السبت 11 حزيران (يونيو) 2011

بان كي مون ضد «أسطول الحرية»

السبت 11 حزيران (يونيو) 2011

الأمم المتحدة دعت إلى عدم إعاقة إرسال مساعدات إنسانية إلى غزة، فلماذا يحاول الأمين العام بان كي مون إغراق خطط نشطاء ومنظمات إنسانية لإرسال «أسطول حرية» جديد الشهر الحالي؟ سؤال طرحه وناقشه الكاتب البريطاني ستيوارت ليتلوود (مؤلف كتاب «راديو فلسطين الحرة» الذي يروي معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال)، وذلك في مقال نشره في موقع «انتفاضة فلسطين» وقال فيه:

«اعتراض السفينة، «مافي مرمرة» في أعالي البحار كان بكل وضوح عملاً غير قانوني».

هذا ما قالته الأمم المتحدة في تقرير بعثتها لتقصي الحقائق التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان من أجل التحقيق في انتهاكات القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، الناجمة عن الهجوم «الإسرائيلي» العام الماضي على أسطول من سفن كانت تحمل مساعدات إنسانية إلى غزة، وهو هجوم قتل خلاله تسعة أشخاص وأصيب كثيرون.

وقد أكدت البعثة في تقريرها الذي قدمته في سبتمبر/ أيلول الماضي أنها «مقتنعة بأن الحصار يلحق أذى غير متكافئ بالسكان المدنيين في قطاع غزة، ولهذا فإن اعتراض السفينة لا يمكن تبريره، ولابد بالتالي من اعتباره غير قانوني». والبعثة ترى «أن أحد الدوافع الرئيسة لفرض الحصار كان الرغبة في معاقبة سكان غزة لأنهم انتخبوا «حماس»». ومزيج هذا الدافع وتأثير القيود المفروضة على قطاع غزة لا يترك مجالاً للشك في أن أعمال «إسرائيل» وسياساتها تعادل عقاباً جماعياً حسبما حدده القانون الدولي، وليس من الممكن المجادلة بقانونية الاعتراض، وتبعاً لذلك، فإن البعثة تجد أن الاعتراض كان غير قانوني.

ولم يكن هذا كل شيء، فقد رأت البعثة أن الحصار البحري فرض لدعم مجمل تدابير الإغلاق، وهو بذلك كان جزءاً من إجراء نزاع مسلح غير متكافئ، ولا يمكن بأي حال اعتباره عملاً متكافئاً إضافة إلى ذلك. وجدت البعثة أن إجراء الإغلاق يشكل عقاباً جماعياً للناس الذين يعيشون في قطاع غزة، وهو بالتالي إجراء غير قانوني ومخالف للبند 33 من ميثاق جنيف الرابع [*(1)*].

وقالت البعثة أيضاً في تقريرها إن الإجراء الذي اتخذته القوة «الإسرائيلية» لاعتراض «مافي مرمرة» في أعالي البحار كان «بكل وضوح عملاً غير قانوني» ولا يمكن تبريره حتى وفقاً للبند 51 من ميثاق الأمم المتحدة «فيما يتعلق بحق الدفاع عن النفس».

إذن، ماذا كان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، يعتقد أنه يفعل عندما حاول تعطيل أحدث مسعى إنساني من خلال إرساله رسالة إلى حكومات الدول الواقعة حول البحر المتوسط ليدعوها إلى استخدام نفوذها من أجل صرف النظر عن إرسال أي أسطول جديد، مثل ذلك المقرر أن يبحر في أواخر يونيو/ حزيران، والذي رأى أنه «ينطوي على احتمال التصعيد إلى نزاع عنيف؟».

إن إرسال سفينة إغاثة إنسانية غير مسلحة لا ينطوي طبعاً على أي احتمال عنف، في حين أن احتمال العنف قائم فعلياً بسبب حصار بحري غير قانوني كان ينبغي على الأمم المتحدة أن تفرض إنهاءه منذ وقت طويل.

وقد قال بيان صحافي أصدره مكتب بان إن مثل هذه الأساطيل لا تساعد على حل المشكلات الاقتصادية الأساسية لقطاع غزة، وإن كان الوضع هناك لا يحتمل، وإن المساعدات والسلع المخصصة لغزة يجب ارسالها من خلال معابر شرعية وأقنية محددة.

كلا أيها الأمين العام، إن ما لم يساعد في حل المشكلات الاقتصادية الأساسية لقطاع غزة هو إخفاق الأمم المتحدة في القيام بواجبها في تنفيذ قراراتها وإخفاقها في تطبيق القانون الإنساني الدولي.

وعلى الأمين العام أن يذكر نفسه بقرار مجلس الأمن 1860 (لعام 2009) الذي «يشدد على ضرورة ضمان تدفق السلع والأشخاص على نحو مستمر ومنتظم من خلال معابر غزة»، والذي يدعو إلى تقديم المساعدة الانسانية، بما فيها الغذاء والوقود والعلاج الطبي، وتوزيعها من دون عراقيل في جميع أنحاء غزة.

