الأحد 19 حزيران (يونيو) 2011

بالأسماء والوقائع .. أهل التطبيع (الحلقة العاشرة)

تحقيق وتوثيق : شفيق أحمد علي
الأحد 19 حزيران (يونيو) 2011

«إسرائيل» تمنح علي سالم شهادة الدكتوراه رغم أنه بدأ كمسارياً على خط (دمياط المطرية) ولم يحصل إلا على شهادة الثانوية العامة «منازل».

دون إشارة أو تنويه : المقالات التي نشرها علي سالم في «روزاليوسف» عام 2010 نشرها في جريدة «المصري اليوم» عام 2006 والمقالات التي نشرها في «المصري اليوم» عام 2010 نشرها عام 1999 في «مكتبة الأسرة»، و«روزاليوسف» تقول : علي سالم سرق مسرحيتين.

شقيق علي سالم يصفه «بالانتهازية» وصحيفة «معاريف» «الإسرائيلية» تقول : دفاع علي سالم عن التطبيع جعله «منبوذاً وملفوظاً» من المصريين.

علي سالم بعد أن قال : (كل كاتب ينضح بما فيه) وصف معارضي التطبيع بالصراصير والانحطاط والسفالة والغباء والتخلف والتطرف والخلل العقلي.

ومن فتاوى «الحكيم» علي سالم : لا يوجد ما يسمى بالرسالة في الصحافة والإعلام والفن.

وسلامة موسى يرد من قبره : الصحافة حرفة ورسالة ولا ينبغي أن يكون هناك إنسان محايد أو صحيفة محايدة.

[**علي سالم . . يسمونه في «إسرائيل» إيلي شاليم وفي مصر علي خنفس*]

من فضلك .. افتح معي المعجم «الوسيط» لتقرأ بنفسك المعنى اللغوي لكلمة «سمسار» .. افتح المعجم وستقرأ إن «السمسار» هو كل من يروج لشيء، مادي أو معنوي، حقيقي أو وهمي، نظير مقابل يسميه المعجم «بالجعل» بضم الجيم وتسكين العين.

والجعل، في نفس المعجم هو : الأجر، أو الرشوة، أو المقابل، الذي يحصل عليه السمسار حتى لو أسموا هذا المقابل جائزة أو هدية .. ذلك لأن الجائزة أو الهدية هذه الأيام، كما قال أنيس منصور على صفحات جريدة «الشرق الأوسط» السعودية في 29/ 7/2010 هي: (رشوة مهذبة، وأحياناً تكون الرشوة هدية وقحة، لأننا في عصر الوقاحة المغطاة بأوراق الورد والفل) .. فهل تعرف الجوائز أو الهدايا، أو المزايا، أو المنافع الوقحة أو غير الوقحة التي حصل ويحصل عليها أشهر سمسار للتطبيع في مصر؟! وهل تعرف أصلاً من هو هذا السمسار، وماذا يسمونه الآن في الكيان الصهيوني؟

لحظة من فضلك : سأسهلها عليك : أول حرف من أسمه «علي سالم».. ورغم ذلك وستعرف السبب بعد قليل يسميه بعض المثقفين المصريين «علي خنفس» وتسميه بعض المواقع الإلكترونية «الإسرائيلية» «إيلي سالم» وبعضها الآخر يسميه «إيلي شاليم» .. هكذا قالت جريدة «القاهرة» التي تصدرها وزارة الثقافة المصرية على صفحتها الأولى، في الثلاثاء 31 مايو عام 2005 ضمن الخبر الذي بشرتنا فيه الجريدة يومها، بأن الكيان العنصري الغاصب المسمى «إسرائيل» منح علي سالم، أو إيلي سالم، أو علي خنفس، سمه ما شئت .. ومعه سبعة «إسرائيليين» آخرين (شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة بن جوريون في علم الفلسفة) نعم، في علم الفلسفة .. والمضحك أن علي سالم بتأثير هذه الشهادة الصهيونية، كتب في 14/2/2010 على صفحات جريدة «الشرق الأوسط» السعودية قائلاً بالحرف: (أنا أزهو بأنني أحد تلامذة سقراط، وأتخيل نفسي أحياناً زميلاً لأفلاطون في الفصل الدراسي) رغم أن علي سالم بالمناسبة، لم يحصل سوى على شهادة الثانوية العامة «منازل» كما سنرى تفصيلاً بعد قليل.

