السبت 23 نيسان (أبريل) 2011

صواريخ غزة إزعاج أم تهديد استراتيجي لـ «إسرائيل»؟

السبت 23 نيسان (أبريل) 2011 par أمجد عرار

منذ سنوات أنشأت «إسرائيل» جداراً محكماً حول قطاع غزة، الأمر الذي جعل من الصعوبة على المقاومة الفلسطينية في القطاع أن تحافظ على وتيرة عملياتها ضد الاحتلال الذي لم يجعل فترة تمر من دون أن يعتدي على القطاع من البر والبحر والجو. هذا الواقع المعقّد دفع فصائل المقاومة في غزة لابتكار وسيلة تمكّنه منم الردع النسبي والرد على اعتداءات الاحتلال، ممثّلة بتصنيع القذائف الصاروخية وامتلاك ما تيسّر تهريبه من الخارج من صواريخ غراد قصيرة المدى لإطلاقها باتجاه تجمعات الاحتلال ومستوطناته القريبة والبعيدة نسبياً عن غزة. ورغم النتائج المحدودة لهذه القذائف الصاروخية، يلجأ الكيان، لأسباب دعائية، لجعلها ذريعة للعدوان وارتكاب المجازر بحق مواطني غزة.

في تقرير نشره «مركز بيغن - السادات للأبحاث الاستراتيجية» الصهيوني، يعد الباحث عوزي روبين القذائف الصاروخية التي تطلقها حركة «حماس» والمنظمات الأخرى من قطاع غزة سلاحاً بالستياً مائل المسار. ويقسم الردود الممكنة على هذا النوع من التهديد إلى نوعين : هجومية ودفاعية - ويصنف أنواع الرد على النحو الآتي :

أ- التثبيط : وهو سلب المهاجم القدرة على إطلاق قذائف صاروخية إما باحتلال أرض نشر قواعد الإطلاق، وإما بالقضاء على قواعد الإطلاق نفسها.

ب- الردع : سلب المهاجم رغبته في إطلاق قذائف صاروخية على أرضنا برد مؤلم أو بتهديد بهذا الرد.

ج- الدفاع السلبي : تحصين الأهداف وفئات السكان التي هي أهداف للقذائف الصاروخية، لمضاءلة ضررها ومضاءلة الخسائر في الأرواح قدر المستطاع.

د- بفضل تطورات التقنية العصرية : دفاع فعال يعني تثبيط القذائف الصاروخية والقضاء عليها في حال انطلاقها.

يعترف الباحث أن الجيش «الإسرائيلي» لم يحقق نجاحاً محسوساً في الرد التثبيطي الهجومي على القذائف الصاروخية من غزة، حتى بعد المحرقة التي ارتكبها في غزة نهاية 2008، رغم كل العمل المكثف . وفي صعيد الدفاع السلبي الذي هو من مسؤولية المستوى الحكومي (ولا سيما وزارتا الحرب والمالية)، كان الرد، بنظر روبين، بطيئاً متردداً وقدّم حلولاً جزئية متأخرة. يُبرز الفحص بشأن خطوات «الرد» الممكنة عدم الفعل على صعيد «الدفاع» الفعال الذي هو من مسؤولية وزارة الحرب والجيش. أُهمل هذا الرد تماماً حتى وقت متأخر. يمكن برؤية عامة أن نميز ردود «إسرائيل» على هجوم القذائف الصاروخية من غزة على النحو الآتي : الخطوات التي تم الأخذ بها لم تُجدِ نفعاً لكن الخطوات التي كان يمكن أن تجدي نفعاً لم تُتخذ . أما تفصيل ذلك فسيأتي فيما بعد.

[**الرد الهجومي: التثبيط والردع*]

إن الانتفاضة الثانية التي بدأت في سبتمبر/أيلول 2000 لم تقدّم «إنتاجاً» ذا شأن لعمليات مباشرة من غزة داخل الكيان، لكنها أفضت إلى عمليات تماس وقتال داخل القطاع بين الجيش «الإسرائيلي» وفصائل المقاومة الفلسطينية. انحصرت عمليات جيش الاحتلال في غزة في البداية في مهاجمة قواته والمستوطنات في القطاع نفسه. وفي النصف الثاني من 2004 فقط، مع ازدياد نار القذائف الصاروخية والقتلى الأوائل من المستوطنين، صعّد جيش الاحتلال، بذريعة الصواريخ، اعتداءاته العسكرية بدعوى مضاءلة إطلاق الصواريخ. واشتملت هذه الاعتداءات على مهاجمة ما يدعي أنها مخازن مواد خام، ووسائل إنتاج، وفرق إطلاق للقذائف الصاروخية، واغتيال المقاومين المتخصصين في تصنيع وإطلاق القذائف الصاروخية، كما اشتملت على عمليات برية لاحتلال مناطق. يقول روبين إنه برغم أن جميع الخطوات الهجومية كانت تثبيطية، لم يغب عنها العنصر الردعي العقابي، ولا سيما بعد الانفصال. يرى الباحث أن محرقة غزة كانت «العمل العسكري الأهم» على صعيد «تحقيق الردع».

