الاثنين 24 أيار (مايو) 2010
المشروع الذي يهدّد كل ما أنجزه الفلسطينيون

سلام فياض : قصة الصعود الشخصي على أنقاض المشروع الوطني

عن: فلسطين المسلمة
الاثنين 24 أيار (مايو) 2010

كل مشروع سياسي يحتاج إلى من يحمله ويسير به، وكل فكرة أو نهج تحتاج إلى أدوات تنفيذ، لكل مرحلة رجالها، ولكل فترة خصائصها، لكل مخطّط مجموعة تتبنّاه وتدافع عنه.

تاريخ منطقتنا حافل بالمشاريع والمخططات والتدخلات والمؤامرات، وكل مشروع أو مخطط أو مؤامرة كان له جنوده المخلصون، الذين يسيرون به حتى نهايته أو.. نهايتهم.

سلام فياض اليوم ليس رئيساً لحكومة ونقطة على السطر، سلام فياض هو مشروع مثل سايكس - بيكو، أو كامب ديفيد، أو 17 أيار، أو أوسلو، أو خريطة الطريق.

فريق سلام فياض

لأنه ضعيف، وليست لديه خبرة سياسية، وغير محبوب شعبياً، وليس شخصية قيادية، احتاج سلام فياض إلى فريق عمل يساعده ويدير تحركاته، ويبرمج مواقفه. من أبرز هؤلاء :

- عمر حلمي الغول : ولد في غزة عام 1951، عمل في الصحافة، وهو عضو جمعية الدراسات والبحوث، نشر دراساته الأولى في الصحف والمجلات الفلسطينية والسورية. ويشغل حالياً منصب مستشار الشؤون الوطنية لسلام فياض؛ رئيس حكومة في رام الله.

- محمد مصطفى : وُلد في فلسطين عام 1954. حاصل على شهادة الدكتوراه والماجستير في الإدارة والاقتصاد من جامعة «جورج واشنطن» في الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى شهادة البكالوريوس في الهندسة من جامعة «بغداد».

يشغل حالياً منصب الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار الفلسطيني منذ أواخر عام 2005، كما يشغل مناصب مهمة أخرى منها رئيس مجلس إدارة «الشركة الوطنية موبايل فلسطين» للاتصالات، ورئيس مجلس إدارة «شركة الخدمات التجارية»، وعضو مجلس إدارة «شركة فلسطين للكهرباء»، وعضو مجلس إدارة الشركة العربية الفلسطينية للاستثمار (أبيك).

قبل التحاقه بصندوق الاستثمار الفلسطيني، شغل لأكثر من 15 عاماً مناصب مختلفة في البنك الدولي (واشنطن)، كان آخرها كبير خبراء تنمية القطاع الخاص لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو الآن يتحكّم بمئات ملايين الدولارات.

- صالح رأفت : هو الأمين العام لاتحاد الشعب الديمقراطي «فدا» وأحد مؤسسيه، ورئيس الدائرة العسكرية في منظمة التحرير الفلسطينية، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وكان سابقاً عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية الفلسطينية، وهو أيضاً عضو في المجلس الوطني الفلسطيني.

- جمال زقوت : أمين سر حزب «فدا»، وأحد المناوئين للمقاومة، ومن مهاجمي العمليات الفدائية ضد الاحتلال. أحد الموقّعين على وثيقة جنيف التي تتنازل صراحة عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم. عقد عدة لقاءات خارج فلسطين المحتلة خاصة في أثينا مع ممثلين عن حزب «كاديما» الصهيوني لوضع خطط تهدف إلى إسقاط حكومة حماس المنتخبة. هو بوق إعلامي لمهاجمة حركات المقاومة في فلسطين خدمة للعدو الصهيوني، ومتّهم بعدة قضايا فساد خلال عمله في السلطة الفلسطينية سابقاً.

- ياسر عبد ربه : اسمه الحقيقي أديب عبد ربه، من مدينة يافا، وُلد عام 1944، انضم إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وانشق عنها، وانضم إلى الجبهة الديمقراطية ثم انشق عنها، وشكّل حزب «فدا» وخرج منه. وقّع «وثيقة جنيف» التي تتنازل عن حق العودة.

- غسان الخطيب : من مواليد نابلس عام 1954، حاصل على شهادات في الاقتصاد. تولّى وزارة العمل ووزارة التخطيط، وعمل سابقاً في وزارات شكّلها محمود عباس وأحمد قريع. عضو بارز في الحزب الشيوعي الفلسطيني، وترأس مركز الاتصال والإعلام في رام الله.

مواصفات مستشاري فياض

يستعين سلام فياض بعدد من المساعدين والمستشارين. هؤلاء يصنعون سلام فياض، يديرونه، يوجّهونه، يصقلون أفكاره، يعيدون ترتيب وبرمجة خطابه السياسي ليتوافق أو بالأصح ليتطابق مع الاحتلال.

لكن لهؤلاء المستشارين مواصفات واحدة، أو قواسم مشتركة تجدها عندهم، نذكر منها :

1- تبنّي نهج الاعتراف بالاحتلال والتفاوض معه.

2- رفض المقاومة بجميع أشكالها.

3- إسقاط حق العودة.

4- الارتباط بدول مانحة وبمؤسسات تمويل أجنبية.

5- كراهية حركة حماس وقوى المقاومة بكافة ألوانها السياسية.

6- فساد أخلاقي ومالي وانتهازية تاريخية.

7- محاربة الانتفاضة الشعبية ووصفها بـ«العنف».

8- معظم العاملين في فريق فياض تنقّلوا من فصيل فلسطيني لآخر، نقلوا البندقية من كتف إلى كتف، انشقوا عن أحزابهم، شكّلوا أحزاباً، ثم طُردوا منها، لكنهم يستمدون نفوذهم من دعم مالي مخابراتي، ودعم خارجي، وتغطية إعلامية هائلة.

أخيراً، كل فريق سلام فياض السياسي والإعلامي ليس له قاعدة شعبية، يبغضهم الناس بسبب مواقفهم السياسية وسلوكهم الشائن، ولو شاركوا في أي انتخابات حرّة ونزيهة لخسروها، فما بالك إذا كان رئيسهم سلام فياض لم يحصل هو وكتلته على أكثر من 3% من الأصوات.

سلام فياض.. مشروع لتخريب القضية الفلسطينية

بقلم / رأفت مرة

هل يستحق سلام فياض عدداً خاصاً من مجلة مثل مجلة فلسطين المسلمة لها قيمتها الصحفية والمهنية ورسالتها؟!

الجواب طبعاً لا.

لكن المشروع الذي يحمله الرجل، وهو المشروع الأخطر - بعد مشروع الاحتلال الصهيوني طبعاً- يستحق هذا الاهتمام.

سلام فياض ليس شخصية سياسية فلسطينية، وهو ليس زعيماً، ولا قائداً، ولا مناضلاً.

سلام فياض ليس قومياً، وليس وطنياً، لا هو في اليمين، ولا في الوسط، ولا في اليسار.

ليس إسلامياً، وليس عروبياً، وليس ليبرالياً.

لو سألتَ مواطناً فلسطينياً قبل عشر سنوات أن يسمّي ألف شخصية فلسطينية تصلح لأن تكون رئيساً لحكومة فلسطينية، لما كان سلام فياض من بينها.

بين المناضلين ليس له مكان، بين المقاومين ليس له موقع، بين الأسرى والمعتقلين ليس له سجلّ، بين المحرّضين على الاحتلال ليس له تاريخ، بين الجرحى ليس فيه رمية برمح أو طعنة بخنجر.

لم يمسك رصاصة، ولم يحمل قنبلة، ولم يمسّ حجراً ولا «مقلاعاً».

دمه لم ينزف في أي بستان أو عند أي صخرة، دمعة من عينيه لم تنسكب بفعل القنابل المسيلة للدموع، جسده لم تخترقه رصاصة مطاطية.

سلام فياض نكبة من النكبات، أو غدرة من غدرات الزمن، في أسوأ الأوقات جاءنا عزيز فياضكم.

يقول عنه الصحفي الألماني البرشت ميتسغر في حوار مع إذاعة دوتشة فيله ما يلي:

«أكاديمي لا يؤمن بالعنف، وليست لديه خلفية فصائلية مسلحة».

هذا هو فياض.. وهذا يكفي..

كما استُعمل محمود عباس للإطاحة بياسر عرفات، يُستعمل سلام فياض للإطاحة بمحمود عباس.

سلام فياض هو ليس سلام فياض.

سلام فياض هو Password المشروع الأمريكي – الأوروبي – الإسرائيلي للقضية الفلسطينية.

هو نقطة التقاء ثلاثة جداول، نقطة ارتكاز ثلاثة محاور.

سلام فياض هو «مصبّ» التسوية بشكلها، أو هو مصفاة القضية الفلسطينية.

سلام فياض اليوم هو حصان طروادة لاختراق المجتمع الفلسطيني.

في شهر كانون الأول/ديسمبر؛ أي بعد عدة أشهر من وصول سلام فياض للسلطة، قام مقاومان فلسطينيان بقتل جنديين صهيونيين في منطقة بيت كاحل. علّق فياض على العملية بالقول «لقد آلمنا أيضاً»، وخرج وزير خارجيته يومها رياض المالكي ليقول «اعتقلنا عنصري المجموعة التي هاجمت المستوطنين، ما يؤكد فاعلية الأجهزة الأمنية».

وعلّق عبد الرزاق اليحيى وزير داخلية فياض يومها، وأكد أن حكومته تعمل على «حلّ باقي الجماعات المسلحة».

المكتوب يقرأ من عنوانه..

هذا البيان السياسي الأول لحكومة فياض ولدوره.

سلام فياض هو ركيزة مشروع إسرائيلي – أمريكي – أوروبي يؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية، وتثبيت الاحتلال، والقضاء على المقاومة، وإسقاط حقّ العودة، وضرب حركة «فتح»، وإسقاط فصائل منظمة التحرير الفلسطينية.

لا يمكن وضع سلام فياض مباشرة على رأس المشروع، القصة تحتاج لوقت وللتحضير.

هيلاري كلينتون؛ وزيرة الخارجية الأمريكية، قالت لمحمود عباس في أبو ظبي أواخر العام الماضي «عليك البقاء في موقعك حتى يتسلّم رجلنا السلطة».

الأمريكيون يتعاطون مع سلام فياض كمشروع سياسي مستقبلي وليس كرئيس حكومة.

صحافي عربي قال إنه شاهد سلام فياض يصل إلى سويسرا لحضور منتدى دافوس في قاعدة أمريكية خاصة، وإن الأمريكيين هناك أشرفوا على حراسته وتنقلاته.

سلام فياض أغلق عدة مؤسسات فلسطينية تابعة لمنظمة التحرير وطرد موظفيها، وأحال على التقاعد ستة آلاف كادر فتحاوي.

ردّت «فتح» مزمجرة ومعترضة، فجاء الجواب: «من يرفع الصوت لن يقبض مرتّبه».

قالت عنه «كتائب شهداء الأقصى» التابعة لفتح في بيان لها بتاريخ 30/12/2007:

«إزاء التطورات المتلاحقة التي تشهدها الساحة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، وإزاء التعاون والتنسيق الأمني الذي بات واضحاً من قبل حكومة فياض الأمريكية في رام الله، وبعد تسليم الأجهزة الأمنية لثلاثة صهاينة مجرمين إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، فإن قيادة كتائب الأقصى تطالب عناصرها في أجهزة السلطة عدم السماع لأوامر حكومة فياض الأميركية»، وختمت بيانها بالقول: «حان الوقت للضرب بيد من حديد الذين يعبثون بمقاومتنا الشريفة في الضفة الغربية».