بان .. «دون عراقيل»! هل يتعين علينا أن نشتري مكبر صوت؟

وما معنى الكلام عن إرسال المساعدات «من خلال معابر شرعية وأقنية محددة»؟ الجميع يعرفون أن تلك الأقنية، التي يديرها أولئك المجرمون أنفسهم الذين فرضوا الحصار، غايتها إعاقة تدفق كل شيء وكل شخص من غزة وإليها.

والوضع سيئ أصلاً لأن باراك أوباما الضعيف منشغل في إعادة كتابة القانون الدولي، والتحايل على قرارات الأمم المتحدة المزعجة، ومحاولة إعطاء أصدقائه الصهاينة الضوء الأخضر لكي يحتفظوا بالأراضي والموارد الفلسطينية التي سبق أن سرقوها ويحصلون على فرص لاغتصاب المزيد.

ولكن لمصلحة من أنت تعمل أيها الأمين العام ولماذا، بصفتك هذه، أنت لا تحث الدول الأعضاء الواقعة حول البحر المتوسط على القيام بواجباتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة، ولا تعمل لضمان مرور المساعدات إلى غزة مباشرة؟

إذا كنت لا تستطيع إقرار القانون الدولي، أو لا تصر على الامتثال لسلسلة قرارات الأمم المتحدة التي تطلب إنهاء الاحتلال «الإسرائيلي» والتوقف نهائياً عن العبث بالأراضي الفلسطينية، فأنت، تلحق الخزي بالأمم المتحدة، عليك أن تحزم حقائبك وترحل وتعود إلى بلدك كوريا، حيث سمعت أنك تشتهر بالخنوع.

والناطق باسم الأمين العام، مارتن نيسيركي، يردد المعزوفة ذاتها، ويقول إن أساطيل الحرية عديمة الجدوى، وهو يحث حكومة «إسرائيل» على اتخاذ إجراءات فعلية ذات معنى لإنهاء إغلاق غزة، في إطار قرار مجلس الأمن 1860، ويشدد على أن تشغيل معابر شرعية يجب أن يكون ملائماً بحيث يلبي احتياجات السكان المدنيين في غزة. ويا له من كلام رائع! فالجميع يعرفون أنك تستطيع أن تحث «إسرائيل» بقدر ما تشاء، ولكن «إسرائيل» لن تأخذ علماً إلا إذا أرغمت.

و«إسرائيل» عضو في الأمم المتحدة وهي موقعة على ميثاق الأمم المتحدة، الذي تنتهكه بسرور مراراً وتكراراً، وهي تخطط لمواصلة تحديها الجنوني للقانون، والأمم المتحدة، والرأي العام العالمي، من خلال ارتكاب الجريمة ذاتها واعتراض أسطول الحرية التالي.

في 30 مايو/ أيار نشرت صحيفة «هآرتس» تقريراً يظهر مدى تفاهة كلام بان ونيسيركي. وقال التقرير إن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو حذر من أن جيشه سوف يستخدم القوة إذا اقتضت الضرورة ضد أي شخص يحاول عصيان أوامر بحريته ويتوجه إلى شاطئ غزة، وهناك حديث أيضاً عن نشر قناصة.

من الواضح أن نشطاء السلام والناس المحترمين في العالم لا يمكنهم التطلع إلى الأمم المتحدة تحت إدارتها الحالية لكي تقوم بعمل. فهي لم تفعل أي شيء نافذ المفعول، رغم كثرة الكلام والتحرك. ولهذا، وبينما نحن ننتظر أن يأتي محل بان شخص يمتلك شجاعة وذكاء، ربما يتكرم نيسيركي ويشرح لنا كيف يمكن لأسطول إنساني أن يكون «عديم الجدوى»، علماً بأنه أسطول سيحاول اختراق حصار ظالم وغير قانوني تفرضه زمرة من منتهكي القوانين الذين يمكن أن يمثلوا قريباً أمام محاكم للرد على اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية؟

قبل شهرين، بعثت برسالة إلى النائب الذي يمثل دائرتي الانتخابية بشأن ضرورة حماية أسطول غزة المقبل من أي تدخل غير قانوني. وفي الرسالة، استفسرت عما إذا كانت أي ترتيبات قد اتخذت لحماية هؤلاء المدنيين من ذلك النوع من الاعتداء الدموي في أعالي البحار والذي أثار الاستنكار عبر العالم في العام الماضي. ولم يصلني رد من النائب.

والآن، البحر المتوسط يعج بسفن حلف الأطلسي من أجل الحرية والديمقراطية أو هكذا قيل لنا، ولن أفاجأ إذا ما بقيت هذه القوات البحرية بعيدة عن المنطقة التي تقوم فيها «إسرائيل» بغاراتها وتترك المتطرفين الصهاينة طليقي الأيدي لكي يرهبوا ويعتدوا على ركاب وأطقم غير مسلحين على متن أسطول شجاع صغير من سفن إغاثة إنسانية.

[**هوامش*]

[*(1)*] [**ميثاق جنيف الرابع هو الميثاق الدولي الخاص لحماية السكان المدنيين في زمن الحرب وقد تم تبنيه في عام 1949، وصادقت عليه 194 دولة.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6 / 2165848

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165848 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010