خلال الفترة حتى عملية «الرصاص المصبوب» (المحرقة) نفذ الجيش «الإسرائيلي» خمس عمليات عدوانية واسعة تحت عنوان مضاءلة إطلاق القذائف الصاروخية. وتوقع جيش الاحتلال، حسب الباحث، أن تحبط عمليات الجيش إطلاق القذائف وتضعف قدرة المنظمات الفلسطينية على إطلاق قذائف صاروخية على «إسرائيل». وينقل عن الفريق (احتياط) دان حلوتس، الذي كان قائد سلاح الجو، ونائب رئيس هيئة الأركان ورئيس الأركان أن توجهه باعتباره قائد سلاح الجو كان علاج جميع عناصر «سلسلة تغذية» القذائف الصاروخية، من إحراز المواد الخام لإنتاجها حتى المس بالبنية التحتية للإنتاج والتخزين والتحميل والإطلاق، مع تأكيد أن هذه البنية التحتية مكونة من لأشخاص وبنى تحتية مادية.

لكن الأعداد الجافة عن تطور الهجوم الصاروخي مدى السنين حتى محرقة «الرصاص المصبوب» تُبين بوضوح أن العمليات الخمس الواسعة خلال العقد الأخير، لم تُفض إلى وقف أو تخفيف إيقاع إطلاق النار بل العكس، فبرغم هذه الإجراءات وبخلاف الآمال والتوقعات، حدث خلال السنين زيادة متقلقلة لكنها متصلة لمعدل إطلاق النار في المدى والفتك للقذائف الصاروخية التي أطلقت من غزة. لم تنجح الإجراءات العسكرية التي سبقت محرقة «الرصاص المصبوب» في إضعاف نظام إنتاج القذائف الصاروخية وإطلاقها، ولم تقضِ على الباعث على إطلاقها على «إسرائيل». ويلخص بكلام بسيط: لم يوجد لا إحباط ولا ردع.

في يوليو/تموز 2007 اعترف قائد ما يسمى «لواء غزة» السابق أنه «لا يوجد حل عسكري مطلق في مواجهة إطلاق صواريخ من غزة». كما اعترف ضابط الاستخبارات العميد يوفال حلميش، بأن الجيش «الإسرائيلي» يصعب عليه مجابهة تهديد الصواريخ وأن الحظ هو الشيء الأهم في مرات كثيرة. وقريباً من ذلك قال عنصر من قيادة ما تسمى «منطقة الجنوب» إنه «لا يوجد هنا حل سحري، هذا عمل مستنزف لكن ذو نتائج». ليس من المعقول توقع نتائج فورية في القضاء على نيران القذائف الصاروخية، لكن ينبغي أن نأمل في المستقبل. في استعراض الفريق (احتياط) دان حلوتس لإجراءات جيش الاحتلال في تلك الفترة قال : «شعرنا بأننا نبذل طاقة وأن النتائج لا تُرضي».

الإجراء الهجومي الوحيد الذي يرى الباحث وقادة الاحتلال أنه أثمر لفترة طويلة نسبياً كان المحرقة التي كانت بمثابة ارتفاع درجة في استعمال القوة (والإضرار بالممتلكات والأرواح التي سببتها للفلسطينيين في غزة)، قياساً بقوة وحجم العمليات العدوانية التي سبقتها. ويتساءل : لماذا خيّبت جميع الإجراءات الهجومية قبلها الآمال؟ وأجاب عازياً ذلك إلى عاملين رئيسين : الأول، الصعوبة الموضوعية الراسخة لمنع إطلاق الصواريخ، والثاني، حدود استعمال القوة.

تنبع الصعوبة الأولى من طبيعة الصواريخ والقذائف التي هي سلاح يمكن إطلاقه من كل مكان تقريباً ومغادرة موقع الإطلاق في أقصر وقت. في الحرب العالمية الثانية حاول الحلفاء القضاء على نيران الصواريخ البالستية من طراز «في 2» التي أطلقت على لندن من قواعد إطلاق كانت منصوبة في هولندا لكن من دون أي نجاح، لأن فرق الإطلاق كانت متدربة معتادة على حل جهاز الإطلاق وإخفائه في أقل من دقيقة منذ لحظة الإطلاق . ولم يؤخر قصف موقع الإنتاج في بينيموندا على ساحل بحر البلطيق صناعة الصاروخ كثيراً، ولم يمنع الهجوم على القواعد الصناعية وخطوط إنتاجها المتواصل لآلاف الصواريخ (مع وقودها الخاص) تحت مطر قنابل الحلفاء. تمت محاولات لمنع إطلاق الصواريخ بالقضاء على قواعد الإطلاق مرة بعد أخرى في الحرب الإيرانية العراقية وفي حرب الخليج الأولى بلا أي نجاح مرة أخرى. والوضع في حالة هجوم الصواريخ من غزة أكثر تعقيداً لأن خطوط إنتاج القذائف الصاروخية في غزة تعتمد على قواعد صناعة بدائية جداً لمعامل عامة غير مختصة يوجد مثلها الكثير في غزة وعلى مواد خام مدنية عتيدة. إن قواعد إطلاق القذائف الصاروخية مصنوعة من معادن بسيطة يمكن إنتاجها بوفرة في زمن قصير بحيث إن القضاء على بعضها ليس ذا شأن. والقذائف الصاروخية شديدة البساطة وتدريب مُستعمليها يتطلب زمناً قصيراً نسبياً بحيث يمكن أن يؤتى ببدائل عن فرق الإطلاق التي تصاب في غضون زمن قصير جداً. ويرى أن القضاء على «سلسلة التغذية»، كما نقل الفريق (احتياط) دان حلوتس، صعب دائماً في كل ما يتعلق بالسلاح البالستي لكنه أصعب في حال نظم القذائف الصاروخية في غزة .

