الاثنين 16 أيار (مايو) 2011

غزّة تخرق الجدار وتوجّه البوصلة نحو الاحتلال

الاثنين 16 أيار (مايو) 2011

حشدت غزّة أمس لمهرجانين رئيسيين، دون أن يكون مكانهما ساحة الجندي المجهول، أو ميدان فلسطين، وسط مدينة غزّة كما جرت العادة، بل هذه المرّة كانا في أقصى شمال القطاع وجنوبه، أمام معبري بيت حانون (ايريز) ورفح. مهرجان الشمال كانت رسالته أن البوصلة عادت ليكون اتجاهها نحو الاحتلال. على بعد أقل من 500 متر من الجدار الفاصل، نصبت فصائل العمل الوطني والإسلامي منصّة المهرجان. قادة حركتي «فتح» و«حماس» والفصائل الفلسطينية الأخرى تراصّوا بجوار بعضهم بعضاً. ألقى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، زكريا الآغا، كلمة دائرة شؤون اللاجئين في المنظمة، فيما ألقى القيادي الحمساوي إسماعيل رضوان كلمة موحّدة لفصائل العمل الوطني والإسلامي. وشدّد رضوان على حق الشعب الفلسطيني «في المقاومة بكل أشكالها حتى نهاية الاحتلال»، مؤكّداً أن «حق العودة للاجئين حقّ مقدس لا تراجع عنه».

وبينما كان المهرجان يشارف على الانتهاء تدافع مئات الشبّان نحو الجدار الفاصل على الحدود، كاسرين الحاجز البشري المتمثل بعناصر أمن الحكومة المقالة، الذين حاولوا منع الاشتباك مع جنود الاحتلال عبثاً. وقع الاشتباك، وألقى الشبان الحجارة على أبراج المراقبة العسكرية، فردّت المدفعية «الإسرائيلية» بإطلاق 4 قذائف، ما أدّى إلى إصابة أكثر من 15 شاباً بإصابات متنوعة جراء تطاير الشظايا.

القصف «الإسرائيلي» لم يوقف الزحف. واصل الشبان تقدّمهم، فيما أخذ القناصة المتمركزون على أبراج المراقبة يطلقون الرصاص الحي على رؤوسهم وصدورهم، لترتفع الحصيلة إلى أكثر من 90 مصاباً، بحسب ما أفاد المتحدث باسم اللجنة العليا للإسعاف والطوارئ أدهم أبو سلمية. من بين الجرحى صحفيان هما محمد عثمان (20 عاماً)، وحسين كرسوع (28 عاماً). أُصيب أحدهما بشظية في الصدر، والآخر في قدمه.

بدورها، استنكرت وزارة الصحة في الحكومة المقالة الاستهداف المتعمّد من جانب قوات الاحتلال للأطفال الذين كانوا في المكان، فيما أشارت حصيلة أولية إلى أن عدد الأطفال المصابين تجاوز 25. وفي وقت لاحق، التحق بالمكان عشرات المتضامنين الأجانب، الذين حاولوا أن يجعلوا من أجسادهم دروعاً بشرية لحماية الفلسطينيين من إطلاق النار العشوائي. وبدا المتضامن الإيطالي ماورو متحمّساً للغاية وهو يهتف مع رفاقه «Free Free Palestine» أثناء تقدّمهم شيئاً فشيئاً إلى منطقة الاشتباك، مؤكّداً عدم تفاجئه بإطلاق «الإسرائيليين» النار على المسيرة السلمية.

وعلى الحدود الشرقيّة لمدينة خان يونس جنوب القطاع، خرجت مسيرة نحو المنطقة العازلة. المسيرة كانت عفوية ولم يكن مخططاً لها ضمن برنامج الفصائل لإحياء الفعاليات. رفع عشرات الشبّان الرايات الفلسطينية، وتقدّموا قليلاً قبل أن يطلق عليهم جنود الاحتلال الرصاص الحيّ، ما أدّى إلى استشهاد شاب فلسطيني.

أما في جنوب القطاع، فقد توجّه عشرات الآلاف من جماهير محافظتي خان يونس ورفح، نحو معبر رفح، حيث مكان المهرجان الثاني المتزامن مع الأول. وردّد المشاركون في المسيرة شعارات تطالب بحق العودة، ولم يرفعوا سوى العلم الفلسطيني. مهرجان الجنوب لم ينل زخمه الذي كان متوقعاً باستقباله آلاف المصريين القادمين من الجانب المصري للمعبر، بسبب الإجراءات الأمنية المصريّة المكثفة منذ أيام، التي حالت دون وصولهم.

رغم ذلك، هتفت الجموع الغفيرة شعارات التأييد والنصرة للشعب المصري وثورة «25 يناير» المظفّرة، على مرأى ومسمع من الجنود المصريين. وكانت الشرطة الفلسطينية قد عزّزت وجودها على الحدود مع مصر منذ ليلة أول من أمس، في الوقت نفسه الذي دفع فيه الجيش المصري بتعزيزات مكثفة، لمنع أيّ محاولة لاختراق الحدود من الجانب الفلسطيني، كما ألغت سلطات الأمن في مطار القاهرة نقل حوالى 150 فلسطينياً من أهالي غزّة إلى معبر رفح البرّي؛ بسبب الإجراءات المشدّدة في شبه جزيرة سيناء.

بدورها، رأت حركة «حماس» في أحداث الأمس، داخل فلسطين وعلى حدودها، «نقطة تحوّل» في تاريخ الصراع العربي «الإسرائيلي»، ودليلاً على أنّ الشعب الفلسطيني لن يتراجع عن حقّه في العودة مهما كلّف ذلك من ثمن. ودعت الحركة إلى تنظيم حملة إدانة دولية للجرائم «الإسرائيلية» التي ارتُكبت ضدّ المدنيين، محمّلةً الاحتلال المسؤولية الكاملة عنها.

وقال المتحدث الحمساوي طاهر النونو إن الاعتداء «الإسرائيلي» «على المتظاهرين دليل ارتباك وقلق عميق» من جانب الاحتلال إزاء أي «حراك شعبي يمكن أن تقوم به جموع الشعب الفلسطيني». ورأى أن الحشود التي خرجت في فلسطين ومصر وسوريا ولبنان واثقة بـ «قرب تحقيق الوعد الإلهي بالنصر والتمكين».

وفي المساء، تداعت الفصائل إلى اجتماع عاجل بدعوة من حركتي الجهاد الإسلامي و«حماس» لتدارس تطورات العدوان «الإسرائيلي» الذي استُشهد على أثره أكثر من 10 فلسطينيين، في سوريا ولبنان وغزة.

وكان رئيس الحكومة المقالة في «حماس» إسماعيل هنية قد قال في كلمة له بعدما أمّ صلاة الفجر في المسجد العمري الكبير وسط مدينة غزة، إن «الوعي الفلسطيني والتمسك بالثوابت وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين أسقط اتفاقية جنيف». وشدد على «إنجاح وتطبيق اتفاق المصالحة».

- **صحيفة «الأخبار» اللبنانية



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 5 / 2178511

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178511 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40