الاثنين 13 حزيران (يونيو) 2011

بالأسماء والوقائع .. أهل التطبيع (الحلقة الرابعة)

تحقيق وتوثيق : شفيق أحمد علي
الاثنين 13 حزيران (يونيو) 2011

[**عبد المنعم سعيد يعترف بتلقي 200 ألف دولار للإنفاق على مؤتمر للتطبيع*]

شريك عبد المنعم سعيد الضابط السابق في المخابرات «الإسرائيلية» يقول : التطبيع يجعلنا نعرف ما تعجز عن رصده الأقمار والأجهزة التجسسية. وعبد المنعم سعيد يعترف بتلقي مئتي ألف دولار للإنفاق على مؤتمر للتطبيع ولم يحاسبه أحد حتى الآن.

كيف تحولت مقالات عبد المنعم سعيد إلى بلاغات أمنية ضد الرافضين للتطبيع؟ وما الأسباب التي جعلته يقاتل للاستمرار في تقديم برنامجه «وراء الأحداث» في التلفزيون المصري؟

في لجنة السياسات يسمون جمال مبارك الأستاذ، فهل تعرف الاسم «الحركي» للدكتور عبد المنعم سعيد في «الأهرام»؟

في الحلقة الماضية، رأينا كيف أن الدكتور عبد المنعم سعيد مدافع «صنديد» عن التطبيع والتركيع وتوريد المطبعين للصهاينة والمحتلين.

وفي الحلقة الماضية أيضاً: رأينا كيف أن «الريشة» التي على رأس عبد المنعم سعيد، منعت مجلس نقابة الصحفيين، من أن يعاقبه مثلما عاقب غيره بسبب التطبيع مع الصهاينة، رغم أن المجلس أصدر قراراً بإحالته للتحقيق في 6/8/1997 أي منذ ثلاثة عشر عاماً وأكثر. ومن فرط احترام عبد المنعم سعيد للنقابة وقراراتها لم يحضر التحقيق حتى الآن، ولم يتوقف عن التطبيع والتطبيل للفساد والطغيان، ولا عن إصدار «الفتاوى» التي تبرر جرائم الصهاينة والأمريكان. وبفضل نفس «الريشة» التي على رأس الدكتور، مازال يتقدم صفوف المطبعين من دون أن تطرف له عين.

ومن باب التذكرة لمن باعوا الذاكرة أو صهينوها، كان عبد المنعم سعيد «وشركاه» قد أنشأوا جمعية أهلية للمتصهينين ودعاة التطبيع، وهذه الجمعية مسجلة باسم «جمعية القاهرة للسلام» ومشهرة برقم 292 لعام 1998 في وزارة التضامن الاجتماعي وقت أن كان اسمها وزارة الشؤون الاجتماعية.

