الثلاثاء 29 آذار (مارس) 2011

كتاب | «نفوذ لا مبرر له : دوايت إيزنهاور والمجمع الصناعي العسكري» (1-2)

الثلاثاء 29 آذار (مارس) 2011

في الخطاب الأخير للرئيس الأمريكي دوايت ديفيد إيزنهار في 17 يناير/كانون الثاني في ،1961 حذّر أمريكا من خطر “المجمّع الصناعي العسكري”، وهو الاعتماد الثنائي الذي تطور خلال الحرب العالمية الثانية بين القاعدة الصناعية للولايات المتحدة وتركيبتها العسكرية .

وبالتزامن مع الذكرى الخمسين لخطاب إيزنهاور الوداعي، نشر الصحافي الأمريكي جيمس ليدبيتر كتاب “نفوذ لا مبرر له: دوايت إيزنهاور والمجمع الصناعي العسكري” في 268 صفحة من القطع المتوسط في “مطبعة جامعة ييل” في الولايات المتحدة، ويظهر كيف أن الحكومة والمقاولين العسكريين واقتصاد الدولة الشامل أصبحوا في حالة تلازم . وأن بعض التأثيرات التي جاءت لخدمة النظام العسكري كانت مفيدة مثل الهواتف المحمولة، والنظام العالمي لتحديد المواقع، والإنترنت، وتلسكوب هابل الفضائي . برأيه أثار المجمع “الصناعي العسكري” العديد من الأسئلة المؤلمة مثل: هل التأسيس العسكري الهائل يجعل سكان الولايات المتحدة في مأمن؟ ما مدى فهم التهديدات الأمنية التي تقودها دوافع صناعة الربح للمقاولين العسكريين؟ ما مدى تأثر السياسة الخارجية الأمريكية بمصالح المقاولين المالية؟

إن هذا الكتاب يعد من أهم الكتب التي تتناول بشكل تحليلي إحدى الأفكار الاقتصادية السياسية المهمة في الولايات المتحدة، ويتناول الروابط بين الجيش واقتصاده . كما يعرض الكاتب الكثير من التحليلات والآراء حول الأسباب التي دعت إيزنهاور إلى ذكر التحذير في خطاب الوداع، حيث وجد بعضهم أن تحذير إيزنهاور كان لأغراض سياسية الهدف منها التأثير في إدارة كينيدي، والبعض الآخر وجد أن خطاب إيزنهاور هو أفضل ما قدمه خلال سنوات ولايتيه، وذهب البعض إلى أنه لإدارة الفوضى الناشئة من الاعتماد الاستراتيجي على الأسلحة النووية .

يرى الكاتب في الفصل الأول من الكتاب بعنوان “تعقب التأثير اللامبرر” أنه على الرغم من أن إيزنهاور لم يكن من الخطباء البارعين، خاصة بعد السكتة القلبية التي أصابته في،1955 فإن خطابه الوداعي بقي مترسخاً في ذاكرة الأمريكيين العامة، وشهرة هذا الخطاب تتركز في الجملة التالية من خطابه: “يجب أن نحترس من اكتساب المجمع الصناعي العسكري نفوذاً لا مبرر له - سواء سعي لذلك أو لم يسعَ - في أروقة الحكومة” .

يجد الكاتب أنه ربما من سخرية القدر أو من المثير للتناقض أو حتى النفاق أن الرجل الذي بدا يحذر من “المجمع الصناعي العسكري”، كان من قياديي ذلك المجمع، ليس فقط لأنه قضى أغلب حياته البالغة في الحكومة والجيش الأمريكي، ومتسلقاً إلى أعلى المناصب في كل منها، بل لأن فترته الرئاسية التي دامت ثماني سنوات، شهدت زيادة دراماتيكية من الأسلحة النووية، وهي من بين المخاطر التي جعلت تأثير المجمع الصناعي العسكري مخيفاً للغاية . ويذكر أن المخزون الاحتياطي للولايات المتحدة ازداد من ألف من الرؤوس الحربية في 1952 إلى ما يقارب 23 ألفاً في الوقت الذي ألقى فيه إيزنهاور خطابه الأخير . وبالنسبة للعديد من المراقبين، فإن هذا التوسع يوحي أن “المجمع الصناعي العسكري” كان له بعض التأثير في السياسة العامة في الوقت الذي كان فيه إيزنهاور في سدة الرئاسة .