وفي نفس الخبر : قالت جريدة «القاهرة» إن أحد المواقع «الإسرائيلية» التي نقلت الخبر اعتقدت أن علي سالم من فرط دفاعه عن التطبيع من يهود مصر وأن اسمه الحقيقي «إيلي شاليم» .. وإن كانت بعض المواقع «الإسرائيلية» الأخرى قد أسمته «إيلي سالم» .. وعلى الطريقة الصهيونية، تنكر أحد زوار الموقع «الإسرائيلي» لما قدمه علي سالم للكيان الصهيوني حتى الآن من خدمات، وتساءل في تهكم واستنكار: ماذا فعل إيلي شاليم هذا حتى نمنحه شهادة الدكتوراه؟!! رغم أن شبكة «بي. بي. سي» البريطانية نشرت على موقعها الإلكتروني في 31/5/2005 تقريراً صحفياً قالت فيه إن «افيشاي بريفرمان» رئيس جامعة بن جوريون وقتها، أعلن صراحة أن الجامعة «الإسرائيلية» منحت علي سالم شهادة الدكتوراه (بسبب دعمه القوي للتطبيع بين مصر و«إسرائيل») .. وعلق زائر آخر للموقع «الإسرائيلي» قائلاً في سخرية: (على العرب أن يشكروا إيلي شاليم، لأنه أراحهم من تعب البحث والدراسة وأصبح الحصول على الدكتوراه لا يحتاج منهم سوى الهرولة إلى التطبيع).

قبل أن تضحك، خذ أيضاً هذه النكتة .. في الرابع من يونيو عام 1980 نشرت الصحف المصرية، خبراً مقتضباً يقول: (تسلم حسين فوزي أمس شهادة الدكتوراه الفخرية من حاييم بن اليسار رئيس جامعة تل أبيب) .. ونقلاً عن وكالة الأنباء الفرنسية، قالت الصحف يومها نصاً: (جامعة تل أبيب منحت حسين فوزي شهادة الدكتوراه الفخرية بسبب سفره إلى «إسرائيل»، وبسبب كتاباته التي يهاجم فيها العرب والعروبة، وينادي بفرعونية مصر، ويسعى من خلال كتاباته إلى إثارة النعرة الإقليمية بين العرب والمصريين!!). .. وبعدها بعشرين عاماً وزيادة، أجرى الزميل والكاتب الصحفي حلمي النمنم مع علي سالم حواراً صحفياً، نشره على صفحات مجلة «المصور» في 1/6/2001 وفي هذا الحوار قال حلمي النمنم لعلي سالم : (فاجأت الناس بذهابك إلى «إسرائيل» رغم أنك كنت حاداً ولاذعاً في الهجوم على الدكتور حسين فوزي حين سافر لـ «إسرائيل» بعد توقيع معاهدة السلام) فأجابه علي سالم دون خجل : (لا أتذكر أنني هاجمت الدكتور حسين فوزي) .. لم يقل علي سالم «غير صحيح» أنه هاجم الدكتور حسين فوزي، لكنه قال: «لا أتذكر» .. لم ينكر الواقعة، لكنه راوغ كعادته وألقى اللوم على ذاكرته قائلاً «لا أتذكر» .. فأي علي سالم نصدق؟! علي سالم اليساري، الذي هاجم الدكتور حسين فوزي زمان لأنه سافر إلى «إسرائيل» .. أم علي سالم المتصهين، الذي يصف الآن من لا يسافر إلى «إسرائيل» بالسفالة والانحطاط والعجز والتخلف والتطرف والخلل العقلي، كما سنرى بعد قليل؟ علي سالم الذي كان ينادي زمان بالصمود وبالكفاح المسلح في «أغنية على الممر» .. أم علي سالم الذي تحتفي «إسرائيل» حالياً بمقالاته وتعيد نشرها باستمرار، في الموقع الإلكتروني الرسمي لوزارة الخارجية «الإسرائيلية» المسمى «تواصل» .. بل وتضعه، مع الدكتور عبد المنعم سعيد، في تلك القائمة المسماة بقائمة «الشرف» «الإسرائيلية»، والتي تضم أمثاله من الكتاب والصحفيين «المتصهينين» الذين يدافعون عن جرائم الصهاينة والأمريكان ويروجون للتطبيع والتركيع ودعاوى التبعية والهوان؟

أيضاً : في مقاله المنشور على صفحات جريدة «روزاليوسف» في 8/8/2010 قال علي سالم بالحرف الواحد: (شربت من بئرين مختلفين أحدهما يقع في مواجهة الآخر، وهما بئر الاشتراكية الذي تعلمت منه أن الاستعمار هو أعلى مراحل الرأسمالية، وبئر الحرية السياسية والاقتصادية الذي تعلمت منه أن أنسى كل ما تعلمته من قبل).

