السبت 14 أيار (مايو) 2011
محمد حسنين هيكل يتحدث لـ «لأهرام» :

«الأهرام» والأستاذ.. بين سنوات الفراق.. ثم العودة! .. (1/3)

السبت 14 أيار (مايو) 2011

تنشر «الموقف» اجزاء الحوار الثلاثة مع الأستاذ محمد حسنين هيكل، بعد عودته إلى «الأهرام»، وهي تنصب على الاتهامات السياسية للرئيس المخلوع حسني مبارك : العدوان على روح النظام الجمهوري | تعديل الدستور للسماح بتوريث السلطة | الإهمال الجسيم في قضايا خطيرة مثل مياه النيل والفتنة الطائفية | التعاون مع «إسرائيل» إلى حد وصفها له بأنه كنز إستراتيجي.

إلى الجزء الأول من الحوار :

بعد سنوات طويلة افتقد فيها «الأهرام» وقارئه بشدة آراء الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل على صفحاته, وهي سنوات وصفها الأستاذ بكلماته في بداية حواره المهم والمطول الذي يبدأ «الأهرام» في نشره من اليوم بأنها كانت سنوات من الفراق ولم تكن سنوات من القطيعة.

وقال الأستاذ هيكل : إن «الأهرام» كان طول الوقت بيتي, وكل من فيه أهلي وكنت دائماً أشعر بالألفة مع كل شيء فيه.. من البشر إلى الحجر.. ومن الورق إلى الماكينات.. وكانت مشاعري تنحاز دائماً لـ «الأهرام» وبكل من فيه وحتى الأجيال التي لم يسعدني الحظ في التعرف عليها والعمل معها.

وقبل بداية الحوار كان الأستاذ هيكل قاطعاً في كلماته وهو يقول رغم كل الظروف فإن «الأهرام» سيبقى هو «الأهرام» وأتمنى أن يستعيد روحه وهذا سوف يحدث حين يستعيد مهمته الأساسية, فـ «الأهرام» جزء من التاريخ المصري واستمراره رهن بأداء مهمته, وأداء مهمته رهن باستقلاله..

وقد يسمح الأستاذ هيكل ـ وقد أجريت معه على مدى سنوات سابقة العديد من الحوارات في مختلف الصحف ـ أن أقول إنها كانت المرة الوحيدة التي ـ وبكل صدق ـ شاهدت الأستاذ هيكل بكل هذا التدفق والرضا.. سعيداً وهو يفتح قلبه بحواره مع «الأهرام», ومن هنا أقول إن إطلالته اليوم مرة أخرى على صفحات «الأهرام» بعد كل ما جرى وهو للأسف كثير والأستاذ يترفع عن الحديث فيه إنما يلقي بمهمة كبيرة على أسرة «الأهرام» كلها بما فيها الأجيال التي يرى الأستاذ هيكل أنه لم يكن سعيد الحظ بالتعرف عليها أو العمل معها, والحقيقة أن هذه الأجيال من الزملاء بـ «الأهرام» هي التي ترى أن الحظ لم يسعدها بالعمل معه أو الاقتراب ولكن «الأهرام» قادر على الوفاء بها بإذن الله وهي المهمة التي أوجزها الأستاذ هيكل في كلمتين هما استقلال «الأهرام»..

وقبل الحوار الذي استمر أكثر من180 دقيقة تدفق فيها الأستاذ هيكل شارحاً للمشهد السياسي المحلي والعالمي والذي ينشره «الأهرام» على مدى ثلاثة حلقات يوماً بعد يوم, فإن الواجب والامتنان يقتضي بأن يعرف الأستاذ أن إضاءته اليوم على صفحات «الأهرام» لم تكن مصدر سعادة له وحده فقد كانت السعادة والثقة التي سادت بين قراء «الأهرام» ومعهم كل أبناء «الأهرام» مع أولى كلماته التي نشرها «الأهرام» تحت عنوان عن الفتنة الطائفية وغيرها تفوق كل التصورات وتتجاوز كل ما توقعناه!. [**(لبيب السباعي)*].

الحديث الأول

الاتهامات السياسية لمبارك :

- العدوان على روح النظام الجمهوري.

- تعديل الدستور للسماح بتوريث السلطة.

- الإهمال الجسيم في قضايا خطيرة مثل مياه النيل والفتنة الطائفية.

- التعاون مع «إسرائيل» إلى حد وصفها له بأنه كنز إستراتيجي.

- تزييف إرادة الشعب في انتخابات واستفتاءات مع استمرار الادعاء بالديمقراطية.

- انتهاك حقوق الإنسان باتفاقيات أمنية مع أمريكا لتعذيب أشخاص لحسابها.

- التواطؤ في أعمال سرية لتحقيق غايات سرية ومالية غير مشروعة تضر بسمعة مصر وأمنها القومي.

الأستاذ يعيش على الخبر.. وراءه يذهب باحثاً ومنه ينطلق محللاً ومفسراً وراصداً, وإليه يعود قارئاً لما بين السطور..

وفي الحديث الأول من أول حوار له بعد فراق مع «الأهرام» يحدد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل لأول مرة قائمة الاتهامات السياسية التي يجب أن يخضع الرئيس السابق مبارك للمحاكمة بسببها وكلها تخرج عن نطاق النيابة العامة.. ويكشف عن أسرار مثيرة حول عملية اغتيال أسامة بن لادن التي عرف الكثير من تفاصيلها وأسرارها, وكان موجوداً وقتها في عواصم أوروبية مختلفة.. ويحلل الوضع الراهن للثورة المصرية ويوضح ما أثارته أحاديثه التليفزيونية حولها من جدل فيما يخص بؤرة شرم الشيخ ومحدودية دور مبارك في حرب أكتوبر.

وفي الحلقات القادمة بإذن الله نستكمل مع الأستاذ قراءة المشهدين المصري والعربي.

[*** غاب الأستاذ عن صفحات «الأهرام» فهل كانت لديك ملاحظات على أداء «الأهرام» قبل انهيار النظام وأثناء الثورة.. كيف كنت تراه؟!*]

- أظن أنكم توافقون معي على أنه من الضروري قبل أن أتحدث عن أي شأن عام مع «الأهرام» بعد فراق, ولاحظوا أنني لم أقل قطيعة, بضع عشرات من السنين, أن أقول وبجد بأن «الأهرام» كان طوال الوقت بيتي, وكل من فيه أهلي وكنت دائماً أشعر بالألفة مع كل شيء فيه من البشر إلى الحجر ومن الورق إلى الماكينات وحتى تلك الأجيال التي لم يسعدني الحظ بأن أتعرف إليها أو أعمل معها.

