الأربعاء 6 نيسان (أبريل) 2011

هل الانقسام الفلسطيني قدر مكتوب؟

الأربعاء 6 نيسان (أبريل) 2011

- [**بقلم / صادق الشافعي*]

هل عادت قضية إنهاء الانقسام الفلسطيني إلى الدوران في الحلقة المفرغة نفسها؟ للأسف تبدو كذلك.

فلا أبو مازن زار غزة، ولا قيادة «حماس» أعلنت ترحيباً مفتوحاً وواضحاً بتلك الزيارة أو دعوة بنفس المعنى ولا حصل أي تقدم.

وكأن مبادرة أبومازن أخذت لها موسماً كما المواسم السابقة : وفود ولقاءات وتصريحات من دون أي شيء محدد أو نتيجة واضحة أو حتى خطوة عملية. بل ظلت الأمور في إطار الحركة بلا بركة وكلام بلا معنى وعبارات حمالة معان، أي كما يقول مثلنا الفلسطيني «طحن بلا حب» أو حسب القول السوداني الجميل في مثل هذه الحالات «كلام ساكت» بلا شك هذه النتيجة تضيف إحباطاً إضافياً إلى كومة الاحباطات لدى الجماهير الفلسطينية والعربية أيضاً.

الغريب أن هذه النتيجة تترافق مع تراجم في حالة الزخم الجماهيري وما سمي بحركة الشباب التي رفعت شعار «الشعب يريد انهاء الانقسام» ونجحت في تنظيم بعض المظاهرات في الضفة وغزة لتحقيق ذلك الهدف. وبالتأكيد فإن هذا التراجع كانت له أسبابه :

أولها، إن حركة الشباب كانت في جزء أساسي منها، منضوية في إطار التنظيمات المعروفة وتلتزم بتوجهاتها. وثانيها، إن قمعاً واضطهاداً ومحاصرة مورست ضد من لم يكونوا من مناصري تلك التنظيمات ومن أرادوا لتلك المظاهرة أن تكون مستقلة وحيادية وذات طابع وطني فلسطيني صرف. وكانت هذه الممارسات أكثر وضوحاً وفظاظة في غزة. وثالثها، هو نوع من الاحباط وتثبيط العزائم أصابها بفعل الجو السياسي العام. اذن، هل أصبح الانقسام قدر فلسطيني لا خلاص منه إلا برحمة من عند الله، أو بتغير دراماتيكي يفرضه علينا بالغصب عنا.

والغريب أيضاً أنه لكثرة ما تم من تفاوض وحوارات تحت مسميات مختلفة لم تعد الناس قادرة على متابعة ما هي نقاط الخلاف الجذرية.

سمعنا أن السبب هو الخلاف على البرنامج السياسي. كان ذلك في البداية. لكن جاء اتفاق القاهرة بين كل الفصائل ثم جاء الاتفاق على وثيقة الأسرى ثم اتفاق مكة الثنائي بين «فتح» و«حماس» ليتضح انه ليس كذلك. فقد كان الاتفاق السياسي أساس كل تلك الاتفاقات. وحتى الورقة المصرية الأخيرة التي تم قبولها في البداية، لم يكن التراجع عن توقيعها لخلاف على المحتوى السياسي لها، بل للخلاف على أمور إجرائية وفي الأساس منها القضايا الأمنية.

وسمعنا في البدايات الأولى أن السبب وجذر الاختلاف هو اتفاق أوسلو ورفضه من بعض القوى، وبسبب ذلك قاطعت بعض القوى انتخابات 1998.

لكن هذا التفسير تراجع أيضاً. فقد شاركت جميع القوى في انتخابات 2006 والتي أجريت على أساس مرجعية أوسلو رغم استمرار بعض القوى في إعلان رفضها لذلك الاتفاق.