وهو أيضاً، في مقاله المنشور بنفس جريدة «روزاليوسف» في 14/12/2009 قال نصاً: (من أهم المبادئ في النظم الثورية اليسارية، وقد عشتها وخبزتها وأكلتها وشربت منها حتى الثمالة، مبدأ أن تكذب على نفسك وعلى من حولك!!). .. هكذا بالحرف اعترف علي سالم بأنه شرب «حتى الثمالة» من الاشتراكية، رغم أن أهم مبادئها كما يقول أن «يكذب على نفسه وعلى من حوله» .. فلماذا لم يشرب من البداية من بئر الرأسمالية، والفردية، و«الأمركة» التي لا تعرف الكذب، ولا الاحتلال، ولا الحصار، ولا التجويع، ولا جوانتنامو، ولا سجن أبو غريب؟ هل لأن الاشتراكية كانت وقتها هي الرايجة، والأمركة الآن هي الموضة وهي الأربح؟ ثم أي كتابات لعلي سالم نصدق؟ ما كتبه أيام كان يشرب من بئر الاشتراكية ويرطن بالثورية والتقدمية زمان .. أم ما كتبه ويكتبه الآن، منذ أن دبغ جلده وأصبح «يعب» من بئر الصهاينة والأمريكان؟

علي سالم أيضاً، في الحوار الذي أجراه معه الزميل محمد بركة، على صفحات مجلة «الأهرام العربي» في 2/6/2001 بعد أن تغزل فيما أسماه بالقيم «الديمقراطية» «الإسرائيلية»، قال نصاً: (أصدقائي «الإسرائيليون» يدركون جيداً أن الغيرة المهنية، تشكل جزءاً كبيراً من سبب فصلي من اتحاد الكتاب وتشكل جزءاً من سبب الكتابة ضدي تحت قناع الوطنية) .. نعم، علي سالم قال والعهدة على مجلة «الأهرام العربي»، أن «الغيرة المهنية» هي سبب فصله من اتحاد الكتاب، وسبب الكتابة ضده «تحت قناع الوطنية» .. وفي 18/7/2009 كذب علي سالم نفسه بنفسه في الحوار الذي أجراه معه الزميل عصام عبد العزيز على صفحات مجلة «روزاليوسف» وقال: (بعد فصلي من اتحاد الكتاب، بسبب سفري إلى «إسرائيل»، وجدت الوسط الفني يتجاهل أعمالي الدرامية فاكتفيت بالكتابة الصحفية) .. فأي علي سالم نصدق؟ الذي قال لمجلة «روزاليوسف» أنهم فصلوه من اتحاد الكتاب بسبب «سفره إلى «إسرائيل»» .. أم الذي قال لمجلة «الأهرام العربي» أنهم فصلوه بسبب «الغيرة المهنية»؟

لحظة من فضلك : الأستاذ علي سالم، أو إيلي سالم، أو علي خنفس، سمه ما شئت .. من حقه أن تعرف بأن اسمه الرسمي، أي اسمه في شهادة الميلاد، هو علي محمد سالم محمد .. مولود يوم الاثنين 31 يناير/كانون الثاني عام 1936 ميلادية الموافق 18 شوال عام 1354 هجرية .. عاش في دمياط طفولته وشبابه، وحصل على شهادة الابتدائية عام 1949 وبعد ثماني سنوات، وتحديداً عام 1957 حصل على شهادة الثانوية العامة «منازل» وهو في الواحدة والعشرين من عمره .. وعقب حصوله على شهادة الثانوية مباشرة .. وبالضبط، بالضبط، في 27 أكتوبر/تشرين الأول عام 1957 التحق بالجيش وتم إلحاقه بسلاح الإشارة .. بعدها، وبشهادة الثانوية العامة منازل ومعها شهادة «التجنيد» .. عمل علي سالم موظفاً بسيطاً في وزارة الصحة عام 1959.

