الاثنين 7 شباط (فبراير) 2011

توضيحا لتساؤلات تردنا حول وضع الثورة الشعبية في مصر العريية

الاثنين 7 شباط (فبراير) 2011 par د. خالد الناصر

لا مبالغة في أن الأمة العربية بأسرها على أعتاب نصر تاريخي لقوى الثورة العربية يتجسد فيه كل ما اعتمل في قلوب أجيال الطلائع القومية العربية منذ فجر النهضة العربية وحتى الآن . ولاشك أن الثورة العربية قد رسخت موقعاً ثابتاً في مغرب الأمة من خلال ثورة تونس المباركة التي كانت بطروحاتها وقواها الشعبية الشبابية تجسيداً عملياً لما تطرحه الثورة العربية ولقد شارك فيها بكل فعالية ولا يزال التيار القومي العربي الناصري . والآن تخاض المعركة الأهم في قلب الأمة العربية مصر بما تمثله كونها الاقليم القاعدة المطلوبة لتوحيد الأمة كما درسه بشكل علمي أستاذنا الدكتور نديم البيطار كما هو معلوم .

والذي يجب أن تطمئن إليه قلوبنا هو أن المعركة التي تدور رحاها الآن في كنانة العرب بقيادة شبابها الذي تجاوز - مثلما فعل في تونس - كل الأحزاب والقوى التقليدية المترهلة فيها ، هي بالذات معركة الثورة العربية حتى ولو لم ترفع شعاراتها بشكل صارخ لأنها تدور لإسقاط الأنظمة التي تعوق مسيرة الأمة نحو أهدافها .

لقد فاجأت ثورة الشباب الجميع وتقدمت على جميع التيارات والقوى السياسية العربية بشتى تلاوينها وها هي كلها تلهث خلفها وتسعى للاستفادة من ثمارها وتحاول ما أمكن استمالة مسارها لتصب مياهها في طاحونتها وهذا بالطبع مبعث القلق المشروع والمفهوم لرسالة الأخ سلام وكذلك رسائل كثيرة وصلتني وأظن أنها وصلت غيري من الإخوة الذين يتابعون هذا الحدث الجلل الذي سيغير صورة المنطقة العربية بأسرها بشكل جذري .

والأخطر من هذه الهواجس هو محاولات نظام مبارك مدعوماً بكل إمكانات الأنظمة العربية والقوى الدولية التي تدرك أن هذه معركتها الكبرى ، محاولات هذا النظام للالتفاف على هذه الثورة والتظاهر بتلبية مطالبها ريثما يصل إلى امتصاص عنفوانها وتفريغها من محتواها ، وهنا بالذات يكمن الخطر الأكبر حينما تلتقي مصالح هذا النظام - أو أجنحة منه أو نسخ منقحة منه - مع مصالح ما يسمى قوى المعارضة رسمية كانت كالأحزاب المرخصة في مصر أو غير المرخصة وعلى رأسها الإخوان المسلمين ، وقد رأينا نمو ذجاً تمثل في سعي ما سمي لجنة الحكماء أو من خلال تلميع البرادعي والغزالي حرب وأيمن نور وبشكل أوضح جلسات الحوار التي بدأت اليوم ومشاركة الإخوان المسلمين فيه وتهليل بعض قياداتهم بما دار فيه من قبيل ما أشار إليه الأخ سلام في رسالته وهي أمور لا تتعدى وعود مبهمة يريد بها النسخة المنقحة من قيادة النظام - عمر سليمان - كسب الوقت وشق صفوف الثورة وبلبلة قواها.
والآن ولتطمين الأخ سلام وكل الشباب العربي القلق أقدم الحقائق التالية التي أستقيها من ميدان الثورة من خلال تواصلي ساعة بساعة بإخوتنا هناك :

- إن القوة الوحيدة التي تمسك بزمام الفعل والمبادرة هي قوة الشباب المرابطة في ميدان التحرير في القاهرة وأما مسجد القائد ابراهيم وميدان سيدي جابر في الاسكندرية وفي ميادين مدن مصر كلها من السويس البطلة والمنصورة ودمنهور والمحلة الكبرى إلى مدن الصعيد كأسوان والاقصر وقنا ونجع حمادي .. الخ . وليست هناك أية قوة سياسية تستطيع زحزحتهم من مواقعهم ما لم تتحقق مطالبهم .

- إن هذه المطالب التي يرفعها الشباب الثائر هي تغيير النظام من خلال الإصرار على إسقاط رمزه حسني مبارك ذاته .

