الاثنين 18 نيسان (أبريل) 2011

تفاصيل مرعبة عن عمليات تعذيب وقتل رهيبة يمارسها جنود القذافي في سجن تحت الأرض في سرت ضد الثوار

الاثنين 18 نيسان (أبريل) 2011

نشرت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية تقريراً أعده مراسلها في ليبيا كريس ماكغريل جاء فيه : «حين وضع علي مفتاح بطانيته حول كتفي أخوين مراهقين خائفين، ظن أنها كانت أكثر من مجرد لمسة من اللطف في خضم ما وصفه بأنه «فيلم رعب». لكنها كانت لفتة أنقذته من مصير السجناء الآخرين المحشورين في زنزانة تحت الأرض في سرت، مسقط رأس الديكتاتور الليبي معمر القذافي.

راقب سائق صهريج نقل النفط برعب بينما كان رفاقه في السجن يستدعون مثنى وفرادى من قبل جنود القذافي. وسمع صراخهم واستغاثاتهم، ثم رآهم يعودون بأيد وأرجل مكسورة ووجوه مشوهة.

وقال : «لقد أخذوا كل شخص من الغرفة واحداً بعد الآخر، وضربوهم وركلوهم. كسروا أصابع الأيدي والأقدام. وهشموا الوجوه. كانوا يعودون والدماء تغطيهم بالكامل. رأيتهم يركلون أحد الجنود الثوار ونزف حتى الموت. ورأيت رجلاً يزحف على أربع بينما كانوا يركلونه ويضربونه، وبقي يزحف. لم يتبق جزء من جسده لم يتعرض للضرب».

لم يكن مفتاح يملك سبباً للإعتقاد أن مصيره سيكون مختلفاً. قبل شهر، تطوع الرجل البالغ من العمر 33 عاماَ لحمل الطعام إلى رأس لانوف، التي كانت تحت سيطرة الثوار وتتعرض لهجوم من قوات القذافي. ووصلت قافلة المساعدات المكونة من شاحنات الغذاء وثلاث سيارات إسعاف من بنغازي لتكتشف أن جيش القذافي كان قد دخل البلدة بالفعل.

وقبض على المتطوعين في مستشفى، ثم ضربوا وألقوا في شاحنة تحوي أجساد الثوار الجرحى والقتلى. وقال مفتاح : «كانت الشاحنة تسير، وحين يرى الجنود جثة على الطريق كانوا يذهبون ويركلونها في الوجه للتأكد من الوفاة، ثم يدهسونها بالشاحنة. حدث ذلك ثلاث مرات».

بعد عدة ساعات، وصل مفتاح إلى سرت، بلدة ذات أهمية ايديولوجية واستراتيجية خاصة بالنسبة الى النظام.

قال مفتاح : «أخذونا للداخل مع الثوار الجرحى. كان أحدهم مصاباً في أعضائه الحساسة. وكان هناك الكثير من الدماء على بنطاله. وسجل جنود القذافي ذلك على هواتفهم النقالة ووجهوا له كلمات نابية. ثم أخذوا يركلونه في المكان المصاب حتى مات. وبعدها ربطوا حبلاً حول رقبته وجروه للخارج قائلين : أخرجوا هذا الكلب من هنا».

ووضع مفتاح في زنزانة تحت الأرض مع نحو 28 سجيناً من الثوار والمدنيين.

وقال : «شعرنا أنه كان بإمكاننا الاستراحة والنوم لأنهم نزعوا القيود عن أيدينا وأزالوا العصابات عن أعيننا. لكنهم كانوا يفتحون الباب كل عشر دقائق ويركلون كل من يجدونه نائماً في وجهه. أخبرونا بأننا من القاعدة وأننا «إرهابيون» نريد تدمير البلاد».

في صباح اليوم التالي، أدخل الشقيقان المراهقان للزنزانة. وقال مفتاح : «شعرت بالأسف من أجلهما، أعطيتهما مكاني وبطانيتي. وسألتهما كيف وصلا إلى هناك. قالا إنهما كانا يعيشان في حي سكني في رأس لانوف ولم يغادرا حين وصل جنود القذافي. بقيا لحماية بيت والدتهما من النهب، وقبض عليهما من قبل الجنود».

في الصباح أخذ الشقيقان بعيداً وخاف مفتاح عليهما. ثم نودي عليه، وحين أخرج من الزنزانة عبر الباب، شعر بالرعب.

