الاثنين 6 حزيران (يونيو) 2011

في حين يستعد الفلسطينيون للعودة، يتحضّر «الإسرائيليون» للهجرة

بقلم : د. فرانكلين لامب
الاثنين 6 حزيران (يونيو) 2011

يقول «جدعون ليفي» : «إن كان أجدادنا قد حلموا بالحصول على جواز سفر «إسرائيلي» للهروب من أوروبا، فهناك الكثيرون من بيننا يحلمون اليوم بجواز سفر آخر يمكّنهم من الهروب إلى أوروبا».

ويقدّر اليوم أن 70% من «الإسرائيليين» يتقدّمون- أو ينوون التقدم - لسفارة خارجية للاستعلام حول المواطنية وجواز السفر أو لتقديم طلبات للحصول عليها. ولقد عاد ما يقارب 200,000 (أي ما نسبته 22%) من الروس الذين بدأوا بالتوافد إلى «إسرائيل» منذ عام 1990، عادوا إلى بلدهم مؤخراً. إن اليهود الذين قدموا إلى «إسرائيل» «يريدون التأكّد من وجود احتمال خيار العودة من حيث أتوا، أما «الإسرائيليون» فيسعون للحصول على جوازات سفر، تعيدهم إلى عائلاتهم وجذورهم، في حال حصل أي طارئ».

ولربما يستطيع المؤرخون وعلماء الثقافة الإنسانية الذين يستطلعون مسار الأحداث البشرية أن يحددوا لنا البقعة التي - بالإضافة إلى أرض فلسطين - ستذهب إليها الأعداد الكبيرة من المستعمرين الذين وصلوا مؤخراً، لكنهم يستعدون لممارسة حقهم في المغادرة، في حين ستأتي أعداد كبيرة جداً من أصحاب الأصول الحقيقية منذ آلاف السنين، والذين كانوا ضحايا التطهير العرقي وهم الآن يستعدون لممارسة حق العودة.

ومن إحدى السخافات المتأصلة في المشروع الصهيوني الاستعماري في فلسطين هي حقيقة أن هذا المشروع الذي تزداد فيه النزاعات بشكل كبير قد تم الإعلان عنه في القرن العشرين على أنه ملاذ في الشرق الأوسط «يعود» إليه اليهود الأوروبيون المضطهدون. إلا أنه في يومنا هذا، ونحن في القرن الحادي والعشرين، أصبحت أوروبا هي المكان الأكثر تطلّعاً على أنه الملاذ الذي يرغب عدد كبير من المحتلّين غير الشرعيين للأرض الفلسطينية من يهود «الشرق الأوسط» بالعودة إليه.

ولتفسير ما عبّر عنه الصحافي اليهودي «جدعون ليفي» حول «إن كان أجدادنا قد حلموا بالحصول على جواز سفر «إسرائيلي» للهروب من أوروبا، فهناك الكثيرون من بيننا يحلمون اليوم بجواز سفر آخر يمكّنهم من الهروب إلى أوروبا»، يظهر عدد من الدراسات في «إسرائيل» بالإضافة إلى دراسة تولّتها اللجنة الأميركية «الإسرائيلية» للشؤون الخارجية (أيباك)، ودراسة أخرى قام بها الصندوق الوطني اليهودي في ألمانيا، تظهر هذه الدراسات أنه من المحتمل أن يقوم أكثر من نصف اليهود في «إسرائيل» بمغادرة فلسطين خلال السنوات القليلة المقبلة إذا ما استمرت الأحوال السياسية والاجتماعية الحالية في الاتجاه نفسه.

وقد أشارت دراسة قام بها «مركز مناحيم بيغن التراثي» في القدس عام 2008 إلى أن 59% من «الإسرائيليين» يتقدّمون أو ينوون التقدم لسفارة خارجية للاستعلام حول المواطنية وجواز السفر أو لتقديم طلبات للحصول عليها. أما اليوم فيقدّر عدد هؤلاء بحوالى 70%.

وبحسب دراسة أجراها باحثون من جامعة «بار إيلان» ونشروها مؤخراً في «إيريتز آشيريت» وهي منظمة غير حكومية تدّعي تعزيز الحوار بين الثقافات، فإن عدد «الإسرائيليين» الذين يفكّرون بمغادرة فلسطين يتزايد بشكل سريع. وقد أشارت الدراسة إلى أن هناك أكثر من 100,000 «إسرائيلي» قد حصلوا على جوازات سفر ألمانية، وترتفع هذه الأعداد بما يفوق 7,000 «إسرائيلي» سنوياً وبوتيرة متزايدة. وبحسب مسؤولين ألمان، فإنه قد تم منح أكثر من 70,000 من جوازات السفر هذه منذ العام 2000.