صحيح أن اسم «جمعية القاهرة للسلام» ذكرني بأن دكان الجزارة المواجه لمبنى «روزاليوسف» والذي ضبطوه يبيع لحوم «الحمير» كان صاحبه يكتب عليه بالخط العريض «جزارة الأمانة» قبل أن تغلقه الحكومة منذ خمسة عشر عاماً تقريباً وتقدم صاحبه للمحاكمة بتهمة مخالفة القانون، لكن «الريشة» التي على رأس الدكتور عبد المنعم سعيد منعت الحكومة نفسها، أي حكومة الحزب الوطني المنحل، من إغلاق دكان التطبيع إياه لصاحبه عبد المنعم سعيد «وشركاه» ومنعت محاكمته، رغم أنه يسمى الدكان وبالخط العريض (جمعية القاهرة للسلام) .. والقانون الذي تقول الحكومة إنه فوق القريب والبعيد، وليس فيه زينب ولا عبد المنعم سعيد، يمنع الجمعيات الأهلية من العمل بالسياسة أو تلقي أموال أجنبية، رغم أن الدكتور اعترف بذلك علناً، ولم تجرؤ الحكومة على محاسبته، بحجة أن على رأسه ريشة، من دون أن تحدد طبعاً جنسية هذه الريشة، التي جعلت النقيب مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين هو الآخر، لا يحاسب عبد المنعم سعيد حتى الآن، لا على سفره إلى «إسرائيل» وعضويته في دكاكين التطبيع إياها، ولا على عدم امتثاله لقرار مجلس النقابة بإحالته للتحقيق طوال الثلاثة عشر عاماً الماضية، حتى بعد أن أصدر النقيب مكرم محمد أحمد والمجلس الحالي، قراراً مماثلاً بإحالة كل من الزميل حسين سراج بمجلة «أكتوبر» بسبب سفره إلى «إسرائيل»، وكذلك الدكتورة هالة مصطفى رئيسة تحرير مجلة «الديمقراطية» التي تصدر من مؤسسة «الأهرام»، بسبب استقبالها للسفير «الإسرائيلي» في مكتبها بـ «الأهرام»، رغم أنها زميلة الدكتور عبد المنعم سعيد في «الأهرام»، وفي التطبيع، وفي نقابة الصحفيين أيضاً، وهو القرار الذي امتثل له الزميلان وحضرا التحقيق الذي انتهى، حسب ما نشرته جريدة «الأهرام» نفسها في 3/2/2010 بمعاقبة الزميل حسين سراج بالوقف عن ممارسة مهنة الصحافة لمدة ثلاثة شهور، علماً بأنه ارتكب نفس المخالفة التي ارتكبها الدكتور عبد المنعم سعيد ولم تعاقبه النقابة حتى الآن، وهي السفر إلى «إسرائيل» .. لكن حسين سراج ليس على رأسه ريشة فيما يبدو، لا هو ولا الدكتورة هالة مصطفى التي لم يشفع لها هي الأخرى فيما يبدو، أنها زميلة الدكتور عبد المنعم سعيد في «الأهرام»، وفي التطبيع، وفي لجنة السياسات إياها، ولم تشفع لها أيضاً فيما يبدو، صورتها التي انفردت بها جريدة «روزاليوسف» على صفحتها الأولى في الجمعة 2/7/2010 وهي تحمل أحد كلاب السفيرة الأمريكية في القاهرة مارجريت سكوبي، وبجوار الصورة عنوان يقول حرفياً وبالخط العريض: (قبلة هالة مصطفى لكلبي السفيرة الأمريكية في حفل عيد الاستقلال) .. وفي التفاصيل قالت جريدة «روزاليوسف» إن (الدكتورة هالة مصطفى كانت نجمة الحفل) الذي أقامته السفارة الأمريكية في القاهرة بمناسبة عيد الإستقلال الأمريكي، وإنها حرفياً (أبدت اهتماماً كبيراً بكلبي السفيرة الأمريكية مارجريت سكوبي حيث حملتهما الدكتورة هالة وربتت عليهما ثم قبلتهما، وهو ما كان مثار تعليقات الحضور) .. انتهى ما قالته جريدة «روزاليوسف»، عن الدكتورة هالة وقبلاتها لكلبي السفيرة الأمريكية في القاهرة، لكن يبدو حتى المطبعين والمطبلين وأعضاء لجنة السياسات، بينهم (خيار وفقوس)، لأن تحقيق نقابة الصحفيين مع الدكتورة هالة، التي حضرت التحقيق على عكس زميلها عبد المنعم سعيد، انتهى بمعاقبتها بعقوبة «الإنذار».

[**أبو «ريشة»*]

وعلى سبيل البيان والتبيين: إذا تصادف وسمعت أحد الصحفيين بمؤسسة «الأهرام» يتحدث مع زميله ويقول «أبو ريشة» فاعلم أنه يقصد الدكتور عبد المنعم سعيد، ذلك لأن الاسم الحركي للدكتور بين الصحفيين هو «أبو ريشة» من كثرة خيلائه بالريشة التي فوق رأسه، والتي جعلته بالإضافة إلى ما سبق، ومن فرط الموضوعية، يضع صورته البهية باستمرار، في الصفحة الأولى لـ «الأهرام» تنويهاً بمقاله بالداخل، وهو ما لم يكن يحدث قبل تربعه على عرش «الأهرام»، ورغم أن «الأهرام» يستكتب ويكتب به من الكتاب والصحفيين من يستحقون حقاً أن تنشر صورهم في الصفحة الأولى قبله، من دون أن يكونوا رؤساء تحرير أو رؤساء مجالس إدارة، لكنها «العزب» الحكومية المسماة بالصحف القومية، التي ورثها هو وبقية كتبة الحكومة، عن جدهم الأكبر المسمى بالحزب الوطني الديمقراطي، الشهير «بالكذب» الحاكم الذي كان جاثماً على صدور المصريين منذ ثلاثين عاماً وأكثر، من فرط الديمقراطية.