وقال : «فتحت الباب وكانت هناك هذه الغرفة الصغيرة وبها أثاث بسيط. وجدت الأخوين من رأس لانوف جالسين هناك. كنت متعجباً مما كان يجري عندما قالا بسرعة أن علي أن اقول ما قالاه. أخبراني أن عمهما كان عقيداً في الأمن الداخلي وأن لهما أقارب في الأمن. أحد هؤلاء الرجال كان يخبر الأمن الداخلي بما يحدث في راس لانوف مع الثوار. كان جاسوساً للقذافي».

ويعتقد مفتاح أن الجيش والأمن الداخلي كان يخشون إيذاء أقارب شخصية قوية في الأجهزة الأمنية، ولذلك تم إطلاق سراح الرجال الثلاثة.

وروايته المرعبة حول معاملة الأشخاص الذين يعتقلهم جنود القذافي تدعمها الصور التي ظهرت خلال الأيام الأخيرة للجثث، ومن الواضح أن من التقط الصور هم من الثوار، وكانت أيديهم مقيدة وراء ظهورهم ورقابهم مقطوعة.

وحصلت قناة «الجزيرة» على فيديو يظهر شباناً ضُربوا بقسوة بالغة، وأجسامهم فيه كدمات ووجوههم دامية ومنتفخة، ومقيدين بانتظار نقلهم للسجن وإلى مصير مجهول. وقيل أن أحدهم اعترف بالتظاهر ضد القذافي. ونفى آخر أن يكون من الثوار.

كما أظهر شريط آخر جنود القذافي يذهبون من بيت إلى بيت في مدينة أجدابيا بعد أن سقطت لفترة قصيرة في أيدي قوات الحكومة، طالبين من الشباب أن يخرجوا. بعضهم خرجوا وأيديهم مرفوعة. وكان واحد منهم يلوح بالعلم الأخضر، الذي يعتبر من رموز القذافي.

وتقول منظمة العفو الدولية إن الثوار الأسرى عُثر عليهم مقتولين بطلقة في الراس وأيديهم مقيدة وراء ظهورهم. وقالت إن الأسرى يبدو أنهم قتلوا قرب أجدابيا. ووصفت عمليات القتل بأنها جرائم حرب.

وهناك مئات المفقودين في المدن التي احتلتها قوات القذافي. وإذا لم يكونوا قتلوا فمن المحتمل أنهم في السجن يتعرضون للتعذيب.

وحظي مفتاح بفرصة للنجاة بأعجوبة، لكنه لم يكن بعيدا عن الخطر. فقد كان في مدينة سرت، مسقط رأس القذافي، وكل من ينتمي إلى بنغازي يُنظر إليه بعين الشكك. ثم توفرت له وسيلة غير عادية للهروب.

فقد أعلن النظام عن قوافل «حافلات السلام» ترفع رايات بيضاء وأغصان الزيتون للتقدم نحو الجبهة وإقناع الثوار بوقف القتال. ورأى مفتاح أن هذه فرصته.

ودُهش مفتاح من العدد الكبير للمتطوعين في مهمة السلام - أربع حافلات كما اتضح لاحقاً. وفي الوقت المناسب اكتشف أن جميع من كانوا في الحافلات، مثله، كانوا يحاولون الهرب من سرت والوصول مجاناً إلى بنغازي.

انطلقت القافلة ولكن سائق الحافلة التي كان فيها مفتاح رفض مواصلة السير عندما شاهد الدبابات. وتم الإلقاء بالسائق خارج الحافلة، بينما تسلم مفتاح المقود لأنه كانت له خبرة بقيادة الشاحنات.

وشقت الحافلة طريقاً وعراً حتى تمكنت في النهاية من عبور الخط الأمامي للثوار، وأصبحت عندئذ على بعد 80 كيلومتراً من سرت ما اثار دهشة الثوار المتشككين، الذين تساءلوا عما إذا كانت الحافلة نوعاً من حصان طروادة يختبئ مقاتلو القذافي داخلها.

أصبح مفتاح حراً لكنه لم يشاهد احداً من الذين كانوا داخل الزنزانة معه قد عاد. وقال : «ما شاهدته لم أحلم أنه سيحدث مطلقاً. كان أشبه بأفلام الرعب. أما الأسرى الآخرون فما يزالون في الفيلم».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2178944

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2178944 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40