السبت 12 شباط (فبراير) 2011

هنيئاً لشعب مصر

السبت 12 شباط (فبراير) 2011 par اياد الدليمي

هل يكفي أن نقول هنيئاً لمصر، هل يكفي أن نقول لشباب مصر الأبطال إنكم كنتم رجالاً وحققتم الحلم الذي كان إلى عهد قريب معجزة؟
كل الكلمات ستقف عاجزة ولن تفي بحق اللحظة التاريخية الفارقة التي أحدثت وستحدث نقلة ليس في مصر وحدها وإنما في عالمنا العربي الذي كنا إلى وقت قريب قد فقدنا الأمل في ثورته على أنظمته القمعية الفاسدة التي سرقت البلاد وأفقرت العباد وحولت الشعوب إلى قطعان أغنام.

لقد أتم الشباب المصري مهمته، أتم إنجاز الحلم، أتم الفرحة التي طالما انتظرها لسنوات طويلة، وناضل من أجلها طويلا، نضال لم يبدأ في الخامس والعشرين من يناير الماضي وإنما منذ سنوات، عندما بدأ الشباب المصري الواعي يتعرف عن قرب على وطنه، عندما بدأ هذا الشباب الالتفاف حول الوطن، الوطن ولا غير الوطن، الوطن الذي سرقه النظام المصري السابق لأكثر من ثلاثين عاما، سرقه النظام وظن أن سرقته مرت، ولن يكون هناك شهود عليها، ولن يكون هناك شعب يطالب بوطنه المسروق.

إنها اللحظة الفارقة التي أبكت الملايين في مصر وخارج مصر، كنا جميعا نتحلق حول الشاشات منذ الخامس والعشرين من يناير، ننام ونصحو على أغاني مصر وأغاني الثورة المصرية، كنا ننتظر اللحظة الحاسمة التي يقول فيها الرئيس السابق حسني مبارك إنه صار ماضيا، صار في ذمة التاريخ، ليحكم على ثلاثين سنة عجافاً مرت بها مصر، أفقرها وأفقر شعبها، أهانها كثيرا، حتى ظن الجميع أن مصر لن تعود إلى مصريتها.
عاد الجميع أمس إلى مصريتهم، عادوا إلى مصر العروبة والثورة والتغيير، النصر الذي كلف المصريين العشرات من الشهداء والجرحى، حتى تحقق الحلم الكبير.

لن تقف مصر بعد اليوم مذلولة، ستقف رافعة قامتها، ستقف لتقول للعالم إنها هنا، مصر العروبة، مصر الثورة، مصر التغيير، مصر التاريخ الذي صنعه شباب مصر الثورة، صنعوه بدمائهم، بتضحياتهم بصبرهم وهم يبيتون كل ليلة في شتاء قارس وسط ميدان التحرير، الجميع كان يراقب هذا الصبر، شكك البعض فيهم، خذلهم آخرون، ولكنهم كانوا هناك مؤمنين بقضيتهم مؤمنين بهدفهم النبيل، مؤمنين بأن إرادة الشعوب قادمة، قادمة لتقول كلمتها، قادمة لتصنع مستقبلها.
اليوم لن يشبه الأمس أبدا، اليوم تحررت مصر من طاغيتها، وستتحرر معها كل تلك الشعوب العربية التي كانت تنتظر أن يأتيها الفرج من مصر، وها هو جاء، ها هو جاء ليقول للعرب: هيا، انهضوا وانفضوا عن أنفسكم غبار السنوات المذلة، سنوات الديكتاتورية، سنوات الأنظمة الفاسدة. هنيئا لمصر، هنيئا إن كانت هذه الكلمة تفي بحق ثورتكم وتفي بحق انتصاركم، تفي بحق تضحياتكم التي روت تراب مصر.

هنيئا لتونس، فلقد كانت البداية منكم، من خضرائكم من سيدي بوزيد، من الشاب البطل محمد البوعزيزي، الذي أشعل بجسد الأمة النار، أيقظها من سباتها، قال للجميع ثوروا فما عاد في قوس الصبر منزع.

احتفلتم واحتفلنا معكم، احتفلنا لأننا كنا نريد أن نرى مصر الحبيبة منتصرة حرة، احتفلنا لأننا كنا نريد أن نعز أنفسنا بعز مصر، احتفلنا لأننا كنا نرى في شبابكم شباب أمتنا، شباب العرب الذين طال انتظار فجرهم.

مصر لكم، أيها المصريون، مصر لكم أيها الشباب البطل، مصر لكم يا من صبرتم وضحيتم ونلتم، فما خاب رجاؤكم، وما خاب رجاء أهلكم فيكم، هنيئاً لثمانين مليون مصري ومن خلفهم هنيئا لكل العرب، عرب اليوم الذين وقفوا وراءكم، كانوا لا يملكون لكم سوى الدعاء، احتشدنا خلفكم، لأننا نريد مصر العروبة، مصر الحرة التي لا تدين بالولاء سوى لوطنها.

وأيضا، لا بد لنا أن نصفق عاليا لذاك الإعلام الحر الذي كان خير سند لثورة الشباب المصري، وعلى رأسه قناة «الجزيرة» التي أثبتت الأيام أنها القناة الأكثر قربا لمشاعر الشعوب.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2165410

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165410 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010