يوضح الكاتب أنه من الإنصاف القول إن تعبير “المجمع الصناعي العسكري” هو دائماً ما استخدم بشكل انتقاصي إلى حد ما، ويرى أن إيزنهاور نفسه لم يحذر من “المجمع الصناعي العسكري” نفسه بل حذر من “نفوذه اللامبرر” . وبرأيه قضية التحذير من المجمع هي لائحة اتهام مع العديد من الاعتبارات، وهذه الاعتبارات غالباً ما تتضمن ما يلي:

1- يخلق “المجمع الصناعي العسكري” إنفاقاً عسكرياً هائلاً، وهذه التهمة تتوافق مع مخاوف إيزنهاور، في كل من خطابه الأخير، وخلال مهنته .

2- إن “المجمع الصناعي العسكري” يذهب بعيداً في إنفاقه عن الاحتياجات الاجتماعية، حيث يجد الكاتب أن المجمع يجد طرقاً لتمويل احتياجاته، بغض النظر عن التكلفة أو الضرورة، بينما يضغط على المشكلات الاجتماعية للأمريكيين مثل الجهل والفقر ووفيات الأطفال والسكن، وكل هذا يتوافق مع خطابه الذي ألقاه سنة 1953 باسم “فرصة لأجل السلام” .

3- يشوّه “المجمع الصناعي العسكري” الاقتصاد الأمريكي، وذلك من خلال التأثير في قيمة الدولار، وحجم ونوع التجارة في الولايات المتحدة، وكذلك أنواع ومواقع الأعمال الصناعية .

4- أسس “المجمع الصناعي العسكري” دوراً أكبر من حجمه للجيش في المجتمع الأمريكي، على الرغم من أن إيزنهاور كان براغماتياً وآمن بشكل كامل بدور أمريكا الحديث كقوة عسكرية عظمى، لكنه مع هذا كان مندهشاً من كيف أن الجيش الأمريكي أصبح واسع الانتشار وهائل الحجم وثابتاً منذ زمن جورج واشنطن، وكان متخوفاً من النتائج .

5- إن “المجمع الصناعي العسكري” يخلق ويوسّع ثقافة السرية، حيث بالتركيز على البحوث الجامعية والتكنولوجية والعلمية، اعتزم إيزنهاور بشكل واضح على تحذير الأمريكيين من أن “المجمّع الصناعي العسكري” يمكن أن يشوّه طبيعة الاستفسار الفكري ذاته بعرض احتياجات سرية صارمة على البحوث الأساسية .

6- يقود “المجمع الصناعي العسكري” إلى قمع الحرية الفردية، وبالنسبة لإيزنهاور كان هذا الخطر قوياً، لكن بدا على الأغلب أنه يشكل مخاوف مستقبلية .

يجد العديد من النقاد أن “المجمع الصناعي العسكري” أصبح بمجمله أخطبوطاً قمعياً، مسؤولاً عن نبذ حرية التعبير، والحقوق الاقتصادية والحرية الأكاديمية، وحق المعارضة، وحتى حق التنقل، وكذلك يجد البعض أن الخوف من الإرهاب أصبح مبرراً جديداً للتقليل من حجم الحريات في الولايات المتحدة .

[**الأصول الفكرية*]

يشير الكاتب إلى أن عبارة “المجمع الصناعي العسكري” لم تكن موجودة بشكل علني في اللغة الإنجليزية إلى الوقت الذي قدمها إيزنهاور في يناير/كانون الثاني 1961 . ويرى أن حديث إيزنهاور عن “المجمّع الصناعي العسكري” تداخل مع أفكار واسعة الانتشار عن الأعمال التجارية والسلطة والجيش، وتلك الأفكار اعتنقها في السابق دعاة السلام ومعارضو الحروب والسياسيون الذين فضلوا خلق منظمات متعددة العرقيات لمنع نشوب الحروب المستقبلية، وأن هذه الأفكار التي نادى بها هؤلاء النقاد تموضعت في العديد من الأصناف:

1- نظرية تجار الموت: أصبحت هذه النظرية منتشرة بشكل كبير في الولايات المتحدة في عام ،1930 وكانت هذه النظرية تشير إلى أن تجار الأسلحة يثيرون الحروب ويشجعون عليها بين الدول، وذلك في جهد منها لزيادة أرباحها .

