الخميس 14 نيسان (أبريل) 2011

كتاب | نهجنا في الكفاح ... (2-3)

الخميس 14 نيسان (أبريل) 2011

عن دار النشر البريطانية «لوتوبرس» صدر كتاب «نهجنا في الكفاح : السلام العمل تحت الحصار في «إسرائيل» فلسطين» في 242 صفحة من القطع المتوسط، للكاتب الكندي ومخرج الأفلام الوثائقية مايكل ريوردان، الذي يركز في جل أعماله على إظهار قصص المهمّشين وإيصال أصواتهم المقموعة إلى الرأي العام العالمي.

يظهر كتاب ريوردان المقسّم إلى ثمانية عشر فصلاً كرواية، تسردها شخصيات متعددة متألمة يجمعهم المكان والهمّ الواحد، وهذه الشخصيات من النشطاء الفلسطينيين و«الإسرائيليين»، الذين كرسوا حياتهم سعياً إلى السلام وبحثاً عن العدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. يدخل الكاتب إلى أعماقهم بحوارات جذابة، يبرز لنا المعاناة التي واجهتهم، والمخاطر التي دفعتهم لأن يكونوا دعاة سلام، ويجد أن هؤلاء بما يقومون به بأساليب سلمية متعددة، يدعمون فكرة التعدد والتفاعل الإنساني، ويخلقون بصيصاً من الأمل والنور في ظل اليأس المظلم المحيط بالصراع «الإسرائيلي» الفلسطيني.

يأخذنا ريوردان إلى بساتين الزيتون والقرى المحاصرة والمخيمات ونقاط التفتيش والحواجز، يبين لنا أن في كل بستان وقرية ومخيم ونقطة تفتيش وحاجز، قصصاً مؤلمة، وذلك على أمل منه أن هذه القصص ستلهم نشطاء السلام في فلسطين و«إسرائيل» وكل العالم.

«نهجنا في الكفاح» يعرض لنا هذه القصص، التي تشترك شخصياتها في الإيمان بأن العدالة وشيكة، ولأجل هذا الإيمان يكافح الأطفال والرجال والنساء بقوة مدهشة لا حدود لها، ويجد الكاتب أن المستبدين يخشون دائماً من رواية قصص ظلمهم، لأنها تشكّل بشكل أو بآخر قصة سقوطهم.

في الفصل السابع الذي يحمل عنوان «هذا وطني»، يجري الكاتب حواراً مفتوحاً في الناصرة مع يوسف جبارين الحاصل على شهادة الدكتوراه في القانون، يتحدث جبارين عن الشاعر الفلسطيني شكيب جهشان، حيث كان يدرسه في المرحلة الثانوية اللغة العربية، كان يعتبره قدوة له في حياته قائلاً عنه : «لم يكن يعلمنا اللغة العربية فقط، بل كان يعلمنا كيف نحب أرضنا، وشعبنا، وكيف نخدم مجتمعنا» ويضيف : «نظمت مع بعض الطلاب لقاءً مرة في الأسبوع مع الشاعر شكيب جهشان بعد أوقات الدوام في المدرسة، كان الشاعر يفعل ذلك بشكل تطوعي، وكان ينضم إلينا لدراسة شعره كل من يهتم باللغة العربية والشعر».

يتحدث الدكتور جبارين عن جريدة الاتحاد اليومية، التي كانت مصدر وعيه ومعلوماته، حيث كانت الجريدة الوحيدة التي تصدر باللغة العربية، وكانت لعائلته مشاركة فيها، ويذكر : «على الرغم من أن الحزب الشيوعي كان ينشرها، إلا أنها لم تكن حول الشيوعية، بل عن قضية الفلسطينيين بشكل عام، والحزب الشيوعي الفلسطيني بشكل خاص». الجدير بالذكر أن هذه الجريدة تأسست عام 1944، وحظرتها السلطات البريطانية العديد من المرات، وفيما بعد الحكومة «الإسرائيلية»، وما بين عام 1948 إلى 1966، كان القراء الفلسطينيون يتداولونها بشكل سري.

