السبت 11 حزيران (يونيو) 2011

أوباما يتودد إلى «الدولة اليهودية»

السبت 11 حزيران (يونيو) 2011

بينما يلوح استحقاق انتخابي في عام 2012، يبدو أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يسعى بكل الطرق إلى استرضاء «اللوبي الإسرائيلي»، إلى درجة أنه رضخ لضغوط بنيامين نتنياهو وتحدث مؤخراً عن «دولة يهودية». وهو بذلك يخالف وثيقة الاعتراف الأمريكي الرسمي بـ «دولة إسرائيل» كما يبين الكاتب والقانوني الأمريكي جيف غيتس، الذي عمل فترة مستشاراً للحكومة الأمريكية، وذلك في مقال نشره في موقع «فلسطين كرونيكل» وقال فيه:

يأمل الرئيس باراك أوباما بتجنب كارثة دبلوماسية في سبتمبر/أيلول المقبل في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي ذلك الموعد، تعتزم دول أعضاء الدفع من أجل الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة. وفي الولايات المتحدة، اللوبي «الإسرائيلي» غاضب بشدة.

ويشكك منتقدون لهذا التحرك في امتلاك الجمعية العامة السلطة التي تخولها الاعتراف بدولة فلسطين. غير أن حماية سيادة دولة عضو كان هدفاً للأمم المتحدة منذ إنشائها. وهذا ما يفسر الأولوية التي أعطتها «إسرائيل» لاعتراف الأمم المتحدة بها بعد أن اعترف الرئيس الأمريكي هاري ترومان بـ «إسرائيل» يوم 14 مايو/أيار 1948، بعد إحدى عشرة دقيقة من إعلان الجيب الصهيوني في فلسطين نفسه دولة مستقلة.

غير أن ترومان رفض الاعتراف بالدولة المعلنة الجديدة باعتبارها «الدولة اليهودية» وبينما أشار الرئيس أوباما إلى «الدولة اليهودية» في خطاب ألقاه مؤخراً حول «الشرق الأوسط»، فإن ترومان كان في الأيام التي سبقت منحه الاعتراف، وبالتالي «شرعية» يتخوف من أن تؤدي تطلعات الحركة الصهيونية إلى دولة عنصرية أو دولة ذات حكم ديني.

ودواعي القلق تلك دفعت الزعيم الصهيوني حاييم وايزمان للسعي إلى كسب دعم ترومان، حيث بعث إليه برسالة من سبع صفحات لطمأنته إلى أن المستوطنين اليهود يعتزمون إقامة دولة علمانية بالكامل على غرار الولايات المتحدة وبريطانيا. وقد أكد ترومان هذا التفاهم عندما اعترف في وثيقة الاعتراف بـ «دولة إسرائيل»، وليس بـ «الدولة اليهودية» (وهو تعبير شطبه في الوثيقة).

والمواجهة الصعبة المرتقبة اليوم كان ينبغي توقعها عندما كذب وايزمان على ترومان بشأن نيات الحركة الصهيونية. وكما كانت الحال مع كل رئيس أمريكي منذ ذلك الحين، كان ترومان قد تعرض لخديعة.

وفي ذلك الوقت، حذرت هيئة أركان الجيش الأمريكي ترومان من «المفاهيم المتعصبة» للنخبة اليهودية الصهيونية التي سعت إلى الاعتراف بدولة شرعية. وحتى في ذلك الوقت، حذر القادة العسكريون الأمريكيون من أن هذا الجيب اليهودي المتطرف في فلسطين «يسعى إلى هيمنة عسكرية واقتصادية على مجمل الشرق الأوسط». غير أن ترومان، الذي كان مسيحياً صهيونياً، اختار أن يعتقد خلاف ذلك.

وألبيرت أينشتاين أيضاً شعر بالقلق. وقد وصف هو ويهود قلقون آخرون الحزب السياسي الصهيوني الذي سينتج مناحيم بيغن، وأرييل شارون، والآن بنيامين نتنياهو، بأنه «حزب فاشي» يحمل «الطابع الواضح لحزب فاشي».

ومنذ ذلك الحين، تحققت أسوأ مخاوف ترومان، مع فارق كبير، هو أن النتائج كانت أسوأ بكثير مما توقعه هو أو قادة هيئة الأركان. فمن أجل إقناع دول أخرى بتحمل هذا الجيب من المتعصبين، سعت الولايات المتحدة إلى إقناع جميع الجيران العرب تقريباً بأن «إسرائيل» لن تسعى لاكتساب مزيد من الأراضي.