2- نظرية اقتصاد الحرب: وهذه النظرية تجد أن الكثير من الصناعة الحديثة مرتبطة إلى حد كبير مع إنتاج الأسلحة، وأن الاعتماد المتنامي للدولة وصناعة الأسلحة هي بشكل جوهري خطيرة، وهذا الجدال برز بشكل متقدم في أوروبا، وتجذر في الولايات المتحدة، وتطوّر في نظرية اقتصادية في مرحلة متقدّمة بحلول عام 1940 .

3- نظرية الدولة الحامية: اكتسبت هذه النظرية قوة محددة بين الأكاديميين خلال وبعد الحرب العالمية الثانية، وتشير إلى أن المجتمعات المستقبلية الكبيرة ستنظم في نمط عسكري بشكل عالٍ، وبالتالي سيؤدي الأمر إلى تقليل الحريات الفردية ونماذج الديمقراطية .

4- نظرية النخبة التكنوقراطية: وتشير إلى أنه كلما أصبح المجتمع الأمريكي أكثر تعقيداً واعتماداً على التكنولوجيا، سوف يسيطر عليه طبقة من البيروقراطيين غير المسؤولين . ويتناول الكاتب هذه النظريات في فقرات مطوّلة ضمن الفصل الثاني، حيث يسلّط الضوء على القضايا السياسية طويلة الأمد، التي كان إيزنهاور يلمّح إليها .

[**الحرب والسلام وإيزنهاور*]

يشير الكاتب إلى أنه من أكثر الأمور المثيرة للسخرية بالنسبة لإيزنهاور هو أن والديه كانا من جماعة ميونايتس المسيحية المعارضة للعنف، وهي طائفة أنشأها المنحدرون من أصول هولندية خلال القرن الثامن عشر في بنسلفانيا، حيث استقر فيها أجداد إيزنهاور سنة ،1740 وإيزنهاور ولد في أبيلين في كنساس في ،1890 ونشأ مع إخوته في منزل، كان ممنوعاً فيه تناول الكحول والتدخين واللعب بالورق والشتم . وكانت الحرب تعتبر عند عائلته خطيئة كبرى، ووالدته “آيدا” كانت عالمة في المعارف الدينية المسيحية، وعلى حد تعبير ستيفن أمبروسي: “نشأت وهي تستمع إلى القصص العديدة حول فظائع الحرب الأهلية الأمريكية، وهذا بدوره قوّى عندها الاتجاه السلمي الذي تماشى مع دينها” . ويذكر الكاتب أنه عندما أظهر إيزنهاور رغبته الملحة تجاه التاريخ العسكري، إلى الحد الذي أهمل فيه واجباته الدراسية الأخرى، نهرته أمه وحاولت أن تحتفظ بالكتب التاريخية الموجودة عندهم في الخزانة . ويجد أن نشأته العائلية التي دحضت العنف ورأت في الحرب خطيئة، شكلت لديه آراء مناقضة لآراء السياسيين في البيت الأبيض، وتعارضت معهم إلى حد ما .

يمضي الكاتب أكثر في الحديث عن بدايات إيزنهاور في مهنته العسكرية، إلى أن نتوقف معه في فقرة بعنوان “نحن نضرّ البلاد مالياً”، حيث يجد أن موقع إيزنهاور في الحرب العالمية الثانية كقائد أعلى لقوات التحالف لم يسبق له مثيل، حيث كانت له سلطة بعيدة المدى على كل فروع الجيش، ويجد أن إيزنهاور من ذلك المنصب، طوّر وجهة نظر لا مثيل لها عن المنظومة العسكرية، ويعرض بعض آرائه عن الحرب، فعلى سبيل المثال، لم يكن إيزنهاور متفقاً مع الكثير من زملائه في الجيش والحكومة على أن استخدام السلاح النووي كان طريقة فعالة لإنهاء الحرب مع اليابان .