يتحدث جبارين عن معاناته في الطفولة، عندما كان يذهب إلى المدرسة في سن الثالثة عشرة، خاصة معاناته من الفروق الهائلة بين الأحياء اليهودية التي كان الصهاينة الأمريكيون يطورونها على الدوام، ويخدمونها بوسائل النقل العام، وقد كانت طريقه من المدرسة إلى المنزل تستغرق ساعات عديدة، ومن بعض ما ذكره الكاتب حول ذلك : «في كل يوم، كنت أرى طرقا لطيفة، أبنية جديدة، والعديد من الأشجار في عفولا، لكن لا شيء مثل ذلك في أم الفحم والناصرة، كان في عفولا محطة الباص الرئيسة، لكن في أم الفحم كان الباص يقف على أطراف البلدة، وكانت بعيدة عن المكان الذي عشت فيه».

[**سياسة الأمل*]

بعد تخرج جبارين في الجامعة العبرية في منتصف 1990، حصل على منحة لدراسة الماجستير في الولايات المتحدة في القانون الدولي والحقوق المدنية، ويوضح جبارين للكاتب أن القانون «الإسرائيلي» متأثر بالأمريكي، ويعتبر مصدر التأثير والإقناع، والعديد من القضاة والمحامين درسوا في الولايات المتحدة. وبعد رجوعه إلى «إسرائيل» عمل مستشاراً قانونياً للجنة الحقوق المدنية في حيفا، ومترئساً مشروعهم حول مساواة المواطنين العرب في «إسرائيل».

يذكر الكاتب أن جبارين عاد إلى الولايات المتحدة ليحصل على شهادة الدكتوراه في القانون والسياسة وحقوق الأقلية في جامعة جورجتاون في واشنطن، وكانت أطروحته دراسة مقارنة عن الحقوق المدنية للأفارقة الأمريكيين والفلسطينيين في «إسرائيل».

يمضي الكاتب مع جبارين إلى حين عودته إلى «إسرائيل»، فلسطين المحتلة في 2003، ليدرّس العديد من المقررات في الجامعات والكليات عن حقوق الأقليات والمجتمع العربي، وأصبح المدير التأسيسي لمركز «دراسات»، الذي يعنى بالبحث التطبيقي ونقد السياسات من أجل تطوير مكانة الأقلية العربية، ويرى الكاتب أن الأمل يحدو جبارين في كسب الرأي «الإسرائيلي»، خاصة من حكم موقعه في العمل وارتباطاته مع الأكاديميين اليهود، ويقول حول ذلك : «نعتقد لو أننا نجلب أشياء مقنعة تخدم قضيتنا، سنكسبهم إلى جانبنا لمساعدتنا على تغيير الوضع».

يجد الكاتب في رحلاته إلى الضفة الغربية وغزة، أن الفلسطينيين يفتخرون بانتمائهم بتحدّ كبير داخل «إسرائيل»، ويتردد قليلاً في طرح سؤال على جبارين عن كيفية تعريفه لجنسيته، ويجيبه جبارين : «سأقول إنني عربي - فلسطيني، مواطن «إسرائيلي». أحمل جواز سفر «إسرائيلي»، وأناضل للحصول على المساواة وكامل الحقوق. وانتمائي يمنحني الكثير من القوة»، ويضيف : «هذه أرضي، وأتوقع من «إسرائيل» أن تعاملني على قدم المساواة مع كل من يعيش فيها، وأقول لزملائي اليهود : إن كلانا هنا، أنا من عائلة تعيش على هذه الأرض منذ أجيال، ولا أقبل أن تعيشوا في منزلة أعلى مني، أو أن يكون لديكم أي نوع من الامتياز تحظون به أكثر مني».

ويرى الكاتب أن جبارين يؤكد فيما لو أنه كان متمتعاً بحقوقه الكاملة، لما كرّس نفسه للدفاع عن حق الأقلية، بل عمل لأجل النفع العام، ولحقق أشياء تفيد المجتمع بكافة أطيافه، وفي النهاية يتأمل أن يرى شعر أستاذه شكيب جهشان يدرّس في ساعات الدوام المدرسي .

[**آراء أركيولوجية*]

لا يكتفي الكاتب في رحلته بالأحداث الحالية والواقع المعاش، بل يذهب إلى أبعد من ذلك، إلى التاريخ، من خلال الآثار في حي سلوان في القدس المحتلة بجوار المدينة القديمة، وهو حي فلسطيني مزدحم بالسكان، يحاول الكاتب أن يعرف بعض الحقائق التاريخية حول الشعوب التي عاشت على هذه الأرض، ولم يأخذ بوجهات النظر الرسمية، والجولات السياحية الرسمية، بل كان دليله ومجموعته أحد علماء الآثار.