وأعلن غالبية أعضاء المجلس الثوري لحركة «فتح» في اجتماع نهاية الأسبوع الأول من يونيو/حزيران 2008 أن حكومة سلام فياض لا تمثل حركة «فتح» ولا منظمة التحرير الفلسطينية وأياً من قواها، وأن كل ما تقوم به من إجراءات يستهدف حركة «فتح».

وأصدر الاجتماع المذكور للمجلس الثوري لحركة فتح القرار رقم (6) الذي دعا لـ«تشكيل لجنة خاصة من عدد من أعضاء المكتب الحركي العسكري لحركة «فتح» ومن الكفاءات العسكرية ذات الخبرة سواء من العاملين بالخدمة أو ممن أحيلوا إلى التقاعد، بهدف متابعة إلغاء أو وقف العمل بالقرارات والمراسيم التي كان سلام فياض قد أصدرها تباعاً».

سلام فياض ليس سياسياً ولا مناضلاً.

كل ما يفتخر به مساعدوه، وأفضل ما يمكن أن يذكره سلام فياض عن نفسه، أنه عمل في البنك الدولي، وأنه نظيف الكف - والعلم عند الله -، وأنه يحرص على الشفافية المالية، وذلك من أجل أن يغطّوا على جهله، أو أن يجمّلوا صورته.

عام 2003 و2003 كان هناك مخطط إسرائيلي مدعوم من واشنطن لتجفيف ياسر عرفات ومحاصرته، والتضييق عليه. وكان مال الدول المانحة إحدى أدوات ذلك المخطط.

جيء بسلام فياض من البنك الدولي ليُستخدم كأداة لمحاصرة ياسر عرفات، وللقضاء على مصادره المالية. اضطر ياسر عرفات لابتلاع الطعم لأن المال لم يعد يأتي إلا من هؤلاء، وحاول التكيّف مع فياض. تمّ تسمين سلام فياض، وأصبح وزيراً للمالية ورئيساً للوزراء، وصار اليوم هو الحاكم بأمره.

سلام فياض اليوم هو الرئيس الفعلي، وأصبح أبو مازن مجرّد صورة.

الملفات الأمنية بيد سلام فياض.

الملفات المالية مع سلام فياض.

إدارات السلطة والوزارات مع سلام فياض.

التوظيف والتعيين مع سلام فياض.

مشاريع التنمية وقرارات الحكومة مع سلام فياض.

تجفيف حركة «فتح» على يد سلام فياض.

صرف الرواتب والهبات والمنح مع سلام فياض.

أبو مازن مصاب بحالة من القرف والانزعاج والاستياء مما يحصل.

باقي كوادر حركة «فتح» كبالع الموس.

الديكتاتور الحاكم، الملك غير المتوّج هو سلام فياض.

أمام عناصر «فتح» طريقان: العمل مع سلام فياض بهدوء ودون معارضة، أو الإفلاس.

رُقّي سلام فياض، رُفس إلى أعلى، حوله طاقم سياسي أمني إعلامي من المستشارين يبني صورة سلام فياض في المجتمع، ويدير حركته ونشاطه.

لم يأتِ من بين الناس، ولا تعرفه الجماهير، ليس له شعبية، ولا صفات قيادية له.

الحل إذن بتلميع سلام فياض؛ جولات ولقاءات شعبية، تعازي وأفراح، حذاء رياضي، وقبعة «مقلوبة» كمراهقي تكساس.

أكبر طبق مسخّن، أكبر سدر كنافة، أطول كوفية.

في المضمون اعرف من هو سلام فياض.

باختصار، خطة سلام فياض هي بناء مؤسسات فلسطينية قادرة على العمل تحت الاحتلال.

بطريقة أخرى، نهج فياض يقوم على قاعدة تقديم الخدمات للفلسطينيين تحت الاحتلال، من أجل التعايش معه، دون النظر إلى الاحتلال نفسه.

بطريقة أبسط: المشكلة بالنسبة لفياض ليس الاحتلال، المشكلة في التنمية، والتحدي هو بناء مشاريع تحت الاحتلال.

نهج سلام فياض هو بالتمام والكمال استنساخ النهج الأمريكي في العراق وأفغانستان؛ أي تقديم خدمات إنسانية، شراء ذمم، لتمرير الاحتلال، وضمان دوام بقائه.

سلام فياض ليس في الضفة الغربية وحدها، سلام فياض هو مشروع سياسي أمني مالي ثقافي اجتماعي، يتركّز في الضفة الغربية، يحاول التمدّد باتجاه غزة، بنى له قاعدة قوية في لبنان، وله امتداد في الأردن.

هو باختصار مشروع تخريب القضية الفلسطينية، اللهمّ فاشهد فإنا قد بلّغنا.

هو ليس كاسترو ولا مانديلا ولا غاندي، هو ليس تشافيز ولا القسّام ولا عرفات، لذلك يحتاج فياض لكل هذا التلميع الذي يشبه ولادة قيصرية.

اسألوا فياض عن أهم عشر مجازر ارتُكبت بحقّ الفلسطينيين.. هل يعرف؟!

اسألوا فياض عن أسماء عشرة شهداء فلسطينيين كبار.. هل يعرف؟!

اسألوا فياض عن المخيمات الفلسطينية في لبنان وسوريا والأردن.. هل يعرف؟!

اسألوا فياض عن أسماء عشرة معتقلين فلسطينيين محكومين بالمؤبد في سجون الاحتلال.. هل يعرف؟!

صداقة بوش لا تكفي للزعامة، واهتمام الاحتلال لا يصنع قيادة، ومعادلة المختبرات الأمريكية لا تنفع.

قيادة الشعب الفلسطيني لا تأتي هبة، وهي ليست منحة، والنجاح في «وظيفة» في البنك الدولي ليس شرطاً كافياً للنجاح في إدارة القضية الفلسطينية.

فياض لم يذق طعم الموت، ولم يعرف السجون، ولم تعرفه المغاور والأودية، لم يحمل السلاح، ولم تئز الرصاصات فوق رأسه، لم تُدمِ القيود معصميه.

اتركنا وارحل.. حتى لا تضيع القضية.

فياض أو لا أحد .. «الشاباك» يحرسه والمال الأمريكي لـ «الحليف»

يتمتع سلام فياض بعلاقات قوية مع الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، حيث يقول الكاتب الإسرائيلي باراك رافيدفي في مقال بعنوان: «سلام فياض.. الفلسطيني الذي يحبّه الجميع»: إن بوش وفياض حينما يلتقيان، فإنهما يقضيان ربع ساعة في استرجاع ذكرياتهما عن جامعة تكساس، ويتشاركان في أخبار فرق كرة القدم الأمريكية.

يقول السفير الإسرائيلي السابق داني أيالون إنه - فياض- أكثر شخصية فلسطينية ذات مهابة لدى الغرب، فهم يعتقدون أنه الشخص الوحيد القادر على التحدث بلغتهم، كما أن الثقة غير النهائية التي يحظى بها من جانب الأمريكيين تمنحه قوة زائدة. ويحتفظ سلام فياض بعلاقات قوية مع الإسرائيليين، وتعتبره الأوساط السياسية الإسرائيلية شخصية استثنائية، ولا يمكن أن يتم تجاهل دعوته إلى المحافل والمناسبات السياسية المختلفة، ويقول المسؤولون الإسرائيليون عنه: إن شخصيته ذات سحر خاص، حيث قضى معظم عمره في بلاد الغرب، وهو يحترف التصرف بسلوكياتهم ويحترم قيمهم.

وقد دُعي سلام فياض إلى حفل زفاف ابنة دوف فايسغلاس؛ مدير مكتب رئيس الوزراء السابق آرييل شارون ومستشاره السياسي، الذي يحتفظ فياض بعلاقة صداقة دافئة معه حتى اليوم، وأثناء تنظيم أماكن جلوس كبار المدعوين وضع مقعد فياض إلى جوار مقعد آرييل شارون، وتبادل الطرفان الحديث حول الشؤون الفلسطينية. وقد استقال سلام فياض من الحكومة الفلسطينية في أواخر عام 2005م ليؤسس جبهة «الطريق الثالث» كحزب مستقل مع كل من حنان عشراوي وياسر عبد ربه، ولكنه لم يحظ سوى بمقعدين في الانتخابات البرلمانية في كانون الثاني/يناير 2006م، وهو لا يحظى بشعبية تُذكر في كلّ من قطاع غزة والضفة الغربية. وهو لم يحمل السلاح يوماً في حياته، ولم يقض يوماً واحداً في السجن أو المنفى، وهو يدخن السجائر، ويصفه بعض من حوله بالمتغطرس.

الحليف

تحدّث عنه المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون بـ«الكثير من المديح»، ومن أبرز الأمثلة :

وصفه الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش قائلاً : إنه رفيق جيد. للسلام، ويجب العمل على دعم حكومته.

لا بد من التأكيد على أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما هو الآخر حرص على ذكره في خطابه للعالم الإسلامي في القاهرة بتاريخ 4/6/2009م، كما أن المسؤولين الأمريكيين لا يترددون في الإشادة بدور فياض وحكومته وضرورة دعمها، وهذا ما أكدته أيضاً وزيرة الخارجية الأميركية بتاريخ 23/3/2010م في خطابها أمام «أيباك».

وصفه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بـ«بن غوريون الفلسطيني»، في أعقاب طرح فياض خطة لإقامة دولة فلسطينية خلال عامين.

أثنى وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك على سلام فياض، خلال مشاركته في مؤتمر هرتسيليا بتاريخ 4/2/2010م قبل أن تشهد قاعة المؤتمر مصافحة بين الاثنين. وأشاد باراك بـ«جرأة» سلام فياض عبر حضوره المؤتمر «رغم التهديدات التي وجهت له من قبل فصائل وأوساط فلسطينية مختلفة». وأضاف يقول: «حكم حماس لقطاع غزة لن يستمر وأمامنا عدة تحديات.. فحماس تسيطر على غزة وهذا الأمر يجب أن يتغير». وحيال التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، قال وزير الحرب الإسرائيلي: «لقد طرأ تغيير في السلطة الفلسطينية، فسلام فياض جاء بتفكير فعلي لبناء اقتصاد ومؤسسات للفلسطينيين.. أنا أؤمن بالتعاون، فلدينا مسؤولية حيال أمن إسرائيل وكذلك المستوطنون يقولون بأنفسهم إن حالة الأمن التي يعيشونها الآن في الضفة الغربية لم يشهدوها منذ سنوات».

وصفه داني أيالون السفير الإسرائيلي السابق في الولايات المتحدة قائلاً: «إنه شخصية فلسطينية تتميز بالوجاهة في الغرب، ويعتبرونه بمثابة الشخص الذي يتحدث لغتهم، والثقة اللامحدودة التي حصل عليها من الأمريكيين هي التي منحته القوة».

وصفه نيغيل روبرتس مدير البنك الدولي في غزة والضفة الغربية قائلاً: «أكنّ له احتراماً عظيماً باعتباره وزيراً شجاعاً ومسؤولاً».