كما يتحدث عن مؤتمر بوتسدام الذي انعقد قرب العاصمة الألمانية برلين في ،1945 وحضرته دول التحالف حينها (بريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي)، حيث تحول حديثهم إلى كيفية تطوير القنبلة النووية، ويشير إلى أن إيزنهاور علم بوجودها من وزير الحرب هينري ستيمسون حينها، الذي أشرف على “مشروع مانهاتن” وكتب إيزنهاور حينها: “عبرت عن أملي بأننا لن نستخدم شيئاً مثل هذا ضد أي عدو، لأنني كرهت أن أرى الولايات المتحدة تأخذ القيادة في إدخال سلاح على حدّ كبير من التدمير والترويع كهذا السلاح الجديد” .

[**النظرة الجديدة*]

يتحدث الكاتب عن سياسة الأمن القومي للولايات المتحدة لإدارة إيزنهاور، وسميت هذه السياسة “النظرة الجديدة”، حيث عكست مخاوف إيزنهاور لتكافؤ الالتزامات العسكرية للحرب الباردة للولايات المتحدة مع المصادر المالية لها، وأكدت الاعتماد على الأسلحة النووية الاستراتيجية، لمنع تهديدات محتملة من الكتلة الشرقية التي يترأسها الاتحاد السوفييتي بالأسلحة النووية والتقليدية .

يجد الكاتب أن أغلب المؤرخين اليوم يعتبرون “النظرة الجديدة” نجاحاً مختلطاً، حيث تزايد الأسلحة النووية والتحديات الصاعدة للقوة الأمريكية في الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية عكّرت أهداف الإدارة، لكن في مرحلة حاسمة من “النظرة الجديدة”، وخلال التغييرات المهمة في السياسة النووية للإدارة السابقة، كان من المتوقع الاستخدام الانتقامي للأسلحة النووية، حتى في الصراعات التي بدأت مع الأسلحة التقليدية، والخبراء سمّوها “الاستجابة اللامتناظرة” . على الرغم من أن “النظرة الجديدة” كانت لديها بعض الأسباب المنطقية الاستراتيجية، فإن العامل الأساسي وراء تقديمها كان اقتصادياً . كما يمضي في الحديث أكثر عن التأثيرات السيكولوجية التي تركتها الإدارة الأمريكية حينها في الشعب الأمريكي .

يتحدث الكاتب عن الخطاب الذي ألقاه إيزنهاور في 16 إبريل/نيسان ،1953 بعد موت جوزيف ستالين الزعيم السوفييتي، وكان الخطاب الأول له منذ اعتلائه للسلطة في السنة نفسها، وكان هناك الكثير من الجدل حول توقيت الخطاب، وناقش فيه الآثار السلبية للحرب على الشعوب، ولم يكتفِ بهذا فقط، بل تحدث عن الإنفاق الكبير على الحروب في أزمنة السلم، ومن بعض ما قاله في خطابه ترجمنا التالي: “إن كل بندقية صنعت، وكل سفينة حربية أطلقت، وكل قذيفة رميت تدل في النهاية على أنه سرقة من أفواه أولئك الذين يتضورون جوعاً، والذين لا يجدون ما يسترون به أجسادهم من قرّ الشتاء، هذا العالم لا ينفق على الأسلحة المال فقط، بل ينفق العرق الذي يذرفه العمال، وعبقرية العمال، وآمال الأطفال” .

[**ولاية آيزنهاور الثانية*]

يتحدث الكاتب في الفصل الرابع المعنون “ولاية إيزنهاور الثانية المعقدة” عن إعادة انتخاب إيزنهاور في ،1956 على الرغم من مشكلاته الصحية، وحينها فاز بإحدى وأربعين ولاية وقرابة 58% من التصويت الشعبي . ويذكر أن السنوات الأخيرة من فترة رئاسته شهدت الكثير من الصراعات القوية مع الكونغرس على الأمن القومي والجيش، وهذه الصراعات تمثلت إلى حدّ ما في الاختلافات في الرأي حول مستويات الإنفاق والاتجاه السياسي، لكن ضمن الإدارة، كان يلاحظ بشكل كبير أن الديمقراطيين في الكونغرس وحلفاءهم في الجيش والاستخبارات كانوا يضخّمون ويحرّفون القضايا العسكرية لأجل المكاسب السياسية . وهذ الأمر هيّج إيزنهاور، الذي مال إلى الاعتقاد بأنه ما من أحد - من ضمنهم رؤوساء هيئة الأركان - يتمتع بفهم أفضل منه في فهم احتياجات وقيود الجيش الأمريكي .

