السبت 12 شباط (فبراير) 2011

طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد!

السبت 12 شباط (فبراير) 2011 par حلمي الاسمر

تقول بعض الآراء أن كتاب الشيخ عبد الرحمن الكواكبي ، طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد ، هو من أهم الكتب فى المائة سنة الأخيرة ، فى مقدمة الكتاب يكتب الكواكبي قائلا: هي كلمة حق و صرخة في واد ، إن ذهبت اليوم مع الريح ، لقد تذهب غداً بالأوتاد،،

وها هي فعلا تذهب بالأوتاد ، فقد صدقت نبوءة الشيخ وبصيرته النافذة ، وما نشهده اليوم في أرض الكنانة ، التي احتضنت الكواكبي ، مصداق لهذه الرؤية،

يروق لي في هذا الجو العاصف ، المتغير كما كرة الثلج ، أن أتوقف وقفات سريعة جدا ، أمام بعض ما حفل به كتاب الكواكبي من إلماعات فذة ، تختصر سيلا من الكلام ، في وصف حال الأمة الآن،

يعرف الكواكبي علم السّياسة بأنّه هو إدارة الشّؤون المشتركة بمقتضى الحكمة وأوّل مباحث السّياسة وأهمّها بحث (الاستبداد): أي التّصرُّف في الشّؤون المشتركة بمقتضى الهوى.

وفي عبارات شديدة البلاغة ، يبدأ الشيخ الكواكبي فى ذكر سبب داء الاستبداد وعلاجه والدواء الناجح حسب اختلاف شخصية الناظر إليه فمثلا...

يقول الشخص المادي فى تشخيص الاستبداد : الدّاء: القوة والدّواء: المقاومة.

ويقول السّياسي: الدّاء: استعباد البرية ، والدّواء: استرداد الحرّيّة.

ويقول الحكيم: الدّاء: القدرة على الاعتساف ، والدّواء: الاقتدار على الاستنصاف.

ويقول الحقوقي: الدّاء: تغلّب السّلطة على الشّريعة ، والدّواء: تغليب الشّريعة على السّلطة.

ويقول الرّبّاني: الدّاء: مشاركة الله في الجبروت ، والدّواء: توحيد الله حقّاً. وهكذا تختلف رؤية الداء والدواء حسب شخصية الناظر إليه ، أما الاستبدادُ لغةً هو: غرور المرء برأيه ، والأنفة عن قبول النّصيحة ، أو الاستقلال في الرّأي وفي الحقوق المشتركة.

ويُراد بالاستبداد عند إطلاقه استبداد الحكومات خاصّةً: لأنّها أعظم مظاهر أضراره التي جعلتْ الإنسان أشقى ذوي الحياة. وأما تحكّم النّفس على العقل ، وتحكُّم الأب والأستاذ والزّوج ، ورؤساء بعض الأديان ، وبعض الشركات ، وبعض الطّبقات: فيوصف بالاستبداد مجازاً أو مع الإضافة.

أما الاستبداد في اصطلاح السّياسيين فهو: تَصَرُّف فرد أو جمع في حقوق قوم بالمشيئة وبلا خوف تبعة ، وأمّا تعريفه بالوصف فهو: أنّ الاستبداد صفة للحكومة المطلقة العنان فعلاً أو حكماً ، التي تتصرّف في شؤون الرّعية كما تشاء بلا خشية حساب ولا عقاب محقَّقَين وتفسير ذلك هو كون الحكومة إمّا هي غير مُكلّفة بتطبيق تصرُّفها على شّريعة ، أو على أمثلة تقليدية ، أو على إرادة الأمّة ، وهذه حالة الحكومات المُطلقة. أو هي مقيّدة بنوع من ذلك ، ولكنّها تملك بنفوذها إبطال قوّة القيد بما تهوى،

ما فتح نفسي على إعادة تصفح الكواكبي ، تصريح شيخ الأزهر || ان المظاهرات كانت مشروعة حتى الأمس ولكنها الآن حرام لأنها ستؤدي الى الفوضى ، ترى لم لم نسمع هذا الرأي إلا بالأمس؟ لم لم يطلع علينا الشيخ برأيه قبل الآن ، لكي يقول لنا أن المظاهرات حلال؟

يتساءل الكواكبي ، في معرض الحديث عن تحالف فقهاء السلطة مع المستبد: ومن يدري من أين جاء فقهاء الاستبداد بتقديس الحكّام عن المسؤولية حتى أوجبوا لهم الحمد إذا عدلوا ، وأوجبوا الصّبر عليهم إذا ظلموا ، وعدّوا كلّ معارضة لهم بغياً يبيح دماء المعارضين؟،

اللهم: إنّ المستبدًّين وشركاءهم قد جعلوا دينك غير الدًّين الذي أنزلت ، فلا حول ولا قوّة إلا بك،

ولنا وقفات مع هذا السفر النفيس ، الذي قلما ينتبه له أبناء هذا العصر من الشباب ، والشيب أيضا،



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165248

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165248 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010