سين سؤال : قلت منذ سطور، إن الدكتور عبد المنعم سعيد، المدافع الصنديد عن التطبيع وسنينه، اعترف علناً بأن السبوبة التي يسمونها «جمعية القاهرة للسلام» تلقت أموالاً أجنبية رغم أن قانون الجمعيات الأهلية يحظر ذلك .. فأين ومتى اعترف الدكتور، وكم بالضبط هي الأموال التي تلقتها الجمعية، ومن أي جهة أجنبية جاءتها هذه الأموال الحرام باسم السلام؟

جيم جواب : المرحوم صلاح بسيوني، وقت أن كان رئيساً لتلك السبوبة أو الدكانة، المسماة «جمعية القاهرة للسلام» وعلى صفحات جريدة «الحياة» اللندنية في 24/6/1999 وأيضاً في برنامج (بلا حدود) الذي يقدمه أحمد منصور، والذي بثته قناة «الجزيرة» في 28/7/1999 ومن بعده الدكتور عبد المنعم سعيد على نفس قناة «الجزيرة» مساء 3/8/1999 كل منهما من دون أن يخشى المحاسبة اعترف صراحة، والشريط موجود، بأن الجمعية تلقت من الحكومة الدنماركية (مئتي ألف دولار) أي ما يزيد على مليون جنيه مصري. لماذا؟ لأن الدكتور «وشركاه» من أعضاء الدكان إياه، كانوا قد أنشأوا بالاشتراك مع عدد من الصهاينة القتلة، دكاناً، أو وكراً تطبيعياً آخر، أعلنوا بيان إنشائه في 30 يناير/كانون الثاني عام 1997 وأسموه (تحالف كوبنهاغن للسلام) نسبة إلى مدينة كوبنهاغن عاصمة الدنمارك التي استضافت اللقاءات التي جرت بين المطبعين المصريين وشركائهم الصهاينة التي سبقت إعلان هذا «التحالف» .. أما لماذا الدنمارك بالذات وما مصلحتها في أن تستضيف هذه اللقاءات أو تمول هذا التحالف، فلم يرد عبد المنعم سعيد في كل كتاباته على هذا السؤال إلى الآن .. حتى في برنامج (بلا حدود) حينما سأل المذيع أحمد منصور نفس السؤال للسفير صلاح بسيوني، الذي شارك هو وعبد المنعم سعيد في هذه اللقاءات، لم يجد الرجل ما يرد به على السؤال سوى جملة واحدة قال فيها نصاً : (كل شيء تم تحت رعاية الحكومة الدنماركية) .. ولم يقل طبعاً أن السبب الحقيقي هو أنه لا يصح أن يظهر بشكل سافر أن «إسرائيل» أو أمريكا تقف خلف مثل هذه الأوكار والدكاكين، وهذا ليس كلامي وإنما له مصدران، المصدر الأول فلسطيني والثاني «إسرائيلي».

[**من التطبيع إلى الهيمنة*]

