الجمعة 27 أيار (مايو) 2011
الدورة الثانية والعشرون للمؤتمر القومي العربي

صمود تجربة حوارية عربية

الجمعة 27 أيار (مايو) 2011 par معن بشور

مع انعقاد الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر القومي العربي يومي 26 و27 أيار 2011 في بيروت بحضور حوالى 200 شخصية عربية، وفي محاولة فهم الأسباب الكامنة وراء استمرار هذه التجربة الحوارية على مستوى الوطن العربي، رغم كل ما شهدته المنطقة من عواصف وأعاصير وزلازل، لا بد من الإشارة إلى جملة قواعد قام المؤتمر على أساسها، ومكنّته من التجدد المستمر وجذب مفكرين ومثقفين ومناضلين من كل تيارات النهوض في الأمة، بحيث تجد لجنته التنفيذية كل عام حرجاً في اختيار أعضاء جدد من ضمن لائحة تضم أعداداً كبيرة من المرشحين لعضوية المؤتمر، يمثلون مختلف ألوان الطيف الفكري والسياسي والحزبي والثقافي والاجتماعي في الأمة.

[**1-*] إن المؤتمر قام على أساس مشروع نهضوي عربي تلاقت في صياغته ومناقشته أعداد واسعة من مفكرين ومثقفين ومناضلين ينتمون إلى تيارات الأمة ومشاربها الفكرية والشبابية، وقد حدد المشروع جملة أهداف يسعى إليها وهي الوحدة والديموقراطية والاستقلال الوطني والقومي والعدالة الاجتماعية والتنمية المستقلة والتجدد الحضاري، وشدد على رفض المقايضة بين هذه الأهداف أو إسقاط احدها لصالح آخر، مؤكداً أن كل خطوة على طريق تحقيق احد هذه الأهداف هي خطوة على طريق تحقيق سائر الأهداف. وهكذا تجنب المؤتمر منزلقات وقعت بها تجارب سابقة حين أهملت، بحجة تحقيق هذا الهدف أو ذلك، جملة الأهداف القومية الأخرى.

[**2-*] إن المؤتمر اعتبر نفسه إطارا للحوار والتشاور بين أعضائه، فما يتفقون عليه يعلنونه في بيانهم السنوي للأمة، وما يختلفون حوله يتركونه لجولات أخرى من الحوار. وانطلاقاً من هذا التعريف لنفسه ودوره، نأى المؤتمر أن يزج بنفسه في قضايا يختلف عليها أعضاؤه، كما نأى بآلياته أن يكون ساحة تناحر أو تنافر بين أراء أو تيارات لكل ما يقوده مثل هذا التناحر والتنافر إلى انقسامات أو انشقاقات، فليقل كل عضو رأيه وليخرج المجتمعون بما يقع الإجماع عليه.

[**3-*] إن هذا المؤتمر كان يتعامل مع كل الأزمات التي مرّت بها الأمة من خلال نظرة متكاملة، وأحياناً مركبة، فهو يسعى لرؤية المشهد من كل جوانبه مما يؤدي ببعض المستعجلين من داخله أو خارجه إلى إصدار الأحكام بحقه متهمين إياه بالشيء وعكسه أحيانا، فيما تثبت الأيام سلامة المنهجية المعتمدة من قبل المؤتمر. فالمؤتمر لا يساوم مثلاً، في قضية الحروب الاستعمارية والتدخلات الأجنبية في قضايا الأمة، ولكنه في الوقت ذاته يدعو إلى إغلاق كل الثغرات الداخلية التي تنفذ منها هذه التدخلات والحروب عبر تحصين للأقطار والمجتمعات المستهدفة بالحرية والإصلاح والتغيير والديموقراطية والمشاركة ومكافحة الفساد. إزاء هذا الموقف المتفاعل والمركب كان المؤتمر، وما يزال، يواجه من بعض المغرضين تهمة السكوت عن الاستبداد والفساد لأنه يحذر من مخاطر التدخلات الأجنبية، كما يواجه بالمقابل، من قبل بعض المتملقين، تهمة السكوت عن المؤامرة الخارجية لأنه ينتصر للمطالب المشروعة لأبناء الشعب.

