الثلاثاء 12 نيسان (أبريل) 2011

إفلاس سياسي وإعلامي

الثلاثاء 12 نيسان (أبريل) 2011 par د. محمد السعيد ادريس

على درب الإدارة الأمريكية السابقة ينوي «الإسرائيليون» أن يسيروا دون اعتبار للدروس واستخلاص العبر. فقد حاولت تلك الإدارة تجميل الوجه القبيح لسياساتها الدموية في العراق وأفغانستان وانحيازها الإعلامي للحروب والاعتداءات «الإسرائيلية» على العرب وجرائم التعذيب التي وقعت في معتقلات غوانتانامو وأبو غريب من خلال جهود إعلامية وإدارة جديدة للدبلوماسية الشعبية. فقد جرى إطلاق محطة فضائية «قناة الحرة» وإذاعة جديدة «إذاعة سوا»، وجرى تعيين مفوضية خاصة للدبلوماسية الشعبية للترويج لأكاذيب دعائية كان هدفها امتصاص الغضب العربي وتجميل الصورة الأمريكية، لكن كان الفشل الذريع هو المحصلة النهائية، فالإعلام مهما كانت قوته أو براعته، لا يستطيع إصلاح ما تفسده السياسة.

فشلت جهود إدارة بوش وكان هذا الفشل دافعاً إلى فرض توجهات سياسية أمريكية بديلة، وأصبح «التغيير» هو الشعار الذي أدركه باراك أوباما ليفوز بمنصب الرئاسة، وفي مقدمة هذا التغيير كان الوعد بالانسحاب من العراق.

لم يستوعب «الإسرائيليون» الدرس، ولم يكلفوا أنفسهم إجراء بحث ميداني للتعرف إلى مدى قدرة الإعلام الأمريكي الجديد، والقنوات الأمريكية الجديدة، في تجميل الوجه القبيح للسياسة الأمريكية، وها هم الآن يستعدون لإطلاق قناة فضائية جديدة بتمويل هائل سوف تنطق بثلاث لغات هي العربية والفرنسية والإسبانية، هدفها الدفاع عن «إسرائيل» ومواجهة ما يسميه رئيس المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة مالكوم هونلاين بحملة «شيطنة إسرائيل» التي تسعى لإخراجها من المجتمع الدولي.

يتزعم مشروع هذه القناة الملياردير اليهودي الروسي الأصل ألكسندر مسكوفيتش، وأعلن عن تأسيس هذه القناة خلال مؤتمر القيادات اليهودية السنوي الذي عقد أخيراً في الولايات المتحدة، وقال إن نيته هي إقامة قناة إخبارية عالمية مثل «الجزيرة» و«بي بي سي» على أن تكون داعمة لـ «إسرائيل».

أما هونلاين الذي دعم مشروع هذه القناة، فقد برر هذا الدعم بقوله «إن من يضر بحق «إسرائيل» في الدفاع عن نفسها، يضر بحق الشعب اليهودي كله بالدفاع عن نفسه». هو هنا يعتبر أن الضرر الذي يلحق بـ «إسرائيل» يضر كل اليهود.

معانٍ خطيرة، لكنه لم يكتف بذلك بل عبر عن سخطه من تحولات حدثت في مواقف شعوب كثيرة من «إسرائيل»، وأشار إلى أن الوضع الحالي لـ «إسرائيل» يشبه الوضع عام 1947، وتحدث عن أبحاث أجرتها المنظمات اليهودية تظهر أن «الحكومات الأوروبية ملتزمة بـ «إسرائيل» أكثر من شعوبها»، لذلك هو يرى أن إقامة شبكة إعلامية أمر ضروري.

المتأمل في اللغات التي ستنطق بها هذه القناة التي سيكون هدفها الدفاع عن «إسرائيل» من خلال منطق «التضليل» ذاته الذي انطلق به الإعلام الأمريكي بتجميل الصورة القبيحة للسياسة الأمريكية يدرك أنها لغات شعوب خارجة عن نطاق سيطرة الدعاية الأمريكية و«الإسرائيلية» (العربية والفرنسية والإسبانية) في إفريقيا وأمريكا اللاتينية ناهيك عن المشاهد العربي الذي سيكون المستهدف الأساسي من هذه القناة الإخبارية لاختراق وعيه وتزييف إدراكاته.

ورغم كل مخاطر ما قد يحدث من اختراق للوعي والإرادة لكل من سوف يستهدفهم الإعلام «الإسرائيلي» فإنه يبقى عاجزاً في ظل السياسات «الإسرائيلية» الرديئة والجرائم والاعتداءات المستمرة على الشعب الفلسطيني في غزة والتوسع الاستيطاني وقضم الأراضي وتهويدها في القدس والضفة الغربية، ومع ذلك تتضاعف مسؤوليات الإعلام العربي لمواجهة هذا الغزو الدعائي رغم كل ما يتضمنه من إفلاس سياسي وإعلامي «إسرائيلي».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 37 / 2180774

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2180774 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40