كان عددهم في الجولة 22 شخصاً، القليل منهم «إسرائيليون» وكان دليلهم يوناثان ميزراجي، المولود في عام 1971. نشأ في القدس، ودخل الجيش في الثامنة عشرة من عمره، ثم ترك الجيش واستقر على علم الآثار، وعن سبب اهتمامه قال التالي : «أردت أن أعمل في شيء مرتبط مع الناس، في التاريخ تبقى في الداخل، تنظر إلى الوثائق، لكن في علم الآثار، تقوم بتنقيبات في الخارج، وفي كل الأماكن التي تقوم بها بالتنقيب، تلتقي بالناس الذين يعيشون هناك، وغالباً ما يكون هؤلاء الناس لهم تجارب وثقافات مختلفة يرتبطون بك، هذا ما أردته»، وعن المعلومات التي يتلقاها الزائرون يخبرهم يوناثان : «في مكان مثل هذا، تعتمد على دليلك ليشرح لك ما ترى، لو ذهبت في جولة تديرها منظمة «إيلاد» الإستيطانية، سوف تحصل على أجندة ومعلومات مختلفة، تذكّر أن لكل عالم آثار طرقه وأساليبه الخاصة، لذلك كل ما يجب السؤال عنه، هل ما يقوله يفي بالغرض؟ هل هو منطقي؟».

يمضي الكاتب في الحديث عن التنقيبات، وبشكل خاص عن آراء علماء الآثار الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين و«الإسرائيليين»، نتوقف معه عند الحديث عن موقع وادي الحلوة، الذي يدعى مدينة داوود، وما يقوله يوناثان : «يعتقد علماء الآثار الآخرون أنه ربما يكون من الخطأ أن نخلص إلى أن هذا البناء يعود إلى القرن العاشر. لماذا؟ لأن قطعة الحائط الذي تراها هنا استخدمتها ثقافات أخرى على مدى مئات بل ألوف السنين، ربما استخدم جزءاً من الحائط الكنعانيون، والبيزنطيون، والرومانيون، وأتباع يهوذا، والمسلمون . لذلك بات من الصعب جداً أن تعرف بالضبط من بناها ومتى؟ في النهاية عليك أن تسأل عن مدى فهم علماء الآثار للماضي، وهذه من إحدى مشاكلنا هنا».

[**لا أحد يملك التاريخ*]

يشير الكاتب إلى أن يوناثان نشر انطباعاته وما توصل إليه في كتاب بعنوان «شعب الحائط»، وهذا الكتاب أضعفَ موقعه في دائرة التحف «الإسرائيلية». نجده يتحدث عن الحضور الديني للديانات الثلاث في هذه البقعة التاريخية، من خلال تعمقه أكثر ورؤيته الجزء الباطني من سلوان، كما يشير إلى أن العلماء من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة و«إسرائيل» فشلوا في إظهار أي دليل على أن الملك داوود عاش هنا، ويذكر ما قاله يوناثان : «لو تؤمن بالتوراة، فإنك ستؤمن بأنه عاش هنا، مهما يكن حجم التنقيبات التي تقوم بها، وإذا لم تؤمن بالتوراة، لن تستمر في الاعتقاد أنه عاش هنا».

يذكر الكاتب أن يوناثان يجد أن مهمة علماء الآثار لا تتوقف على البحث عن الشخصيات التاريخية، بل البحث في طريقة معيشة الشعوب واعتقاداتهم، والعلاقة بين الفقراء والأغنياء، وكيف تغيرت الأشياء من فترة إلى أخرى، يقول يوناثان حول ذلك : «بمعرفة كل هذه الأشياء عن الثقافات التي عاشت هنا، يمكننا فهم ثقافتنا وثقافات من حولنا اليوم»، وفي مكان آخر يجد أن لعلم الآثار دوراً في خلق الائتلاف بين الشعوب: «علينا أن نؤمن أن علم الآثار يستطيع ويجب أن يسهم في تعزيز التفاهم وليس النزاع».