وقبل وزارة الصحة : عمل علي سالم كمسارياً في سيارات «الطفطف» بمدينة رأس البر أثناء الصيف .. وفي غير الصيف، عمل كمسارياً في الأتوبيسات العادية على خط (دمياط المطرية) .. ولا أقصد من ذكر ذلك أن أقلل من قيمة الكمسارية أو من قيمة عملهم، وإنما أقصد فقط أن أحيطكم علماً ببدايات علي سالم التي تنكر لها مثلما تنكر لدماء شقيقه الذي قتله الصهاينة في حرب عام 1948.

أما بداية علاقة علي سالم بالمسرح، فبدأت وقتها بوظيفة «محرك» عرائس، وساعده في الحصول عليها، أحد زملاء «دفعته» أيام الجيش .. والأستاذ علي سالم، أو إيلي سالم، أو علي خنفس، سمه ما شئت .. من حقه أيضاً أن أطمئنك بأنه (بعد الضنى لبس حرير في حرير) .. وبعد أن كان يفطر زمان بساندويتشات الفول والبتنجان وهو يقطع التذاكر للركاب .. هو الآن بشهادة أحد محبيه كما سنرى تفصيلاً في الحلقة القادمة أصبح يفطر كرواسون، ويشرب كابتشينو في فنادق الزمالك، بل ويأكل ساندويتشات «شاورمة» في مطاعم المهندسين، ويدفع ثمناً للساندويتش الواحد «خمسة وعشرين جنيها» .. نعم خمسة وعشرون جنيهاً مصرياً بالتمام والكمال ثمناً للساندويتش الواحد، هكذا نصاً تباهى علي سالم في المقال الذي نشره على صفحات جريدة «روزاليوسف» في 9/8/2010 ليعلن للصهاينة والأمريكان أنه الآن لا ينكر «نعمة» التطبيع عليه وعلى أمثاله من السماسرة والغلمان، أرزقية التطبيع والتركيع والامتهان، بعد أن أنقذته «سبوبة» التطبيع من البطالة، خصوصاً وأنه هو الذي قال بعضمة لسانه في 18/7/2009 على صفحات مجلة «روزاليوسف» : (آخر مسرحية عرضت لي في مصر هي مسرحية بكالوريوس في حكم الشعوب عام 1978) أي منذ أثنين وثلاثين عاماً مضت، لم تعرض لعلي سالم مسرحية واحدة .. وكانت شبكة «بي. بي. سي» البريطانية للأخبار، قد وصفت علي سالم قبلها، وتحديداً في 20/11/2008 على موقعها الإلكتروني بأنه غاوي شهرة، وأنه يعاني العزلة، وأن موهبته في الكتابة للمسرح (تاهت في دهاليز السياسة، التي أقحم نفسه فيها من البوابة «الإسرائيلية») هكذا نصاً .. وبعدها بعام تقريباً، وبالضبط في 2/10/2009 عادت نفس شبكة «بي. بي. سي» البريطانية، ونشرت ثانياً على موقعها الإلكتروني تقريراً صحافياً لمراسلها في القاهرة، واسمه كريستيان فريزر، قال فيه نصاً: (القراء أهملوا علي سالم وأهملوا كتبه، إلى درجة أن مسرحياته ونصوص أفلامه تراكم عليها التراب في المكتبات، في ظل الضرر الذي لحق بسمعته بسبب سفره إلى «إسرائيل») .. رغم محاولات علي سالم طبعاً لكسر هذه العزلة ولو «بالتدليس» .. أي ولو بإعادة نشر مقالاته القديمة دون تنويه أو إشارة تحترم حق القراء في المعرفة وتخبرهم من باب الشفافية إياها بأن هذه المقالات قديمة ومكررة وسبق نشرها من قبل، وسنرى أمثلة لهذه المقالات بعد قليل .. قد يقول علي سالم أنه اضطر للتدليس على القراء بعد أن أفلس و(تاهت موهبته في الكتابة للمسرح داخل دهاليز السياسة التي أقحم نفسه فيها من البوابة «الإسرائيلية») وفقاً لتعبير شبكة «بي. بي. سي» البريطانية في 20/11/2008.