ملاحظة أخرى لابد أن تجيء في أول الكلام, وهي أن صلتي بالصحافة المصرية كلها الآن في إطار الرؤى والتجربة ليس أكثر, فأنا رجل يحاول أن يعرف حدوده وأن يلزمها, فلكل عصر رجاله, ولكل زمن ناسه الأجدر بملاحقة أحداثه, وعرض أفكاره, وليس من اللائق أن يتلكأ أحد على العصر والزمن, مهما بلغ حسن ظن الناس فيه وتعاطفهم معه, وربما تتذكر يوم أن تركت الأهرام 4 فبراير 1974 أنني قررت إنزال الستارة بيني وبين الحنين إلى الماضي لأنه قد يؤثر بالعاطفة على الموقف, ورداً على السؤال أقول : أنا عندي ضعف تجاه «الأهرام» في كل ظروفه وأحواله, ودائماً كنت موضع اتهام بأن هذا غرام أساسي في حياتي, وعندما تقول لي ماذا تغير في «الأهرام» بعد يناير عن قبله؟!, أقول لك : الأهرام سيبقى هو «الأهرام» ولكنني أتمنى في يوم من الأيام أن يستعيد روحه, وهذا سوف يحدث عندما يستعيد مهمته الأساسية, فهو جزء من التاريخ المصري.. واستمراره رهن بأداء مهمته, وأداء مهمته رهن باستقلاله, واستقلاله يتمثل في أداء صحيفة تسير وراء الأخبار الصحيحة وتسبق بها, فهي صحيفة إخبارية بالدرجة الأولى, ثم تحلل هذه الأخبار بعمق وفهم وأمانة, ويجيء التعليق والرأي منسوباً لأصحابه ومعزولاَ عن الخبر في مكانه, والصحافة المصرية عموماً فيها ظاهرة غريبة وهي كثرة أعمدة الرأي.. وكثير منها لا يستند إلى قاعدة إخبارية, وأنا لا أؤمن بتعليق أو رأي خارج قاعدة الخبر.. وأقصد هنا أن كل من يريد أن يعلق في مقال لابد أن يكون مستنداً على خبر هو نفسه الذي حصل عليه أو اكتشف تفاصيله, أو يطرح رؤية جديدة جدية عنه, أما الموضوعات الإنشائية والنميمة فهذه لا تصلح لصحافة جادة.

[*** عدت مؤخراً من رحلة خارجية سريعة, ببساطة.. كيف يرانا العالم الآن؟! كيف يفسرون الثورة المصرية؟ وما الإيجابيات والسلبيات من وجهة نظرهم؟!*]

- ليلة 27 إبريل الماضي كنت ضيفاً على عشاء دعا إليه اللورد ديفيد أوين وزير خارجية بريطانيا الأسبق, وزوجته الليدي ديبي في قاعة الطعام الرئيسية في مجلس اللوردات في ويستمينستر, وتصادف هذا التوقيت مع الزفاف الملكي وكانت هناك شخصيات عالمية كثيرة موجودة على أطراف هذا الاحتفال, وكانت الأسئلة تنطلق نحوي بسرعة مدفع رشاش ولاحظت وجود حالة من الانبهار بالثورة المصرية, وكل الناس تتكلم على علم اسمه ميدان التحرير وأجواء أسطورية محيطة به, وهناك إعجاب بشعب تصوروا أنه لا أمل فيه فإذا به يأخذ خطوات بديعة بكل المقاييس, أيضاً كانت هناك رغبة في اعتبار ما جرى جزءاً من ظاهرة تم تعميمها وأنا اعترضت على ذلك, واهتمام واضح بتطورات الأمور وما يجري.. ثم حالة قلق من الوقوف في المكان وكان هذا واضحاً عند الجميع, كانت هناك أسئلة كثيرة عن الشباب والمجلس العسكري والمشير طنطاوي وخطط المستقبل وتكلمت طويلاً لكن في كل ما قلته كنت واضحاً في أنني لا أعبر سوى عن رأيي الشخصي وتصورات لمراقب مهتم من بعيد.

الثورة المصرية حققت النجاح ولكنها لم تحقق النصر وهناك فارق بين النجاح والنصر بين ما جرى في مصر وتونس وما يجري في ليبيا واليمن وسوريا

[*** أستاذ هيكل.. وأنت لاعب قديم لرياضة الجولف ومتابع لها, هل ترى أن العالم العربي فجأة ملعب جولف كبير.. يمتلئ بالحفر.. وتحولت الشعوب إلى لاعبين يحاول كل منهم أن يصيب الهدف.. لتستقر كرة الثورة داخل حفرة السلطة, ففي تونس مثلاً نجح الشعب في أن يسجل (بيردي) فادخل كرة الثورة في الحفرة من مسافة بعيدة, ومن ضربة واحدة.. وهو يقترب كثيراً من حيث النتيجة مما حدث في مصر.. بينما اختلفت الأمور كثيراً في اليمن وفي ليبيا وأيضاً في سوريا.. لكن قبل أن نبدأ في قراءة هذه المباراة أو تحليل ما جرى أسأل حضرتك : كيف رأيت ما حدث في مصر؟!*]

- لا أعرف إذا كان كل القراء يتابعون نموذج لعبة الجولف الذي استعملته في سؤالك, ويبدو لي أنك تعرفها من استعمالك لمفرداتها مثل الضربة والحفرة والكوز الذي تنزل فيه كرة الجولف وتحقق الفوز, دعني أقل بصراحة أن ما جرى في تونس ومصر لم يكن ضربة بيردي لسبب مهم.. وهو أن ثورة مصر وتونس لم تدخل في الهدف بضربة واحدة, بلغة الجولف النصر يصبح إيجلإذا دخلت الكرة للهدف بضربة واحدة وبعده البيردي حين يقل عدد الضربات واحدة عن الحد المقرر, وبلغة الجولف أيضاً فإن الثورة وصلت بنا إلى مشارف الهدف الإبروش, سواء كنا على الحشيش الأخضر أو في خندق الرمل على حرف الهدف, وأمامنا ضربة, أو ربما أكثر, لكي تنزل الكرة في الكوز وتسجل الفوز الحاسم للثورة, نحن فعلاً على الإبروش أي المشارف, وذلك صنعته حالة الثورة, لكن الكرة تنزل في الكوز ويتحقق الفوز عندما تتحقق أهداف الثورة, ولابد أن نفرق هنا بين حالة الثورة, وبين بلوغ هدف الثورة لاكتمال الفوز وتتويجه, بشكل أوضح هناك فارق بين النجاح والفوز.. فالأول هو في الأداء وعملية أن يصبح الهدف في متناول يدك, أما الفوز بمعنى النصر فهو تحقيق الهدف فعلاً ومؤكداً, وأنا أعتقد أنه في حالة الثورة المصرية فإنها نجحت والكرة وصلت إلى مشارف الهدف بالفعل لكنها لم تصل بعد لمرحلة النصر والتي تعني تحقيق الهدف.. هي وصلت إلى مشارفها, أنت فتحت الأبواب للمستقبل.. لكن السؤال الآن هو : من يملك جسارة الدخول من هذه الأبواب المفتوحة؟! فأنت بالفعل كنت في الطريق إليها ووصلت إلى قربها لكن التحدي الأكبر في إحراز النصر نهائياً وكاملاً, حتى هذه اللحظة بلغت درجة النجاح ووصلت إلى مشارف الفوز وبقي عليك تحقيق الضربات الحاسمة لتحقيق الهدف.