يرى الباحث أن العمليات العدوانية التي نفذها جيش الاحتلال قبل المحرقة، فضلاً عن أنها لم تأت بالنتيجة المرجوة، كلّفت «إسرائيل» ثمناً سياسياً باهظاً، وأن المحرقة كانت «العملية» الوحيدة التي أفضت، من وجهة نظره، إلى ضعف هجوم القذائف الصاروخية. ويقر أن أي «إجراء هجومي» لم تؤد إلى القضاء على قدرات إطلاق النيران لدى المنظمات الفلسطينية، وحتى بعد المحرقة لم يُقضَ على هذه القدرة بل بالعكس، فبحسب تقارير منسوبة إلى الأذرع الاستخبارية «الإسرائيلية»، أخذت هذه القدرة تزداد. إن جميع الإجراءات الهجومية قبل عملية «الرصاص المصبوب» لم تردع المنظمات الفلسطينية عن الاستمرار في إطلاق القذائف الصاروخية، ويبدو أن العكس هو الصحيح. لكنه يرى أنه ليس واضحاً حتى الآن ما إذا كانت المحرقة سبباً في قرار «حماس» وقف إطلاق القذائف الصاروخية، أم أنها الظروف السياسية الجديدة التي نشأت، ولا سيما تبدل السلطة في الولايات المتحدة وموجة التأييد والتضامن مع غزة لدى أجزاء كبيرة من الرأي العام في الغرب والتي تم التعبير عنها بالقوافل البحرية لإنهاء الحصار.

فيما يتعلق بمنطق استمرار الإجراءات الهجومية برغم نتائجها غير المرضية، يقتبس الباحث عن حالوتس قوله «واصلنا (الإجراءات العسكرية) لأنها كانت أخف الضرر. هذه حرب استنزاف، والسؤال من يُستنزف أولاً». إذاً، كان هدف هذه الإجراءات الأساسي بحسب رأي حلوتس الشخصي «جباية ثمن». وفي سياق محاولاته تبرير العدوان المتكرر على غزة، يقول الباحث إنه «كانت ستبدو غير مقبولة عند أكثر الجمهور «الإسرائيلي» حتى لو أن «إسرائيل» تمتعت على الصعيد الدولي بذلك التضامن من الرأي العام في العالم الذي يمنح للجانب المصاب». ويضيف أنه كان يجب على كل حكومة في «إسرائيل» أن ترد بالحرب على هجوم القذائف الصاروخية مثلما فعلت إزاء العمليات التفجيرية من داخل الضفة الغربية، في إشارة إلى عملية الاجتياح التي أسماها الاحتلال «السور الواقي»، والتي شهدت مجازر أبرزها مجزرة مخيم جنين.

[**«الدفاع الفعال .. والسلبي»*]

دأب قادة «إسرائيل» ومنظروها على التشبّه بتجارب تاريخية والإيحاء بأن «إسرائيل» تمر بظروف مشابهة. وفي هذا السياق يقول الباحث، لتبرير إقدام الاحتلال على قصف الفلسطينيين العزل بطائرات مقاتلة، إن مهاجمة مدن من الجو هي صورة قتال جديدة نسبياً بدأت في ثلاثينيات القرن الماضي أثناء الحرب الأهلية في إسبانيا، وبلغت ذُرى القوة والقتل في أثناء الحرب العالمية الثانية. إن دولاً وشعوباً هوجمت من الجو أخذت بكل خطوات الرد.

يقول إنه من وجهة نظر السكان المدنيين المهاجَمين لا يوجد فرق مبدئي بين تهديد الصواريخ والقذائف الصاروخية، وبين تهديد القذائف من الجو، ففي الحالتين يأتي التهديد من أعلى. يمكن أن تُرى الصواريخ والقذائف الصاروخية باعتبارها قذائف ذات قدرة ذاتية على الحركة لا تحتاج إلى طائرات تحملها. وبرأيه، تشتمل خطوات «الرد الدفاعية» على ردود فعالة، وتثبيط وتدمير للصواريخ والقذائف الصاروخية وهي ماتزال في طيرانها، وعلى ردود سلبية أساسها الإنذار وتحصين السكان. يرى أيضاً أنه يوجد فرق كبير بين ما يُحتاج إليه لتثبيط وتدمير طائرات قاذفة، وما يُحتاج إليه لتثبيط وتدمير صواريخ وقذائف صاروخية، حيث إن الأخيرة أشياء أصغر وأسرع كثيراً من القاذفات الحديثة جداً ولهذا ثمة صعوبة تقنية في تثبيطها وتدميرها في طيرانها. كذلك، فإن التحصين المطلوب لمجابهة الصواريخ والقذائف الصاروخية يختلف بقدر كبير، فإعداد الملاجئ للوقاية من التهديد الجوي يأخذ في الحسبان زمن إنذار أطول نسبياً يُمكّن المستوطنين من وصول الملاجئ الجماعية في وقت قصير، أما في حال الهجوم بالصواريخ والقذائف الصاروخية فلا يكفي الزمن القصير للإنذار لحركة منظمة للسكان إلى الملاجئ الجماعية، ويقتضي لذلك توفير عدد كبير من الملاجئ.