ونحن نعرف الآن أن الصهاينة رأوا في الاعتراف بـ «دولة إسرائيل» مجرد ضمان موطئ قدم أولي في المنطقة ينطلقون منه لتوسيع أراضيهم وامتلاك نفوذ جغرافي سياسي من وراء واجهة شرعية وفرتها الولايات المتحدة.

وفي ذلك الحين أيضاً، أبلغ وزير الخارجية الأمريكي جورج مارشال ترومان بأنه إذا اعترف بهؤلاء المتطرفين دولةً مشروعةً، فإنه (مارشال) سوف يصوت ضده. وهذا الجنرال السابق في الحرب العالمية الثانية توقع ببصيرة نافذة الحركة الديناميكية التي ستعصف فيما بعد بالأمن القومي الأمريكي بينما كنا نحن الأمريكيين ندفع دماءنا وأموالنا من أجل دعم أهداف صهيونية.

والولايات المتحدة تظهر للعيان الآن مستحقة للوم بسبب تحالفنا مع جيب من متطرفين، مسلح نووياً ولديه حكم ديني، ويتبع في الداخل نظام فصل عنصري وفي الخارج سياسة توسعية.

وفي ذلك الوقت أيضاً حذر السلك الدبلوماسي الأمريكي ترومان من مغبة هذا الاعتراف، وكذلك فعل المجتمع الاستخباراتي وهيئة تخطيط السياسة في وزارة الخارجية. كما أن كلارك كليفورد، رئيس الحملة الانتخابية لترومان خلال حملة انتخابات الرئاسة عام 1948، حذر الرئيس من أنه إذا امتنع عن الاعتراف، فإن التمويل المتوقع من اللوبي «الإسرائيلي» للحملة الانتخابية لن يأتي.

وإذ نتقدم عبر الزمن إلى عام 1967، نجد أن هذه الشبكة العالمية ذاتها تهيئ المسرح لكي تفتعل نزاعاً مسلحاً بشكل تبدو فيه «إسرائيل» وكأنها في موقف الدفاع عن النفس. و«حرب الأيام الستة» تلك، التي صورت كأسطورة بطولية، أطلقت حركة تفاعلات جغرافية سياسية متسلسلة لا تزال تفعل فعلها حتى اليوم.

لقد تم التخطيط مسبقاً لذلك الاستفزاز. ولكن متى بالضبط؟ أحد جنرالات سلاح الجو «الإسرائيلي» اعترف بأن التدريبات في محاكاة نظرية للهجوم بدأت منذ أوائل الخمسينات. وفي الولايات المتحدة بدأ رئيس استوديو «يونايتد ارتيستس» السينمائي آرثر كريم، وزوجته ماتيلد، صداقة استراتيجية مع سيناتور ولاية تكساس ليندون جونسون، الذي كان قد أصبح رئيساً خلال حرب 1967، وعن طريق شراء ملك عقاري بالقرب من مزرعة جونسون، تمكنت ماتيلد وهي عميلة سابقة لمنظمة «الآرغون» الصهيونية، من إقامة علاقة مع جونسون، في حين كان زوجها يترأس اللجنة المالية للحزب الديمقراطي.

وفي الليلة التي بدأت فيها «الأيام الستة من اغتصاب الأراضي»، كانت ماتيلد تستمتع بليلة في ضيافة جونسون في البيت الأبيض.

ولولا ذلك العدوان الصهيوني، هل كانت «إسرائيل» ستتمكن من العيش بسلام مع جيرانها؟ لقد دبرت «إسرائيل» ومؤيدوها تلك التمثيلية المتقنة، وأخرجوها بشكل يبدو فيه الاستفزاز وكأنه دفاع عن النفس. وتلك الخدعة شملت أيضاً إخفاء حقيقة الهجوم «الإسرائيلي» على السفينة الحربية الأمريكية «ليبرتي»، وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل 34 أمريكياً وإصابة 175 آخرين.

واليوم، كما في الماضي، يصور «بنو إسرائيل» على أنهم ضحايا في عالم معاد، وكل من يشكك في هذا التوصيف يتهم بأنه «معاد للسامية».

وهذا الخداع المستمر لا يزال يقوض الأمن القومي للولايات المتحدة عند كل منعطف. وهذا الخداع بدأ قبل وقت طويل من التحذير الذي وجهه جورج مارشال والبنتاغون إلى ترومان مما سينكره هؤلاء المتعصبون على الفلسطينيين: الشرعية.

ونتيجة لثبات دعمنا على مدى أكثر من ستة عقود، تبدو الولايات المتحدة الآن مذنبة بفعل مشاركتها مع «إسرائيل» وإذا ما أصبح التصويت في الأمم المتحدة كارثة دبلوماسية، فلن نستطيع أن نلوم سوى أنفسنا.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2177423

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2177423 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 23


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40