[*** وما الذي ينقصنا لنصل إلى حالة الفوز؟!*]

- أشياء كثيرة تنقصنا.. هذا المجتمع لم يتغير بعد, صحيح أنه أزاح كل العقبات وفتح كل الأبواب, واستطاع بشبابه وملايينه أن يصل إلى قريب جداً من هدفه.. لكن بقيت جسارة القدرة التي تتعلق بما كان مختلاً من الأوضاع واستدعاك للقيام والنهوض والثورة, لابد أن يتحقق تغييره على الأرض, بمعنى أوضح.. الوصول إلى تحقيق هدف الحرية والديمقراطية وكفاءة الأداء وعدالة التوزيع وسيادة القانون, أي أن تجدد حياتك في كل شيء, وتتسق مع تاريخك وعصرك وزمانك وتحدد أهدافك ومستقبلك وتقرر الوسائل الضرورية لها وتحشد من القوى المعنوية والمادية لتحقيقها, بمعنى أن الثورة ليست خروج الشباب وجماهير بالمليون فهذه هي الافتتاحية العظيمة للثورة, وأما هدفها فهو تغيير الواقع على الأرض اجتماعياً واقتصادياً وفكرياً بالدرجة الأولى, وهذه عملية لا تزال تجري في مناخ الثورة, ووهجها, وقوة اندفاعها, نحن فعلاً في حالة ثورية, وهذا شيء رائع, لكن الكرة لم تنزل بعد في الكوز, لكي ترفع الأعلام, وتدق الأجراس, وهذا هو التحدي الكبير أمامنا في هذه اللحظة الحاسمة من التاريخ.

[*** لكن كثيرين يعتقدون أن الحالة الثورية كفيلة بالضرورة وبمقتضي الأحوال أن تؤدي لتحقيق الهدف ما دامت مستمرة بحد أدنى من الاتجاه الصحيح؟!*]

- عند مشارف الهدف وإزاءه, فإننا لابد أن نفرق بين ثلاث علامات : حالة الثورة والتي تمر بمرحلة قلق, ونقصد هنا رفض وإسقاط ما كان بالفعل في وقت الرئيس السابق مبارك, نضج الجماهير والشباب ووعيهم بأن ما هو واقع لا يمكن أن يستمر.. هذه هي حالة الثورة, ثم نصل إلى فعل الثورة وهو خروج الجماهير المذهل وطلب التغيير أي الحدث الذي تحقق في ميدان التحرير وبقية أنحاء مصر من جانب الشباب معززين بكتل الملايين, وهذا أيضاً نجحنا فيه, وعندما فتحت الأبواب أصبح كل شيء أمامك متاحاً لتتحقق العلامة الثالثة وهي الدخول لتحقيق هدف الثورة وهو التغيير الشامل في كل شيء, وهنا الفوز.. وهو ما يتحقق عندما تجد الثورة في نفسها جسارة دخول أبواب المستقبل وتعيد صياغته من جديد.

[*** الشأن المصري ربما يحتاج إلى مباراة من ألف شوط حتى نستطيع ان نرى الواقع ونتخيل ملامح الغد.. اسمح لنا أن نطل من نافذتك على ما يجري الآن في نقاط محددة.. بم تصف السقوط المروع للنظام الذي كنا نظنه مرعباً؟*]

- ببساطة.. النظام ارتكب الخطأ التقليدي لكل من اعتمد على العنف, عندما تجد البوليس وصل تعداده إلى مليون و240 ألف فرد ووفرت له كل الوسائل التكنولوجية وكانت النتيجة ما رأيت أن القوة المفرطة أصابت النظام السابق بوهم كبير جداً في تأثير قوته على الأرض, والقوة في كثير من الأحيان يدعوها إحساسها بنفسها إلى الاعتماد على تأثيرها أكثر من اللازم, تتواكل وتتكاسل, والناس أيضاً يكون شعورها تجاه هذه القوة مبالغاً فيه, وارجع إلى قصة جابرييل جارسيا ماركيز خريف البطريرك ولكي نعرف قيمة ما حدث في تونس, فقد كان الهيلمان موجوداً وطاغياً والكل يخشاه.. لكن الناس كسرت حاجز الخوف, كان النظام هناك يشبه النظام المصري, لكنه كان نموذجاً معملياً على نطاق أضيق.. ناس تقدمت وأزاحوا الوحش المغرور بسلطانه.. فتهاوى بسهولة, تماماً مثل البطريرك في قصة ماركيز.

بؤرة شرم الشيخ مرة أخرى!

[*** هل مازلت عند رأيك فيما يتعلق ببؤرة شرم الشيخ.. وهل تحركت هذه البؤرة لتدير ثورتها المضادة من أماكن أخرى وبأشخاص آخرين.. ومن هم؟*]

- لم أستعمل كلمة بؤرة هذه, فقد عدت لما قلته خلال لقاء تلفزيوني, ووجدت أنني استعملت كلمة موقع في الإشارة إلى شرم الشيخ 4 مرات, واستعملت كلمة مركز مرتين, بينما كلمة بؤرة استخدمتها مرة واحدة, وأنا لم أقصد أنها بؤرة قذرة أو أي شيء من هذا القبيل.. لكنه وصف جغرافي أو طبوغرافي لشكل موقع.

[*** وقتها فهمت كلمة بؤرة على أنها تشير لشيء آخر.. وهي كما قلت تتناول اتصالات تتم بينه وبين كبار المسئولين عن الحكومة وقتها, هل تعتقد أن هذا الوصف كان يشير لضغوط ما كان يفرضها الرئيس السابق قبل البدء في محاكمته؟!*]

- مجرد وجوده في شرم الشيخ في تلك الظروف كان مدعاة لظنون كثيرة, وليس هناك شك - مما ظهر فيما بعد - أنه كان هناك ظل في هذا الوجود واصل إلى القاهرة, وأريد أن أقول لك مباشرة إنني لا أعتقد أن مبارك مسئول وحده عما وصل إليه حاله, وأحياناً يبدو لي أن شعوب الشرق تفوقت في صنع الطغاة, وربما أنك لا تحب الشعر ولكني من جانبي أحبه وأريد تذكيرك ببيتين من قصيدة لشوقي قال فيهما بالضبط عن هذا الموضوع :

هم أطلقوا يده كقيصر فيهمو

حتى استهان بكل غير مباح

إن الغرور سقى الرئيس براحه

ماذا احتيالك في صريع الراح

والغريب أن شوقي كان يتحدث عن كمال أتاتورك فكيف لو كان أتيح له أن يرى قياصرة الأزمنة العربية المعاصرة؟ وأنا أعرف أن هناك حيرة فيما يتعلق بالتصرف مع الرئيس السابق ودعني أقل لك مباشرة إنني لا أعرف في تاريخ الأمم التي ثارت على حكامها, وأسقطت نظمهم بلداً تعامل مع حاكمه كما فعلنا في مصر مع الرئيس السابق حسني مبارك.

ففي كل سوابق التاريخ كان هناك قرار واضح وتصرف لا يحتمل اللبس, وربما أن بعض الظروف ساعدت على هذا اللبس عندنا, والآن فإن مراجعة سريعة يجب أن تجري, بمنطق يضع الأمور في نصابها.

