الخميس 14 نيسان (أبريل) 2011

تطهير عرقي في القدس

الخميس 14 نيسان (أبريل) 2011

منذ احتلال القدس العربية في حرب 1967 و«إسرائيل» تسعى إلى تهجير سكانها الفلسطينيين من خلال ما وصفته محامية «إسرائيلية» بأنه تطهير عرقي. وفي ما يلي نموذج لهذه السياسة «الإسرائيلية»، يتمثل بقصة المثقف الفلسطيني منذر فهمي، كما عرضها الكاتب والصحافي البريطاني جوناثان كوك في مقال نقله موقع «انتفاضة فلسطين»، وجاء فيه :

تضم مدينة القدس بين جنباتها العديد من المؤسسات الموقرة ومن بينها مكتبة منذر فهمي.

ويعدد فهمي من بين زبائنه توني بلير، وكوفي أنان، وجيمي كارتر وأوما ثورمان.

وفي مدينة تعصف بها التوترات السياسية والاجتماعية، كانت مكتبة فهمي على مدى سنين مكاناً للحوار بين فلسطينيين و«إسرائيليين»، حيث كان كتّاب وباحثون معروفون من كلا جانبي النزاع يدعون بصورة منتظمة لإلقاء محاضرات والتحدث عن أعمالهم.

ولكن على الرغم من علاقاته مع شخصيات بارزة، فإن أيام فهمي في المدينة قد تكون معدودة. فقد أبلغه مسؤولون «إسرائيليون» بأنه لم يعد مرحباً به في «إسرائيل» علماً بأنه يدير مكتبته الكائنة في الطابق الأرضي من فندق «أميركان كولوني» الواقع في القدس الشرقية والذي يعود بناؤه إلى القرن التاسع عشر، منذ 16 سنة.

وقبل شهرين، استنفد فهمي جميع خياراته القانونية عندما رفضت المحكمة العليا «الإسرائيلية» قرار إبعاده. وأمله الوحيد الآن يكمن بين يدي لجنة حكومية وجّه إليها نداءً لأسباب إنسانية.

غير أن فهمي (57 سنة)، ليس لديه أمل يذكر. وقال : «أبلغتني محاميتي بأن التماسات الفلسطينيين لا تقبل أبداً تقريباً».

وفهمي يحمل جواز سفر أمريكياً منذ سنوات عدة، وقد أوضح أنه كان يقيم في القدس بموجب تأشيرة سياحية انتهت مدتها في 3 إبريل/ نيسان، وقال : «إذا رفضت اللجنة التماسي، فسوف يتم إبعادي على طائرة بعد مهلة إنذار قصيرة جداً».

وقالت المحامية داليا كيرشتاين، مديرة «مركز الدفاع عن الفرد» (هاموكيد)، وهي منظمة «إسرائيلية» لحقوق الإنسان، تركز على مساعدة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، إن فهمي هو واحد من آلاف الفلسطينيين الذين وقعوا خلال العقود الأربعة الماضية ضحايا سياسة «إسرائيلية» تجردهم من حقهم في العيش في القدس.

ومع أن «إسرائيل» أعلنت ضم القدس الشرقية عام 1967، في انتهاك للقانون الدولي، فإن معظم سكانها الفلسطينيين منحوا تصاريح إقامة «إسرائيلية» فقط، وليس المواطنة. وحسب الأرقام «الإسرائيلية»، فإن تصاريح الإقامة هذه سحبت منذ ذلك الحين من أكثر من 13 ألف فلسطيني. وفي الوقت الراهن، يبلغ عدد السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية 260 ألفاً.

وقالت كيرشتاين إن قرارات سحب تصاريح الإقامة ازدادت بحدة في السنوات الأخيرة، مشيرة إلى أن أكثر من 4500 فلسطيني فقدوا تصاريحهم عام 2008 وحده وهو آخر عام تتوافر أرقام كاملة بشأنه.

وينص القانون «الإسرائيلي» على أن تصاريح الإقامة تسحب من الفلسطينيين في القدس إذا أمضوا سبع سنوات على الأقل في الخارج الذي يحدد على أنه يشمل الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة أو إذا حصلوا على جواز سفر أجنبي.

وقالت كيرشتاين : «من الواضح أن هناك سياسة لدفع الفلسطينيين إلى خارج القدس و«إسرائيل» من أجل تخفيف ما يسمى هنا التهديد السكاني الفلسطيني. هذه حقاً قضية تطهير عرقي».

وفي الأسبوع الأول من إبريل/ نيسان، رفعت «هاموكيد» ومنظمة أخرى لحقوق الإنسان هي (جمعية الحقوق المدنية في «إسرائيل») (أكري) التماساً إلى المحكمة العليا «الإسرائيلية» لإبطال هذه السياسة، على أساس أنها تتعارض مع القانون الدولي.

وقال أوديد فيلر، وهومحام يعمل لدى «أكري»، إن الفلسطينيين في القدس الشرقية هم «سجناء» فعلياً، و«إسرائيل» تعاقبهم إذا انخرطوا في العالم الخارجي.

