سفير عباس بتونس يحج الى كنيس اليهود بجربه

سفير عباس بتونس يحج الى كنيس اليهود بجربه

الكاتب: ابو ماهر الجبارين

بتاريخ : الخميس 13-05-2010 09:09 مساء

في الدكرى ال62 للنكبه,سفير عباس بتونس يحج الى كنيس اليهود بجربه

صادف قبل ايام موسم حج اليهود الى كنيس “الغريبة” بجزيرة “جربه” الواقعة على بعد 550 كم جنوب شرق تونس العاصمة على مقربة من الحدود التونسية الليبية,وهذا الكنيس يعتبره اليهود اقدم كنيس لهم بعد الهيكل المزعوم .
ومعلوم ان هذا الكنيس كان تعرض لهجوم “انتحاري” على يدي احد منسوبي القاعدة يوم 11-4-2002 , حين فجر صهريج غاز امام بوابته ما اسفر عن قتل حوالي العشرين شخصا منهم 14 حاجا من يهود المانيا , الامر الذي تسببّ في تدني عدد الحجاج في السنوات الموالية .

الجديد في هذا الموسم حسب رئيس الجالية اليهودية بجربه ومسؤول المعبد “بيريز الطرابلسي” - هو ابتهاجه بارتفاع عدد القادمين الى حوالي 6000 حاج , منهم قرابة ال : 1500 قدموا من الكيان الصهيوني جواّ عبر الاردن ومصر .

اما الجديد اللافت والمدان والمحزن بالنسبة الينا كفلسطينيين وكعرب وكمسلمين بل وكآدميين , فهو ان سفير عباس بتونس ومستشاره للشؤون الافريقية “سلمان الهرفي” شد الرحال صحبة وفد من سفارته الى جربه ليشارك
“شركاءه في السلام” مراسم حجهم الذي يواكب السنة احتفالهم بالذكرى ال 62 لتاسيس كيانهم على ارضنا المغتصبة , وليمارس معهم كافة طقوسهم : من ايقاد شموع , واقامة صلوات , وادعية وامنيات بالاجتماع في “ارض الميعاد” وبالنصر على “الغووييم” - أي الغرباء , ونيل مباركة الحاخام ومباركة وكيل الغريبه وحامل مفاتيحها . ونيل بركة دخول مغارتها , والمشاركة في مزاد يقيمه الححاج لبيع مقتنيات خاصة وسلع يجلبونها ويتبرعون باثمانها للغريبة وللقائمين عليها, وليختتم معهم حجهم بترنيم المزمورالسابع والثلاثين بعد المائه القائل : “5 ان نسيتك يا اورشليم تنسى يميني 6 ليلتصق لساني بحنكي ان لم اذكرك ان لم افضل اورشليم على اعظم فرحي .... 8 يا بنت بابل المخربه طوبى لمن يجازيك جزاءك ....9 طوبى لمن يمسك اطفالك ويضرب بهم الصخرة”... بكل خشوع مرتديا “الكيباه” او : القبعة المستديرة , شعار الاصوليين اليهود والمستوطنين منهم على وجه الخصوص .
سفير عباس يتجشم مشاق السفر , ويدفع تكاليفه , وتكاليف اقامته ومن معه لمدة ثلاثة ايام في ارقى فنادق الجزيرة , من اقوات اهلنا الذين يتضورون جوعا بغزة والضفة ومخيمات الشتات والمنافي التي تستذكر في هذه الايام بحزن بالغ واسى عميق ومرارة شديدة الذكرى 62 للنكبة وما صاحبها ونتج عنها وينتج من الام ومصائب وكوارث , ورئيسه يزور تونس ويترفع عن زيارة اضرحة عشرات الشهداء , وفيهم زملاؤه من قيادات الصف الاول كصلاح خلف وهايل عبد الحميد والعمري ....ويقضي وقته في التنزه والتردد على المطاعم الفاخرة .

