الأربعاء 25 أيار (مايو) 2011

حلم الهندي الفلسطيني الأحمر

الأربعاء 25 أيار (مايو) 2011 par يوسف أبو لوز

كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما يتحدث قبل يومين عن الحلم الأمريكي في «كوليج غرين» في دبلن أمام الشعب الايرلندي الذي يجيد اللغة الإنجليزية أكثر من أجداده وأكثر من أجداد أوباما الذي كان يرتجل خطاباً يعود في أحد مرجعياته إلى الجذور، والجذور، رواية وفيلماً، تبدو شريطاً سريعاً في الخطابة، فكلام أوباما كان يأخذ طابعاً قصصياً ممزوجاً بشيء من الذكريات، الأمر الذي دعا إلى التصفيق ورسم الابتسامات على وجوه رجال ونساء في كامل هدوئهم النفسي، طبقاً للهدوء النفسي العام الذي يسود العالم في هذه الأيام، سوى ما يعكره في شمال إفريقيا والمنطقة التي يطلق عليها «الشرق الأوسط».

الحلم الأمريكي هادئ هو الآخر، ولا يحتاج إلى تمهيد أو أية كاريزما خطابية، لكن من يصغي فقط وليس من يدقق في لغة الخطيب الأنيق يرى أنه ليس فوق رأسه أية ريشة، ولكي يكتمل الحلم لا بد من استعادة تاريخ الهنود الحمر أولئك الذين سقطت مشيمات دمائهم في أمريكا، وكانوا قبل ظهور اللغة الإنجليزية في أمريكا رجال الشعر والموسيقا والمحبة.

ليس أسوأ من حلم يقام على أنقاض حلم حتى لو كان ذلك يحدث في الخيال وعند الشعراء، فالإمبراطوريات التي تنهض على الأطلال .. مآلها إلى الأطلال.

كان حلم الهندي الأحمر قبل مئات السنوات محدوداً في حيزه الأرضي الذي يبدو رومانسياً وفي أقصى درجات الرومانسية .. هذه التي لم تنفعه من حيث هو كائن بشري، ولذلك انقرض سكان أمريكا الأصليون، وأصبحوا شكلاً سينمائياً متداولاً في الأفلام الهوليودية التي تؤكد التضامن مع ذاكرة الإنسان وتاريخه سواء أكان هندياً أحمر، أم كان فيتنامياً أم يابانياً يحتسي شوربة الأرز مع دمه ودموعه.

الفلسطيني أيضاً، وعبر أكثر من ستين عاماً أصبح هو الآخر هندياً ولكنه هذه المرة هندي رمادي، فلا هو أسود ولا هو أبيض .. لا هو أحمر ولا هو أخضر .. أما حلمه الذي يتمثل في دولة ووطن وجغرافيا صغيرة مملوءة بالشعر والحياة، فهي جغرافيا بلا حدود.

الأحلام، سواء أكانت أمريكية أم بلا تحديد، هي حقاً أحلام بلا حدود .. والإمبراطوريات التي لا حدود لها هي الأكثر قابلية للشيخوخة والموت قبل الأوان.

متى يكف العالم عن الحلم، ويهبط إلى أرض الواقع حيث الحرية في الشوارع وفي الساحات العامة، وحيث الحلم يشرب، أيضاً، في انخاب من الكريستال تسيل على حوافها قطرات حمراء من الدم .. ومن الدموع.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2181720

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2181720 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40