[**3 عوامل أوقفت العمليات التفجيرية*]

[**قراءة صهيونية حول «نهاية» الانتفاضة الثانية*]

عندما تكون موازين القوى مختلة بين عدو محتل وشعب تحت الاحتلال، تبرز الحاجة للبحث عن أنجع الأساليب التي تؤمن التفوق على العدو في الجبهة التي يمكن فيها تحييد وسائل قوّته التقليدية . كانت العمليات التفجيرية التي يسميها الكيان الصهيوني «انتحارية»، الوسيلة التي لجأ إليها المقاومون الفلسطينيون للرد على عدوانية الكيان وجرائم جيشه في الضفة الغربية. برز هذا النوع من العمليات في السنة الأخيرة من الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987-1993)، وفي مرحلة ما من الانتفاضة الثانية التي انطلقت في 28 سبتمبر/أيلول ،2000 ويختلف المحللون إن كانت مستمرة أم أنها انتهت. الباحث الصهيوني د. يونتان شختر فكتب في مجلة «البحوث الاستراتيجية «الإسرائيلية»»، مقالة عنوانها «متى انتهت الانتفاضة الثانية؟» اعتبر فيها أن العمليات التي سماها «انتحارية» التي وقعت في فلسطين المحتلة عام 48، وأفضت إلى خسائر بشرية كبيرة بين عامي 2000 و2002 خفتت بل كادت تتلاشى منذ 2005، واعتبر أن هذا تحقق بفعل عمل الأجهزة الأمنية «الإسرائيلية»، أو ربما لأن حركة «حماس» أخذت تستعمل تكتيكات أخرى.

يقول شختر إن زمن بدء الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى)، مختلف حوله بين الباحثين والساسة وأطراف أخرى. في رأي كثيرين أنها بدأت في الأسبوع الأخير من سبتمبر/ أيلول 2000. ويرى آخرون أن بذورها غُرست قبل فشل المفاوضات بين ياسر عرفات وإيهود باراك في كامب ديفيد في يوليو/ تموز من العام نفسه. لكنه يستدرك بأنه رغم الاختلاف حول موعد بدء الانتفاضة الثانية، فإن الاختلاف حول تاريخ انتهائها أو سؤال هل انتهت أصلاً، يبدو أكبر. ويطرح في سياق المعالجة سلسلة تساؤلات : هل انتهت الانتفاضة مع رحيل ياسر عرفات في أكتوبر/تشرين الثاني 2004، أم على أثر الهدنة التي تم إحرازها بين إرييل شارون ومحمود عباس بعد وقت قصير من انتخاب الأخير مطلع 2005؟ لكن الباحث الصهيوني يستدرك ما يصعب التعرف إلى الحدود الزمنية للانتفاضة، هو تعريفها وتحديد مميزاتها الرئيسة إن كانت «تمرداً شعبياً أم كفاحاً مسلحاً». وإذا كان الأمر كذلك، فمن حق البعض أن يخلص إلى أن الانتفاضة لم تنته البتة بل تغيرت مظاهرها ومميزاتها.

[**3 عوامل أوقفت الانتفاضة*]

تميزت الانتفاضة الثانية، بخلاف سابقتها التي كانت المقاومة الشعبية طابعها الطاغي، بعمليات تفجيرية (يصفها المسؤولون الصهاينة وإعلامهم بالإرهابية) في عمق الكيان وفي الضفة الغربية وقطاع غزة . ويرى الباحث أن ثلاثة عوامل أسهمت في الانخفاض الذي طرأ على هذا النوع من العمليات في الانتفاضة الثانية :

العامل الأول : الاجتياح الواسع للضفة الغربية باسم عملية «السور الواقي» في مارس/آذار 2002 بذريعة وقوع عملية تفجيرية في مستوطنة «نتانيا» (كانت العملية الثالثة والخمسين في الانتفاضة الثانية بحسب وزارة الخارجية «الإسرائيلية»). واشتملت عملية الاجتياح على إعادة الاحتلال العسكري لمدن مركزية في الضفة (رام الله، بيت لحم، جنين، نابلس، وقلقيلية)، التي كانت تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية وفق اتفاقات أوسلو. ويعتقد شختر أن عدوان «السور الواقي» أسهم في خفض العمليات التفجيرية، عازياً ذلك إلى اعتقال أو استشهاد عدد كبير من المقاومين، وتدمير البنى التحتية للمنظمات الفلسطينية. وعلى أثر العملية أصبح تنفيذ العمليات التفجيرية أكثر تعقيداً لزمن طويل. وإلى ذلك، فإن عودة جيش الاحتلال إلى المدن الكبيرة في الضفة وحولها منح فرصاً أكبر للكيان لتطوير وتحليل معلومات استخبارية كانت ترمي إلى صد عمليات المقاومة قبل تنفيذها (يشير الباحث إلى تسجيل «إسرائيل» رقماً قياسياً في الاغتيالات التي تم تنفيذها في 2002 - 78 اغتيالاً). وربما سببت ذلك الرغبة أيضاً في الامتناع عن مواجهة مع جيش الاحتلال وجهاً لوجه، كما تمثل ذلك أثناء العدوان الواسع في مدينة جنين ومخيمها الذي أسهم كما يبدو في تخفيض ما لعمليات المقاومة. ويورد معطيات إحصائية «إسرائيلية» سجلت في تلك الفترة تشير إلى أنه من 2002 إلى 2003 انخفض عدد العمليات بنسبة 50 في المئة : من 53 في المئة إلى 26 في المئة.