نجد الكاتب يشير إلى أن يوناثان قدمه إلى رئيس لجنة المقيمين في سلوان، يدعى جواد سيام، الذي تحدث معه الكاتب في حوار مفتوح في خيمة الاحتجاج، ويبين للكاتب أجهزة المراقبة هناك، والأذى الذي تلحقه الشرطة السرية بهم، وعدم الشعور بالأمان كفلسطينيين، ونذكر ما لفت نظر الكاتب في نهاية جولته : «شاهدت في خيمة الاحتجاج جواد ويوناثان جالسين بجانب بعضهما بعضاً، ويعرفاننا بعوالمهما المتصلة فوق وتحت سطح سلوان. رأيت فلسطينياً و«إسرائيلياً» وقد أصبحا حليفين. وفي كل الظروف المختلفة، يمكن أن تكون الأشياء بهذا الشكل، لم لا؟» ويشير الكاتب إلى ما قاله جواد : «مشكلتنا في سلوان أن هناك من يأتي إلى هنا، ليحل مكانك، وليس ليكون جارك».

[**قطرة من البحر*]

في الفصل التاسع بعنوان «قطرة من البحر»، يتحدث الكاتب عن لقائه بالطاقم الطبي في بلدة طيبة، ومن بين من تحدث إليهم مدير العيادة المتحركة لطاقم «أطباء لأجل حقوق الإنسان»، صالح حاج يحيى، والممرضة بنينا فيلر، وهي ممرضة متقاعدة، تطوعت منذ سنين للعمل مع العيادات المتحركة كل يوم سبت، وهي من مواليد بولندا 1926، جاءت إلى فلسطين مع أمها في عام 1938، وبقي والدها في بولندا، على أمل أن يلتحق بهما إن طابت لهما الإقامة، لكنه قضى نحبه عندما غزا الألمان بولندا.

حصلت بنينا في عام 1945 على منحة دراسية لدراسة الطب في جامعة بيروت، وبعد أن أمضت ثلاث سنوات من دراستها، اندلعت الحرب في فلسطين، وعادت لتعمل كممرضة في مشفى تل أبيب، وتروي للكاتب بعضاً من المشاهد التي رأتها قائلة : «رأيت ما تحدثه الحرب، يصاب الناس، ويفقدون أبصارهم، إن ما شاهدته وما عرفته من أسوأ ما يمكن أن تتخيله، إن الحرب تزرع عادة القتل لدى الناس، إنها تجعل الناس عدائيين، كما تجد بعض الرجال عند العودة إلى منازلهم يضربون أطفالهم وأزواجهم، ويصبح من الصعب وضع حدود بين ما يمكن أن تفعله وما لا يمكن أن تفعله»، ويشير الكاتب إلى أنها وجدت حسها الإنساني نما منذ أن انضمت إلى الحزب الشيوعي الذي كان محظوراً زمن الانتداب البريطاني، ولا تزال هي نفسها شيوعية رغم أنها تركت الحزب منذ أمد بعيد.

كما نجده يحاور ران يارون في مكتب «أطباء لأجل حقوق الإنسان» في يافا، وهو مدير قسم الإقليم الفلسطيني المحتل، من موالد 1979، نشأ في القدس وتخرج في الجامعة العبرية من قسم اللغة العربية، ويخبر الكاتب أنه درس اللغة العربية، لأن القدس ثنائية اللغة، وقبل الحاجز كان على تماس مباشر مع الفلسطينيين، ويجد أن اللغة تخلق بينهم جسراً للتفاهم والتواصل على نحو أكبر.

يستفسر الكاتب من ران يارون إمكانية تخيله إنهاء الاحتلال في فترة حياته، يجيبه أنه ليس متفائلاً، ويأسف على تشاؤمه، لكنه يجد الواقع غير مبشّر، ولا يعتقد أن ما يقوم به من شأنه أن يحل النزاع وينهي الاحتلال، لكن لابد منه، ويطرح السؤال نفسه على صالح حاج يحيى، الذي يقول : «إن الاحتلال لن ينتهي طالما أن «إسرائيل» تضلل المجتمع الدولي في الاعتقاد أن الفلسطينيين هم الذي يعارضون السلام، حتى عندما تنظر إلى ما يحدث، تجد أن «إسرائيل» لا تبدي أي رغبة في التخلي عن الأقاليم المحتلة لتحقيق السلام»، ويجد صالح أن ما يقومون به هي إحدى الأشياء القليلة التي تظهر للفلسطينيين أن الأمل بالسلام ممكن، على الرغم من ضآلته وضعفه.

يشير الكاتب في الختام إلى ما قالته الممرضة بنينا فيلر : «أعتقد أن الجميع يدرك أن ما نقوم به يعتبر قطرة من بحر، لا أعرف إلى أي مدى يساعد، لكن ما أعرفه أنه إذا لم نعمل شيئاً، فلن يتغير شيء على الإطلاق، ومن غاية الأهمية إظهار التكاتف مع من يرزحون تحت الاحتلال، إننا في منظمتنا نؤكد أننا ضد الاحتلال، ونأمل أن نرى زمناً، نعيش فيه سوياً بسلام».

