الأربعاء 6 نيسان (أبريل) 2011

تشريع المجازر

الأربعاء 6 نيسان (أبريل) 2011 par حسام كنفاني

لم يكن ينقص جيش الاحتلال لتبرير مجازره إلا تراجع القاضي الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون عن تقريره، الذي دان «إسرائيل» بارتكاب جرائم في قطاع غزة خلال عدوان «الرصاص المصبوب» قبل عامين ونيّف. غولدستون استغل مقالاً ليتلو فعل الندامة عن التقرير، على اعتبار أنه تحصّل على معطيات جديدة كان من شأنها أن تجعل التقرير مختلفاً. لم يحدد القاضي ما هي هذه المعطيات، التي من الممكن أن تقلب الحقائق وتجعل مئات الشهداء في القطاع مجرمين ويستحقون القتل بآلة الحرب «الإسرائيلية».

لم يوضح غولدستون ما هي الحقائق الجديدة التي حصل عليها لتجعل من استخدام الفوسفور الأبيض فوق مدارس الأمم المتحدة شرعيّاً وقانونيّاً، أو من عائلة السموني وأطفالها مجموعة من الإرهابيين الذين لم يكن «أمن إسرائيل» ليستقيم إلا بقتلهم. أية وقائع جديدة هذه التي من شأنها أن تغيّر حقيقة حرب الإبادة التي شنّت على قطاع غزّة؟

غولدستون ربما لم يفصح عن ضغوط اللوبي اليهودي والصهيوني التي تعرّض إليها على مدى أكثر من عامين، واكتفى بالحديث عن “الوقائع الجديدة”، التي تلقفتها «إسرائيل» بكثير من الترحاب والتهليل للمطالبة بالاعتذار وسحب التقرير من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وأكثر من ذلك، فجيش الاحتلال اعتبر كلام غولدستون الجديد يعطيه الحق مستقبلاً باستهداف المدنيين، كما فعل في قطاع غزة، وهو ما سيفعله في أية حرب مقبلة.

لم تكن قوات الاحتلال بحاجة إلى «تشريع غولدستون» لارتكاب المجازر، طالما أنها محميّة بـ «حق الدفاع عن النفس»، الذي يردده المسؤولون الغربيون على مسامع زعماء دولة الاحتلال. لكن ما قاله القاضي الجنوب إفريقي قد يعفي «إسرائيل» من المحاسبة في أية حرب لاحقة، لا سيما أن اللجنة التي ترأسها غولدستون كانت سابقة في ما يتعلق بالتحقيق في الاعتداءات «الإسرائيلية» وقتل المدنيين.

ورغم أن مجلس حقوق الإنسان استبعد سحب التقرير أو إلغاءه، كما يطالب رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو وغيره من المسؤولين «الإسرائيليين»، إلا أن الأثر المعنوي الذي خلّفه كلام غولدستون لا شك سيكون كبيراً في أية لجنة تحقيق مقبلة قد تشكّل في أي اعتداءات «إسرائيلية» جديدة، لا سيما أن قوات الاحتلال مصرّة على مواصلة ارتكاب المجازر تحت مسمى «تصفية الإرهابيين».

كلام غولدستون قد لا يكون له أثر مباشر على تقريره الذي بات معممّاً في الأمم المتحدة، لكن لا شك ستجعل منه «إسرائيل» تشريعاً لارتكاب مجازر بحق المدنيين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2181825

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2181825 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40