العامل الثاني : تصعيد عمليات اغتيال القادة الفلسطينيين في 2004، حيث يعتبر شختر أن تلك الاغتيالات أفضت إلى انخفاض أكثر من النصف (إلى 12 عملية) في تلك السنة التي تميزت بنشاط واسع لجيش الاحتلال في الضفة وغزة. شهد ذلك العام اغتيال زعيمي حماس الشيخ أحمد ياسين وعبدالعزيز الرنتيسي، واستُكمل خلاله بناء أجزاء واسعة من جدار الفصل العنصري بين الضفة والمناطق المحتلة عام 48، علماً بأن الجدار دخل كثيراً في أراضي الضفة، ما يفنّد الطابع الأمني الذي حاول قادة الكيان إسباغه على الجدار. ويعتبر الباحث أن الجدار صعّب على المقاومين الفلسطينيين الوصول إلى أهدافهم.

العامل الثالث : يورد الباحث هنا مجموعة قرارات سياسية اتخذتها جهات «إسرائيلية» وفلسطينية (السلطة) في 2005 بعد انخفاض عدد العمليات. ويضيف لذلك أن «حماس» وسّعت نشاطها السياسي المؤسساتي، غير العنيف الذي ربما كان بديلاً بقدر ما عن عمليات التفجير، حيث شاركت «حماس» في ذلك العام في انتخابات السلطات المحلية وفازت فيها بنتيجة جيدة.

كانت 2005 أيضاً السنة التي انفصلت فيها «إسرائيل» من جانب واحد عن قطاع غزة (وهي خطوة أعلنها إرييل شارون في يناير/ كانون الأول 2003). ويرى الباحث هنا أن جزءاً من الانخفاض الذي طرأ على الهجمات في 2004، وبخاصة في 2005، يعود لعدم رغبة المنظمات الفلسطينية بأن تعطي «إسرائيل» ذريعة لتأخير انسحابها أو لتغيير رأيها. ويستعرض مسار السنوات اللاحقة منذ 2005، حيث قل عدد محاولات تنفيذ عمليات تفجيرية وانخفض عدد المحاولات التي نجحت إلى ست سنة 2006، وإلى واحدة سنة 2007 وسنة 2008 وإلى صفر سنة 2009. لكن الجدل في سؤال هل انتهت الانتفاضة الثانية سنة 2005، يبقى مع ذلك قائماً.

[**جدوى صفقة طائرات «إف 35» الأمريكية للكيان*]

لا يكاد يخلو تصريح لمسؤول أمريكي من تبنٍّ لمبدأ تفوّق «إسرائيل» الأمني إقليمياً. ولتحقيق هذه الغاية تحرص الولايات المتحدة على تزويد «إسرائيل» بآخر ما يتحقق لديها من التكنولوجيا العسكرية، وبخاصة الهجومية منها، وتحديداً في ما يتعلّق بسلاح الجو. في أغسطس/آب 2010 أعلن وزير الحرب الصهيوني ايهود باراك قبول توصية جيشه بشراء الطائرات الأمريكية المقاتلة من طراز «إف 35» (البرق 2)، لتكون الطائرة الحربية المستقبلية لسلاح الجو في الكيان. أثناء زيارة المدير العام لوزارة الحرب لواشنطن في أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته وقّع اتفاقاً مبدئياً مع واشنطن في هذا الشأن. النقاشات للصفقة جارية منذ سنوات مع الولايات المتحدة وداخل أجهزة

الكيان الأمنية والعسكرية. يُثير شراء الطائرة جدالات واختلافات ليس في الكيان فحسب، بل في وسائل الإعلام وفي مجالس نيابية في الدول الأخرى المشاركة في المشروع، حيث تُثار في جميع هذه الدول التي عبرت عن رغبة في شراء الطائرة، أسئلة السعر مقابل الأداء، والقدرة على مجابهة تهديدات المستقبل، وأجهزة بديلة ممكنة، والجدوى على الصناعة المحلية وإجراءات اتخاذ القرارات. الباحث في «معهد البحوث الاستراتيجية» الصهيوني يفتاح ش . شبير يحلل في هذا التقرير الذي نشره في «معهد بحوث الأمن القومي» الصهيوني، منزلة الكيان من المشروع، وما أسماها النقاط المهمة في اتخاذ القرار بخصوص التسلح بهذه الطائرة، ومعطياتها التقنية.