لحظة من فضلك : الأستاذ علي سالم، أو إيلي سالم، أو علي خنفس، سمه ما شئت .. في مقاله المنشور بجريدة «روزاليوسف» في 21/9/2010 قال أيضاً بعضمة لسانه، إنه نادى على أحد أمناء الشرطة ليفض مشكلة حدثت بينه وبين سائق تاكسي .. وحينما أراد أن يقدم نفسه لأمين الشرطة قال له : (أنا مؤلف مسرحية مدرسة المشاغبين) هكذا كتب علي سالم نصاً .. أو هكذا لم يجد علي سالم من كل ما كتبه، ومن كل المسرحيات التي ينسبها لنفسه، ما يفخر به ويحتمي فيه، وما يتخذه بطاقة تعريف لشخصه سوى مسرحية (مدرسة المشاغبين) وقال إنها من «تأليفه» دون أن يصحح هذه الأكذوبة حتى فيما كتبه على صفحات جريدة «روزاليوسف» في 21/9/2010 رغم أنه يعلم جيداً أن هذه المسرحية ليست من تأليفه وإنما أخذها، أو أعدها، أو اقتبسها كما يقولون من فيلم أمريكي قديم اسمه (إلى أستاذي مع حبي) بطولة سيدني بواتييه وإخراج بيتر جلنفيل .. وهذه الأكذوبة ذكرتني بمقالين قديمين لا أعتقد أن علي سالم ينساهما أبداً .. المقال الأول عنوانه (علي سالم سرق مسرحيتين) وهو منشور بمجلة «روزاليوسف» في 29/11/1976 أي منذ 34 عاما وزيادة .. والمقال الثاني منشور بنفس المجلة في 16/5/1994 وعنوانه (علي سالم في «إسرائيل» سقوط القناع الأخير) أي بعد أن ولى علي سالم وجهه شطر «إسرائيل» وقام عام 1994 برحلته الشهيرة، وعاد منها صهيوني البصر والبصيرة .. المقال الأول، يتهم علي سالم صراحة بأنه (سرق مسرحيتين) .. وتستطيع أن تستنتج بنفسك مدى جدية هذا الاتهام من عدمه، إذا علمت أن الذي اتهم علي سالم بالسرقة ليس شخصاً عادياً، وإنما هو الناقد والسيناريست المخضرم محمد السيد عيد «نائب» رئيس اتحاد الكتاب المصريين، وأنه اتهم علي سالم بهذا الاتهام الخطير، على صفحات مجلة «روزاليوسف» وقت أن كان يرأس مجلس أدارتها الكاتب والأديب الكبير عبد الرحمن الشرقاوي ويرأس تحريرها كل من العظيمين صلاح حافظ وفتحي غانم، الذين تشرفت بالعمل معهم وقتها .. ومن فضلك، ارجع بنفسك إلى مجلة «روزاليوسف» .. وتحديداً إلى العدد رقم (2529) الذي صدر في 29 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1976 وستجد عريضة الاتهام كاملة .. اقرأها، ثم استفت عقلك .. لا أستطيع عملياً أن أنقل لك هنا عريضة الاتهام بالكامل وليس من العدل أن ألخصها لك، ولا أريد أيضاً أن أفعل مثل علي سالم في معظم مقالاته وأصدر لك أحكاماً قاطعة .. أنا أحترم عقلك، لهذا أنصحك بالرجوع إلى المجلة بنفسك، وإذا تعذر، فاعلم أن الأديب محمد السيد عيد، ساق أدلته على اتهامه لعلي سالم بسرقة الأفكار والنصوص المسرحية على أربع صفحات من المجلة، واختار لمقاله عنواناً صريحاً ومباشراً هو بالحرف: (علي سالم سرق مسرحيتين!). .. المسرحية الأولى هي «عملية نوح» وقال «عيد» أن علي سالم أخذها، واقتبسها، من مسرحية «البطل في الزريبة» للمؤلف السويسري الشهير فريدريش درونيمات .. والمسرحية الثانية هي «أولادنا في لندن» وقال الناقد محمد السيد عيد أن علي سالم أخذها هي الأخرى من كتاب (مذكرات شاب مصري يغسل الأطباق في لندن) تأليف الصحفي المصري حسين قدري، دون أن يشير علي سالم إلى ذلك من قريب أو بعيد.