وبرزت هذه الصراعات مع إطلاق القمر الصناعي السوفييتي الأول في خريف ،1957 وإحباط إيزنهاور والعديد من حوله قاد إلى الاعتقاد أن الجيش أصبح مجموعة لها مصالح معينة بحد ذاتها، بدلاً من أن تكون مجرد أداة للسياسة، وقاموا بالسعي إلى وسائل للأمن القومي خارج الجيش التقليدي .

يرى الكاتب أن إيزنهاور بدا قبل إطلاق سبوتنيك أنه ذهب بعيداً عن وجهة النظر التي تجد أن الأسلحة النووية كانت طريقة مربحة لتحقيق الأمن مع بضع تأثيرات جانبية .

[**نورمان كوزينس وآيزنهاور*]

يشير الكاتب إلى أن تأملات إيزنهاور عن التعقيدات العملية والعسكرية والأخلاقية غالباً ما كان يدفعها إلى الخروج مراسلاته مع الصحافي الأمريكي نورمان كوزينس، الذي نشر في صيف 1956 في مجلة “ساتردي ريفيو” مقالاً افتتاحياً لخص فيه التاريخ الفكري للبشرية من الفن والأدب إلى الطب والعلم والهندسة المعمارية ومن ضمن ما كتبه: “كانت الأجيال الأولى لديها القوة فقط للتأثير في التاريخ، وأجيالنا لديها القوة على القضاء عليها” . وأثار فيها أيضاً أسئلة الاختبار النووي، والغبار المشعّ والحاجة إلى إعادة تقييم كامل لفكرة الأمن في عالم اعتقد أنه انتقل إلى ما وراء الدولة المستقلة .

ويشير الكاتب إلى أن إيزنهاور ردّ على ما كتبه كوزينس في الذكرى الحادية عشرة لتفجير هيروشيما، حيث وجد أن مقاله كان “مقنعاً وقوياً”، ويجد أنه في صيف ،1956 كان إيزنهاور يتأمل حقاً موقف كوزينس من نزع الأسلحة، ومن بعض ما استشهد به في نقاشه هذا، هو ما كتبه مستشار إيزنهاور وكاتب خطاباته الرئيسي آرثر لارسون في مذكراته حيث قال فيها: “في إحدى جلساتنا في أغسطس/آب ،1956 سألني إذا ما قرأت “ساتردي ريفيو”، قلت له: نعم، وعبّر عن رأيه في أهمية النشرة الدورية المهمة حول الشؤون العامة، خاصة عبر مقالاته الافتتاحية، حينها سلمني نسخة من مقالة افتتاحية لنورمان كوزينس عن القنبلة الهيدروجينية التي تركت انطباعاً كبيراً عليه” . كما يشير إلى أن الولايات المتحدة عندما أطلقت القمر الصناعي في أواخر ،1958 حدث نقاش معتبر بين طاقم البيت الأبيض حول استخدام مسودة الخطاب التي تقدم بها كوزينس على موضوع استكشاف الفضاء الخارجي فقط لأغراض سلمية .

يشير الكاتب إلى أنه في عام 1957 كان هناك قلق شعبي متزايد حول تداعيات الأسلحة النووية، وحينها أقنع كوزينس الدكتور ألبيرت سكويتزر الفائز بجائزة نوبل الذي كرّس حياته لخدمة الفقراء ليصدر خطاباً باسم “إعلان الضمير”، حيث أذاع على راديو أوسلو المخاطر الصحية التي تسبّبها الأسلحة النووية، وطالب بفرض حظر على تجارب الأسلحة النووية المستقبلية، وختم خطابه بهذه الكلمات: “سيكون إنهاء تجارب أخرى لقنابل ذرية أشبه ما يكون بإشعاعات الأمل الأولى التي تتوق إليها الإنسانية المتألمة” . ويشير الكاتب إلى أنه على الرغم من أنه أذاع خطابه خارج الولايات المتحدة فإنه احتل الصفحة الأولى من صحيفة نيويورك تايمز، وأثار استجابة من ويلارد ليبي رئيس لجنة الطاقة الذرية، الذي صرّح أن تأثيرات الأسلحة النووية كان ثمناً صغيراً لأجل الحرية الأمريكية” . كما يجد أن الحكومة حينها اتخذت مواقف دفاعية، وبدأت حملات تنتقد فيها هؤلاء الذين يثيرون قضايا الأسلحة النووية .