التنسيق الأمني

لقد أصبح التنسيق الأمني بين الاحتلال الإسرائيلي وسلطة عباس أمراً واضحاً ولا يختلف عليه اثنان، في محاولة لإقصاء المقاومة من الضفة الغربية وضرب بنيتها التحتية المتمثلة في سلاح المقاومة وتجريم كل من يحمل السلاح ضد الاحتلال، ولم يعد خافياً تعاظم التنسيق الأمني بين الصهاينة وحكومة فياض اللاشرعية في رام الله، فالطرفان يتحدثان عن ذلك علانية ومن خلال وسائل الإعلام، ويثبت ذلك الممارسات على الأرض من كليهما تجاه المقاومة الفلسطينية عامة، وأبناء حركة حماس على وجه الخصوص، وقد صدر بيان صحفي عن «كتائب شهداء الأقصى» أعلنت فيه رفضها الكامل لما يسمّى بالخطة الأمنية المقدّمة من قبل سلام فياض بتاريخ 5/7/2008م والمنوي تطبيقها في الضفة الغربية، وهي خطة أمنية مذلة كانت تستهدف المقاومة وسلاحها الشرعي، وكذلك عدم اعترافها والتزامها بدعوة فياض للحوار، فهو صاحب مشروع التنسيق الأمني الخطير مع الاحتلال، معتبرة أن دعوته تأتي لتكملة دوره في هذا المجال. وأشارت إلى دور فياض وأجهزته الأمنية في سحب سلاح المقاومة وملاحقة المقاومين من أبناء «كتائب شهداء الأقصى» في الضفة الغربية، والذي بدوره سهّل على الاحتلال تصفيتهم أو اعتقالهم. وأكد البيان على أن «فياض الذي يترأس لجنة ثلاثية أمنية بمشاركة بلير وباراك غير أمين على مصالح شعبنا بقدر ما هو أداة رخيصة في أيدي الأمريكان والصهاينة، وهو الذي أغرق شعبنا في الديون، والتي لها آثارها السياسية التدميرية على قضيتنا الوطنية».

ونوه العقيد يؤاف مردخاي, رئيس الإدارة المدنية بالضفة الغربية, بتاريخ 20/7/2009م بأن التنسيق الأمني مع السلطة في الضفة آخذ بالاتساع, وأن هناك لقاءات تُعقد بين ضباط إسرائيليين وفلسطينيين, لافتاً النظر إلى أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية أعادت خمسين إسرائيلياً دخلوا المناطق الواقعة تحت سيطرة السلطة. وتحدث مردخاي بشكل أوضح, عن طبيعة الحرب التي تخوضها السلطات الإسرائيلية بالتنسيق مع حكومة سلام فياض عندما قال: «إننا نخوض معركة حقيقية ضد تنظيم حركة حماس المدني والاجتماعي, ونعمل حالياً بكل طاقتنا وبقوة ضد كل مؤسسات حماس على اختلافها: المدنية والعسكرية في الضفة الغربية»؛ مؤكداً أن التنسيق هو تنسيق مباشر إسرائيلي - فلسطيني.

وقد أوضح يوفال ديسكن, رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية, بتاريخ 25/3/2009م في اجتماع للحكومة الإسرائيلية أن «التعاون الأمني مع حكومة سلام فياض في الضفة الغربية جيد جداً, خاصة في محاربة الإرهاب وإغلاق المؤسسات». ولم ينف رياض المالكي ذلك وأكد على أنه «لا يوجد سبب يمنع التعاون الأمني, والذي هو مهم جداً»، على حد قوله.

عُقد لقاء بين سلام فياض رئيس وزراء الحكومة غير الشرعية، ووزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك في منزل الأخير في تل أبيب بتاريخ 11/8/2008م للبحث في قضايا أمنية وسياسية، والإفراج عن معتقلين فلسطينيين، والعفو عن مجموعة من المطاردين التابعين لحركة فتح، من أعضاء «كتائب شهداء الأقصى»، وانتشار قوات إضافية من الأجهزة الأمنية «الدايتونية» في مدن الضفة الغربية.

«الشاباك» يحرس فياض

كشفت صحيفة «هآرتس» العبرية النقاب بتاريخ 20/8/2009م عن أن أفراداً من وحدة حراسة الشخصيات في جهاز الأمن العام الصهيوني «الشاباك»، وبالتنسيق مع أمن سلطة «دايتون» يوفرون الحراسة لرئيس السلطة منتهي الولاية محمود عباس ورئيس وزرائه غير الشرعي سلام فياض لدى تنقلهما في المنطقة المصنفة «سي» في الضفة الغربية المحتلة، وذكرت الصحيفة العبرية أن الغرض من توفير الحراسة هو التصدي لسيناريوهين محتملين؛ أولهما محاولة اغتيال من قِبل «عناصر فلسطينية متطرفة» حسب وصف الصحيفة، والثاني محاولة اعتداء من قبل مغتصبين، ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية فلسطينية تأكيدها للخبر، فيما رفض الناطق بلسان فياض التعليق عليه.

فياض في مؤتمرات «هرتسيليا»

شارك سلام فياض في مؤتمرات «هرتسيليا» للأمن والمناعة، تحدّث سلام فياض في مؤتمر هرتسيليا» الذي انعقد في 24 كانون الثاني/يناير 2007، وكان بنيامين نتنياهو زعيم «الليكود» من أبرز الحضور، وقد قال سلام فياض: «أسعى من أجل روابط سياسية قوية مع إسرائيل، وأسعى من أجل روابط اقتصادية قوية بين دولتي إسرائيل وفلسطين المستقلتين»، كما شارك في مؤتمر «هرتسيليا» الذي عُقد بتاريخ 2/2/2010م، و كشف مصدر إسرائيلي عن لقاء جمع سلام فياض مع وزير الجيش الإسرائيلي إيهود باراك في مدينة «هرتسيليا» شمال فلسطين المحتلة عام 1948 بتاريخ 4/2/2010م عقب مشاركة د. فياض في المؤتمر المذكور، وقالت المصادر: إن الرجلين تباحثا في أمور تتعلق بالوضع الاقتصادي بالضفة الغربية ومعابر قطاع غزة، فيما أكد المصدر «أنه تم التطرق للعديد من المواضيع الهامة المتعلقة بالحياة اليومية للفلسطينيين، إضافة إلى تسليم مناطق للسيطرة الأمنية الفلسطينية في الضفة إثر تأكيد فياض على جاهزية قوى الأمن لتسلّم هذه المناطق». وأوضح المصدر «اللقاء جرى بعيداً من عدسة الكاميرا وعقد عقب انتهاء المؤتمر في ساعة متأخرة من الليل».

وصفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية سلام فياض، بأنه يمثل «ضماناً وجودياً» بالنسبة لرئيس السلطة محمود عباس. وقالت: «إن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أبلغت أعضاء اللجنة الرباعية الدولية أنه على الفلسطينيين التوافق على بقاء فياض رئيساً للوزراء إذا ما أرادوا استمرار تدفق المال الأمريكي عليهم».

مقتطفات من أهم المواقف السياسية لسلام فياض

- لا يوجد لي مشكلة مع من يعتقد أن (إسرائيل) هي أرض «التوراة».

- العنف لم يعد جزءاً من العمل النضالي الفلسطيني.

رئيس وزراء حكومة رام الله سلام فياض دقيق في تصريحاته، وهذا عائد إلى أن خطورة مشروع تصفية القضية الفلسطينية الذي يحمله لا يحتمل أخطاء في التصاريح تفضح المراد، هكذا كان أبو مازن قبل أن يستُبدل بسلام فياض. وعلى رغم حرص الأخير على إخفاء ما يضمر من مشاريع تصفوية، إلا أنه في الآونة الأخيرة خصوصاً بدا أكثر تعبيراً عن مشروعه الذي يهدف إلى خنق المقاومة، وضمان أمن الاحتلال، وتخلٍ عن حق العودة، ثم إقامة دولة فلسطينية على جزء من الضفة الغربية، منزوعة السيادة، لا تحمل معاني الدولة ولكن اسمها، وخلق مشروع اقتصادي بديل عن المشروع السياسي. ونستعرض في السطور التالية بعض تصاريح فياض.

يخاطب رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريس فيقول «يوم حزين لنا ولكم، آلمنا مقتل الجنديين، وإن كل حادثة قتل هي غير مجدية (…) لا يوجد أقوال بل أفعال، نحن نتعاون بجدية مع أجهزة الأمن الإسرائيلية». إدانة لعملية الخليل التي أدت إلى مقتل جنديين في 28/12/2007

«لقد قررنا أن نكون إيجابيين، وأن نعمل على تسريع نهاية الاحتلال من خلال العمل بجد لبناء حقائق إيجابية على الأرض، تتماشى مع جعل دولتنا تظهر كحقيقة لا يمكن تجاهلها. هذه هي أجندتنا ونحن نريد أن نسعى لتحقيقها بإصرار». تصريح صحافي لصحيفة التايمز في شهر أيلول/سبتمبر 2009

«اسم دايتون أخذ صدى أكبر من دوره بسبب أقوال أدلى بها في محافل إعلامية، وفهم البعض منها أن له دوراً أكثر من ذلك». لقاء مع تلفزيون فلسطين بتاريخ 6/12/2009

«إن هذا الحادث مدان من قبلنا، وهو يتعارض مع المصالح الوطنية الفلسطينية، ومع الجهود التي تبذلها السلطة الوطنية، وكذلك مع الالتزامات التي أخذتها على عاتقها». يدين قتل جندي صهيوني في نابلس شباط/فبراير 2010

«لا يمكن ضمان أمن إسرائيل بدون ضمان أمن الشعب الفلسطيني». خلال مؤتمر هرتسليا الخاص بأمن الكيان الصهيوني في آذار/مارس 2010

«إن خطة إسرائيل لضم مواقع دينية بالضفة الغربية إلى التراث اليهودي استفزاز واضح لكن الفلسطينيين لن ينجروا إلى العنف». تصريح صحفي في شهر آذار/مارس 2010

«في السنة القادمة وفي شهر آب (أغسطس) كل البشرية ستحتفل بمولد الدولة الفلسطينية».

«حل النزاع في المنطقة ليس علينا على الإطلاق، فهو يجري بين المتطرفين والمعتدلين».

«توجد سبل لمعالجة التحريض، ونحن نعالج ذلك».

«نحن نعد البنية التحتية لاستيعاب اللاجئين. سيكون للفلسطينيين الحق في السكن داخل دولة فلسطين».

«أنا لا يوجد لي مشكلة مع من يعتقد بأن إسرائيل هي أرض «التناخ» (التوراة)».

«الأهم هو دفع الحوار إلى الأمام، بعيداً عن الخلافات المتعلقة بـ«الرواية التاريخية» كي لا تصبح كابوساً».

«أنا واثق أنه يمكن إيجاد سبيل (حل وسط لقضية القدس)». من مقابلة مع صحيفة «هآرتس» نُشرت في 2 نيسان/أبريل الماضي.

«الدولة الفلسطينية مثل الحمل.. ولا بد أن ينزل المولود في نهاية الحمل». تصريح لصحيفة الشرق الأوسط في شهر نيسان/أبريل 2010

«رحيل حكومتي يعني توقف جميع المساعدات الأميركية والأوروبية للسلطة». في اجتماع سرّي مع كوادر من فتح

«التحدي الأكبر هو أن يكون لدينا طفل يحمل حقيبته المدرسية، ويجتاز الحاجز العسكري الإسرائيلي».

هنا التحدي ليس إزالة الحاجز بل التعامل معه.

«المصالحة الوطنية تقوم على أساس حصرية السلطة في حمل السلاح».

يعتقد فياض أن السلطة المركزية هي التي تحتكر حمل السلاح، أما دور الفصائل الأخرى فهو فقط «تبنّي المواقف والبرامج السياسية التي تريدها».

إذا أردت أن تقرأ سلام فياض جيداً، فاقرأ الحوار الذي أجرته معه مجلة مؤسسة الدراسات الفلسطينية، العد رقم 79 صيف 2009، ونقتطف منه ما يلي :

الجوهر في الخطة - خطة الحكومة - هو البناء من أجل التعجيل في إنهاء الاحتلال، البناء على الرغم من الاحتلال لإنهاء الاحتلال.

من الخطأ القول إننا في مرحلة تحرّر وطني.

العنف لم يعد جزءاً من العمل النضالي الفلسطيني بعد اتفاق أوسلو الذي نحن ملتزمون به.