المصدر الأول، أعني به كتاب الدكتور غازي حسين الذي صدر عام 1998 عن اتحاد الكتاب العرب بعنوان : (القمم والمؤتمرات الاقتصادية والأمنية من التطبيع إلى الهيمنة) وقال فيه بالحرف : (من خلال عملي في فيينا كممثل لمنظمة التحرير الفلسطينية، ثبت لي أن المخابرات المركزية الأمريكية ترعى وتمول جميع اللقاءات العربية اليهودية، واللقاءات الفلسطينية «الإسرائيلية») .. أما المصدر الثاني أو المصدر «الإسرائيلي»، فهو جريدة «هآرتس» «الإسرائيلية» التي نشرت في 3/2/1997 مقالاً دامغاً كتبه محررها للشؤون العربية «داني روبنشتاين» وترجمته ونشرته في عدد مارس 1997 مجلة «مختارات «إسرائيلية»» التي تصدر شهرياً عن مؤسسة «الأهرام» .. وفي هذا المقال اعترفت الصحيفة «الإسرائيلية» بأن فكرة دكان التطبيع إياه، لصاحبه عبد المنعم سعيد وشركاه المسمى (تحالف كوبنهاغن للسلام) هي فكرة صهيونية في الأساس، وصاحبها تحديداً ضابط سابق في المخابرات «الإسرائيلية» اسمه ديفيد كيمحي .. تقول الصحيفة «الإسرائيلية» نصاً : (فكرة المنظمة الجديدة، أي تحالف كوبنهاغن، ولدت قبل عدة أشهر خلال زيارة للقاهرة قام بها ديفيد كيمحي، وكان معه في هذه الزيارة الصحفي «الإسرائيلي» دان ناحوم بونديك، ورغم المقاطعة المستمرة التي تفرضها دوائر واسعة في مصر على إجراء اتصالات بـ «الإسرائيليين»، نجح الاثنان في ترتيب عدة لقاءات لمفكرين «إسرائيليين» ومصريين في الدنمارك) .. ولماذا الدنمارك؟ لأن دان ناحوم بونديك الذي وصفته صحيفة «هآرتس» بأنه (صحفي «إسرائيلي») هو الآخر في الحقيقة، ووفقاً لما جاء بالحرف في كتاب الدكتور غازي حسين (عميل للموساد) ويحمل الجنسيتين «الإسرائيلية» والدنماركية، ويتستر خلف العمل رئيساً لتحرير مجلة «بولتيكان» الدنماركية، واصطحب معه إلى القاهرة الدبلوماسي الدنماركي توريين بريل مسؤول العلاقات بين العرب و«إسرائيل» في وزارة الخارجية الدنماركية، بل وحضر أيضاً الكثير من اللقاءات التي سبقت إعلان تحالف كوبنهاغن، بهدف إحداث ما أسماه الدكتور غازي حسين في كتابه (اختراق في الجبهة الثقافية المصرية) وأسمته صحيفة «هآرتس» «الإسرائيلية» في نفس مقالها (إيجاد قاعدة شعبية للتطبيع بعد أن أصبح من الواضح للعيان أن معاهدة السلام بين مصر و«إسرائيل» تقترب من عامها العشرين، ورغم ذلك مازالت العلاقات والحوارات محصورة بين المسؤولين في البلدين) .. لهذا قام دكان التطبيع إياه لصاحبه عبد المنعم سعيد «وشركاه» المسمى (جمعية القاهرة للسلام) بتلبية رغبات الصهاينة في (إيجاد قاعدة شعبية للتطبيع) وعقدت في فندق ماريوت بالزمالك مؤتمراً سياسياً شهيراً يومي الخامس والسادس من يوليو/تموز عام 1999.

وللأمانة : هناك أيضاً روايتان، أو شهادتان مصريتان تتعلقان بسبوبة كوبنهاغن وأعضائها المصريين لا يصح تجاهلهما .. الرأي الأول أو الشهادة الأولى صاحبها زميل الدكتور عبد المنعم سعيد في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ «الأهرام»، وهو الدكتور «عبد العليم محمد» وكان وقتها رئيساً لبرنامج البحوث «الإسرائيلية» بنفس مركز الدراسات بـ «الأهرام»، وقد أدلى بشهادته هذه، عقب الإعلان عما أسموه وقتها تحالف كوبنهاغن للسلام، في مقال منشور بجريدة «الحياة» اللندنية صباح 25/2/1997 وفي هذا المقال، بعد أن قال الدكتور عبد العليم محمد إن (توجه «إسرائيل» للتطبيع مع العرب متناقض مع الصلف والعسف والاستعلاء الذي تزخر به ممارساتها) قال أيضاً بالحرف : (هذه الفئة من المثقفين أعضاء تحالف كوبنهاغن أفسدها التطلع إلى النفوذ والسلطة ).. هذه هي الشهادة الأولى في حق عبد المنعم سعيد وأمثاله، وحقيقة دوافعه من فتاوى التطبيع والتركيع إياها.