[**تقرير غيذر*]

يذكر الكاتب أن إطلاق القمر الصناعي سبوتنيك في 4 أكتوبر/تشرين الثاني ،1957 ضرب إداراة البيت الأبيض في عهد إيزنهاور بضربة يشبّهها بصاروخ . وسرعان ما طغت الجدالات الكثيرة على الميزانية العسكرية بسرعة ملحة، حيث أشار إطلاق سبوتنيك إلى أن الاتحاد السوفييتي لديه القدرة حينهاعلى ربط رأس نووي بصاروخ ويطلقه من أرضه إلى آلاف الأميال، ويخلّف الضرر الهائل . يشير إلى أن مستشاري البيت الأبيض قدّروا أنه في أوائل سنوات 1959 كما ذكرته روايات الصحف أيضاً من أن الاتحاد السوفييتي كان بإمكانه نشر ما يكفي من الصواريخ العابرة للقارات، لتدمير وتجميد قواعد القيادة الاستراتيجية للدفاع الجوي للولايات المتحدة، والهجوم يمكن أن يحدث مع تحذير لا يتجاوز عشر أو خمس عشرة دقيقة . ويذكر أنه بينما العامة ركّزوا على إطلاق القمر الصناعي الثاني سبوتنيك، كانت النخبة في واشنطن مندهشة من التقرير الذي صدر بعد أربعة أيام من إطلاق سبوتنيك الثاني، الذي أظهر قوة التهديد السوفييتي على الولايات المتحدة، وأوصى بتعزيز القدرات العسكرية الدفاعية والهجومية الاستراتيجية للولايات المتحدة، وذكر التقرير في صفحة البداية أن التقرير صاغ رأياً على مدى كبير لدراسة القدرة على حماية المدنيين في حال تعرض الولايات المتحدة لهجوم نووي ودراسة النتائج، وهذا “أشار إلى تفوق القدرة التكنولوجية للاتحاد السوفييتي على الولايات المتحدة في بحوث الصواريخ البالستية العابرة للقارات، وكان ما ورد في التقرير على خلاف ما صوّرته الإدارة الأمريكية حينها، وكان تحت عنوان “الردع والبقاء في العصر النووي”، وكان معروفاً بشكل غير رسمي باسم “تقرير غيذر” نسبة إلى رئيس اللجنة الاستشارية الرئاسية لفريق خبراء الموارد الأمنية هوراس روان غيذر .

يوضّح الكاتب أنه على الرغم من الضغط الكبير على الإدارة الأمريكية، لم يتحرك الرئيس ولا أحد من مستشاريه لصنع تغييرات سياسية . حيث كل شيء يمكن أن يتم إنجازه لإطلاق صاروخ وضع في مكانه المناسب، وازدادت ميزانية الصاروخ، رغم أنه ليس بالحجم الذي أراده بعض مَنْ في الإدارة الأمريكية، حيث كان إيزنهاور قلقاً من أن يؤثر الإنفاق الكبير على الصاروخ في ميزانية 1959 إلى قول الناس أنه لا شيء تم في السنوات الخمس الأخيرة، لكن بشكل عام، فعلت الإدارة ما استطاعت القيام به .

ويشير الكاتب أيضاً إلى الفترة التي تلت أزمة التقرير، حيث جرت بعض الدراسات على صحة التقرير والمعلومات التي وردت فيه، بالإضافة إلى مديري اللجنة، حيث اثنان من أهم المديرين في اللجنة هما روبيرت سي سبريك الذي كان يدير صناعة الإلكترونيات العسكرية والآخر وليام سي فوستر صاحب شركة أولين ماثيسون للكيماويات، من أكبر منتجي الذخيرة والبارود .

- [**المصدر : صحيفة «الخليج» الإماراتية | تأليف : جيمس ليدبيتر | عرض وترجمة : عبدالله ميزر*]}



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 102 / 2180747

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفن  متابعة نشاط الموقع خبر  متابعة نشاط الموقع إصدارات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2180747 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40