سفير عباس يشد الرحال الى كنيس يهود , ويمارس فيه طقوسهم , وما يعلم ان نبيه صلى الله عليه وسلم قال : “لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام والمسجد الأقصى , ومسجدي هذا . وانه قال :” من تشبه بقوم فهو منهم “وينسى , او ينسيه الجبن والجشع والوهم والوهن , ان الصهاينة احرقوا الاقصى يوم 21-8-1969 أي بعد حوالي السنتين من احتلاله رغم ان العرب حافظوا على” غريبة اليهود" ومعابد اخرى لهم طيلة 1400 سنه , ولم يمنعوا - حتى من تصهين منهم - من الحج اليها معززا مكرما محميا .

وينسى , وكثيرون غيره , ان الصهاينة هدموا حي مضيفي حجاجهم بالقدس بعد اربعة ايام فقط من احتلالها يوم 6-6-67 اعني حي المغاربة الذي ظل رمزا حيا لتعلق ذوي الاصول المغاربية بالقدس والاقصى حيث كانوا يعرجون عليها في حجهم , وجوبا , لزيارة قبلتهم الاولى ومسرى نبيهم وارض الانبياء والرسالات السماوية , وطلبا للعلم , وكان بعضهم يمضي السنوات مجاورا في الاقصى , وبعضهم كانت تشده قدسية المكان الى ان تفيض روحه فيه , وكثير منهم كانت حملتهم حمية العقيدة الراسخة والغيرة الصادقة على المقدسات , والتحفز للوصول الى ذروة سنام الاسلام , حملتهم على هجر الاوطان والاهل والخلان , وتحمل مشاق السفر, للفوز بشرف الاسهام في تخليص ارض الرسالات وتطهيرها من دنس الغزاة , وابلوا في ذلك البلاء الحسن , الى ان طهر الله تلك الديار وحررها من الغزاة الصليبيين , فاوقف الملك الافضل ابن صلاح الدين الجزء الغربي المصاقب المسجد الاقصى على هؤلاء الاشاوس مكافأة لشجاعتهم واستماتتهم في دحر الغزاة , وذلك سنة 583 ه=1193 م .

ولعله وكثيرون مثله ,لا يعرفون ان بعض قرى القدس المدمرة كعين كارم كانت من اوقاف السادة المغاربه الذين يحج هو واسياده الصهاينة الى ديارهم .
واعمى الله بصره وبصيرته وابصار وبصائر نعامات مثله عما ال اليه امر القدس واهلها اليوم , وعن مقدار معاناتهم الموصوله التي تنوء بحملها الجبال ...... وعن كنيس الخراب الذي دشن بالامس القريب ايذانا بقرب تخريب الاقصى .
ونسي ان الوافدين الصهاينه الذين شد الرحال للاحتفاء بهم والحج معهم ونفاقهم قد هدموا 513 قريه بعد عام 48 , وهجروا اهلها, وهدموا 1200 جامعا وحولوا كثيرا منها الى مراقص وملاه وحانات ومؤسسات ترفيهيه ودور ثقافة . ونسي ان رابين “رسول السلام” لما ساله جنوده عام النكبة بعيد اقتحامهم احدى قرانا وقتل من قتلوا من اهلها وتهجير من كتبت له حياة , هل انتهت المهمة ؟ اجابهم قائلا : بقي هدم الجامع .

ونسي مذبحة الحرم القدسي يوم 8-11-90 والتي استشهد فيها 18 مصل . كما نسي مجزرة الحرم الابراهيمي وال33 شهيدا وال 150 جريحا والمصلون سجودا في فجر الجمعة15 رمضان1414ه= 25-2-94 بعيد اتفاقية اوسلو , ونسي ان قبر المنفذ صار مزارا يحج اليه كثيرون من رفاقه حجاج الغريبه وغيرهم .

ونسي ان شرارة الانتفاضة الثانية كانت بسبب اقتحام السفاح شارون مخفورا بجيشه الحرم القدسي الشريف عام 2000
ونسي اعتداءات المستوطنين هذه الايام وبحراسة جيشهم على المساجد هدما وحرقا وتدنيسا , بصفد وبيسان وطبريا وياسوف واللبن الشرقيه وحواره وبورين واخيرا وفي يوم 4-5 هدم جرافات الاحتلال مسجد الدهينه برفح وتسويته بالاض ما احرج ممثلي الاتحاد الاوروبي والجاهم الى اصدار بيان يدين بعض هذه الاعتداءات. واخيرا , وقبل يومين ما نقلته الينا وكالات الانباء من خبر اقتحام ٤٣ من حاخامات اليهود الحرم القدسي تحت حراسة امنية مشددة وبحماية اعداد كبيرة من قوات الاحتلال بمناسبة الذكرى ال ٤٣ لاحتلال المدينه .