[**دور محدد ومرسوم*]

أما الشهادة الثانية، فصاحبها ليس زميل الدكتور عبد المنعم سعيد، وإنما هو «أستاذه» ومستشار مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ «الأهرام»، الكاتب الكبير الأستاذ «السيد ياسين» الذي فضح حقيقة ادعاءات الدكتور عبد المنعم سعيد وجماعته، في مقال دامغ لم يستطع أن يرد عليه الدكتور حتى الآن .. وفي هذا المقال المنشور بجريدة «الأهرام» في 22/7/1999 كتب السيد ياسين بالحرف : (ادعاء أعضاء حلف كوبنهاغن أنهم يمثلون جمعية أهلية تدعو للسلام ليس صحيحاً بالمرة .. لأن مجموعة كوبنهاغن في حقيقتها، ليست سوى مجموعة من المثقفين والسياسيين يعملون تحت الإشراف الدقيق لوزارة الخارجية المصرية، ولو اعترف أعضاء حلف كوبنهاغن بذلك علناً، ما تعرضوا لهذا الهجوم الصاعق من رافضي التطبيع، لسبب بسيط هو أن أعضاء حلف كوبنهاغن يقومون بدور محدد رسمته لهم بدقة وزارة الخارجية المصرية، وتحت إشرافها الدقيق)، وهذه شهادة أخرى تفضح حقيقة عبد المنعم سعيد وجماعته، قالها السيد ياسين على صفحات «الأهرام»، وترك من يومها وحتى الآن، سؤالاً كبيراً يقول : هل من يقبل على نفسه أن يكون أداة في يد وزارة الخارجية المصرية، يمكن أن يكون أداة في يد غيرها)؟ ثم : لماذا صمت الدكتور عبد المنعم سعيد ولم يرد على أستاذه السيد ياسين، منذ مؤتمر التطبيع الذي عقدوه في فندق «ماريوت» وحتى الآن؟

بالمناسبة : إذا كنت مازلت تريد أن تعرف من قام بتمويل هذا المؤتمر وتغطية تكاليفه في فندق «ماريوت» بالزمالك، ففي جريدة «الحياة» كما قلت، صباح 24/6/1999 وعلى شاشة قناة «الجزيرة» مساء يوم 28/7/1999 وأيضاً مساء يوم 3/8/1999 قال من كان وقتها رئيساً للجمعية التي نظمت المؤتمر، وهو المرحوم صلاح بسيوني، ومن بعده نائبه الدكتورعبد المنعم سعيد أطال الله في عمره بأن جمعيتهم داست بالحذاء على القانون الذي يحظر على الجمعيات الأهلية تنظيم مؤتمرات سياسية، أو تلقي أموال أجنبية، وتلقت من حكومة الدانمارك (مئتي ألف دولار)، للإنفاق على ذلك المؤتمر السياسي، الذي حضره وشارك فيه عدد من القتلة والمحتلين الصهاينة، على رأسهم طبعاً ديفيد كيمحي الضابط السابق في المخابرات «الإسرائيلية»، والشريك الحالي لعبد المنعم سعيد في ما يسمونه (تحالف كوبنهاغن للسلام) وهو أيضاً عضو قيادي في الأكذوبة التي يسمونها في «إسرائيل»، وفقاً لتوزيع الأدوار (حركة السلام الآن) لأن كيمحي وأمثاله، لو كانوا حقاً ليسوا صهاينة، وضد الاحتلال لتركوا الأرض العربية المحتلة لأصاحبها.

وللعلم : المرحوم صلاح بسيوني قال يومها أيضاً للمذيع أحمد منصور في نفس برنامجه (بلا حدود) إنهم أنفقوا «كل» المئتي ألف دولار، ولم يتبق منها سوى عشرة آلاف دولار فقط، رغم أن ذلك المؤتمر السبوبة لم يستغرق سوى يومين فقط قضياها في فندق «ماريوت» بالزمالك، ومعهم القتلة والمحتلون الصهاينة، وعلى رأسهم كما قلت، ديفيد كيمحي الشريك «الإسرائيلي» الحالي لعبد المنعم سعيد فيما يسمونه (تحالف كوبنهاغن للسلام) .. والتي لم تقل صحيفة «هآرتس» طبعاً إنه ضابط سابق في المخابرات «الإسرائيلية» واكتفت بالقول إنه (مدير عام سابق في وزارة الخارجية «الإسرائيلية»).