وقالت كيرشتاين : «المشكلة بالنسبة للأشخاص مثل منذر هي أن الحكومة والمحاكم «الإسرائيلية» تعاملهم كما لو أنهم مهاجرون وتتجاهل واقع أن لهم حقاً ثابتاً في العيش هنا بحكم كونهم سكان من أبناء المدينة».

وفي عام 1967، كانت عائلة فهمي قد رفضت الجنسية «الإسرائيلية»، مثلها مثل معظم الفلسطينيين الآخرين في القدس الشرقية. وقال فهمي : «نحن فلسطينيون، و«إسرائيل» تحتلنا. فلماذا نقبل جنسية فنصادق على شرعية احتلالنا؟».

ولكن ذلك القرار تركه في وضع متقلقل، مثل فلسطينيين آخرين اتخذوا قراراً مماثلاً.

وتصريح إقامة فهمي سحب منه من دون علمه خلال فترة طويلة أمضاها في الولايات المتحدة ابتداء من عام 1975، عندما سافر من أجل الدراسة. وقد حصل على جواز سفر أمريكي بعد أن تزوج امرأة أمريكية وأنشأ عائلة.

وفي عام 1995، قرر العودة والاستقرار في القدس، وذلك في أعقاب توقيع اتفاق أوسلو. وقال : «شاهدت ياسر عرفات وإسحق رابين وهما يتصافحان أمام البيت الأبيض. وقد اعتقدت آنذاك، عن سذاجة، أن ذلك يفتح عهداً جديداً في المصالحة».

وعلى مدى السنوات الـ 16 الماضية، كان فهمي يضطر للسفر إلى الخارج والعودة كل بضعة أشهر من أجل تجديد التأشيرة السياحية. ولم يدرك فهمي كل أبعاد فقدانه الإقامة إلا قبل 18 شهراً مضت، حين أبلغه مسؤولون في وزارة الداخلية «الإسرائيلية» بأنه بموجب السياسة الجديدة، لن يحصل بعد الآن بصورة تلقائية على تأشيرات سياحية. وقد أبلغوه أيضاً بأنه لم يعد مسموحاً له بالبقاء في «إسرائيل»، بما في ذلك القدس، أكثر من ثلاثة أشهر في السنة. وفي التماسه إلى اللجنة الإنسانية، قال إنه يحتاج إلى البقاء في القدس من أجل العناية بوالدته البالغة من العمر 76 عاماً، والتي ألزمها المرض البقاء في الفراش. وقال : «هل يوجد أي بلد آخر في العالم يعامل فيه أهله بهذه الطريقة؟».

وقالت كيرشتاين إن سياسة سحب التأشيرات السياحية من الفلسطينيين الذين يحملون جوازات سفر أجنبية كانت تطبق بصورة غير منتظمة، وذلك في أعقاب اعتراضات من سفارات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وتطبيق هذه السياسة على فهمي يدعو للدهشة، نظراً إلى مؤيديه النافذين. وقد جمعت عريضة بشأن قضيته أكثر من ألفي توقيع، بينها تواقيع الروائي البريطاني إيان ماك إيوان، الذي فاز العام الحالي بـ «جائزة القدس» الأدبية، والمؤرخ البريطاني إريك هوبسباون، والمؤرخ والكاتب البريطاني سيمون سيباغ مونتيفيور، الذي أدرج كتابه «سيرة القدس» ضمن قائمة الكتب الأكثر رواجاً.

ويأمل فهمي في أن يساعده دعم العديد من «الإسرائيليين» واليهود في الخارج، بمن فيهم أشهر روائيين في «إسرائيل»، وهما آموس أوز وديفيد غروسمان، في إلغاء إجراءات إبعاده. وقال : «آمل أن تلاحظ السلطات أن العديد من أنصاري هم أشخاص يصفون أنفسهم بأنهم أصدقاء لـ «إسرائيل».

وقال غروسمان لوكالة «رويترز» الأسبوع الماضي إن إجراءات الحكومة «الإسرائيلية» هذه «فضيحة».

من جهته، قال رشيد الخالدي، وهو أستاذ في تاريخ الشرق الأوسط في جامعة كولومبيا في نيويورك، ومن الموقعين على العريضة، إن قضية فهمي تبرز تصميم «إسرائيل» على الاحتفاظ بأغلبية يهودية واضحة في القدس.

في عام 1973، استحدثت لجنة حكومية «إسرائيلية» صيغة حددت النسبة المئوية لـ «الإسرائيليين» اليهود مقارنة مع نسبة الفلسطينيين في المدينة بـ 73 إلى 27. ولكن معدل الولادات الأكثر ارتفاعاً بين الفلسطينيين أدى إلى زيادة نسبتهم إلى أكثر من ثلث مجموع سكان المدينة.

وقال الخالدي : «ليست هناك أية عائلة أعرفها في القدس الشرقية إلا وتأثر أحد أفرادها بسياسة سحب تصاريح الإقامة هذه .. إنها سياسة منظمة».

- [**المصدر : صحيفة «الخليج» الاماراتية.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165248

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165248 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010