هذا أمر لا اعتذار عنه إطلاقاً - حلّ لجان الزكاة وإغلاق الجمعيات الخيرية- ولا يمكن أن أعتذر عنه، فعندما قمنا بحلّ لجان الزكاة، ذهبت إلى مقرّ الوزارة وقلت إنني أريد أن يعرف الجميع لماذا نقوم بهذا العمل، فنحن نحلّها ونعيد تشكيلها لأنه لا يجوز استغلال حاجة المحتاجين لأغراض سياسية من أي جهة كانت. المساعدة المادية لا يجوز أن تكون جزءاً مما تقوم به الأحزاب السياسية، وعندما يصبح لدينا قانون أحزاب يجب أن يتم استثناء أمرين، الأول إمكانية انخراط الأحزاب في الدعم المادي للناس، لأن هذا شكل من أشكال شراء الذمم ويتناقض مع الحقوق الأساسية للإنسان كما أعرفها. والثاني، يجب أن يكون هنالك نصوص واضحة تمنع الأحزاب من حمل السلاح، وأنا هنا أعرّف «حماس» بأنها تنظيم مناوئ للسلطة ما دام هناك انقلاب مستمر، وهذا أساس موجِّه للحكم في فلسطين. لكنني أعتقد أن التعامل مع «حماس» كتهديد لا يمكن أن يتم إلا عن طريق السلطة، وهذا قرار سياسي. لا مجال لمواجهة تهديد «حماس» بفوضى السلاح أو بتهديد مضاد من «فتح». ولهذا السبب أفهمت «فتح»، وأفهمت قادة الأجهزة الأمنية، أن هذه مسؤولية السلطة، والسلطة فقط. لهذا السبب أوقفنا، ولا زلنا نوقف أفراداً من تنظيمات أخرى، ومن «حماس»، على خلفية أمنية، بسبب وجود سلاح لديهم أو نشاط له علاقة بالأمن بشكل مباشر.

عند الحديث عن الحريات يجب أن ندافع عن الحرية الشخصية. وبالنسبة إلى الخلاف بيننا وبين «حماس»، صحيح أنه يتعلّق أساساً بالموضوع السياسي، لكن توجد أيضاً خلافات بمضمون ثقافي اجتماعي لها علاقة بمن نحن كفلسطينيين.

رؤية سلام فياض، نقتطف منها ما يلي :

سوف تظلّ دولة فلسطين دوماً دولة محبّة للسلام ورافضة للعنف، وهي دولة تلتزم بالتعايش السلمي مع جميع أعضاء الأسرة الدولية.

تؤكد الحكومة التزامها بالوحدة الوطنية القائمة على مبادئ وأسس وبرنامج منظمة التحرير الفلسطينية.

الانقسام الحاصل لا يدخل في باب الاجتهاد الناجم عن التعددية السياسية، بل هو انقلاب على هذه التعددية.

معالم المشروع السياسي لفياض : دولة تحت الاحتلال تقدّم الخدمات وتشرعن الاستيطان وتُسقط حقّ العودة

بقلم / مها عبد الهادي

كان الوصف الأنسب للتصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الفلسطيني غير الشرعي الدكتور سلام فياض في الثاني من نيسان/أبريل الماضي لصحيفة «هآرتس» العبرية أنها «الفوضى السياسية» بأكثر تجلياتها وضوحاً، والتي باتت تعصف بالساحة الفلسطينية، حيث وصل الكرم السياسي لحكومة أوسلو إلى حد التنازل عن حق الشعب الفلسطيني في وطنه، والعودة إلى أرضه التي هُجّر منها عام 1948، ومحاولة إنقاذ المشروع التسووي بالإعلان عن توطين اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية التي لا يعرف حتى الآن حدودها.

فقد قال فياض خلال المقابلة بالحرف الواحد في رده على سؤال حول اللاجئين، وإذا ما كانت السلطة تأخذ بالحسبان استيعابهم في أراضي الدولة الفلسطينية المستقبلية «نحن نعد البنية التحتية لاستيعابهم بالعيش داخل الدولة الفلسطينية». بل وزاد على ذلك بالقول «أنا لا يوجد لي مشكلة مع من يعتقد بأن (إسرائيل) هي أرض التناخ» -أي أرض من يدينون بشريعة التوراة. وذلك في تطبيق «فياضي» للمفاهيم التلمودية الصهيونية المبنية على كون أو اعتبار الضفة الغربية جزءاً لا يتجزأ من أرض الميعاد.

وفي هذا التصريح الخطير أعطى سلام فياض لنفسه الحق بإلغاء القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10 -12 -1948، والذي يؤكد على حق الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم التي هُجّروا منها بقوة السلاح وارتكاب المذابح والمجازر بحقهم.

وتكمن خطورة هذا الموقف الجديد أنه يمهّد لمواقف أخرى أشد خطورة تسعى للمسّ ببرنامج الإجماع الوطني، برنامج إنهاء الاحتلال، وحق العودة، وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس.

عدا عن ذلك، فإن موقف فياض بالتخلي عن حق العودة هو تسليم مسبق بالموقف الصهيوني بشطب قضية اللاجئين، وإقرار بالشرط الصهيوني بأن لا عودة للاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم، كما نص على ذلك القرار الدولي رقم 194.

مواقف مختلة

يرتكز موقف فياض على هرم خطة مختلة وضعتها حكومته تقول إن إنهاء الاحتلال يكون بإقامة مؤسسات الدولة، على اعتبار أن بناء مؤسسات الدولة، وإثبات الجدارة تحت الاحتلال يمكن أن يقود إلى إنهاء الاحتلال، رغم أن هذا الفهم خاطئ ويغطي حقيقة الاحتلال ومسؤوليته، ويظهر أن المشكلة الأساسية هي عدم جدارة الفلسطينيين، وعدم وجود مؤسسات دولة لهم.

والدولة التي يريدها فياض من خلال هذا الطرح هي «دولة الأمر الواقع»، لأنها الأمر المتاح والبديل الوحيد، مع علم طارحي هذه المواقف أن ذلك يصفي القضية الفلسطينية من كل جوانبها، وينكر أي احتمالات للتغيير المحلي أو الإقليمي والدولي.

وبمواقفه هذه، يصر فياض على تضليل أهل فلسطين حول مفهوم التحرر من الاحتلال من خلال تفريغ مفهوم التحرير من مضمونه الجهادي، وترجمة مفهوم بناء الدولة إلى مجرد تقديم الخدمات، على أساس مؤسسات تموّل من قبل الجهات الخارجية، من مثل ما تقوم به البلديات والمؤسسات الأهلية.

معالم مشروع فياض

ولم يكن تصريح الدكتور فياض الأول من نوعه، كما لم يكن حضوره ومشاركته بمؤتمر «هرتسيليا» بصفته كرئيس سلطة انتقالية برام الله صدفة. وبالطبع هكذا خطوات، وهكذا تصريحات لمسؤول فلسطيني يحظى بموافقة من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لم تكن عفوية أو فردية، بمقدار ما تمثّل نهج بالساحة الفلسطينية على مستوى قيادة الحكم الذاتي الذين تسابقت قياداتهم على تقديم التنازلات، سواء في مبادرة جنيف أو ما تلاها من مطالبة الدكتور سري نسيبة اللاجئين الفلسطينيين بالتخلي عن حق العودة من أجل القدس، في الوقت ذاته الذي كان رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو يصرح بالقول: «إن المستوطنات الإسرائيلية باقية، ومن حقنا أن نزرعها»، وقوله أيضاً إنه «لن تكون قدس شرقية بعد عشرة أشهر».

إن مشروع فياض التسووي ينطوي على عدد من المخاطر منها :

1- إن هذا الشخص ومشروعه السياسي يساهم في إطالة أمد الاحتلال، ويشكل غطاءً له في فرض وقائع على الأرض، من أجل ترسيم حدود الحل النهائي الذي يتجاوز ويقوّض حقوق الشعب الفلسطيني بالدولة، وتقرير المصير والعودة.

2- إن طرح خطة حكومة فياض بهذا الشكل والتوقيت، وفي ظل الانقسام الفلسطيني، وفي ظل تلقّف أوساط أمريكية وأوروبية ودولية وعربية وصهيونية لهذه الخطة، من أجل ملء الفراغ الناجم عن وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، إنما تأتي لخدمة الاحتلال، وجعلها تتلاقى مع خطة الحكومة الصهيونية حول السلام الاقتصادي والأمن، كبديل عن المفاوضات وعن الحل المتفاوض عليه. وهذا يساهم مساهمة كبيرة وخطيرة في إعفاء المجتمع الدولي من مسؤوليته عن حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً أو متوازناً. كما أن ضياع الوقت يقدم الفرصة للكيان الصهيوني لاستغلاله أسوأ استغلال لفرض أمر واقع صهيوني يقطع الطريق على الخيارات والبدائل الأخرى، ويؤدي إلى الاستمرار في تقسيم الشعب الفلسطيني.

فالدولة العبرية تتفاوض مع الفلسطينيين من أجل إضاعة الوقت بالدرجة الأولى لتغيير معالم الأرض عبر توسيع رقعة الاستيطان، وبالتالي خلق وقائع ميدانية عليها تحول دون إعادتها إلى أصحابها الشرعيين، وفق قرارات الشرعية الدولية. فكافة الحكومات الصهيونية المتعاقبة لم تؤمن يوماً قط بأن الضفة الغربية، وفي القلب منها القدس هي أرض فلسطينية.

وعندما نلاحظ أن الدولة العبرية وحكومتها اليمينية المتطرفة تسابق الزمن في تغيير المعالم الجغرافية بالضفة الغربية، وتعزز منظومة متكاملة من التمييز العنصري، وتقوم بتهويد القدس، وتصر على مبدأ يهودية الدولة، وتلتهم مساحات واسعة من الضفة بواسطة الجدار واستمرارها في تسمين الكتل الاستيطانية الضخمة، وتستمر في حصار قطاع غزة وتتعامل معه كمعتقل كبير، فإن خطة فياض لن تكون إلا مجرد كيف لا والإدارة الأمريكية تصرح دوماً أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار الوقائع الجديدة بعد عام 1967، وتقصد هنا المستوطنات، وصعوبة تحقيق الدولة الفلسطينية بهذه الحدود.

3- تهميش منظمة التحرير: فالمنظمة حتى الآن، رغم أن الدولة وليس مجرد الإعلان عنها من اختصاصها، لم تنبس ببنت شفه حول موقفها من خطة حكومة فياض، وهل توافق عليها أم ترفضها، وهذا الغياب تتحمل مسؤولياته اللجنة التنفيذية للمنظمة لأن المؤامرة القائمة الآن هي على الثوابت والحقوق الفلسطينية، وتأتي أصلاً من أطراف فلسطينية تمسك بالقرار الفلسطيني ومستعدة للتنازل عن الثوابت والحقوق. وليس فقط التنازل، وإنما العمل على الموافقة الشعبية لكل خطواتها التنازلية من خلال بناء مؤسسات وأجهزة تمثيلية لهذه السياسة.

4- شرعنة المستوطنات والمستوطنين: ففي الحل الذي يطرحه فياض حول خيار قيام دولة فلسطينية على خطوط الرابع من حزيران/يونيو عام 1967، كما قال في خطابه الشهير في جامعة القدس أبو ديس في شهر آذار/مارس الماضي، يطرح فياض قبوله أن تستوعب حدود الدولة الفلسطينية المنشودة أي يهودي يقبل أن يعيش في كنفها، وهذا التلاعب في المصطلحات السياسية يؤكد أن فياض يريد شرعنة المستوطنين والمستوطنات في أي حل قادم.