في مراحل مبكرة ثارت مخاوف «إسرائيلية» من الآثار التي تنبع من ثمن الطائرة الذي أخذ يزداد إذ بلغ ما بين 50 -60 مليون دولار. وفي 2007 اتخذت «إسرائيل» قراراً رسمياً بشراء الطائرة، وقُدم الطلب للولايات المتحدة في أغسطس/آب 2008، ووافق عليه مجلس النواب الأمريكي في الشهر التالي . كان الطلب بيعاً أولياً ل 25 طائرة من الطراز التقليدي (اف 35- إي - سي .تي .أو .إل)، مع إمكان الحصول على 50 أخرى من الطراز التقليدي أو من الطراز الذي يهبط عمودياً (إف -36 بي - سي .تي .أو .في .إل)، وقُدر ثمن الطائرة آنذاك ب 78 مليون دولار، وكانت الكلفة المتوقعة للصفقة 5 .15 مليار دولار (206 ملايين دولار للواحدة. وبعد إجازة الطلب بدأ التفاوض، ونشبت خلافات حول مطالب «إسرائيل» الخاصة، ورفض الأمريكيون الموافقة على تركيب معدات من إنتاج «إسرائيل»، ورفضوا أيضاً تمكين «الإسرائيليين» من معرفة شيفرة البرنامج السرية. وفي أغسطس/آب 2010 أعلن باراك قرار شراء 20 طائرة، وتبين حينها أن الموعد الذي سيصبح فيه طرازا «إف 35» إي و«إف 35 سي» عملياتيين تم تأخيره مرة أخرى إلى 2016، ما يعني التأخر في تزويد «إسرائيل» بالطائرات.

[**أسلحة الجو في المحيط*]

يرى شبير أن دولاً عدة في المنطقة تملك طائرات حربية من إنتاج دول الغرب، لكنه يعتقد أن الدول الأشد عداء لا تستطيع تهديد «إسرائيل» في المجال الجوي، فبنظره سلاح الجو السوري قديم، ولبنان ليس بحوزته سلاح جو ولا يتوقع أن يكون له في المستقبل القريب، أما سلاح الجو الإيراني فقديم ولا يشكل تهديداً حقيقياً بسبب بُعد إيران عن «إسرائيل». لكنّه يدعو للأخذ بالحسبان أن كل واحدة من الدول التي تستعمل سلاحاً غربياً متقدماً قد تصبح عدواً لـ «إسرائيل»، وأن تضطر طائرة «إف 35» إلى مجابهة طائرات طُورت في الغرب، وسيكون لكثير منها قدرات تشبهها مثل طائرتي «اف 15» أو «اف 16» المزودتين برادار «إيه .إي .اس .إي». ويتحدث عن تهديد الجيل الجديد من الطائرات المتطورة من إنتاج روسيا، أبرزها «إس .يو-35 إس»، في حين تعمل روسيا على تطوير طرازين من طائرتي سوخوي «تي-50» و«ميكويان» اللتين ستكونان من الجيل الخامس، ومصممتين لمواجهة الطائرات الأمريكية من الجيل ذاته.

[**الدفاع الجوي*]

تعتمد نظم الدفاع الجوي لمصر والأردن والسعودية ودول الخليج على نظم اشتُريت من الولايات المتحدة، وبخاصة صواريخ هوك مطورة وطرز مختلفة من صواريخ باتريوت. ولدى سوريا نظام كثيف من صواريخ أرض - جو، تعتمد في الأساس على تجهيز قديم من الاتحاد السوفييتي السابق. التهديد في لبنان وغزة هو تهديد صواريخ الكتف في الأساس - وجزء منها يُعد في أكثر الطرز الروسية تقدماً. ويتوقع الباحث في المستقبل البعيد أن يدخل الميدان نظم دفاع جوي متطورة من إنتاج روسيا «إس-،300 بي .إم .يو-2»، و«إس -400».

وترى «إسرائيل» أن التهديد الكبير لسلاحها الجوي في المستقبل هو السلاح المائل المسار، من الصواريخ والقذائف الصاروخية التي أصبحت تغطي اليوم - من داخل لبنان - أكثر مساحة فلسطين المحتلة . وكلما زاد مبلغ دقة نظم السلاح هذه زاد خطر أن تصيب أهدافاً عسكرية واستراتيجية.

[**في ميدان الهجوم*]

يقول شبير إن سلاح الجو «الإسرائيلي» قد يشن في حرب المستقبل هجمات دقيقة في ميادين قتال متحركة تحميها صواريخ مضادة للطائرات، مثل عمليات الهجوم في حرب لبنان الثانية أو في عملية «الرصاص المصبوب». وهنا تبرز الميزة الكبرى لطائرة «إف 35» وهي تملصها وإدماجها نظم توجيه وملاحظة أهداف وتحديدها: فثمة رادار يُمكّن من الحصول على صورة دقيقة لوجه الميدان، وصد الوسائل الدفاعية للعدو، ونظم الكتروبصرية . لكن القدرات الكثيرة من هذا النوع موجودة في طائرات من الجيل السابق باعتبارها إضافات أو تطويرات . فعلى سبيل المثال تعتمد قدرات الـ «اف 35» في مجال تحديد الأهداف على الأرض (المجسدة بنظام ال إي .أو .تي .اس فيها)، على نظم |سنايبر اكس آر»، و«لانترن - إي .آر»، القائمة في قاعدة حمل خارجية ملائمة لطائرتي «إف 16 وإف 15». طورت «إسرائيل» نفسها الـ «فود» (قاعدة حمل خارجية تشبه غلاف البازلاء) على اختلاف طرزه المتقدمة . وكذلك يمكن أن يتم تركيب على طائرات اف 16 رادارات متقدمة من طراز «إيه .اي .إس .ايه»، سواء كانت من إنتاج الولايات المتحدة أو من إنتاج «إسرائيل»، وأن يُحرز بذلك أكثر المزايا التي لطائرة «إف 35» في هذا المجال.

