الأحد 12 حزيران (يونيو) 2011

المماحكات القانونية «الإسرائيلية» ضد مصر

الأحد 12 حزيران (يونيو) 2011 par د. عبد الله الأشعل

كبر على «إسرائيل» أن ترى مصر بلا مبارك كنزها الاستراتيجي ولذلك تنظر إليه وهو حسير في شرم الشيخ بعد أن عجزت عن حمايته من غضبة الشعب، وكوارثها النفسية تتوالى ولذلك فهمت «إسرائيل» الآن فقط مغزى كلام أولمرت رئيس الوزراء السابق خلال مشادة أهانت فيها ليفني وزيرة الخارجية حينذاك مبارك شخصياً وابتلع الإهانة بسبب عمق ما بين الرجل و«إسرائيل» واكتفى بالقول بأن ليفني تجاوزت جميع الخطوط الحمراء معي ولكني حريص على العلاقات مع «إسرائيل» يومها قال أولمرت ربنا يطول عمرك يا ريس والله ما نعرف من غيرك حنعمل إيه. طبعاً إذا كان الرئيس قد باع كرامته لـ «إسرائيل»، ولوى عنق مصر كلها لبلد بحجم القرية صغيرة فيها ولم يرحم مكانة مصر العظيمة التي سمحت لعصابته بالحديث باسمها، فقد وضعت «إسرائيل» وزير خارجية مصر السابق على القائمة السوداء، وهو في كل الأحوال كان تابعاً لمدير المخابرات في جميع تنقلاته، وكان طبيعياً أن يقول أنه سوف يكسر رجل أي فلسطيني يعبر إلى سيناء وكأنه رجل مغرق في الوطنية ضد أعدائها.

هذا الفراغ النفسي هو جوهر الأمر في تفسير موقف «إسرائيل» فضلا عما يزعجها في استعادة مصر لدورها الذي تراها طرحا من مشروعها وعبئاً عليه. فعمدت إلى هذه المناكفات القانونية التي ستظل رغم سطحيتها وتفاهماتها. في موضوع الغاز أطلق حلفاؤها التصريحات في الإعلام مهددين باللجوء إلى التحكيم الدولي ضد مصر لعدة أسباب منها أن مصر عجزت عن توفير الحماية لاستثمار أمريكي بعد أن باع حسين سالم حصته في الشركة التي تصدر لـ «إسرائيل» لأحد الأمريكيين. أي أن هذا الاتهام يريد أن يحتكم إلى الاتفاقية المصرية الأمريكية لحماية وتشجيع الاستثمار بافتراض أن الشركة قد أصبحت أمريكية، ولو صح ذلك لفقدت الشركة أصلا سبب تعاقدها بسبب التحايل وأصبح العقد باطلا لمجرد اخفاء الطرف الذي تم التعاقد معه وتغيير صفته، فقد تم التعاقد مع الشركة وهي مصرية والعقد وطني والقضاء المصري هو المختص بالفصل في منازعات العقد. وإذا أصرت الشركة في ثوبها الجديد على الاحتكام إلى مركز واشنطن فهي قضية محكوم عليها بالفشل، بل تطلب مصر تعويضات عما أصابها من النظام المتآمر السابق. ولذلك يجب أن نسارع إلى تقديم مبارك وأعضاء عصابته ممن يطلق عليهم سياسياً الآن آل مبارك إلى محاكمة سياسية لأن هذه المحاكمة سوف تسمح بإعادة النظر في جميع العقود والمعاهدات التي أبرمها النظام نيابة عن مصر وتطبيق نظرية الصحيفة البيضاء التي يسمح للدولة التي تستقل حديثاً بألا تقبل من التزامات المحتل نيابة عنها إلا ما يتعلق منها بمصالحها. هذه حالة شاذة، فالعادة أن تلتزم الحكومة الجديدة بكل المعاهدات التي أبرمتها الحكومات السابقة كما فعل المجلس العسكري، ولكن المحاكمة السياسية لمبارك ونظامه سوف تسمح بالاستفادة من المليارات التي منحها مبارك للأطراف الأجنبية في العقود وعودتها إلى الشعب المصري.

أما المماحكة الثانية فهي التلويح باللجوء إلى التحكيم بسبب إخلال مصر باتفاقية السلام، وهذا قول مردود، ذلك أن مصر حرة في أن تفتح المعبر أو تغلقه ولا علاقة للمعبر بمعاهدة السلام، وعلى أية حال فإن المادة السابعة في المعاهدة تقضي بأن أي نزاع حول تفسير المعاهدة أو تطبيقها يجب أن يحل أولاً بالمفاوضات ثم بالتوفيق وأخيراً بالتحكيم.

الهدف من هذه المماحكات إشعار المجتمع المصري بالتوتر ليدفع ثمن تحرره، والحكومة المصرية بالإرباك حتى تتردد في سياساتها التحررية. وقد يكون من المناسب إنشاء مركز لإدارة الأزمة يقرر ما يرسل للإعلام والرأي العام ويستعد لكل الاحتمالات، فالمؤامرات لن تنتهي والمماحكات لا تتناهى.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2165908

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165908 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010