في كل سوابق التاريخ جرت ثلاثة أنواع من التصرف مع الحاكم السابق :

في حالة ملوك أكبر أسر أوروبا, وحين قامت الثورات, حوكم الملوك في إطار سياسي, وحكم عليهم جميعاً, ونفذ الحكم فوراً : شارل الأول (ملك إنجلترا) حوكم أمام برلمان كرمويل وهو جالس على كرسي بجوار منصة رئاسة البرلمان, وحكم عليه, وخرج من وستمنستر إلى منصة الجلاد الذي قطع رأسه بالبلطة, ولويس السادس عشر بعد الثورة الفرنسية حوكم أمام الجمعية الوطنية, وحكم عليه, وخرج من المجلس إلى ميدان الكونكورد ووقتها كان اسمه ميدان الثورة, وهوت المقصلة مع رقبته, ونيكولاس الثاني في روسيا حوكم أمام مجلس ثورة عسكري, وأقصي بعيداً, ثم نفذ فيه حكم الإعدام, وأخفي رفاته.

وهؤلاء هم ملوك من أسر أوروبا : أسرة ستيوارت وأسرة البوربون وأسرة رومانوف.

هناك حالات جرى فيها الإعدام أو السجن الداخلي كقرار ثوري.

وهناك بلدان آثرت أن لا تعدم ولا تحاكم, وأن تكتفي بالنفي إلى خارج البلاد, ومن ذلك ما حدث في بعض ملكيات جنوب أوروبا في اليونان, وإيطاليا, وأسبانيا, أيام ألفونسو الثالث عشر, بل وحدث كذلك في مصر مع الملك فاروق.
لكننا في مصر وبعد ثورة 25 يناير تصرفنا على نحو لا هو تاريخي, ولا هو سياسي, ثورياً كان أو غير ثوري.

[*** وكيف ترى ما حدث في حالة مصر وما تفسيره؟*]

- في البداية قصد الرئيس السابق إلى شرم الشيخ حيث كان يعيش من قبل, في نفس مقر حضور سلطته, في نفس البيت, في نفس الموقع, بنفس المراسم, وحين تبين أن الرجل هناك يتحرك ويتصل ويخرج, ويلقي بظله على ما يجري في القاهرة, لم يلتفت أحد. ثم قيل إن الرجل يسافر إلى تبوك ويعود إلى شرم الشيخ, قيل سافر, وقيل لم يسافر, وطال الجدل والقلق أحياناً, ثم وقع الحسم بأنه تحت الإقامة الجبرية.

وفجأة إذا بالرجل يوجه بياناً بصوته إلى الأمة, وهو لم يوقع ورقة رسمية تفيد تنازله عن الرئاسة, وجرى تشديد القيود عليه, وقبض على ابنيه, وزاد مرضه, وأدخل إلى المستشفى حيث تحقق النيابة - كما نسمع معه.

جرائم مبارك لا يمكن أن تحققها النيابة!

يضيف الأستاذ هيكل أن التهم الموجهة إلى الرجل والتي استدعت الثورة عليه وعلى نظامه لم تكن في أخطرها, مما يمكن أن تحقق فيه النيابة, كما لو كان عملية سرقة أو اختلاس أو جريمة نصب أو قتل فالجزء الأهم فيه سياسي.

العدوان علي روح النظام الجمهوري, والبقاء في الرئاسة ثلاثين سنة, وتعديل الدستور للسماح بتوريث السلطة.

التصرف في موارد البلد وثرواته, كما لو كانت ملكاً شخصياً.

الإهمال الجسيم في قضايا لا تحتمل الإهمال, مثل قضية مياه النيل والفتنة الطائفية.

التعاون مع «إسرائيل» بما جعل أحد كبار وزرائها من أصدقائه يصفه بأنه كنز استراتيجي لها.

الأمر بتزييف إرادة الشعب في انتخابات بعد انتخابات, واستفتاءات بعد استفتاءات, مع استمرار الادعاء بالديمقراطية.

انتهاك حقوق الإنسان إلى درجة أن البلد أصبح باتفاقيات أمنية خاصة مع الولايات المتحدة مركز تعذيب لحسابها ضد من لا تسمح القوانين الأمريكية بسؤالهم, تحت نفس الظروف على أراضيها.

التواطؤ في أعمال سرية لتحقيق غايات سياسية ومالية غير مشروعة, تضر بسمعة مصر وأمنها القومي, ومكانتها وسط أمتها.

ذلك كله وغيره ليس مما تقدر عليه النيابة بقوانين سارية, فقد وضعت كلها أو رسمت في عهده وتحت سلطته, ومقصدها أن تحقق ما يريده, وتلك كلها تهم سياسية, وليست تهم قانون, والتصرف حيالها لابد أن يكون سياسياً.

محاكمة شعبية ثورية

حكم بغير انتظار, دون حاجة إلى انتقام المشانق أو المقاصل, وإنما مكان آخر يعالج فيه أو يعيش فيه, أو خروج بشروط مقبولة أولها إستعادة الأموال.

ولابد أن أعترف أنني لا أتصور أن تكون محاكمة مبارك على أساس هل كان سعر بيع الغاز لـ «إسرائيل» بالسعر العالمي أو أقل؟!!

فقد حدث فعلاً أن أحد كبار المحامين المحترمين قدم شكوى في هذا الموضوع, وجرى حفظه في أيام سابقة!!

ولا أتصور محاكمة على موضوع التصرف في الأراضي, إذا كان تصرفه فيها قد جرى وفق قانون, حتى وإن جرى تمريره بسرعة البرق في وعاء سلق القوانين بعد سلخ روح القوانين.

ولدى الكثيرين شعور قد لا يستطيع البعض تفسيره بسهولة من أن الرجل يحاسب على غير الأساس الذي يجب أن يحاسب عليه, ويكون التعويض التلقائي عن ذلك بإساءة التصرف معه, والحديث إليه بفظاظة, ثم ينقل لنا أنه أغمى عليه في أثناء التحقيق معه, وأنه كرر القول أن الله كبير.

في بعض اللحظات, وأنا رجل عرفت وتابعت وعارضت سياساته في وقتها, لم أتمالك نفسي من التعاطف مع مبارك كإنسان وكأب, وكزوج.

والثورة التي أسقطت نظام مبارك لم تجر ضد إنسان, وإنما جرت ضد سياسي جرى في عهده كل ما جرى, وكلها تصرفات سياسية, وكلها ليست مما يعالج بالإجراءات واللوائح ونصوص البند كذا, من الفقرة كذا, من القانون رقم كذا, لسنة كذا...

ما حدث كله يستوجب الحساب بسلطة السياسة, والحساب عنه لا يمكن أن يكون غير ذلك, أي بسلطة الشعب الذي قام بالثورة, وبمنطق التاريخ الذي عرفه العالم كله, خصوصاً تاريخ الثورات, وحتى بمنطق السياسة في التاريخ الإنساني بطوله.

وهناك ثلاث طرق وليس أربع :

إما عقاب مباشر (فات وقته فيما أظن)

أو محاكمة شعبية مفتوحة وإن كان ظني أن ذلك ليس وقتها, باعتبار أن البلد ليست في حاجة إلى شاغل آخر عن المستقبل, وكذلك فإنه من الممكن تأجيل مثل تلك المحاكمة, وإحالتها إلى عهدة البرلمان القادم.

وإما خروج بشروط.