- إن الشباب قد اعلنوا بوضوح أن لا حوار ولا تفاوض قبل إسقاط مبارك . ولقد اعلنوا بوضوح أنهم لم يبعثوا أحداً للحوار ولم يفوضوا أحدا من القوى السياسية التحدث باسمهم .

- إن هذا الشباب الثائر على مستوى من الوعي يبعث على الفخر وهم يدركون كل ما يجري سواء من النظام او من قبل القوى السياسية ، وهو يتعامل وفق ما يخدم مطالبهم الواضحة التي لا يتنازلون عنها .

- أما مطالبهم فلقد أجملوها في سبع نقاط علقوها على واجهة إحدى بنايات ميدان التحرير وهي :

1- تنحي حسني مبارك

2- حل مجلسي الشعب والشورى

3- إلغاء حالة الطوارئ

4- تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية تشرف على المرحلة الانتقالية

5- انتخاب مجلس تأسيسي يسن دستوراً جديداً

6- محاكمة رموز الفساد والاستبداد

7- محاكمة المجرمين المسؤولين عن شهداء الثورة .

- إن الإخوان المسلمين التحقوا بركب الثورة بعد انطلاقها يوم 25 يناير ويشكلون جزءاً بسيطاً من حشدها يمكن تقديره بـ 15% ولا يسيطرون بأي حال على قرارها وهم يعترفون بذلك .

- إن الجميل في هذه الثورة أنها حققت إجماعا وطنياً حقق لحمة كاملة للمجتمع بمسلميه ومسيحييه كما فرضت على كل القوى السياسية انضواءاً تحت لوائها وتحت أهدافها يجمع القومي والإسلامي واللبرالي في بوتقتها .

- إن صمود الثورة ودوام زخمها بعد مرور أسبوعين من انطلاقتها حقق بحد ذاتها نقلة هائلة إلى الأمام لا يمكن تجاهله ولا التراجع عنه ، وشباب الثورة مصّر على متابعة مسيرتها دون كلل أو ملل .

والآن إلى السؤال الذي ينتظر الأخ سلام وباقي الإخوة :

أين الناصريون من هذه الثورة وأين دورهم فيها ؟..

- إن أول حقيقة في هذا المجال أن هذه الثورة هي ثورة الناصريين قبل أية قوة أخرى ولا أعتقد أنني بحاجة إلى البرهنة على ذلك ، يكفي ما نشهده من هلع القوى الاستعمارية وإسرائيل والأنظمة العميلة .

- وثاني هذه الحقائق أن الناصرية هي التيار الأساسي الذي تنطبق مطالبه الجذرية مع مطالب هذا الشباب الثائر .

- ثالث هذه الحقائق أن الشباب الناصري مبثوث فيها منذ لحظة انطلاقها وهو على تفاعل مؤثر وخلاق مع المجموعات الشبابية التي فجرتها .

- بالمقابل الناصريون كتشكيلات تنظيمية لا تملك سيطرة عليها ، ولكن بالمقابل كانت الثورة مناسبة لتوحيد وتلاحم الشباب الناصري متخطياً تشكيلاته التي طال انشغالها بخلافاتها البينية مما يبشر بانطلاقة قومية جديدة ستعطي ثمارها بإذن الله .

والآن إن معركتنا الكبرى أكبر من أن ننشغل بما يكسبه أي فصيل في هذه المعمة الهائلة ، فنحن كقوميين يجب أن تنتصر هذه الثورة لأنها مفتاح التغيير العربي الشامل الذي طالما بشرنا به ونذرنا اعمارنا من أجله . فلننهض لتقديم كل دعم ولا سيما على المستوى الإعلامي حيث يتم التعتيم الكامل على دور الناصريين ومحاولة حرف أهداف الثورة وتخفيض سقفها .

وإني لأرجو بهذا أن أكون قد هدأت من روع أخي سلام وباقي الإخوة ، راجياً أن نتفاءل بمستقبل الأمة ونحن نرى شبابها ينهض ليستلم الشعلة منا نحن الجيل الذي تشبث بالأمل حين ادلهم ليل الردة والذي قبض على الجمر ليقدمه وقوداً لهذه الشعلة ، والذي يشكر الله أن اتاح له فسحة من العمر ليرى بوادر النصر بعد أن كاد يموت يأساً وكمداً .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 46 / 2166041

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2166041 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 23


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010