وفي مؤتمر حول الشرق الأوسط عقد في ولاية «كولورادو» الأمريكية، كانت تصريحات فياض صدمة سياسية لكل الساسة والمثقفين. ففي النبأ الذي أوردته «وكالة فلسطين اليوم» يومها، أجاب فياض بالموافقة بعد أن سأله رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) جيمس ويلس حول وضع المستوطنين في ظل وجود ربع مليون فلسطيني (فلسطينيي 48) في الدولة العبرية، الذين حسب رأيه يتمتعون بحرية كاملة، ووجّه ويلس حديثه لفياض «هل في حال أراد اليهود العيش في مدن مثل الخليل أو في مكان آخر في الدوله الفلسطينية المستقبلية، وتكون تلك الدولة دولة قانون، فهل سيحصل اليهود على الحقوق نفسها التي يحظي بها فلسطينيو الداخل؟!».

5- قلب للأولويات الفلسطينية: إن إعطاء الأولوية لبناء المؤسسات يعكس قلباً للحقائق رأساً على عقب، ويشكل محاولة للقفز عن المهمات الأساسية المتعلقة بالصراع تحت الاحتلال، والشروع بحل مهمات ما بعد انتهاء الصراع.

كما أن بناء مؤسسات الدولة، والتعايش مع الاحتلال، وخلق علاقات طبيعية معها، وإقامة تنسيق امني معها، سيجعل الدولة العبرية متمسكة بالاحتلال، وأقصى ما يمكن أن تقدمه من حلول هو الموافقة على إقامة دولة البقايا. فالدولة العبرية إذا حققت مزايا السلام منذ الآن وهي محتفظة بالاحتلال، فلن تكون بحاجة للسلام والانسحاب.

ومثل هذه الدولة إذا قامت لن تكون دولة بأية حال من الأحوال، وإنما دولة ذات حدود مؤقتة، وبلا سيادة. قد تكون بنسخة مطورة عن الصيغة الأولى المطروحة حولها، أي ستقوم على أكثر من 60 %، ويمكن أن تصل مساحتها إلى 70% إلى 80% أو أكثر قليلاً، إلا أنها ستكون دولة البقايا. دولة ستقوم بدون القدس وعلى أساس القفز عن قضية اللاجئين.

6- تطبيق للمخططات الأمريكية والأوروبية: فالآلية المقترحة من قبل فياض مبنية على الرؤية الخارجية الأمريكية والأوروبية التي اعتبرت عام 2003 أن الأزمة السياسية الفلسطينية مصدرها غياب الحكم الصالح، وانتشار ظاهرة المحسوبية والفساد الإداري والمالي، في محاولة لعكس الأولويات من حيث ضرورة تسليط الضوء على الاحتلال.

لن تُجدي نفعاً

إن التجربة التي أعطاها فياض حتى الآن قامت على تجريب استخدام آليات بناء مؤسسات الدولة، عبر خطط الإصلاح بالتوافق مع المفاوضات المباشرة منذ 2003 إلى الآن، ولكن هذه السياسة لم تجد نفعاً. وفياض منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، لم يقم بمحاسبة أي من المفسدين أو مستخدمي الموقع والنفوذ لتحقيق منافع فردية، وهو ما أبقى برنامج بناء الإصلاح الخاص ببناء الدولة شعاراً أكثر منه تطبيقاً.

وكل التصريحات التي درج فياض على إطلاقها منذ تسلّمه مهمة تصريف الأعمال لسلطة الحكم الإداري الذاتي مصيرها الفشل، لأنها تساهم فقط في إشاعة الأوهام الوردية لواقع يتصف بالألم واغتصاب الأرض والإنسان الفلسطيني.

فياض.. حارب حماس بصخب وأقصى «فتح» بهدوء واشترى اليساريين والمستقلين

أصبح من البديهي القول إن سلام فياض صاحب أجندة ومشروع غربي في فلسطين، فهو لا يختلف كثيراً عن الرجالات الذين صُنعوا تحت أعين الولايات المتحدة الأمريكية خلال العقود الماضية، وزرعتهم في البلاد العربية والإسلامية، وسقتهم بالمال والنفوذ والإعلام الموجه حتى صاروا مثل شوكة الحنظل.

فبعد فشل الرهان الأمريكي على دحلان ودوره الأمني، نتيجةً لحسم حماس العسكري وسيطرتها على غزة, لاقى دحلان تهميشاً أمريكياً، وانتقل الرهان الأمريكي إلى سلام فياض الذي وجد دعماً مالياً وسياسياً وأمنياً, ليقوم بتنفيذ الاستراتيجية الأمريكية في فلسطين.

وليس أدل على محورية هذا الرجل من مشاركته في مؤتمر «هرتسليا»، الذي يعدُّ من أهم المؤتمرات الصهيونية التي تهتم بوضع الاستراتجيات الإسرائيلية في فلسطين والمنطقة في شؤون الأمن والسياسة والاقتصاد.

كما يوصف «فياض» برجل المتناقضات الذي يلعب على وتر الخلافات، فهو الذي حارب حماس بصخب، وأقصى فتح بهدوء، حتى «يخلو الميدان لحميدان»، كما يرى في الوحدة الوطنية خطراً يهدد مستقبله، يسابق الزمان بشراء ذمم الفتحاويين واليساريين والمستقلين؛ بالمال تارة وبالمناصب تارة أخرى حتى يجعل منهم جنوداً مخلصين، يدينون بالولاء المطلق له، ليشكل جبهة قوية في وجه فتح قبل حماس، بحيث يصبح بقوة المال والنفوذ رقماً يصعب القفز عنه.

حرب على حماس

فياض أدار معادلة الواقع بشكل ذكي، فتصدى وخاصم تارة، واستمال واشترى تارة أخرى، فشنّ حرباً شعواء على حركة حماس العدو اللدود وغير القابلة للتطويع أو التدجين، وتمثلت تلك الحرب في القتل، والاعتقال والتعذيب، ومصادرة السلاح، والفصل من الوظائف الحكومية، وإغلاق الجمعيات الخيرية، ومصادرة الأموال والممتلكات، كما عمد لشراء العديد من الشخصيات الرفيعة في حركة فتح عبر المناصب والامتيازات.

الأمريكيون يعتقدون أن فتح حركة غير مضمونة الولاء، ويمكن شراؤها لمن يدفع أكثر، فقد استخدم عرفات المال في السابق لمحاربة العمل المسلح مرة ودعمه في أخرى. هذه المعادلة فهمها الاحتلال والغرب، ومن أجل ذلك لم يعد يثق بأي شخصية من داخل حركة فتح، ولهذا صُنع سلام فياض من خارج فتح، حتى يُحكم السيطرة على مصدر القرار عند الحركة، ويضمن عدم تكرار تجربة عرفات.

لن نسهب كثيراً في الحديث عن الخطوات التي قام ولا يزال يقوم بها فياض من أجل اجتثاث المقاومة من الضفة الغربية، فقد قيل في ذلك الكثير، لكن الخطير في مشروع فياض ترويجه لثقافة السلام والتعايش جنباً إلى جنب مع دولة الاحتلال، وأن المقاومة تجر الويلات والدمار على الفلسطينيين، عبر مشروعه «السلام الاقتصادي».

مدنيون أمام المحاكم العسكرية

انتهج فياض تقليعة جديدة من خلال جهاز الأمن الوقائي الذي يتبع وزارة الداخلية، وتمثلت تلك السياسة بعرض عناصر وقادة حركة حماس على المحاكم العسكرية، حيث أصدر بحق العشرات منهم أحكاماً قاسية تصل لمدة خمس سنوات بتهمة حيازة السلاح، ومناهضة سياسة السلطة.

شكّلت تلك المحاكم انتهاكاً صارخاً للقانون الفلسطيني الذي يمنع عرض المدنين على المحاكم العسكرية، لكن فياض سعى من خلال تلك المحاكم لردع كل من يفكر بمقاومة المحتل، كما أراد عزل العناصر التي تتبنّى الفكر المقاوم عن الجماهير وتغييبها في السجون.

استخدم فياض الجزرة في حربه على قوى المقاومة، فعمل أولاً على حل وإنهاء «كتائب شهداء الأقصى»؛ الجناح العسكري لحركة فتح، ودمج عناصرها بعد مصادرة أسلحتهم في الأجهزة الأمنية وترقيتهم ورفع مخصصاتهم المالية. وفي المقابل استخدم العصا ضد الذين رفضوا الانخراط في السلطة وترك العمل المقاوم، فعمل على اعتقال العشرات منهم والزج بهم في السجون، وسهّل اغتيال بعضهم على يد جنود الاحتلال كما حصل مع الشهداء رائد السركجي وغسان أبو شرخ وعنان صبح، عندما اختفى عناصر السلطة من شوارع مدينة نابلس قبل ساعات من عملية التصفية، كما أصبح العفو من المحتل والشطب من قوائم المطلوبين سيفاً مسلطاً على رقاب كوادر فتح، استخدمه فياض للتأكّد من عدم عودته للمقاومة.

سحب البساط

أصبح فياض بفعل المال والدعم الغربي رقماً سياسياً في الساحة الفلسطينية، رغم أن وصوله إلى قبة المجلس التشريعي جاء بعد أن حصلت كتلته (الطريق الثالث) على نسبة قليلة من الأصوات بفضل النظام النسبي.

سعى فياض جاهداً لتهميش دور حركة فتح السياسي، بحيث يصبح هو صاحب اليد الطولى في الأمور المصيرية الفلسطينية، ولذلك وُجد فياض في الأراضي الفلسطينية، من أجل القبول بجميع الشروط الأمريكية والإسرائيلية، والتوقيع على ورقة بيضاء تضمن التنازل المطلوب.

تخشى حركة فتح من تحجيم دورها السياسي التفاوضي، فقد نشبت خلافات حادة بين عباس وفياض حول إدارة الأخير لقنوات سرية بين السلطة من جانب وبين الاحتلال والولايات المتحدة من جانب آخر، فقد كان لفياض اتصالاته وقنواته الخاصة مع الأمريكان منذ تولّيه وزارة المالية في عهد عرفات. وبعد تولّيه رئاسة الوزراء في عهد عباس، حافظ على تلك القنوات، ولكن بشكل أوسع مما سبق وأوضح.

شكلت تلك القنوات قلقاً لعباس وتهديداً لمستقبله السياسي، حيث حاول مراراً أن يقطعها لكن دون جدوى، حتى برزت حدة الخلافات على السطح عندما طلب عباس من فياض أن يوحّد تلك الاتصالات بين السلطة والجانبين الصهيوني والأمريكي تحت قيادته، لكن فياض أدار ظهره لعباس واستمر في علاقاته تلك.

كما اتهمت قيادات فتحاوية «فياض» بإنشاء خط موازٍ لعباس ولحركة فتح، وبرزت دعوات متكررة من قبل قيادات فتحاوية في رام الله طالبت عباس بضرورة إنشاء حكومة فتحاوية خالصة، متهمةً إياه بتهميش فتح من الحقائب الوزارية، وهو ما كان بعد ذلك عندما أدخل بعض العناصر الفتحاوية على تشكيلته الوزارية الأخيرة، لكن بقي هو الآمر والناهي في مجلس الوزراء، وأضحى الوزراء الفتحاويون أقرب إلى الخط «الفياضي»، كما سيطرت حكومة فياض على مفاتيح التمويل والتوظيف في وزارات السلطة المختلفة، مما مكّنها من إحالة من لا يقبل بها إلى التقاعد.