في ما يتعلق بقدرة الطائرة على التملص فإنها ستعطيها تميزاً، ولا سيما في المراحل الأولى من الهجوم على مناطق محمية جيداً . لكن اليوم أصبحت نظم الدفاع الجوي السوري قديمة جداً، وحزب الله في لبنان مسلّح في الأساس بصواريخ كتف، لكن الباحث لا يفترض ألا يتغير هذا الوضع، ويرى أن القدرة على التملص «محدودة الضمان»، لأن الطائرة في هذا الوضع مقيّدة بحمل سلاح في خلايا قنابل داخلية فقط، فتعليق السلاح في علائق خارجية سيضر بالقدرة على التملص.

[**عمليات هجوم استراتيجية*]

يشرح شبير أنه في عمليات هجوم ثمة حاجة إلى دخول عمق أرض العدو يوجد لطائرة «إف 35» تميز واضح، بالقدرة على التملص، ومعها نقيصتان كبيرتان : كمية السلاح التي تستطيع حملها في مهمة تملص محدودة (قنبلتان وزن الواحدة طن)، كما أن مدى الطيران محدود. وعلى ذلك يبدو أنه عندما تصبح الـ «إف 35» في خدمة سلاح الجو أيضاً، فستكون طائرتا «إف 15 آي»، و«إف 16 آي» هما الطائرتين المفضلتين لمهام كهذه.

[**الدفاع عن النفس*]

يراهن سلاح الجو «الإسرائيلي» على قدرة الطائرات في الدفاع عن نفسها ولا سيما القدرة الالكترونية على حماية نفسها من رادارات العدو (الأرضية أو الجوية)، والصواريخ ووسائل قتالية الكترونية عند العدو. لطائرات «اف 35» عدة مزايا خاصة في هذا المجال بدءاً برادار «إيه .اي .إس .ايه» القادر على صد رادارات أرضية مع استطلاع أهداف أرضية أو جوية أيضاً، وانتهاء إلى نظام الإنذار المتميز فيها (دي .ايه .إس) الذي يمنح الطيار إنذارات إزاء التهديدات في كل منطقة ممكنة. لكن شبير يدعي أن نظم القتال الجوي والنظم المضادة لأسلحة الجو «الإسرائيلية»، أفضل من كل نظام من إنتاج أجنبي، ويعتبر أنها تلائم التهديدات في منطقتنا. لهذا السبب أجرت «إسرائيل» تفاوضاً طويلاً في تركيب نظم قتال جوي من إنتاجها في طائرات «إف 35». لكن لا يتضح ما إذا أحرزت «إسرائيل» في نهاية الأمر مرادها في هذا الشأن.

[**ميادين طيران وقتية*]

يعود الباحث للتذكير بأن أحد التهديدات الأشد لسلاح الجو هو السلاح المائل المسار (الصواريخ والقذائف الصاروخية). ولهذا السبب قدمت «إسرائيل» طلب شراء عدد من الطائرات من طراز «إف 35 بي»، حيث تستطيع طائرة من هذا الطراز الإقلاع من أقصر المسارات والهبوط عمودياً. وقد طُورت بطلب عملياتي من سلاح مظليي الولايات المتحدة حيث تُعد هذه القدرة مهمة له على نحو خاص. ويعتقد شبير أن هذه الطائرات إذا تم شراؤها ستمكن سلاح الجو «الإسرائيلي» من العمل من ميادين مرتجلة حينما تكون قواعده الرئيسة تحت هجوم بالصواريخ. هذا الطراز أغلى من الطراز التقليدي، وأداؤه الايرودينامي أدنى من أداء الطائرة التقليدية. ولهذه الأسباب تخلت «إسرائيل» في هذه الأثناء عن تحقيق هذا الخيار.

[**«الصناعات الأمنية»*]

تكمن في صفقة الـ «إف 35» ميزة للصناعة الأمنية «الإسرائيلية». إن جزءاً من هذه الفائدة هو في إمكانات الملاءمة وتركيب معدات من إنتاج «إسرائيل» على الطائرات - نظم قتال جوي ونظم سلاح . هذا الإمكان مشروط بموافقة الولايات المتحدة وتسهيل الاطلاع على الشيفرة الأصلية لبرنامج الطائرة. والجزء الآخر من الفائدة في الصفقة هو في إطار صفقات «اوفيست»، المعمول بها في سوق السلاح العالمية. تأمل صناعة «إسرائيل» الأمنية أن تحصل، باعتبار ذلك جزءاً من صفقة الشراء، على نصيب في تطوير وإنتاج مركبات لطائرة «اف 35» من أجل السوق العالمية، بأن تكون مقاولة ثانوية لمنتجات الطائرات لوكهيد - مارتن (منتجة الطائرة)، ونورثروب - غرامن (منتجة الرادار) وبرات آند ويتني (منتجة المحرك). تطلب المنتجات سوقاً مستقبلية لأكثر من 4000 وحدة، ويعني هذا أن الحديث عن احتمالات بيع بمقادير كبيرة جداً.