[*** دائماً كنت تتكلم بتقدير عن مقام الرئاسة.. حتى وأنت تنتقد سياسات مبارك, فهل أضاع الرئيس السابق هيبة مقام الرئاسة؟!*]

- عندما تختار شخصاً لهذا المنصب.. فالاختيار هو لرئيس في مقام الرئاسة, وهنا إما أن يتصرف الرئيس خطأ فتعزله, إما بحق الثورة أو بحق القانون, فالخلل ليس في مقام الرئاسة هو دائماً محفوظ أو كذلك ينبغي والمخطئ يسيء إلى نفسه, وينبغي أن يعاقب المخطئ وفقاً لقاعدة وقانون يراعي الأمور التي تحدثنا فيها بالفعل.

دور مبارك المحدود في حرب اكتوبر

[*** بمناسبة الحديث عن مبارك.. لماذا اخترت هذا التوقيت تحديداً لتفجر قنبلة محدودية دور مبارك خلال حرب أكتوبر؟!*]

- أن يخطئ الناس فهذا محتمل, لأن تقدير المواقف وحسابها إنساني, تؤكده النتائج أو تنفيه, وأما الكذب فهو تعمد مقصود يخفي شيئاً وراءه يراد حجبه, وهذه درجة من درجات التعمد تختلف عن الخطأ, وبالقياس على حرب أكتوبر, فإنني وقد كنت شاهداً قريباً مشاركاً في العمل السياسي الذي مهد لها ورافقها فإن وقوع الثغرة كان خطأ في التقدير شديد الإزعاج, لكن حقيقته ظهرت.. لكن الحديث عن الضربة الجوية وتصويرها على النحو الذي صورت به كان كذباً صريحاً له قصد مقصود, وهو تأسيس شرعية نظام بأكمله على واقعة واحدة, خرجت بها تماماً عن إطارها الصحيح.

دعونا نتفق أولاً على الحقائق الأولية في هذه القضية التي أعتقد أنه لابد من طرحها بأكبر قدر ممكن من الموضوعية, وسوف أعرض ليس رأيي ولكن رؤيتي, لأنني ببساطة أستطيع أن أقول إنني كنت هناك على الأقل شاهداً ومتابعاً..

أولاً : أن الأداء العسكري للقوات المسلحة المصرية في حرب أكتوبر كان من أول يوم إلى آخر يوم أداء مشرفاً بأي معيار, ولقد كان هناك دور متميز في التخطيط والإعداد لابد من الاعتراف به لعدد من الضباط الكبار : الفريق محمد فوزي منذ بدأت العودة إلى الميدان بعد كارثة 1967, وكذلك لـ عبد المنعم رياض وهو راسم الخط العريض لعملية جرانيت (1) التي نفذت في 6 أكتوبر1973, وإن أطلق عليها اسم مختلف, وقد كان في العمليات دور متميز لكافة الأسلحة, خصوصاً الدفاع الجوي والمهندسين على جسور العبور, والمدفعية, ثم إن بقية الأسلحة جميعاً قامت بأدوارها بكفاءة, بما فيها بالطبع سلاح الطيران وقائده في ذلك الوقت حسني مبارك.

ثانياً : إن الخطة الأصلية للعمليات تضمنت ضربة للطيران تقوم بها مجموعة سرب أو سرب ونصف, أي ما بين 12 إلى 18 طائرة.

والسبب واضح, وهو أن مدى الطيران المصري وقتها لم يكن يسمح بعمل مؤثر خارج جزيرة سيناء, أي أن أي عمل جوي ضد «إسرائيل» في تلك المرحلة كان حتماً أن يقتصر على قوات العدو في خط بارليف, ومنطقة المضايق وراءه, إلى جانب هدفين اثنين مؤثرين أحدهما مركز اتصالات أم خشيب, والثاني مطار المليز, والملخص أن هذه أهداف يكفيها من ناحية المدى, أو من ناحية القيمة, عدد الطائرات المخصص لها في الخطة الأصلية.

وهذا وضع يختلف كثيراً عن ضربة «إسرائيل» سنة 1967, فقد طالت قواتها كل الجمهورية, ووصل مداها غرباً وشرقاً وجنوباً, بحيث وصل إلى غالبية مواقع تمركز السلاح الجوي المصري, وهو هدف الضربة الجوية «الإسرائيلية» في ذلك الوقت, وليس هناك من يستطيع أن يقول أو يدعي, إن مدى العمل الجوي المصري سنة 1973 تجاوز حدود سيناء, رغم أن سلاح الجو المصري دخل فوق «إسرائيل» قبل معركة يونية 1967, وقام بالفعل باستطلاع داخل «إسرائيل», واستطاع أن يحلق بيقين فوق مفاعل ديمونة في النقب, لكنه في سنة 1973 كانت الأوضاع على الأرض مختلفة.

ثالثاً : أن خروج قرابة 140 طائرة بعد يوم 6 أكتوبر1973 بدلاً من 12 أو 18 كما كان مقدراً في الخطة الأصلية كان فكرة طرحها الرئيس السادات كمظاهرة بقصد التأثير النفسي, وقد احتدم حولها نقاش طويل مع معظم قادة حرب أكتوبر, وضمنهم المشير أحمد إسماعيل علي القائد العام للقوات المصرية في تلك الحرب, وقد شرحت فيما قلته من قبل في الحديث التليفزيوني الذي أثرت فيه هذا الموضوع أنني حضرت مناقشة حول هذا الموضوع بين الرجلين في استراحة برج العرب قبل الحرب بشهر ونصف الشهر, وكانت هناك أيضاً السيدة جيهان السادات قرينة الرئيس السادات, كان ملخص رأي أحمد إسماعيل كما عرض :

أن الأهداف الحقيقية الموجودة أمام القوات لا تقتضي كل هذا الخروج الجوي الواسع.

أن الاستعداد في مطارات الجمهورية المختلفة لهذا الخروج الواسع سوف يتم رصده من جانب «إسرائيل», لأن الاستعداد له لابد أن يبدأ قبلها بأربع وعشرين ساعة على أقل تقدير, وهنا قد تتحرك «إسرائيل» بضربة استباقية.

أن الأوضاع على الجبهة مع تحركات المناورة تحرير رقم 23, وقد رصدتها «إسرائيل», يمكن أن تتحول إلى فعل مباشر ومفاجئ, في ظرف ساعات محدودة, وهنا تتوافر لقواته عنصر المفاجأة الكاملة, خصوصاً وأن حشد المدافع على الجبهة, وقد وصل إلى ثلاثة آلاف مدفع يمكن أن تبدأ المفاجأة بقصف مركز لمدة ربع ساعة, تفتح الثغرات في خط بارليف ووراءه.

وكان رأي الرئيس السادات :

أنه يريد أن يرد معنوياً علي ضربة «إسرائيل» سنة 1967.

ثم إنه يريد أن يسترد الطيارون ثقتهم في أنفسهم بأن تكون بداية الحرب منهم.

ثم إنه يتصور أن انطلاق موجة هجوم جوي على هذا النحو الكثيف سوف يشجع القوات المحتشدة والجاهزة للعبور على الضفة الغربية للقناة.