وسمعنا أيضاً أن السبب هو موضوع المعتقلين. وهذه القضية، في الأساس والمبدأ، مدانة بغض النظر عن التبريرات والحجوم والمستهدفين بالاعتقال والممارسات ضدهم. وهذا سبب لا يمكن أن يكون كافياً لمنع الاتفاق. فهو أولاً موضوع تبادلي فكل طرف يعتقل من الطرف الآخر، ومن الطبيعي ثانياً أن تكون أولى نتائج أي اتفاق هو اطلاق المعتقلين لدى كل طرف. وسمعنا عن أسباب أخرى أقل وزناً وأقل وضوحاً لم تكن بأي حال مقنعة لاستمرار الانقسام.

اذن ما هو السبب الحقيقي وراء عدم الاتفاق؟ لا أحد يملك الجواب اليقين لكن يبدو، والله أعلم، أن السبب الجذري لعدم الاتفاق هي «السلطة» : السعي للوصول إليها أولاً ثم التمسك بها بأي ثمن ثانياً.

والسلطة، تخلق أولاً مصالح، وتخلق معها قوى اجتماعية تمتلك المصالح وتدافع عنها وعن بقاء السلطة واستمرارها. ولا يغير من هذا الأمر ضخامة أو محدودية حجم الثروة الاجتماعية التي تحت تصرف تلك السلطة.

والسلطة ثانياً، تفرض، لتقوية وجودها وقدرتها على البقاء والتنافس، الدخول في علاقات مع قوى وكيانات سياسية تقدم لها الدعم بأشكال مختلفة، وقد تصل تلك العلاقات إلى نوع من الأحلاف أو المحاور التي تفرض قيوداً على حرية قراراتها وتوجهاتها.

والسلطة في بعض الحالات إذا كانت فرعاً أو امتداداً لحركة أو حزب عابر للحدود الجيوسياسية القائمة وهو بالتالي، يشكل حاضناً لها، لابد أن تتقيد بدرجة واسعة ببرامج وتوجهات وسياسات تلك الحركة أو الحزب.

وفي حالنا الفلسطيني الراهن تبدو هذه العوامل متوفرة وفاعلة. وقد كان ذلك، واضحاً في طريقة التعاطي مع مبادرة الرئيس أبومازن.

فبغض النظر عن تشكك البعض من نواياه وأهدافه من وراء تلك المبادرة وتوقيتها، فإنه كان يجب التعاطي معها بجدية وايجابية وليس رفضها الفوري والفظ من قبل البعض، أو وضع العراقيل والشروط والآليات التي تقود عملياً إلى الرفض من البعض الآخر.

كان المنطقي التعامل مع المبادرة ولو كمدخل للوصول إلى انتخابات يتأمن لها مقومات النجاح من حرية ونزاهة وشفافية بإشراف محايد اقليمي ودولي، لتكون هي المدخل الطبيعي إلى التغيير المنشود على أي مستوى من المستويات.

لكن يبدو ان حسابات السلطة والتمسك بها غلبت في هذه المرة على حسابات الوحدة الوطنية. وزاد على تلك الحسابات حساب انتظار ما يمكن أن يخرج عن حالة المخاض التي تعم المنطقة من تغيرات في خارطة القوى السياسية التي قد تشارك في السلطة وحجم وتأثير القوى الحاضنة في تلك الخارطة.

يبدو ان المخرج الباقي من هذه الحال هو، مرة أخرى، أن تستعيد حركة الشباب زخمها وتعاود نشاطها وتمتلك برنامجها. وان تحافظ على استقلالها عن التنظيمات القائمة، وعن أي تعبير مباشر أو غير مباشر لأي من السلطتين. ان الاتفاق أو التنسيق المسبق مع التنظيمات القائمة، أو مع الشباب الملتزم فيها، وبالذات من هي في السلطة، يهدد بتفريغ حركة الشباب من زخمها ومن امكانية نموها وتأثيرها. وهذا لا يمنع ولا يتعارض مع التحاق شبيبة التنظيمات بحركة الشباب، بل هو أمر طبيعي ومفيد من دون أن يكون هدفه التسلق إلى قيادة الحركة واستيعابها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2181453

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2181453 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40