وفضلاً عن ألمانيا، يحمل أكثر من مليون «إسرائيلي» جوازات سفر أجنبية تكون جاهزة في حال تدهورت سبل الحياة في «إسرائيل». ومن أكثر الدول التي يروق «للإسرائيليين» التفكير في الهجرة إليها، وربما كانت الأكثر ترحيباً بهم، هي الولايات المتحدة الأميركية. وحالياً يحمل أكثر من 500,000 «إسرائيلي» جواز السفر الأميركي في حين ينتظر ما يقارب ربع المليون من «الإسرائيليين» إتمام الطلبات التي تقدموا بها للغاية نفسها.

وخلال اللقاءات التي عقدت مؤخراً في واشنطن بين وفد رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو وعملاء «إسرائيل» في الولايات المتحدة، يقال إن مسؤولي (أيباك) وعدوا بأنه إذا ألحّت الظروف فإن حكومة الولايات المتحدة ستسارع إلى منح جوازات السفر الأميركية لأي ولكل يهودي «إسرائيلي» يتطلع للحصول عليها.

وقد عرضت (أيباك) أمام مستجوبيها أيضاً أنه يمكن الوثوق بالكونغرس الأميركي للموافقة على تمويل وصول اليهود «الإسرائيليين» «كي يتم منحهم هبات مالية ضخمة لإعادة التوطين بهدف تسهيل الانتقال إلى وطنهم الجديد».

وبعيدا عن اليهود «الإسرائيليين» الذين يمكن أن يكونوا يفكرون في الحصول على جواز السفر كـ «تأمين» على أرض الشتات، هناك نسبة مماثلة من اليهود حول العالم ممن لن يهاجروا إلى «إسرائيل». ويقول جوناثان راينولد، وهو أستاذ متخصص في العلاقات الأميركية «الإسرائيلية» في جامعة «بار إيلان»، إن حياة اليهود في طهران يمكن أن تكون أكثر أمناً مما هي في «عسقلان» هذه الأيام، على الأقل قبل أن تقوم الولايات المتحدة الأميركية بقصف إيران.

ويحدد بعض الذين أجريت معهم مقابلات من الذين إما قد ساهموا في إجراء الدراسات المذكورة مسبقاً وإما هم على علم بها، يحددون عوامل عدة تشرح السبب الذي يدفع بـ «الإسرائيليين» للحصول على جوازات سفر أجنبية. وبعض هذه العوامل مفاجئ نظراً للثقافة «الإسرائيلية» المزايدة في الوطنية.

ويعبّر أحد الباحثين في منظمة «إيريتز آشيريت» أن القاسم المشترك، على الصعيدين الشخصي والوطني، هو الاضطراب والقلق من جواز السفر الثاني الذي يعتبر كبوليصة تأمين على «الأيام الممطرة التي تلوح في الأفق».

[**أما العوامل الأخرى فتتضمن :*]

[**•*] حقيقة أن الجيلين أو الأجيال الثلاثة في «إسرائيل» لم ترسخ جذورها في المكان الذي ربما وجدت فيه جذور لها من قبل. ولهذا السبب أنتجت «إسرائيل» نسباً ملحوظة من «إعادة الهجرة»، أي عودة المهاجرين أو سلالاتهم إلى البلد الذي يتحدرون منه حيث لا تصمد البروباغاندا الصهيونية، أي في مكان ليس فلسطين.

[**•*] الخوف من أن يقوم المتعصبون دينياً من بين أكثر من 600,000 مستوطن في الضفة الغربية، أن يقوموا بحرب أهلية، وبشكل أساسي الذين التحقوا بـ «إسرائيل» ما قبل عام 1967، وبالتالي تحويل «إسرائيل» إلى دولة أكثر من فاشية.

[**•*] «عوامل الطرد» ضمن المجتمع «الإسرائيلي»، وعلى وجه الخصوص بين المهاجرين الروس الذين يرفضون الصهيونية بشكل قاطع. ومنذ سقوط جدار برلين عام 1989، أتى حوالي مليون يهودي من الاتحاد السوفياتي سابقاً إلى «إسرائيل»، رافعين بذلك عدد سكان «إسرائيل» بنسبة 25% ومشكّلين أكبر كثافة لهم في عالم اليهود الروس. أما اليوم، فيشكّل اليهود الروس أكبر مجموعة مهاجرة من «إسرائيل»، وهم يعودون بالجماعات لأسباب تتراوح بين رفضهم للصهيونية، وللتمييز، وللوعود التي لم يوف بها في ما يتعلّق بالعمل و «الحياة الجيدة» في «إسرائيل».