وكانت السيدة جيهان ولها أن تؤيد ما أقول أو تمتنع عن الشهادة, فهذا حقها - وأنا نتابع الحوار بين الرجلين, وفيما يتعلق بي شخصياً, فقد تفهمت بالعقل وجهة نظر أحمد إسماعيل, وفي نفس الوقت فقد تفهمت بالقلب وجهة نظر أنور السادات.. وتقررت الضربة حسب وجهة نظر أنور السادات, لكنه طرأ بعد ذلك شيء لا يحق لأحد أن ينساه أو يتناساه, وذلك هو أن «إسرائيل» عرفت بخبر الحرب قبلها بأكثر من ست وثلاثين ساعة.

الجاسوس الذي أبلغ «إسرائيل» بموعد حرب أكتوبر

[*** هل هذا كلام مؤكد أن «إسرائيل» دخلت الحرب وهي تعرف موعدها؟*]

- يقينا.. فقد أبلغها جاسوس كان يعمل لحسابها (ولا أتهم الآن أحداً بالذات في هذا الموضوع), لكن الذي حدث فعلاً, وما تقول به كل الوثائق السرية والتحقيقات الأمريكية و«الإسرائيلية» والأوروبية جميعاً أن «إسرائيل» أبلغت قبل المعارك بست وثلاثين ساعة, بأن يوم الحرب هو 6 أكتوبر, وأنها عملية مشتركة على جبهتين بين مصر وسوريا في نفس التوقيت, وأنها في الساعة السادسة مساء مع آخر ضوء وكان ذلك صحيحاً بالفعل حتى يوم الأربعاء 3 أكتوبر1973, ولكن تغير الموعد من السادسة إلى الثانية بعد الظهر بناء على اتفاق توصل له الفريق أحمد إسماعيل في دمشق, لحل خلاف بين القيادة في الجيشين على ساعة بدء الهجوم.

كان طلب القيادة المصرية أن يبدأ الهجوم مع آخر ضوء (في المساء) لتستعين قوات المهندسين بالظلام في بناء الجسور, بعيداً عن دقة تصويب الطيران «الإسرائيلي», وكان رأي السوريين أن يكون الهجوم بعد أول ضوء (مع الصباح), لكي تستفيد المدرعات الزاحفة على مرتفعات الجولان من ضوء الشمس, وبحيث يكون هذا الضوء أمام القوات «الإسرائيلية», كما أن ذلك يجعل القوات تكسب نهاراً كاملاً.

وتقدم الرئيس حافظ الأسد باقتراح وسط هو الساعة الثانية باكراً بعد الظهر, ليعطي للقوات السورية فسحة من شمس النهار, ويعطي للقوات المصرية غطاء الليل الذي تريده في أسرع فرصة بعد قصف المدفعية, وقد فكرت «إسرائيل» بعد أن علمت بالسر : موعد الهجوم وأنه على جبهتين وأن البداية بالطيران في ضربة إجهاضية, لكنها غيرت رأيها, فقد قدرت تؤيدها نصيحة أمريكية أنها تستطيع تحمل ضربة أولى ثم ترد عليها, بدلاً من أن تبدأ هي بالهجوم, وتفقد موقفها السياسي كله, لأنه سوف يبدو للعالم كله عدوان حرب بعد عدوان احتلال.

ومن الطبيعي لأي عقل أن «إسرائيل» وقد اختارت أن تترك الضربة الأولى للقوات المصرية, سارعت إلى تقليل خسائرها بإجراءات وقائية, أولها سحب سرب الطائرات الذي كان يتمركز في مطار المليز المستهدف مصرياً, وكذلك إخلاء مركز اتصالات أم خشيب من أي معدات لها قيمة فيه, إلى جانب لجوء لواء المدرعات الذي كان يرابط في المضايق وراء خط بارليف إلى مواقع دفاعية ملائمة, وهنا فإن قيام قوات الصاعقة المصرية بقيادة الشهيد إبراهيم الرفاعي بتخريب مواسير النابالم التي كان مقرراً في الخطة «الإسرائيلية» فتحها إلى قناة السويس لتحويلها إلى جدار من النار كانت حاسمة في تأمين العبور حتى بعد أن عرفت «إسرائيل» بسر الهجوم, وكذلك وقعت مفاجأة اقتحام تحصينات خط بارليف, وكانت شديدة التنظيم والكفاءة, ومعنى ذلك في النهاية, وبالنسبة لـ الضربة الجوية الأولى, فإن الهجوم المقرر على أهداف في سيناء, لم يجد في هذه الأهداف ما كان مأمولاً فيه, وفي الواقع فقد تحولت هذه الضربة إلى مظاهرة جوية نفسية, لها قيمة معنوية على القوات المستعدة للعبور, وهذه حدودها, وليس في ذلك تقليل من أهمية هذه الضربة من ناحية التخطيط والتنفيذ, وليس هناك تقليل من دور مبارك كقائد للطيران في أثناء حرب أكتوبر, لكن هذه قضية, واختزال حرب أكتوبر كلها في هذه الضربة, والتأسيس عليها لشرعية نظام كامل على أساسها قضية أخرى مختلفة!! وهنا كان موضع اعتراضي على شرعية الضربة الجوية, فهي عمل عسكري له هدف نفسي, وذلك حق ومشروع, ولكن أن تخرج العملية عن حدودها, فتلك ضلالة, استعمل فيها الحق خارج حدوده وبعيداً عن نطاقه, وصميم المشكلة عندنا أن بعضنا لا يبحث ولا يدقق, ويصدر الأحكام مطلقة على الأساس الخطابي, أو الانطباعات السطحية, ثم يقول قائل أن هيكل يريد تصفية حسابات شخصية, ولا أعرف أية حسابات أصفيها؟! ولا مع من؟! وما الداعي إليه؟!.

[*** ربما بسبب معارضتك للرئيس السادات في سياساته بعد حرب أكتوبر, كما إن معارضتك للرئيس السابق مبارك بدأت بعد سنة واحدة من نظامه السابق؟!*]

- صحيح.. لكن معارضتي لم تكن شخصية, ولا هي حساب مطلوب تصفيته, لكنها محاولة صحفي يؤدي واجبه, وقد أتاحت له الظروف أن يرى صورة ما جرى, ويطلع على جانب من تفاصيل ما يجري, وكتابته وقوله على مسئوليته أمام قرائه أو سامعيه, أضيف أيضاً أن أمور هذا البلد لا يمكن أن تستقيم إلا بظهور كل الحقيقة في حروب مصر, وفي سلامها, وفي الارتباطات والالتزامات الدولية التي وقعت بالتحديد بعد أكتوبر 1973.