من الناحية الاقتصادية يمكّن الانضمام إلى المشروع الشركات «الإسرائيلية» من قرب تناول التقنيات المتقدمة جداً (مثل تقنيات مواد لمضاءلة القدرة على كشف الطائرة)، لكنّها ستلزمها أيضاً استثمارات باهظة في البنى التحتية وتدريب الفرقاء، والحصول على ترخيصات من السلطات الأمريكية. من الواضح أن مشاركة الشركات «الإسرائيلية» في إنتاج الطائرات المعدة لـ «إسرائيل» فقط لن تُسوغ هذه الاستثمارات.

وبرأي الباحث الصهيوني، فإن للصناعة «الإسرائيلية» تجربة كبيرة وقدرة متميزة في مجالات عدة ، لكنها ستضطر في مشروع الـ «إف 35» إلى مواجهة منافسة شديدة مع صناعات أمنية لجميع الدول المشاركة في المشروع. فالدول التي أنفقت مئات ملايين الدولارات على المشروع منذ سنيه الأولى ستطلب الحصول على ربح عن استثمارها على هيئة طلبات من منتجات الطائرة من شركات أمنية «إسرائيلية». انضمت «إسرائيل» إلى المشروع في مرحلة متأخرة وبنفقة صغيرة نسبياً، ولهذا فإن شبير يرى في ذلك نقطة انطلاق سيئة.

[**التقدير الأمريكي*]

ثمة نقطة مهمة لتحظى «إسرائيل» بفرصة شراء الطائرة، ألا وهي الصيت الخاص للجيش «الإسرائيلي» ولسلاح الجو خاصة، في سوق السلاح المتقدم في العالم. يرى الجيش «الإسرائيلي» نفسه - حتى بعد عمليات سُجلت باعتبارها فشلاً مثل حرب لبنان الثانية - مستخدماً محكماً جداً لنظم سلاح متقدمة، وهكذا يعتقد أن العالم ينظر إليه أيضاً. وهو يريد من الدول الأخرى أن تعتبر شراءه لنظام سلاح ما برهاناً على تفوق هذا على نظم منافسة. وعلى ذلك فإن المنتج الأمريكي (مثل المؤسسة الامنية الأمريكية أيضاً) معني ببيع «إسرائيل» الـ «إف 35» في أقرب وقت ممكن، لأن المشروع ما زال يواجه صعوبات تقنية وصعوبات في التمويل. وإلى ذلك، يتعلق سعر الطائرة (سعر الوحدة) على نحو مباشر بعدد الطائرات التي ستُطلب. ويعد مشروع الـ «إف 35» أحد المشاريع الكبرى لجهاز أمن الولايات المتحدة، ونجاحه مهم لها بعد أن تم وقف إنتاج الـ «اف 22». وتحاول «إسرائيل» أن توحي لأمريكا أن شراءها للطائرة سيشجع دولاً أخرى على شراء الطائرة. وربما يكون اقتراح تسليم «إسرائيل» 20 طائرة بلا دفع - قد نبع بقدر غير قليل من هذه التقديرات.

[**منظمات ومصالح مختلفة*]

العدد المتراكم للعمليات لا ينبيء بالحكاية كلها. في كل ما يتعلق بالعمليات التفجيرية أوقفت حركة «حماس» إطلاق النار منذ 2005. فمنذ أغسطس/آب من ذلك العام لم تتحمل الحركة مسؤولية أي عملية.

وحسب شختر، قد تشهد هذه المعطيات أكثر من كل شيء آخر بأن قيادة الحركة اتخذت قراراً استراتيجياً مؤداه التخلي عن هذا النوع من العمليات. لكن حركة الجهاد الإسلامي تبنت وحدها أو بالتعاون مع كتائب شهداء الأقصى، المسؤولية عن جميع العمليات التفجيرية تقريباً وعددها ،8 التي تم تنفيذها منذ ذلك الحين.

لكنّه اعتبر أن تلك الهجمات تحسب على مرحلة ما «بعد الانتفاضة الثانية»، مستنداً إلى أنه في 2005 هددت كتائب الأقصى وحركة «فتح» بإشعال انتفاضة ثالثة، ولم يكن من المعقول الحديث عن انتفاضة ثالثة لو كانت الثانية ما زالت قائمة.

ويخلص أنه يوجد قدر من الاتفاق قولاً وعملاً بين «حماس» و«فتح»، على أن الانتفاضة الثانية انتهت في 2005.

ولما كان الارتفاع الذي سجل لهجمات الصواريخ من قطاع غزة قد تم في مقابل انخفاض العمليات التفجيرية، يقر الباحث للبعض اعتبار أن الانتفاضة لا تزال مستمرة بوسائل أخرى. ويرى أن التحول إلى أسلوب استعمال القذائف الصاروخية التي يسميها إعلام الكيان «السلاح المائل المسار» سببه صعوبة تنفيذ العمليات التفجيرية، ومع ذلك يرفض الباحث فكرة أن آلاف الصواريخ التي تم إطلاقها حتى الآن إشارة إلى إطالة الانتفاضة الثانية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 32 / 2165855

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165855 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010