ولعله لم يسمع بقرار الصهاينه الاخير قبل اسابيع من رحلة حجه, ضم مسجد بلال والحرم الابراهيمي الشريف الى قائمة المواقع الاثريه في الكيان الصهيوني توطئة لاكمال تهويدهما وتهويد كل ما لم يهود بعد .

مساجدنا ومقدساتنا تذرف الدموع وتئن من هول ما جرى ويجري ,وشعبنا يستذكر النكبة ويتجرع مراراتها ولواحقها على مدار 62 سنة شمسيه او64 سنه قمريه , وسفير سلطتنا يحج الى كنيس الغريبه خدمة للسلام ولمصالح شعبنا , القاصر سياسيا حسبما يتصور السفير وسلطته “الفهيمه”.... وينال بركات الحاخام للمرة الثالثه بعد ان فاز بقصب السبق اثر مباركتة من طرف حاخامي جنوب افريقيا وحاخام مستوطنة افرات .......وبنكس راسه ذليلا متمتما كالببغاء مرددا وراء المنشد “ان نسيتك يا اورشليم تنسى يميني .....”في وقت طالب فيه 3 الاف مفكر يهودي بوقف الاستيطان في الضفة عموما والقدس خصوصا . وفي وقت يتصدى فيه المتطوعون الاوروبيون بصدورهم العاريه لجرافات العدو ورصاصه لمنعه من هدم البيوت واقتلاع الاشجار ....... وينظمون الرحلات المتتالية رغم الصعاب والمخاطر لرفع الحصار عن اهلنا في غزة . و بعبارة اوضح صار سفيرنا وسلطته اكثر تصهينا من اباء الصهيونيه انفسهم .

كل يوم يطرح المسكون بالهم الفلسطيني على نفسه اوعلى غيره اسئلة مؤرقة : ما الذي جرى ل :م . ت . ف . وفتح ومؤسساتها وسلطتها واطرها .؟ وكيف انقلب كل شئ الى ضده ؟ ولم ؟ ونحن ما زلنا لم نؤسس دولة على شبر واحد من ارضنا بل ما زلنا مهددين في وجودنا وبقائنا وهويتنا , وعدونا يزداد قوة وغطرسة وشراسة وتفننا في التنكيل بنا ؟ رئيسنا ينقلب على نفسه وعلينا , ويعمل باخلاص مع عدونا , ويحيط نفسه بعصابة لصوص يقاسمهم المغانم ويبادلهم الادوار , عصابة لا يهمها شئ ولا يردعها رادع ولا تخجل من شي , حتى من تصوير اشد الافلام اباجية وبثها على الهواء مباشرة وكانها تباهي بتسجيل عملية فدائية نوعيه وبثها على غرار ما كان يفعل حزب الله . سلطة فاسدة مفسدة , لم تؤسس طيلة 16 سنه لشئ غير الفساد والتهتك واستحمار الناس واستئصال خلقهم ومبادئهم وافساد فطرهم السليمة وتمييع الروح المقاومة لديهم وكسر ارادتهم في العيش الكريم بل , في التشبث بالبقاء .

عموما اذا صار قلب رئيس السلطة وقلوب اعضاده ك“قديس” التعبئة والتنظيم الذي باع فتح واقفل دكاكينه ورحل في الظلام مقابل توزير ابن ورصيد ب 5 ملايين دولار .... اذا صارت قلوب هؤلاء جميعا قابلة لكل صورة
كما يقول ابن عربي - ولم يعد يهمهم غير جمع المال , ودوام الحال , فلا يلام سفيرهم الهرفي على تصهينه , ولا وجه للوم زميله الذي توسل رئيس الجاليه اليهوديه لاعتباره عضوا فيها , ولا للعتب على السفير غلام دحلان الذي ركب سيارة سفير العدو ليضع اكليل ورد على نصب “اكذوبة” المحرقة ذارفا دموع التماسيح وكانه يمثل المانيا . وصدق من قال : اذا كان رب البيت للدف ضاربا ...