سين سؤال : كيف عرفت إذاً أن ديفيد كيمحي، شريك الدكتور عبد المنعم سعيد في سبوبة كوبنهاغن، وصاحب فكرتها، هو في الحقيقة ضابط سابق في المخابرات «الإسرائيلية» التي تعرف اختصاراً باسم «الموساد»؟

جيم جواب : ديفيد كيمحي له مذكرات وقحة، أصدرها في كتاب اسمه «الخيار الأخير» ترجمته ونشرته باللغة العربية مكتبة «بيسان» ببيروت عام 1992 وفي هذه المذكرات، أو في هذا الكتاب اعترف كيمحي صراحة بأنه عمل (لمدة 27 عاماً متصلة في المخابرات «الإسرائيلية»).. ومن يريد أن يعرف أيضاً مدى خطورة الأدوار التي لعبها ومازال يلعبها ديفيد كيمحي، يرجع إلى صفحة (59) من مذكرات المرحوم كمال حسن علي الرئيس الأسبق للمخابرات المصرية، والتي صدرت قبل وفاته من مركز «الأهرام» للترجمة والنشر عام 1986 بعنوان (محاربون ومفاوضون)، على هذه الصفحة قال الرئيس الأسبق للمخابرات المصرية إن ديفيد كيمحي هذا، شارك في الاتصالات السرية التي جرت في المغرب عام 1977 وأسفرت عن زيارة السادات لـ «إسرائيل» . . ومن يريد أن يعرف أيضاً رأي ديفيد كيمحي في احتلالهم للأراضي العربية، يعود إلى ما كتبه كيمحي نفسه على صفحة (323) من نفس كتابه «الخيار الأخير» حيث قال بالحرف : (الأوروبيون لا يفهمون أننا لا نحب مصطلح الأراضي المحتلة، لأن هذا المصطلح أو هذه العبارة تعني أننا استولينا بالقوة على أرض ليست ملكاً لنا) .. وهو ما يعني على بلاطة، أن ديفيد كيمحي الذي يتحالف معه عبد المنعم سعيد ويصفه بداعية سلام، يرى أن الأرض العربية التي استولوا عليها بالقوة هي (ملك لهم) فكيف إذاً سيجلو عنها كيمحي وعصابته بالتفاوض، أو من دون ضغط، أو مقاومة؟

وعلى صفحة (176) وما بعدها من نفس كتابه، فاخر كيمحي بأنه انتحل صفة صحفي أوروبي ودخل لبنان وشارك في صب الزيت على نار الفتنة والحرب الأهلية بين اللبنانيين، بل واعترف بالحرف أنه شارك (في تزويد الميليشيات المسيحية بشحنات كبيرة من الأسلحة المجانية تحت جنح الظلام، وأيضاً في تدريبهم على القتال) .. والأفدح والأفضح هو اعتراف كيمحي صراحة على صفحة (175) بأن إقامة دولة (مسيحية) بين «إسرائيل» ولبنان، هي وبالحرف (إحدى المهمات الرئيسية في سياستنا الخارجية) .. وقال أيضا : (دعم «إسرائيل» لأية أقلية في المنطقة أمر ضروري) .. لأن العيش في «شرق أوسط» (مختلف العناصر، ومكون من شعوب وأديان مختلفة، أفضل بكثير من العيش في منطقة يغلب عليها العرب السنة، وتتحول فيها «إسرائيل» نفسها إلى أقلية منعزلة) .. هذا هو ديفيد كيمحي حليف عبد المنعم سعيد في «تحالف كوبنهاغن للسلام» وتلك هي عينة من حقيقتهم.

وإمعاناً في الوقاحة، وعلى صفحة (56) من نفس كتابه «الخيار الأخير» قال كيمحي أيضاً، إن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر: (بدهاء سياسي، أفرط في تأليه السادات، وفي الإطراء عليه وعلى الخبرة العسكرية للقوات المسلحة المصرية، رغم أن «إسرائيل» هزمته في حرب عيد الغفران عام 1973 ورغم أن الجيش «الإسرائيلي» كان على بعد سبعين ميلاً فقط من القاهرة).

وبنفس الوقاحة، وعلى صفحة (159) من نفس كتابه، قال ديفيد كيمحي الضابط السابق في المخابرات «الإسرائيلية»، والشريك الحالي للدكتور عبد المنعم سعيد : (مصر ادعت هكذا بالحرف أن طابا تقع داخل حدودها الدولية) .. وعلى صفحة (161) قال كيمحي أيضا : (عملت أنا وأفراهام تامير مدير مكتب رئيس الوزراء «الإسرائيلي» كرئيسين للفريق المفاوض حول طابا، وأمضينا ساعات طويلة نجادل فيها المصريين في القاهرة وفي أورشليم، ولم تنجح الجهود التي بذلناها للربط بين موافقتنا على اللجوء للتحكيم، وبين التطبيع).