[**دروس الهولوكوست*]

في الفصل العاشر يلتقي الكاتب بفرح جعفر مدير «مركز مساواة»، هذا المركز يهدف إلى «تحصيل الحقوق الاقتصادية، والثقافية، والسياسية للعرب الفلسطينيين في «إسرائيل»، فلسطين المحتلة، والاعتراف بهم كأقلية قومية أصلية لها خاصيتها القومية، والثقافية، والتاريخية. ويعمل المركز على بناء مجتمع ديمقراطي خالٍ من العنصرية، ويكافح أشكال التمييز على أساس قومي، طائفي، ديني، طبقي وجنسي».

يتحدث فرح عن نشأته في كبابير على جبل الكرمل، التي يعيش فيها خليط من العرب واليهود، ومما قاله فرح عن نشأته : «كانت عائلتنا من إحدى العائلات المسيحية العربية القليلة في الحي، درستُ في مدرسة إسلامية، وكان القرآن جزءاً من تعليمي، بعض العائلات المسيحية لم تكن تحب ذلك، وكانوا يأخذون أطفالهم خارج الصفوف الإسلامية، لكن أمي أصرت على أن أستمر في دراسة القرآن، وأصلي في المسجد، وأداوم على كل شيء يرتبط مع الإسلام». ثم يتحدث عن معاناته بعد إعاقة والده، ومغادرة أمه إلى عائلتها بعض الوقت، حيث انتقل في تلك الفترة للسكن في مدرسة مسيحية، هناك تلقى التعاليم المسيحية أيضاً بشكل جيد، ثم انضم إلى الحزب الشيوعي في صباه، وفي التاسعة عشرة من عمره ذهب إلى ألمانيا بمنحة دراسية. يشير إلى أن الحدث الذي ترك أثراً كبيراً فيه، هو زيارته إلى معسكر الاعتقال النازي، وقال عن ذلك : «في الحقيقة توصلت إلى أن كل شاب عربي عليه أن يزور مكاناً مثل هذا، لكي يفهم قسوة الجنس البشري، لأن هذا الأمر مرتبط بصراعنا هنا، نحن الفلسطينيين ندفع ثمن ما فعله الأوروبيون باليهود في الهولوكوست وسط صمت المجتمع الدولي، هذا الأمر هو جزء من هويتي، أعتقد أنه لا أحد يزعم أن التاريخ يحميه من أن يصبح فاشياً». كما يتحدث عن المعاناة التي يلاقونها مع كل أزمة، وكان فرح قد اعتقل أثناء الهجوم «الإسرائيلي» على لبنان في 2006، لاشتراكه في احتجاج سلمي في حي الكرمل، كما يشير فرح إلى أن أي شرطي «إسرائيلي» يعتبر نفسه بطلاً، حينما يعتقل شخصاً مدافعاً عن حقوق الإنسان. ومن حديث فرح عن إحباطاته تجاه ما يعيشه قال التالي : «هناك أيام تشعر فيها بحزن وإحباط كبيرين، حتى إنك تبكي - حرب غزة - برؤية 90% من السكان اليهود يتوقون إلى ضحايا أكثر وأكثر، شعرت : كيف لي أن أعيش مع هؤلاء الناس، كيف لي أن أجد القدرة على الحديث مع زملائي اليهود؟». ويضيف عن الواقع المرعب والمرير : «البارحة في غزة، واليوم الذي قبله في لبنان، واليوم الذي بعده في الضفة الغربية، وربما بعد بضعة أيام في حيفا، نحن نذهب من كارثة إلى إخرى»، كما يشير فرح إلى الصمت الدولي جراء ما يحدث قائلاً : «أظل متأملاً أن البلدان الأخرى لن تبقى صامتة على انتهاك الكرامة والحياة الإنسانية، لكن ما ألاحظه هو الصمت فقط تجاه هذه الجرائم، كيف لنا أن نحمي الكرامة الإنسانية؟ إنها تضيع بسهولة».

- **تأليف : مايكل ريوردان

- [**المصدر : صحيفة «الخليج» الاماراتية.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2180635

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفن  متابعة نشاط الموقع خبر  متابعة نشاط الموقع إصدارات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2180635 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40