أسرار إغتيال بن لادن

[*** هل ما يجري في العالم هذه الأيام بعيداً عن مشهد الرئيس الأمريكي باراك اوباما وهو يعلن عن نجاحه في القضاء على أسامة بن لادن كيف قرأت الخبر؟.. وما أكثر ما لفت انتباهك بين السطور؟ هل يكون اغتيال بن لادن هو القشة التي يتعلق بها اوباما في الانتخابات القادمة.. أم يجوز أن يكون القشة التي تقسم ظهره إذا قررت القاعدة الانتقام؟*]

- موضوع قتل أسامة بن لادن موضوع مهم, وهو يستحق التدقيق فيه بأكثر من أنه مجرد عملية تليفزيونية على طريقة مغامرات رامبو وعضلاته الفولاذية, هي موضوع يستحق أن يدرس بعناية, وأن تتابع آثاره وتداعياته, لأنها مهمة, وبادئ ذي بدء.. أريد أن أحدد أنني لست متعاطفاً مع الرجل, ولا قابلاً من الأساس لفكره, ولا مقتنعاً بسلامة مواقفه, لكن قصة الرجل في الحقيقة هي مأساة أمة, جرت خديعتها, وجرى سحبها بعيداً عن مقاصدها, وجرى استعمالها في حروب الآخرين, ثم جرى استخدامها في التشهير بدينها, ثم وقع قتلها بدم بارد بواسطة هؤلاء الذي خدعوها واستعملوها واستغلوها, وقبل أن أعرض رأيي في قتل بن لادن فقد تصادف أنني كنت في لندن وباريس في أعقاب اغتياله, وسمعت الكثير من التفاصيل مما أظنه معلومات صحيحة, وهذا قصارى ما يسأل عنه الصحفي, فالصحفي الذي يستقصي عليه أن يعرض ما هو صحيح, بمعنى ما سمع وما رأى وما وثق فيه من ثقته في مصادره, لكن الحقيقة الكاملة موضوع آخر يملكه التاريخ على المدى الطويل.

إنني أسمح لنفسي أولاً أن أقول أن الولايات المتحدة قتلت رجلاً كانت تعرف أنه على حافة الموت, من فشل في الكلى, وقد بدأت إصابته بمشكلة حصاوي ملأت إحداهما, وأجريت له عملية جراحية في مستشفى سعودي أزالت واستأصلت واحدة منها, وكان ذلك في سنوات سابقة عندما كان مازال مواطناً سعودياً مرضياً عنه, مقاولاً من أسرة مقاولين تعمل بنجاح في المملكة العربية السعودية, وفيما حولها من البلدان, بعيداً وقريباً, وكان لهذه الأسرة نشاط مقاولات في أفغانستان, وعندما بدأت معركة ما يسمى بالجهاد الإسلامي ضد الوجود السوفيتي في أفغانستان, ودخلت السعودية بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية لتمويل وتسليح ما سمي وقتها بـ المجاهدين ضد الإلحاد الشيوعي, وتبعتها بلدان عربية أخرى وكانت المخابرات المركزية الأمريكية, والمخابرات السعودية تشرفان معاً على عملية الجهاد الإسلامي ضد الإلحاد الشيوعي, ودخل بن لادن إلى الصورة من ناحية أن المخابرات السعودية طلبت إليه باعتباره مقاولاً أن يكون غطاء لدفع الأموال لمعركة ما سمي بـ الجهاد الإسلامي, وتتلمذ على يد الشيخ عبد الله عزام وأصبح مقره في بيشاور عاصمة الإقليم الشمالي الغربي من باكستان, وجرى تجنيد آلاف من خيرة شباب العرب والمسلمين تحت شعار هذا الـ الجهاد الإسلامي, وحين خرج الاتحاد السوفيتي من أفغانستان, انسحبت المخابرات المركزية الأمريكية من عملية الجهاد الإسلامي, وأرادت المخابرات السعودية أن تنسحب, لكن بن لادن ومعه كثيرون من جماعته, وقد أحسوا بالخديعة بعد اقتناعهم بفكرة الجهاد الإسلامي, راحوا للقتال ضد الشرك هذه المرة, وليس ضد الإلحاد, وحولوا أسلحتهم ربما بالانتقام أو بالاقتناع, إلى القوات الأمريكية التي غزت أفغانستان عسكرياً, رداً على تمركز تنظيم القاعدة في أفغانستان, متحالفاً مع حكومة طالبان, وكانت القاعدة في التقدير الأمريكي هي المسئول الأول عن كارثة 11 سبتمبر2001, بكل ما حدث من دخول طائرتين في برجي التجارة في نيويورك, وثلاث طائرات آخرى فوق أهداف أخرى في عملية من أغرب العمليات الإرهابية في التاريخ الحديث (وتلك قصة مازالت موضع جدل شديد, وأساطير وحكايات بلا نهاية).

حدث بعد ذلك أن أسامة بن لادن أصيب بالتهاب في كليته الثانية, وعندما جرت مطاردته وهربه من جبال تورا بورا كان قد بدأ يعاني من أعراض التهاب كلوي جديد يؤدي إلى فشل كلوي, وتحمل الرجل آلامه, حتى تمكن من الوصول إلى مكان آمن بعيداً عن تورا بورا, وقد رآه أطباء عسكريون من المخابرات الباكستانية I.S.I, ورأوا أن الفشل الكلوي وقع بالفعل, وقرروا حاجته إلى غسيل كلوي Dialysis بانتظام, وإلا أودى المرض بحياته, وسنة 2004 بدأ البحث جدياً عن ملجأ مأمون له, بعيداً عن مواقع القاعدة في الجبال, وفي الحقيقة فإن تنظيم القاعدة كان قد تبعثر, وفقد عموده الفقري, وأصبح بسبب الحرب ضد «الإرهاب» عنواناً للتخويف أكثر من تهديد جدي, كما أن عناصر متعددة في بلدان كثيرة وجدت اسم القاعدة علامة شهيرة تنسب نفسها إليه, وبينما كان زعيم القاعدة يعاني من مرضه, كان تنظيم القاعدة قد تحول إلى اسم شهرة في حرب نفسية, أذيعت فيها الأشرطة المسجلة على الفضائيات بأكثر مما جرت فيها عمليات جهادية أو انتحارية أو «إرهابية», فكل له الحق أن يسمي أعماله كيفما شاء!! وفي سنة 2004 أيضاً بدأ بحث بن لادن في باكستان عن مأوى له, وكان الكثير من ذلك بمعرفة ومساعدة عناصر من المخابرات الباكستانية (I.S.I), راحوا معه يبحثون عن مقر مأمون بعيد, يمكن علاجه فيه, وعلى أي حال فقد أمكن العثور على قطعة أرض في محيط منطقة آبوت آباد, قرب الكلية الحربية الوطنية العليا للجيش الباكستاني, وفي متناول رعاية أحد مستشفياتها, لكن المطاردات الأمريكية فرضت على الباكستانيين قدراً من الحذر في التعامل مع بن لادن, وإن بقي بعض كبار ضباط المخابرات ملتزمين بالواجب!! تجاه سلامته, وعلى أي حال, فإن الطبيب العسكري الباكستاني الذي كان يعالج بن لادن طلب إعفاءه, وفي ذلك الوقت أوائل 2005 راحت الزوجة الثالثة لـ بن لادن, واسمها السيدة نجوى تبحث عن طبيب مسلم, مستعد للإقتناع بالعقيدة, لكي يقيم مع أسامة (بن لادن), ويشرف على عملية علاجه, واتصلت سراً بالفعل بأحد الأطباء في لبنان, وبواحد في الأردن, وثالث في سوريا, لكنها لم توفق في مهمتها, وكانت حالة زوجها تسوء, وإن بقي متماسكاً!! ومع سنة 2007, وصلت حالة بن لادن عند حد الخطر, واقتضى العلاج أن يجرى له غسيل الكلية مرتين في الأسبوع تحت درجة ما من الرعاية الطبية, حتى وإن كانت بدائية, وبواسطة جهاز منقول لهذا الغرض, جرى شراؤه من كاراتشي, ووضع في غرفة مجاورة لغرفة نومه, خصوصاً وأن أعراض غسيل الكلى كانت ترهقه, بأكثر مما كانت ترهق غيره من المرضى, لأن حياة الجبال استهلكت عافيته, وكانت أبرز الأعراض حالة من الإرهاق والدوار تعتريه طوال يوم غسيل كليته, يلتزم بها فراشه مغمضاً عينيه وصامتاً.