وبموازاة ذلك كان فياض يعلن عن مشروعه السياسي القاضي بإقامة دولة فلسطينية من جانب واحد في عام 2011، الأمر الذي أثار حفيظة فتح، حيث وجّه عزام الأحمد رئيس كتلتها البرلمانية انتقاداً لفياض لدخوله على خط السياسة وتدخّله بصلاحيات الرئاسة والمنظمة، كما اعتبر الأحمد الخطة خروجاً عن دور فياض الذي حُدد بترؤسه حكومة تصريف أعمال دون التدخل بالشأن السياسي.

اشترى اليساريين والمستقلين

استمال فياض لدعم مشروعه السياسي العديد من اليساريين والمستقلين، وهم الحلقة الأضعف في سلسلة شراء الذمم والمواقف، والذين يسهل كسبهم ووضعهم في الجيب، لأن هؤلاء يذوبون أمام لمعان المادة وبريق الإعلام.

عيّن فياض في وزارته الأخيرة رياض المالكي وزيراً للشؤون الخارجية، والمالكي يساري وعضو سابق في الجبهة الشعبية، وقد ظهر نجمه بعد كيل الشتائم التي صبّها على حركة حماس ليدفع بذلك فاتورة دخوله إلى حكومة فياض، وعرف سر الرضا الفياضي والأمريكي. كما عيّن ماجدة المصري وزيرة للشؤون الاجتماعية وهي قيادية في الجبهة الديمقراطية، وأحمد مجدلاني وزيراً للعمل وهو الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، وسهام البرغوثي عضو المكتب السياسي في «فدا» وزيرة للثقافة، وعيّن د.غسان الخطيب مديراً للمركز الإعلامي الحكومي وهو القيادي البارز في حزب الشعب.

كما أدخل فياض بعض الشخصيات المستقلة والأكاديميين لتشكيلته الوزارية فعين د. علي الجرباوي المحاضر السابق في جامعة بيرزيت وزيراً للتخطيط والتنمية الإدارية، ولميس العلمي وزيرة للتربية والتعليم العالي، وهي ناشطة في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان.

فياض ومنظمة التحرير

لم تقتصر سيطرة فياض على حركة فتح وحسب، بل امتدت لتشمل منظمة التحرير الفلسطينية، فقد اتهم المجلس الوطني في جلسته المنعقدة بتاريخ 21 آب/أغسطس 2008 عباس بالعمل على اختطاف المنظمة والسلطة وحركة فتح، والعمل على إعادة صياغتها على المقاس الأميركي، وتركيز الصلاحيات بيد حكومة فياض المدعومة أمريكياً وصهيونياً.

فبعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية وقيامها بتشكيل الحكومة, قام عباس بتعيين فياض رئيساً للدائرة الاقتصادية لمنظمة التحرير ضمن عملية إعادة صياغة المنظمة، حيث سعى الأخير للهيمنة على المنظمة بطلبه أن تقوم حكومته باعتماد الهياكل التنظيمية لمؤسسات منظمة التحرير، كشرط لحصولها على التمويل الذي تحتاجه من خلال الحكومة الفلسطينية.

كما أصدرت حكومة فياض قراراًً يقضي بوجوب مصادقتها على هيكليات جميع دوائر المنظمة قبل دفع رواتب موظفيها، كما شكّلت لجنة فنية لإعادة دراسة جميع هيكليات دوائر المنظمة، القرار الذي عدته فتح في حينه بمثابة إحكام للسيطرة على الشريان المالي في المنظمة، كما بات فياض يشارك في اجتماعات اللجنة التنفيذية للمنظمة، مع أنه ليس عضواً حتى في المنظمة ذاتها، ولم يكن يوماً عضواً في أي فصيل فلسطيني.

واليوم أصبح فياض كالشوكة في حلق حركة فتح، فلا هي قادرة على بلعه واحتوائه، ولا هي قادرة على بصقه ولفظه، فهو «سرّ الدعم المالي». ومن المتوقع أن يستمر في تغوّله وإحكام سيطرته على مقومات السلطة ومنظمة التحرير، ما لم تتحقق المصالح الوطنية الكفيلة بإنهاء دوره المشبوه.

سلام فياض بعيون صهيونية : أضفى شرعية على التنسيق الأمني وأحبط إنجازات سياسية ونزع الشرعية عن النضال الفلسطيني

بقلم/ إبراهيم سعيد

اكتسب يوفال ديسكين؛ رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية الداخلية المعروف بـ«الشاباك»، شهرته من خلال ارتباطه بعمليات التصفية التي طالت آلاف الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وإلى جانب تحمّسه الشديد لعمليات القتل الممنهج ضد أبناء الشعب الفلسطيني، فإن ديسكين يحمل مواقف بالغة التطرف والعنصرية من الفلسطينيين جعلته دائماً يقف وراء العديد من السياسات المتشددة التي بلورتها الحكومات الإسرائيلية، بوصفه يقف على رأس الجهاز الأمني الذي يستند المستوى السياسي إلى توصياته.

ملك التنسيق الأمني

لكن على الرغم من كل ذلك، فإن ديسكين يبدو متحمساً جداً لوجود سلام فياض على رأس حكومة رام الله. وعلى الرغم من أنه كان له الدور الأبرز في نزع الشرعية عن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، إلا أنه من غلاة المتحمسين للتعاون مع فياض، وقد تحولت مداخلاته في جلسات الحكومة الإسرائيلية مؤخراً إلى مناسبة للتشديد على أهمية الدور الذي يؤديه سلام فياض في الحفاظ على الأمن الصهيوني. ويشير ديسكين بشكل تقليدي إلى ثلاثة إسهامات لفياض في هذا الجانب، حيث يتمثل الإسهام الأول في تطبيع التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة وبين الأجهزة الأمنية الصهيونية، فقد نجح فياض – وفق رأي ديسكين– في إضفاء شرعية على التنسيق الأمني لدى الأجهزة الأمنية. ويشير ديسكين في هذا الجانب إلى أن فياض هو الذي سمح لأول مرة لوسائل الإعلام الإسرائيلية بتغطية بعض جلسات التنسيق الأمني، وهو الذي حثّ قادة الأجهزة الأمنية على التوجه لوسائل الإعلام الإسرائيلية والفلسطينية واستخدام اللغة نفسها تقريباً في تبرير التنسيق الأمني.

ولا يفوت ديسكين في هذا المقال أن يذكّر وزراء الحكومة أن إسهام فياض تمثّل أيضاً في تكثيف التنسيق الأمني، بحيث تحوّل هذا التنسيق إلى مخرجات أمنية واضحة للعيان، تمثّلت في تحسّن الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية بشكل كبير.

لكن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي أبراهام أبراموفيتش، الذي ينتمي الى حزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف، يشير إلى «إسهام» آخر مهم لفياض يتمثّل في نمط «المقاومة السلمية» التي ابتدعها فياض، وتتمثل في السماح بتنظيم مظاهرات في نقاط محددة في الضفة الغربية، وتنحصر في كل من قريتي «بلعين» و«نعلين»، غرب رام الله، احتجاجاً على بناء جدار الفصل العنصري، حيث يشير أبرواموفيتش إلى حرص فياض على أن تكون هذه المظاهرات «انتقائية»، وتقتصر على مشاركة نخبة محددة دون السماح بمشاركة جماهيرية واسعة. وبصفته يقف على رأس الجهاز الشرطي في الدولة العبرية، يعتبر أبراموفيتش أن أسلوب فياض أفضل صيغة يمكن لدولته أن تتعامل معها، حيث إنه يُظهر أفراد الشرطة الإسرائيلية كـ«إنسانيين».

نزع الشرعية الفلسطينية

من ناحيته، يشير أمير أورن المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس» إلى حقيقة أن فياض عملياً نزع الشرعية حتى عن كل تحرّك نضالي فلسطيني ذي طابع جماهيري، وقدّم للفلسطينيين نموذجاً «مصطنعاً»، منوهاً إلى أن هذا السبب وراء حماسة حتى قادة الجيش الإسرائيلي للتعامل مع فياض. ويعتبر الجنرال آفي ميزراحي نموذجاً حياً للجنرالات الإسرائيليين الذين اكتشفوا الواقع الجديد الذين صنع فياض. حيث يقارن مزراحي؛ قائد قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، بين سلوك الفلسطينيين في عهد فياض وفي عهد كل من سبقوه، فيقول «يدرك المرء أن هناك سعياً حقيقياً من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة فياض لاجتثاث وجود الحركات الإرهابية في الضفة الغربية، لقد انتهت الألاعيب تماماً، ونجد تأثير التعليمات الصارمة التي يصدرها فياض للتعاون معنا، حيث يتمثل هذا ليس في قيامهم باعتقال كل شخص نقوم بتسليم اسمه لهم، بل ويوافقون على أن نقوم بعمليات مشتركة لمطاردة الإرهابيين كما حدث في أكثر من مرة، وتحديداً لدى تصفية بعض قيادات الجهاز العسكري لحركة حماس في الضفة الغربية».

وعن تأثير فترة فياض على قادة وكبار ضباط الجيش الصهيوني، يقول مزراحي إنه في ظل وجود فياض أصبح بإمكانه كقائد أن يتفرغ لقواته لإجراء التدريبات الميدانية بشكل لم يكن متاحاً من قبل، حيث أصبح هناك مزيد من الوقت للقوات لإجراء التدريبات، بعد أن تولت قوات فياض مسؤولية منع الجماهير الفلسطينية من الانخراط في العمل المقاوم.

ومن على منبر مؤتمر «هرتسيليا» متعدّد الاتجاهات، وجّه وزير الحرب الصهيوني إيهود باراك التحية لفياض لدوره في تحسين الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، وذلك عندما كان فياض يحضر أعمال المؤتمر. وقال باراك للذين حضروا المؤتمر من النخب اليهودية «حتى قادة المستوطنين باتوا يقرون كم ساهم الدكتور فياض في تحسين الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، هم يقولون إن ما قام به أدى إلى تغيير الأوضاع بشكل جذري وثوري لصالح الاستيطان اليهودي».

ويُجمع المعلقون الصهاينة على دور فياض في الحفاظ على الهدوء في الضفة الغربية، حتى في ظل أوج الاستفزازات الصهيونية، والتي بلغت حداً غير مسبوق عندما أعلن عن ضم المقدسات الإسلامية إلى قائمة المواقع الأثرية اليهودية، علاوة على شروع الاحتلال الصهيوني في الكثير من المشاريع الاستيطانية غير المسبوقة في الضفة الغربية. واللافت أن زعيم المستوطنين في الضفة الغربية بنحاس فالنتشاين يعتبر أن الهدوء الذي يسود الضفة الغربية، رغم الطفرة الاستيطانية غير المسبوقة، يدلل على أن الاستيطان ومشاريعه لم تعد تسبب تدهوراً أمنياً في الضفة الغربية، وهو ما يجعله يرى واجب تسريع وتيرة هذه المشاريع.

أما خيارات فياض السياسية فتحظى بقبول وحماسة لا يقل عن تعاونه الأمني لدى الكثير من النخب الصهيونية، سيما مشروعه للإعلان عن دولة فلسطينية في الضفة الغربية في ظل وجود الاحتلال.

تدمير إنجازات سياسية

فحتى سيلفان شالوم؛ نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي والذي يعتبر من صقور حزب «الليكود» اليميني الحاكم، يرى أنه بالإمكان التعايش مع خطة فياض بوصفها تمنح (إسرائيل) عملياً مواصلة إحكام السيطرة على الضفة الغربية. ويضيف «مقبول لدي التعاطي مع الخطة التي ينادي بها الدكتور فياض. وأعتقد أنه في حال وضع هذه الخطة موضع التنفيذ، فإن معظم أعضاء «الليكود» سيؤيدونها، على اعتبار أنها أفضل خطة سياسية بالنسبة للدولة العبرية». ويرى شالوم أن خطة فياض تعتبر عملياً أفضل من جميع الخطط التي قدّمها اليسار الإسرائيلي. بل إن شالوم يدعو قادة اليسار الصهيوني ألا «يكونوا ملكيين أكثر من الملك».