[**•*] ولقد عاد ما يقارب 200,000 (22%) من الروس الذين قدموا إلى «إسرائيل» منذ 1990، عادوا إلى بلدهم. ويقول الحاخام بيريل لارزار، الذي كان كبير الحاخامات في روسيا منذ عام 2000، «إن أعداد الأفراد العائدين هي حتماً فوق الطبيعة. عندما غادر اليهود لم يكن هناك مجتمع، ولا كان هناك حياة يهودية. ولقد شعر الناس بأن كونهم يهوداً كان خطأ تاريخياً ارتكبته عائلاتهم. أما الآن فهم يعرفون أنهم يستطيعون العيش في روسيا كجزء من المجتمع وأن لا حاجة بهم إلى «إسرائيل»».

[**•*] عدم الولاء والاحترام للقادة «الإسرائيليين»، ومعظمهم من الذين يعتبرون فاسدين.

[**•*] الشعور بالقلق وبالذنب من أن الصهيونية قد سرقت الديانة اليهودية، وأن القيم اليهودية التقليدية أصبحت فاسدة.

[**•*] تزايد الصعوبة في إيجاد إجابات مترابطة منطقياً على أسئلة أبنائهم الذين أصبحوا أكثر ثقافة وإدراكاً لتاريخ عائلتهم، وأصبحوا فعلاً صادقين مع أنفسهم، وتدور الأسئلة حول السبب الذي جعل عائلات من أوروبا وأماكن أخرى تعيش على أرض وفي بيوت مسروقة من الآخرين الذين يبدون بشكل واضح سكاناً محليين ولم يأتوا من أمكنة أخرى من حول العالم.

[**•*] الاحترام المتزايد مؤخراً، لدى كثير من «الإسرائيليين»، وعلى وجه الخصوص أنصار شبكة الانترنت والمقاومة الفلسطينية المستمرة، لقصة الفلسطينيين المتحدية والمقاومة التي تخرس الأبواق الصهيونية في القرن الحالي والتي تقول: «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض».

[**•*] الخوف الذي يثيره القادة السياسيون المعين عليهم إبقاء المحافظة على دعم المواطنين لسياسات الحكومة التي تتراوح بين ضرب إيران، و«الإرهابيين» غير المعدودين والمتواجدين في كل مكان الذين يخططون لمحرقة «هولوكوست» جديدة، وغيرها من المخاطر الوجودية التي تضع العائلات دوماً على حافة الخطر، والوصول إلى خلاصة هي أنهم لا يريدون تربية أبنائهم في هذه الظروف.

وقد اقترح عضو حزب «ديمقراطيون خارج إسرائيل»، النيويوركي الأصل «هيليل شينكر» شارحاً أنه يتحدث بصفته المدنية وليس الرسمية، اقترح أن اليهود الذين يأتون إلى «إسرائيل» «يريدون أن يتأكدوا من وجود احتمال خيار العودة من حيث أتوا». وأضاف أن «انعدام الأمن المتفشي في الحياة الحالية، وعدم وجود سلام بين «إسرائيل» وأي من جيرانها، قد ولّد أيضاً ظاهرة هي سعي الكثير من «الإسرائيليين» للحصول على جواز سفر أوروبي، يعود إلى جذور عائلاتهم، في حال حصل أي طارئ».

وتشدد جين شولمان، وهي زميلة يهودية أميركية سابقة في الأكاديمية الأميركية ما وراء البحار، ومقرّها في سويتزرلاند، تشدد بتطرّف زائد على أن جميع اليهود «خائفون حتى الموت مما قد يحدث لـ «إسرائيل» حتى ولو اسمرت الولايات المتحدة الأميركية في دعمها».

ويوافق كثير من المراقبين للمجتمع «الإسرائيلي» على الأغلب، على أن الاندفاع اليهودي غير المتوقع لترك فلسطين سببه الأشهر الثلاثة الماضية من الثورات العربية التي غيرت الأركان الأساسية لدعم «إسرائيل» في المنطقة.

وبحسب ليال، وهي تلميذة فلسطينية من مخيم شاتيلا تتحضر لمسيرة «يوم النكسة» باتجاه الخط الأزرق جنوب لبنان يوم 5 حزيران، تقول: «إن ما رآه المحتلون الصهاينة لأرض فلسطين من ميدان التحرير في القاهرة إلى مارون الراس جنوب لبنان قد أقنع الكثيرين منهم بأن المقاومات العربية والفلسطينية، ولو كانت في بداياتها، ستتطور إلى أن تصبح قوة سلام ضخمة وكبيرة على الأرض بحيث لن تستطيع أية كمية من الأسلحة أو الإدارات التي تتبع سياسة التمييز العنصري أن تضمن أي مستقبل صهيوني في فلسطين. هم على حق في سعيهم للحصول على أماكن بديلة لتربية عائلاتهم».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2181453

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2181453 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 50


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40