4 أسباب دفعت أمريكا لقتل بن لادن قبل أن يموت

ويقول الأستاذ هيكل أنه منذ يونيو سنة 2010 استطاعت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بوسائلها, وبتعاون مع عناصر باكستانية أن ترصد البيت الذي بني للرجل من سنة 2005, في الموقع الذي اختير له وبالمواصفات المطلوبة قرب آبوت آباد, وفي صيف عام 2010, تمكنت المخابرات المركزية من العثور على دور بأكمله في بيت قريب من المنطقة, يستطيع من بعيد رصد ما يجري في بيت بن لادن, ومن وقتها أصبح كل ما يجري داخل البيت, بما فيها غسيل الكلى مرتين كل أسبوع معروفاً بدقة, في مركز المراقبة الأمريكي, وفيما سمعت في الأيام القليلة الماضية فإن ما قيل عن اعترافات أعوان بن لادن, المعتقلين في جوانتانامو, دلوا على مكانه, وعينوا رسولاً له, ينقل عنه الأوامر, وينقل إليه المعلومات كان غطاء بولغ فيه مع أن أصله صحيح, وفي الأسابيع الأخيرة كانت حالة بن لادن تتدهور بسرعة, والإحساس العام أن الرجل في أيامه الأخيرة, وأنه على الأرجح سوف يموت طبيعياً بمرضه خلال ثلاثة أشهر أو أربعة, وهنا لم يعد هناك مجال للانتظار, خصوصاً وأن هناك خططاً أخرى أكبر من شخص بن لادن, وما آل إليه حال القاعدة, وأهم مما وصلت إليه من شتات.

كانت لدى واشنطن عند اتخاذ قرار قتل بن لادن أهداف وخطط أخرى :

1- أن شعبية الرئيس أوباما تتدنى, وموسم الانتخابات يقترب, والرئيس يريد مدة رئاسة ثانية, وهناك مخاوف من أن يرشح حزبه شخصاً غيره للرئاسة, إذا بدت فرص أوباما ضعيفة في نوفمبر سنة 2012, وكان هناك لغط كثير عن احتمال ترشيح هيلاري كلينتون للرئاسة, خصوصاً وقد زادت شعبيتها في استطلاعات الرأي العام عن شعبية الرئيس, كما أن الحزب الجمهوري بدأ يفكر في مرشح جديد وقادر, وجرى التفكير في الجنرال دافيد بترايوس, قائد الحرب في أفغانستان, ليكون مرشح الحزب, وهو جنرال يملك شعبية كبيرة سياسية, كما هي عسكرية.

2- كان الموقف الأمريكي يسوء, وكانت ميزانية الدفاع الأمريكي هي المجال الأكبر لأي تخفيضات ضرورية في الإنفاق, الذي شكل تضخمه عبئاً كبيراً على الاقتصاد الأمريكي, وأبرز بند في التضخم هو تكاليف الحرب في أفغانستان, أكثر من تريليون دولار وأصبح اختصار تكاليفها مطلوباً لإمكان ضبط وربط اقتصادي, أصبحت ضرورية وعاجلة, ولكن خلق مناسبة ملائمة لانسحاب كامل أو جزئي مؤثر من أفغانستان معضلة تتطلب حلاً ذكياً, تمهيداً لانسحاب في الصيف, يجعل تخفيض اعتمادات الحرب مقبولاً في الكونجرس, وكذلك لدى الرأي العام, وكانت تلك معضلة خصوصاً إذا اقترن ذلك بعملية انسحاب من العراق, تختصر القوات الموجودة فيه (لحماية مصالح النفط وامتيازاته) من تسعين ألف جندي إلى ثلاثين ألفاً فقط.

3- وإذا كانت هناك ضرورة انتخابية ملحة للرئيس أوباما, وشروط شعبية لابد من توافرها, واختصار في نفقات الحرب لا مناص منه إذن فإن عملية قتل بن لادن فوراً قد تلبي كل هذه المطالب, ترفع شعبية الرئيس, وقد رفعتها فعلاً من نسبة 44% إلى 56%, وتسمح بانسحاب كلي أو جزئي من أفغانستان له غطاء نسبي يكفي وزيادة.

4- وهكذا صدر القرار بقتل بارد لرجل يموت بالفعل, لكن قتله في هذه اللحظة بالذات بدا مطلوباً عاجلاً, قبل أن يسبق الموت إليه, وحتى يحقق القتل أهدافه المرجوة, وهكذا جرت عملية الهجوم على البيت الذي يعيش فيه بن لادن, تحت ظروف بائسة.

[*** هل لديك تفاصيل أكثر عن عملية الاغتيال ذاتها؟!*]

- كان الرجل ليلتها مرهقاً بمرضه, وكان نائماً في فراشه, ووصلت القوة المهاجمة إلى حيث يرقد بعد ثلاث عشرة دقيقة من نزول أول قوات بالهليوكوبتر, والرجل ليس منتبهاً, ومعه زوجته الرابعة التي تعيش معه, السيدة أمل السادة وهي يمنية, وحين هم هو في فراشه, وقد أحس أخيراً بضجة ما يجري حوله, عاجلته طلقات من نوع الدم الدم المعروف بـ Hollowpoint, وميزة هذه الطلقات أنها لا تسبب قوة ارتداد في السلاح الذي يطلقها, فجميعها تنفذ إلى هدفها, وتنفجر داخله, وتدمر بالكامل ما حولها, وهكذا فإن رأس الرجل تحول إلى شظايا وتناثرت خلايا مخه, مخضبة بالدم وهو يهم من فراشه, وقبل أن يدرك إدراكاً كاملاً حقيقة ما جرى, ثم تم بعدها نقل كل ورقة وأسطوانة مدمجة ومسجلة في البيت مع المهاجمين الذين حملوا معهم بالمرة جثة بن لادن, وهذه هي القصة, وهي قصة مليئة بالعبر والدروس, وهي في كل الأحوال, ومن الأول إلى الآخر سياسات انتخابية وسياسية ومالية, لكنه يمكن بعدها للرئيس أوباما أن يعلن أن الحرب على «الإرهاب» حققت انتصارها, والحقيقة أن «الإرهاب» كان قد عجز عن تحقيق أي هدف له قيمة, ومنذ زمن طويل, لأن «الإرهاب» فعل عقيم مهما كانت عملياته مثيرة!!

[***** أجرى الحوار : لبيب السباعي - رئيس مجلس إدارة صحيفة «الأهرام».*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165859

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165859 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010