كسب من خلالها الأمريكان والإسرائيليين لم يكن يغرد خارج السرب ، بل كان يتخذ تلك المواقف لأن رئيسه يريدها ، وبالطبع على أمل تمرير التوريث من جهة ، ومن أجل سكوت واشنطن والغرب على قمعه للمعارضة المتنامية في الشارع المصري.

وفي حين كان سليمان يحظى برضا الدولة العبرية ، فإن الرئيس لم يقصر في دفع نجله نحو تقديم أوراق اعتماده للخارج من أجل دعم وراثته للحكم ، وتبدى ذلك على نحو أكثر وضوحا إثر زيارة سرية لواشنطن ما لبثت أن كشف أمرها في أيار عام ,2006

لكن عمر سليمان الطامع في منصب الرئاسة ، والذي يعتقد ومعه دوائر عسكرية وأمنية نافذة أنه الأكثر جدارة به ، لم يسلّم بالوضع الجديد ، وما لبث يرتب الأجواء لنفسه طوال المرحلة الماضية ، وإن لم يدخل في حساباته ثورة شعبية كالتي اندلعت نهاية الشهر الماضي ستدفع به نحو منصب نائب الرئيس ، وتاليا الرئيس إذا لم تحدث تطورات أخرى غير سارة بالنسبة إليه.

ولأنه كان يدرك أن العامل الخارجي له دور حيوي في تحديد هوية الرئيس (نتذكر هنا مقولة مصطفى الفقي الشهيرة وهي أن رئيس مصر ينبغي أن يحظى بموافقة أمريكا وعدم اعتراض إسرائيل) ، فقد مال سليمان إلى بناء علاقات جديدة تمنحه الأفضلية على منافسه (نجل الرئيس) ، مستندا إلى وجود مخاوف لدى بعض الدوائر الأمريكية والإسرائيلية من أن وصول جمال للرئاسة قد يعني وضعا أمنيا هشا يمنح المعارضة ، وبخاصة الإخوان فرصة الانقضاض على السلطة.

خلال الألفية الأخيرة: تحديدا منذ ملامح احتلال العراق ، قدم عمر سليمان نفسه بوصفه رجل الاعتدال الأقرب إلى الرؤى الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة ، في تغيير واضح لصورته القديمة كرجل وطني متشدد في الدفاع عن مصر ودورها وأمنها القومي ، حيث لم يكتف بتمرير قتل ياسر عرفات وترتيب الخلافة لمن حاولوا الانقلاب عليه بدعم أمريكي إسرائيلي ، بل تواطأ عمليا مع برنامج احتلال العراق ، ومختلف الخطوات التالية لتشريع الوجود الأمريكي (يشمل ذلك موقفه من المقاومة العراقية ومساعي إجهاضها) ، كما لم يتحرك من أجل وقف تدهور السودان نحو الانفصال ، ونشوء كيان متحالف مع تل أبيب يهدد الدولة العبرية (قد نضيف هنا صفقة الغاز مع تل أبيب ، وإن نسبت من قبل البعض إلى تيار جمال مبارك في الحزب الوطني ، وقد نضيف أيضا موقفه من المقاومة اللبنانية).

لكن الأهم هو موقفه من الملف الفلسطيني الداخلي ، أولا بدعمه لخيارات السلطة المعروفة ، وثانيا مطاردته لحركة حماس منذ فوزها في انتخابات 2006 ، والأهم منذ سيطرتها على قطاع غزة. وما رشح قبل العدوان الإسرائيلي حول مطالبته الإسرائيليين باستهداف قادة حماس ، إلى جانب تهديده المستمر لقادة حماس ، إنما يصب في ذات الاتجاه الرامي إلى تركيع الحركة لحساب البرنامج الإسرائيلي ، وليس قناعة بأنها تهدد الأمن القومي المصري. وقد جاء مسعاه لفرض وقف إطلاق النار على حماس أثناء عملية الرصاص المصبوب لتغدو هي المهزومة في المعركة ، جاءت لتؤكد توجه الرجل.

عموما يمكن القول إن الرجل هو الصديق الذي يشعر الإسرائيليون بالثقة حياله ، وإن كان من الصعب القول إنه في الوضع السابق سيكون هو ذاته في موقع الرئيس.

يبقى القول إن مجيء عمر سليمان بديلا لمبارك في حال تنحيه معطوفا على إصلاحات سياسية معتبرة لا يعني أن الثورة قد فشلت ، فمن أسقط مبارك يمكن أن يسقط سواه إذا سار عكس توجهات الجماهير في السياسة الداخلية والخارجية. والنتيجة أن ما جرى لن يكون خيرا للإسرائيليين بأي حال ، فكيف حين تمتد بركات الثورة المصرية إلى سائر ربوع الوطن العربي الذي ترى جماهيره أن فلسطين كانت وستبقى عربية إسلامية لا سيادة لليهود على أي شبر منها؟،



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 58 / 2180970

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2180970 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40