وبالفعل، فقد أحرجت خطة فياض قادة وممثلي اليسار الصهيوني، فهي أظهرتهم أكثر حرصاً على مصالح الفلسطينيين من ممثلي الفلسطينيين، وهو ما جعل سياسي يساري بارز مثل رئيس حركة «ميرتس» السابق يوسي بيلين يهاجم بشدة فياض ويتهمه بأنه «يدمر إمكانية حصول الفلسطينيين على إنجاز سياسي على الأرض». ويشرح بيلين في مقال نشره في صحيفة «إسرائيل اليوم» وجهة نظره، قائلاً «عندما يعلن فياض عن دولته في ظل وجود خريطة الاستيطان اليهودي على حالها في الضفة الغربية، فإن هذا سيمكّن الحكومة اليمينية الحالية في (إسرائيل) والحكومات القادمة من ضمّ بقية المناطق التي تقع خارج نطاق هذه الدولة، أي أن دولة فياض ستضم فقط التجمعات السكانية الفلسطينية، ويبقى في يد (إسرائيل) حوالى 80% من مساحة الضفة الغربية». ولا يفوت بيلين أن يقول إن «الثقة التي يعبّر عنها فياض عندما يتحدث، تثير استفزازه بشكل كبير، فهو يتعاطى وكأنه هو الذي سيكفل مصالح الفلسطينيين، وهو الذي يعمل على تدميرها».

لكن عكيفا الدار؛ المعلق السياسي في صحيفة «هآرتس»، يشير إلى «إنجاز» آخر لفياض يتمثل في صهينة الوعي الفلسطيني. ويقول الدار، الذي أجرى مؤخراً مقابلة مع فياض، إنه لم يكن يصدق ما تسمعه أذناه عندما سمع فياض وهو يتحدث عن أنه يعترف بأن فلسطين هي أرض التوراة، وعندما تحدث عن أنه يرى أن عودة اللاجئين يجب أن تكون إلى الدولة الفلسطينية التي ستقام على جزء من الضفة الغربية، وليس إلى المناطق التي شُرّدوا منها. ويشير الدار إلى أن فياض يستخدم لغة ومصطلحات لم يسبق أن استخدمها أي قيادي فلسطيني آخر.

لكن هناك بالطبع أصواتاً أخرى في الكيان الصهيوني تحذر من التعاون مع فياض مثل الكاتب والمفكر الصهيوني يغآل سيرنا. فسيرنا يحذر حكومة الاحتلال من عناق فياض، على اعتبار أنه في النهاية لن يكون قادراً على تنفيذ أي اتفاق يوقّعه مع الدولة العبرية، لأنه لا يستند الى تمثيل شعبي حقيقي، كما تعكس ذلك نتائج استطلاعات الرأي التي تجريها أيضاً مراكز البحث التابعة للأجهزة الاستخبارية الصهيونية.

سلام فياض : سيد أم أداة؟!

بقلم / د. عبد الستار قاسم

الدكتور سلام فياض، رئيس وزراء السلطة الفلسطينية القائمة في رام الله، لا يرتكز على ماضٍ نضالي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ولم يكن يوماً منخرطاً بحركة وطنية لا في فلسطين ولا في الأردن، ولا في أي بقعة من بقاع الوطن العربي، ولم يكن متحزباً أو عضواً في حزب من الأحزاب العربية، لكن من المحتمل وفق ما توارد إليّ من معلومات أنه قريب من الماسونيين أو المحافل الماسونية في الأردن. إذا صحّت المعلومات لدي حول علاقته بالحركة الماسونية، فإن توجهاته السياسية والاقتصادية لن تكون خافية، ولا بد أن تنسجم مع أهداف الحركة الماسونية والتي تنتهي، وفق رئيس محفل الإسكندرية المختفي، بإقامة هيكل سليمان كرمز للمحبة والسلام في هذا العالم.

أنا لست متأكداً من انتسابه للحركة الماسونية، لكنني على وعي بأن بيئته الاجتماعية في الأردن مصطبغة بالحركة الماسونية، وبيئته في فلسطين مصطبغة أيضاً، ولو جزئياً بالماسونية. ثم إن عمله في البنك الدولي يلقي بظلال قوية على هذه المسألة، حيث إن الوظائف في هذا البنك ليست مفتوحة لمن هبّ ودبّ من أصحاب الكفاءات، ومن المفروض أن تتعزز الكفاءات بمواقف أو توجهات سياسية على رأسها القبول بسياسات الولايات المتحدة الأمريكية، والعمل على تنفيذها على المستوى العالمي، والقبول بـ(إسرائيل) والاستعداد للعمل معها على مستوى المنطقة. وربما يعطينا حضوره المتكرر لمؤتمر «هيرتسيليا» السنوي الذي تعقده (إسرائيل) بهدف تقويم أوضاعها الحاضرة والمستقبلية مؤشراً قوياً على توجهاته السياسية، أو استعداداته لتمرير سياسات تتلاءم مع المتطلبات الإسرائيلية والأمريكية.

للتنويه أشير إلى أن الماسونية أخطر بكثير على العالم من الصهيونية، وهي ذات امتداد في أغلب دول العالم، وتشمل في عضويتها من كل الأديان والجنسيات على الرغم من أنها مقتصرة على الذكور فقط. إنما أعضاؤها هم من أصحاب النفوذ والتأثير في المجتمعات، والعدد الأكبر منهم من أصحاب القرار، وهم لا يصبحون أعضاء إلا بعد تدقيق وتوريط حتى لا يشذوا في النهاية عن السياسة المرسومة أو المطلوبة. هناك عدد من القادة العرب والفلسطينيين أعضاء في هذه الحركة، ولا يستغربنّ أحد أن العديد من الأنظمة العربية لا تتخذ قرارات أو مواقف يمكن أن تلحق أضراراً بـ(إسرائيل).

الركوب من أعلى

يتم الركوب عادة من أسفل إلى أعلى مثل ركوب الدابة، أو ركوب السيارة أو القطار، الخ. سلام فياض ركب قيادة الشعب الفلسطيني من أعلى، ولم يعمل من بين الناس أولاً لكي يكوّن لنفسه مصداقية، أو يجمع حوله بعض المؤيدين والأنصار. فجأة أصبح وزيراً للمالية الفلسطينية في عهد الراحل عرفات بقرار أمريكي. وقد أعرب الأمريكيون باستمرار عن إعجابهم به، وأثنوا عليه مراراً وتكراراً، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي بوش، وأصروا على بقائه وزيراً للمالية. الأمريكيون لا يمتدحون أحداً في منطقتنا العربية لأنه حر أو مجاهد، وهم في تاريخهم لم يمتدحوا إلا الذين يعملون على تنفيذ سياساتهم، ولديهم الاستعداد للقبول بحل مع (إسرائيل) وفق الرؤية الأمريكية، والتي هي الرؤية الإسرائيلية إلى حد كبير.

سقط الدكتور سلام فياض على الشعب الفلسطيني من أعلى، وأصبح مسؤولاً وصاحب قدرة على تنفيذ قرارات بين ليلة وضحاها. فلسطين مليئة بالكفاءات التي تفاعلت دوماً مع شعبها وعاشت الضيق والمعاناة والآلام، ولديها إحساس عميق بما يجري في فلسطين ومحيطها. لكن صاحب الشأن قرّر القفز وحرق كل مراحل الاستحقاق لينصّب من يرى مناسباً لسياساته، وأخذ بعد ذلك يتخذ خطوات ميكافيللية من أجل صناعة شعبية تؤهله للاستمرار والترقي. وطبعاً سياسة عرفات تتحمل الجزء الأكبر في هذه الدراما الفلسطينية، لأنه هو الذي مكّن الأمريكيين من رقاب الفلسطينيين من خلال لقمة الخبز، وهو الذي قاد برنامج الفساد في البلاد مما دفع الناس لتمني حاكم عدو على صديق جاهل.

لقد كتبت منذ سنوات، منذ أن تولى الدكتور سلام وزارة المالية، قائلاً إن وزير المالية سيصبح يوماً ما رئيس السلطة الفلسطينية. ها هو الآن رئيس وزراء، وما زال المجال مفتوحاً أمامه ليكون رئيساً للسلطة.

ومن المهم القول إن الدكتور سلام فياض لا ينقصه الذكاء ولا سعة الأفق، وهو قادر من الناحية الاقتصادية على أداء رسالة مهمة وخدمة الأمة إذا كان صاحب قرار. لكن المشكلة أنه يعاني من ضعف في المعرفة السياسية وتاريخ المنطقة، بخاصة بعد الغزو الصهيوني، وحسب تقديري إن المناصب قد أغرته فأقدم على قبول ما لا يجب قبوله.

الضرب على وتر الفساد

العلة الأساسية كانت في سياسات عرفات، ومنذ أن تربع على عرش منظمة التحرير الفلسطينية، والتي تميزت بالشخصانية والاستبداد وتغطية الإخفاقات بالادعاءات. لقد اتبع سياسة مالية وإدارية فاسدة جداً في الضفة الغربية وغزة بعد قيام السلطة الفلسطينية، أثّرت سلباً على معنويات الناس وأخلاقهم وتماسكهم الاجتماعي، وجعلت من الشعب الفلسطيني مهزلة أمام نفسه وأمام الآخرين. ولهذا لم تجد أمريكا والدول الغربية عموماً صعوبة بأن تنتصر لفكرة الإدارة الجيدة وحسن إدارة الأموال، من خلال التدخل في تنصيب هذا وذاك. عملت الدول الغربية من خلال «خريطة الطريق» على إقامة رئاسة وزراء فلسطينية، وأصرت على أن يكون السيد محمود عباس رئيساً للوزراء، وأصرت على أن يكون فياض وزيراً للمالية. وقد قالت للفلسطينيين مراراً إن الأموال لن تُرسل إلا إذا كان فياض هو وزير المالية.

الهدف النهائي المطلوب

الهدف النهائي الذي تعمل سلطات الاحتلال وأمريكا على تحقيقه هو تحويل الشعب الفلسطيني إلى مجرد أفراد يبحثون عن لقمة الخبز. إذا نجحوا في ذلك، فإن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني تذوب لأنها لن تجد شعباً يطالب بها. من الضروري قتل التفكير الجمعي لدى الناس في الضفة الغربية وغزة خصوصاً، وتعزيز التفكير الفردي بحيث يبحث كل شخص عن حلول لمشاكله لوحده وبمعزل عن الآخرين. هذا أيضاً هو هدف الفساد، أو أن الفساد يتم استعماله منذ عشرات السنوات للوصول إلى هذا الهدف.

الفساد المنسجم مع التفكير الفردي المنعزل عن المجتمع يؤدي إلى تحليل المحرمات، ويهبط بالمستوى الأخلاقي بصورة متسارعة ويؤدي إلى التفسخ الاجتماعي. وقد عملت الدولتان من خلال زبائنهما الفلسطينيين والعرب على هدم الصرح الأخلاقي للمجتمع الفلسطيني والذي لم يستطع الاحتلال المباشر هدمه، وعلى تمزيق الناس بحيث لا يهتم أصحاب العرس بجيرانهم الذين يودعون شهيدهم. وإذا ضُرب شعب بنسيجيه الأخلاقي والاجتماعي فإنه يحتاج إلى جهود جبارة وسنين طويلة ليعاود الوقوف على ساقيه. وإذا كان لهذا أن يتأتى، فلا بد من تجنيد فلسطينيين من ذوي الثقافات العالية والمؤهلات العلمية للقيام بالمهمة. والحقيقة أن فلسطينيين من هؤلاء يتزاحمون من أجل القيام بالمهمة، وهؤلاء هم عون كبير لرئاسة وزراء تعمل وفق الإرادة الغربية، ولوزارة مالية تتبع سياسات موجهة غربياً.