سين سؤال : وما هو سر كل هذا الحرص «الإسرائيلي» على التطبيع مع المصريين؟ وما هو أيضاً سر حرص الدكتور عبد المنعم سعيد هو الآخر على الاستمرار في التطبيع، رغم أنه وأمثاله لم يحققوا شيئاً للفلسطينيين من وراء ذلك؟

جيم جواب : ديفيد كيمحي لديه الإجابة .. هو على صفحة (9) من كتابه «الخيار الأخير» يقول نصاً : (منذ أن انتقلت للعمل في وزارة الخارجية «الإسرائيلية» في يوليو عام 1980 وكل زيارة قمت بها لمصر من وقتها وحتى الآن، تزيد قناعتي بأن معلوماتنا المخابراتية عن مصر والمصريين ليست كافية .. ورغم أن مصر كانت ومازالت هي الهدف الأساسي لأجهزة مخابراتنا، ورغم أننا نعتقد أننا نعرف عن مصر كل ما يجب معرفته .. رغم ذلك، فإن كل لقاء نعقده مع أصدقائنا من أنصار التطبيع في مصر، يكشف لنا أسراراً جديدة في المجتمع المصري وهي تلك الأسرار المتنوعة والمذهلة التي تعجز عن رصدها الأقمار والأجهزة التجسسية، وتشكل في مجموعها مصر الحقيقية).

هذا هو بالضبط وباعترافهم، سر حرص الصهاينة على التطبيع مع مصر، وخطورة دور المطبعين المصريين .. وهو ما ذكرني بما تحتفظ به ذاكرة جهاز التسجيل حتى الآن، حينما وقف فريد الديب المحامي في ساحة المحكمة يدافع عن الجاسوس «الإسرائيلي» عزام، قائلاً بأداء مسرحي : (حضرات القضاة .. الهدف الحقيقي من هذه القضية ومن الضجة الإعلامية المثارة حولها، هو للأسف وقف عجلة التطبيع مع «إسرائيل») .. عندها، وقف هشام بدوي رئيس نيابة أمن الدولة العليا على الفور، وقال بالحرف الواحد : (أي تطبيع هذا الذي يستهدف أمن مصر وضرب ازدهارها .. أي تطبيع هذا الذي يستهدف تخريب مصر والتجسس على شعبها .. ولماذا كل هذه الهرولة نحو هؤلاء الذين يريدون بحقدهم وعدائهم الدفين تدمير مصرنا العزيزة، إما بأيديهم أو بأيدي البعض من أبناء مصر الخونة أو السماسرة .. إذا كان هذا هو ما يريده «الإسرائيليون»، فليعلموا جيداً أن مصر كانت دائماً مقبرة لكل من أرادها بسوء .. وإذا كان بيننا من شب عبداً لذاته وملذاته وباع نفسه لـ «الإسرائيليين» في سوق النخاسة والخيانة، فمصر فيها أيضاً شرفاء كثيرون يحمونها بأرواحهم ودمائهم في كل وقت).

هل سمعتم؟ هذا ليس كلامي ولا كلام أحد المنتمين لحزب معارض .. وإنما كلام هشام بدوي رئيس نيابة أمن الدولة العليا ورأيه في التطبيع وفي (من شب عبداً لذاته وملذاته وباع نفسه لـ «الإسرائيليين» في سوق النخاسة) وطبعاً الدكتور عبد المنعم سعيد وغيره من المطبعين ليسوا منهم، لا سمح الله.

سين سؤال : ولماذا قاتل الدكتور الاستراتيجي عبد المنعم سعيد، من أجل أن يستمر في تقديم برنامجه التطبيعي «وراء الأحداث» على شاشة التلفزيون المصري، حتى بعد أن أصبح رئيساً لمجلس إدارة «الأهرام»، وعضواً في مجلس الشورى، وعضواً بلجنة السياسات، وكاتباً شبه يومي على صفحات «الأهرام»، بالإضافة طبعاً لمسؤولياته «الإدارية» اليومية كرئيس لأكبر وأعرق مؤسسة صحفية في «الشرق الأوسط»؟