[**4-*] وازدادت فعالية الاحتضان للمقاومة حين نجح المؤتمر في التلاقي مع مؤتمرات شقيقة كالمؤتمر القومي/الإسلامي والمؤتمر العام للأحزاب العربية، ومع اتحادات ومراكز ومؤسسات عربية، ومع شخصيات وهيئات دولية في اطلاق حركة عالمية واسعة رأى الاحتلال الصهيوني فيها، وفي رموزها، حركة لنزع الشرعية الدولية عن كيانه الغاصب، فدعا إلى ملاحقتها كحركة ومطاردتهم كرموز، فيما صب المحتل الأميركي وملحقاته في العراق جام غضبهم على المؤتمر ورموزه لما اعتبروه قيامه بدور فاعل في فضح الاحتلال وجرائمه، وفي دعم المقاومة ومساندتها في السعي لتوحيد روافدها في كل الميادين.

[**5-*] إن هذا المؤتمر اهتم منذ انطلاقه بالجانب الفكري والثقافي من عمله إلى درجة أن الأمر اختلط على البعض فظن إنه ندوة فكرية سنوية فيما هو بالتأكيد ليس كذلك، وإن كان يحرص على أن يستفيد من جهد كل ندوة فكرية أو منتدى ثقافي أو مركز بحثي. ولقد تجسد هذا الاهتمام بالمسألة الفكرية الثقافية منذ البداية بالعلاقة الخاصة بين المؤتمر ومركز دراسات الوحدة العربية، ثم بالعلاقة الثقافية بين المؤتمر ومنتديات ومراكز دراسات وأبحاث تم تأسيسها بعد قيام المؤتمر، ثم ثالثاً بإصرار المؤتمر أن يناقش في كل دورة من دوراته حال الأمة على خلفية تقرير أعده باحثون وأكاديميون بارزون، بالإضافة إلى ورقة متخصصة حول قضية خاصة من قضايا الأمة وموضوعها في هذه الدورة «الحراك الشعبي العربي واقعه والآفاق».

[**6-*] ان المؤتمر قد حرص منذ البداية لإعطاء قضايا بالغة الاهمية بالنسبة للأمة اهتماماً خاصا فكانت قضايا الامن القومي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والديموقراطية وحقوق الانسان تحتل جانباً مهماً من دراساته ومناقشاته وتوصياته، كما أولى المؤتمر حيزاً هاماً في تقريره وبيانه السنوي بعلاقات العرب بدول الجوار الحضاري والعالم، رافضاً منطق العداء المطلق مع أمم تربطها بأمتنا وشائج حضارية واستراتيجية هامة، كما رفض منطق التبعية والالتحاق تحت أي ذريعة كانت لأنه يؤمن بأن العلاقة بين العرب وأمم الجوار الحضاري يجب ان تقوم على التنسيق والتعاون والمصارحة والاحترام المتبادل للمصالح المشتركة وللسيادة الوطنية والقومية.

[**7-*] حرص المؤتمر على استقلالية مواقفه وموارده. فبعد 22 سنة من تأسيسه لا تستطيع دولة أو نظام أو جهة أن تدّعي أنها ساهمت في تمويل المؤتمر أو تقديم دعم مالي له، وهو أمر أبقى المؤتمر فقيرا في إمكاناته إلى درجة يصعب تصديقها، كما أبقاه غنياً في مكانته وسمعته. ومما دعم من استقلالية المؤتمر أيضاً هو انه رسم لعلاقته مع الواقع الرسمي العربي حدوداً موضوعية واضحة، فهو يؤيد ما يراه ايجابياً في موقف أو آخر، ويعترض بالمقابل على ما يراه سلبياً في هذا الأداء أو ذاك، معتمداً في أدائه كله على الحوار حيث يمكن الحوار، وعلى إعلان المواقف المبدئية في كل الحالات. ولقد شهدت لقاءات امانة المؤتمر مع عدد من كبار المسؤولين العرب درجة عالية من المصارحة والمكاشفة والتأكيد على ان الاصلاح والحرية والتعددية هي الضمان في مواجهة العدوان الخارجي.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165370

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165370 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010