لتحقيق الانهيار الأخلاقي والتفسخ الاجتماعي لا بد من أدوات يتم استعمالها بكفاءة، أذكر منها:

1- تخريب التعليم سواء في المدارس والجامعات، وتحويله إلى تعليم ببغاوي يسلب الإنسان شخصيته ويحوله إلى مجرد عاهة يتلقى الأوامر من الآخرين. وهذه مسألة تتطلب دراسة مستفيضة لأن الوضع التعليمي في الأرض المحتلة عام 67 مأساوي بخاصة في الجامعات التي تحولت في أغلبها إلى مراكز مسيسة تخدم فئات سياسية على حساب الوطن.

2- التركيز على الثقافة الاستهلاكية لكي تتقلص اهتمامات الإنسان إلى جيبه ومعدته، ولكي يتحول إلى مجرد حيوان قادر على التفنن بأساليب الاستهلاك.

3- بعث ثقافة الكسل على حساب النشاط والإنتاج، وهذا وارد من خلال توظيف أكبر عدد ممكن من الناس في وظائف حكومية لا ضرورة لها، وتشجيع الاستيراد على حساب الإنتاج المحلي.

4- نزع الثقة من بين الناس من خلال الأجهزة الأمنية التي تعمل على مراقبة الناس وتخويفهم وإرهابهم.

5- قهر الناس من خلال الكبت حتى لا يفكر أحد بتحدي الوضع القائم والعمل على تغييره.

6- نفي الذات من خلال الاعتماد على الآخرين في البحث عن حلول لهموم ومشاكل الفلسطينيين، والتوجه دائماً بالشكاوى إلى ما يسمى بالراعي الأمريكي والأمم المتحدة.

7- تشجيع ثقافة النذالة على حساب الشهامة والعزة والإباء. سرعان ما يدق المرء على صدره متحملاً المسؤولية، ولا أحد يسبقه في الهروب.

فياض دور سلام

منذ اللحظة الأولى، ذكرنا الدكتور سلام فياض أن المال لن يجد طريقه إلينا إلا من خلاله، وعلى كل من أراد أن يأكل ألا يتمرد على الترتيب السياسي القائم. وقد عزز هذا السيد محمود عباس عندما قال إن الخبز أهم من الديمقراطية؛ أي الخبز أهم من الحرية. لقد ربطنا أهل الغرب من خلال اتفاق أوسلو واتفاقية باريس الاقتصادية بلقمة الخبز، وحوّلونا عبيداً لها. وربما هذه أول مرة في التاريخ تضع فيه قيادة لقمة خبز شعبها بيد عدوها، الأمر الذي يؤكد نظريتي حول القيادة الفلسطينية والتي تحدثت عنها عام 1979. تسلّم الدكتور سلام التركة، وعمل على تعزيزها، وتدريجياً تتحول أعداد متزايدة من الشعب الفلسطيني إلى مجرد عبيد للقمة الخبز. وهنا أُبرز النقاط التالية:

1- الدكتور سلام فياض يعمل أساساً كصراف، وإلى جانب ذلك يقوم بنشاطات هامشية. الشيء المهم الذي يقوم به هو تسلّم الأموال وتوزيعها وفق معايير عدة منها الرواتب.

2- يحاول التخلص من التنظيمات الفلسطينية ما أمكن. طبعاً الأجهزة الأمنية بقيادة كيث دايتون تتولى مهمة ملاحقة حركتي حماس والجهاد. أما الفصائل اليسارية فوجودها غير مؤثر، وهي مقربة من السلطة الفلسطينية، ولا يوجد لديها قدرة على التمرد أو التغيير، وتبقى حركة «فتح» هي العقبة الكأداء. وهنا تبدو المشكلة كالتالي: كم من أعضاء فتح يستطيع سلام فياض استقطابهم إلى جانبه ليصبحوا خارج الحركة ودون أن يستثير الحركة؟ أمريكا و(إسرائيل) معنيتان بعدم وجود تنظيمات فلسطينية حتى لو كانت موافقة على المفاوضات، لأن هذا يتناقض مع فكرة تذويب الشعب الفلسطيني، لكنهما أيضاً معنيتان بدعم «فتح» للدكتور سلام حتى لا تنهار حكومته، والتي لا ينتمي أعضاؤها للحركة. «فتح» معنية بدعم فياض، لأن الغالبية الساحقة من أعضائها يتلقون رواتب منه (أو الدول الغربية)، وفياض معني بالحصول على دعم الحركة حتى لا ينهار، وهو معني بالقضاء عليها حتى يبرز في الساحة على أنه بطل فلسطين ومخلّص الشعب الفلسطيني. المعادلة صعبة، لكنه حقق بعض النجاح حتى الآن.

3- العمل على تحسين صورته من خلال المزيد من المال، ومن خلال تسهيل الحياة الاستهلاكية للناس. وفي هذا أذكر الأساليب الميكافيللية التي يعمل على اتباعها:

أ‌- محاولة استثارة الشعب الفلسطيني وشد انتباههم من خلال أعمال تلهيهم مثل أكبر سدر (طبق) كنافة، وأكبر رغيف مسخن (أحد الأطباق الفلسطينية).

ب‌- مشاركة الناس من خلال افتتاح مشاريع صغيرة هنا وهناك، وهو حقيقة يطوف الضفة الغربية باستمرار قاصاً لأشرطة الافتتاح، وملقياً خطابات حول المستقبل الزاهر والدولة الفلسطينية القادمة.

ت‌- مشاركة الناس في أعمالهم الخاصة مثل قطف الزيتون وحراثة الأرض، وغير ذلك.

ث‌- التفاعل مع الناس في مناسبات مختلفة، مظهراً التواضع والشعور الملتزم بهمومهم.

4- الابتعاد عن فساد السلطة الفلسطينية وفضائحها.

5- محاولة الابتعاد عن صراعات الفصائل بقدر الإمكان.

هنا أشير إلى أن أعماله هذه أخذت تنقلب عليه، لأنه كثفها، وأخذت تبدو مصطنعة في عيون كثير من الناس. هذا ما نسميه في علم السياسة نهج ما فوق القتل overkill، والمعنى أن التكرار الممل يقتل الهدف منه حتى لو كان الهدف نبيلاً.

من يحكم الضفة الغربية؟

الدكتور سلام فياض ليس صاحب قرار، وكذلك السيد محمود عباس، وكلاهما حقيقة لا يوجد لديهما من العمل ما يملأ وقت فراغيهما. فياض يستهلك وقته بمحاولات صناعة صورة البطل، وعباس يكاد يغيب من الذاكرة على الرغم من سفرياته المتكررة.

الضفة الغربية محكومة من قبل الثلاثي: المخابرات المركزية الأمريكية CIA، والقنصل الأمريكي في القدس، والمنسق الأمني بين الفلسطينيين والإسرائيليين كيث دايتون. هذا الثلاثي هو صاحب القرار، وهو الذي يوجه الإدارة الأمنية للضفة الغربية، وهو الذي يجنّد الفلسطينيين للتجسس على شعبهم، وعلى العرب والمسلمين، وهو الذي يقدر التكاليف والمصاريف والاحتياجات المالية. طبعاً هذا الثلاثي لا يظهر على السطح، وإنما يبقى خلف الكواليس، مما يعطي انطباعاً لدى العديد من الناس بأن القرار فلسطيني. لا، القرار ليس فلسطينياً، والذي يأكل من خير غيره عليه ألا يظن أن قراره بيده. نحن فقط الوجه الفلسطيني للسادة الأمريكيين الذين ينسقون مع دولة الكيان. ولهذا، فإن الجريمة تكمن في تغطية فلسطينيين على جرائم وسياسات الأمريكيين التي تخدم الإسرائيليين. ومن ثم من يريد دولة عليه أن يتذكر:

زعم الفرزدق أن سيقتل مِربعاً فأبشر بطول سلامة يا مِربع

هذا الثلاثي تلقى ضربة قوية عندما سيطرت حماس على قطاع غزة، وشعروا بأن مشروعهم قد بات في مهب الريح. ولهذا اتبعوا الخطوات التالية والتي بدت في كثير من الأحيان فلسطينية:

1- العمل على حصار غزة حصاراً تاماً، من أجل إسقاط الوضع الجديد الذي تطور، وقامت الولايات المتحدة وسلطات الاحتلال بتجنيد دول العالم نحو هذا الهدف.

2- دعم (إسرائيل) في حربها على غزة عام 2008/2009 لإنجاز ما فشل الحصار في إنجازه.

3- إصدار الأوامر للأجهزة الأمنية لإزالة ظاهرة الزعران من شوارع القرى والمدن في الضفة الغربية، لأنها أساءت جداً لصورة السلطة، ومهّدت الطريق نحو فوز حماس في الانتخابات ونجاحها في طرد الأجهزة الأمنية الفلسطينية من قطاع غزة.

4- تكثيف ملاحقة أفراد حماس وتعذيبهم بشدة إلى درجة الموت.

5- إلهاء الناس بمزيد من المغريات الاستهلاكية، وصناعة ثقافة الرفاه على حساب المسؤولية الوطنية.

6- تجنيد المزيد من العملاء والجواسيس بهدف تحقيق مزيد من الاختراق في الصفوف العربية والفلسطينية، ومزيد من الانشقاقات في الداخل الفلسطيني. وإلى جانب ذلك إقامة المزيد من المراكز الأمنية، والمزيد من الرقابة على عمل الأجهزة الأمنية، وتدريب فلسطينيين ليكونوا ذراعاً قوية في ملاحقة ما يسمى بالإرهاب والإرهابيين.

7- الحرص على رفع رواتب أفراد الأجهزة الأمنية، وتقديم مزيد من الإغراءات لقيادات هذه الأجهزة.

8- التأكد من بلادة المنهاج التعليمي الفلسطيني، ومراقبة سير التعليم الجامعي، والتأكد من ابتعاده عن القيم الوطنية وأهداف التحرير.

9- الإنفاق وفق درجة الطاعة، كلما أطاع الفلسطينيون حصلوا على مزيد من المال.

10- إقامة بنية تحتية جديدة للفلسطينيين، بحيث يتحقق فصل بينهم وبين مجتمع المستوطنات الذي يتطور بسرعة في الضفة الغربية ومعه بنيته التحتية.

11- مطّ المفاوضات وتقديم الوعود، بهدف كسب الوقت المطلوب لتحقيق الهدف النهائي، وهو تحويل الناس إلى مجرد أفراد يبحثون عن لقمة الخبز.

12- الإصرار على مزيد من التطبيع مع (إسرائيل)، بخاصة من قبل المنظمات غير الحكومية والراغبة في الحصول على مزيد من الدعم.

السلطة الفلسطينية والحكومة برئاسة سلام فياض ليست بعيدة عن هذا الأمر، وهي لا تستطيع أن تستمر بدون التعاون في هذه الأمور. ومن يقبل التعيين من أحد خارج شعبه لا يستطيع الاستمرار بإرادة حرة، ومن كانت يده اليد السفلى لا بد أن يقبل البقاء في الحفر.

- المصدر : مجلة فلسطين المسلمة.

- العدد الخامس - السنة الثامنة والعشرون - أيار (مايو) 2010 م - جمادى الأولى 1431 هـ .


titre documents joints

سلام فياض : قصة الصعود الشخصي على أنقاض المشروع الوطني

8 تموز (يوليو) 2010
info document : PDF
1.3 ميغابايت

المشروع الذي يهدّد كل ما أنجزه الفلسطينيون



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 27 / 2182008

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2182008 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 64


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40