جيم جواب : الدكتور عبد المنعم سعيد هو المذيع الوحيد الذي يستضيف القتلة والمحتلين الصهاينة على شاشة التلفزيون المصري، من خلال برنامجه المشبوه «وراء الأحداث» ليساعد الصهاينة المجرمين، على دخول البيوت المصرية وترويج دعاويهم، متوهماً أن ذلك يعطي للمحتلين شيئاً من الشرعية، أو يخلق حالة من التعود والاعتياد عند المصريين على مشاهدة الصهاينة القتلة، والتحدث معهم كما يتحدث معهم عبر برنامجه في التلفزيون المصري، وليس تلفزيون الحزب الوطني، فضلاً عن إظهارهم على الشاشة في صورة مغايرة لتلك الصورة التي تنقلها لنا يومياً نشرات الأخبار، أي وهم لا يرتدون الملابس العسكرية، ولا يحملون الرشاشات والبنادق الآلية، ولا يقتلون أطفال فلسطين بقنابل الفسفور الأبيض مثلما قتلوا من قبل أطفال بحر البقر بقنابل النابالم، ولا يقصفون الفلسطينيين والفلسطينيات بالصواريخ والدبابات، ولا ينشرون الموت في الشوارع والطرقات، ولا يقتلعون أشجار الزيتون بالقنابل والجرافات، ولا يهدمون البيوت فوق رؤوس النساء والأطفال، كما نراهم يومياً في نشرات الأخبار، في محاولات مفضوحة من عبد المنعم سعيد لتبييض صورة المحتلين القتلة، والترويج لدعاويهم المضللة .. وهو ما اقترفه فعلاً عبد المنعم سعيد في العديد من حلقات برنامجه «وراء الأحداث» .. ومنها مثلاً، تلك الحلقة الفضيحة التي بثها التلفزيون المصري الحكومي على القناة الأولى مساء السبت 18/4/1998 في تلك الحلقة، حرص عبد المنعم سعيد بطريقة مفضوحة على غسل سمعة المحتلين الصهاينة والترويج لأكذوبة أنهم شعب يريد السلام، وأن رئيس وزرائهم وقتها بنيامين نتنياهو هو «فقط» العقبة الوحيدة في طريق تحقيق ذلك السلام .. لكن واحداً من هؤلاء «الإسرائيليين» واسمه «زائيف شيف» استضافه عبد المنعم سعيد يومها، بصفته محللاً عسكرياً لصحيفة «هآرتس» «الإسرائيلية»، فضح ادعاءات «مفتي» التطبيع العتيد عبد المنعم سعيد، أمام المشاهدين وقال له «زائيف شيف» حرفياً، والشريط موجود : (أنا لا أوافق على القول إن المشكلة أو العقبة في طريق السلام هي نتنياهو، لأن نتنياهو منتخب من الشعب «الإسرائيلي»، وينفذ ما يريده «الإسرائيليون» وما انتخبوه من أجله).

[**وصف رافضي التطبيع بـ «دعاة حرب»*]

وإمعاناً في التضليل وغسل سمعة «إسرائيل»، عاد الدكتور عبد المنعم سعيد على صفحات «الأهرام» في 12/7/1999 وقطع نصاً بأن (الرافضين للتطبيع أمثالي دعاة حرب، ويريدون استمرار احتلال الأراضي العربية) .. أما هو وأمثاله من المطبعين والمطبلين المصريين : (فيهدفون إلى تحرير الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 وحتى الآن) هكذا نصاً قال عبد المنعم سعيد على صفحات «الأهرام» في 12/7/1999 أي منذ عشر سنوات وزيادة.

وعليه : كم شبراً من الأراضي العربية التي تحتلها «إسرائيل» حررها المتصهينون المصريون بالهرولة والتطبيع، وكم أسيراً فلسطينياً حرره المطبعون من السجون «الإسرائيلية» بإدانتهم للمقاومة المسلحة ووصفها بـ «الإرهاب» طوال السنوات الماضية؟

والأفدح، هو أن الدكتور عبد المنعم سعيد لم يكتف بما سبق .. وإنما راح في نفس مقاله، يقدم لسلطات الأمن المصرية بلاغات أمنية ضد الرافضين للتطبيع، قائلاً بالحرف الواحد إنهم (دعاة حرب، ولا يتركون سبيلاً من أجل زعزعة التنمية والاستقرار في مصر) .. وبالتالي، اقبضوا عليهم.

- [**المصدر : صحيفة «الخليج» الإماراتية، وينشر بترتيب مع وكالة «الأهرام» للصحافة.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 79 / 2181089

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2181089 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40