ومن فضلك أيضاً .. دعني أذكرك مرة أخرى، أن هذا الاتهام الفضيحة، نشرته مجلة «روزاليوسف» قبل 34 عاماً من الآن، وقبل ثمانية عشر عاماً من رحلة علي سالم الأولى إلى «إسرائيل»، حتى لا يتصور أحد أن محمد السيد عيد اتهم علي سالم بهذا الاتهام الخطير دون دليل، أو للحط من شأنه بعد رحلته إلى «إسرائيل»، وهي الرحلة «الميمونة» التي بدأها علي سالم في السابع من إبريل/نيسان عام 1994، وقضى خلالها (21) يوماً هناك، سجلها في كتاب اسماه (رحلة إلى «إسرائيل») ويفاخر بأن الصهاينة ترجموه إلى العبرية، وكان من البديهي أن يترجموه، لأن علي سالم في هذا الكتاب تغزل حتى في التراب الذي تمشي عليه «إسرائيل» .. وتناسى أن هذا التراب مغتصب، ومخضب بدماء الفلسطينيين، وربما بدماء شقيقه الذي قتله الصهاينة في حرب عام 1948.

أما المقال الثاني الذي عنوانه كما قلت (علي سالم في «إسرائيل» سقوط القناع الأخير) المنشور أيضاً على صفحات مجلة «روزاليوسف» في 16/5/1994 فصاحبه هو الناقد الأدبي المحترم، الراحل فاروق عبد القادر .. الذي توفاه الله بعد ساعات قليلة من إعلان فوزه بجائزة الدولة في النقد الأدبي .. وفي هذا المقال كتب الأستاذ فاروق: (لم يدهشني ذهاب علي سالم إلى «إسرائيل» .. فلست أعرف أنه كان صاحب مواقف أو مؤمناً بأفكار تخلى عنها، وما كتب مسرحيته القديمة «أغنية على الممر» أيام حرب الاستنزاف، إلا لأنها كانت تلائم مقتضى الحال وقتها) .. وبعد أن عدد الناقد الراحل فاروق عبد القادر ملامح ما أسماه مسرح علي سالم، قال صراحة: (رأيي في مسرح علي سالم معروف ونشرته أكثر من مرة، وهو مسرح هش، وزائف، ومراوغ، وآمن، ليس لديه رسالة، ولا يدعو لشيء ويغطي فقره الفكري بالنكات اللفظية والتلميحات الجنسية والسياسية، وبكلمات كبيرة مثل بالونات ملونة يكنسها فراشو المسرح بعد نزول الستار الأخير).

لحظة من فضلك :

الأستاذ علي سالم، أو إيلي سالم، أو علي خنفس، سمه ما شئت .. رداً على مقال الناقد الكبير فاروق عبد القادر، نشرت له مجلة «روزاليوسف» في 4/ 7/1994 مقالاً عنوانه: (علي سالم يدافع عن نفسه القبض من «إسرائيل») .. وفي هذا المقال، بدلاً من أن يفند علي سالم الانتقادات الموجهة إلى فكره وإلى مسرحه، هاجم «شخص» فاروق عبد القادر وقال إنه (يحمل الكراهية للبشر والحياة) بل ووصفه هو ومعارضو التطبيع، وكل من انتقد علي سالم لسفره إلى «إسرائيل» بأنهم «صراصير الغيط» وقال علي سالم نصاً بأنهم (على درجة رفيعة من الانحطاط، والسفالة، وقلة الحياء، والعنصرية، والتخلف، والتطرف، والجهل، والبلادة، والعجز، والخلل العقلي) تلك هي بعض «الدرر» التي وردت على لسان الليبرالي الكبير علي سالم في مقاله المنشور مجلة «روزاليوسف» في 4/ 7/1994 ومن يومها، لا يخلو مقال لعلي سالم من هذه «الدرر» التي يتفنن في انتقائها، ليقذف بها معارضيه ومعارضي الصهاينة والأمريكان من فرط الليبرالية وعفة اللسان، رغم أنه بذلك أعطى الحق لمنتقديه بأن يتهموه بمثل هذه «الدرر» وأكثر .. بدليل أن العزيز الموهوب «حمدي رزق» قبل أن يصبح رئيساً لتحرير مجلة «المصور» كان قد أجرى حواراً مع الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم على صفحات «المصور» في 9/7/1999 وفي هذا الحوار، سأل حمدي شاعرنا الكبير عن رأيه في السفر إلى «إسرائيل» فأجاب نصاً : (إللي يخيب ويسافر «إسرائيل» هو حر، لكن إنه يرجع من هناك يقول إللي ما يسافرش «إسرائيل» يبقى متخلف .. أقوله، واللي يسافر «إسرائيل» يبقى جاسوس) .. لن أقول شيئاً من ذلك لعلي سالم، لكني فقط، ومن باب التذكرة لمن باعوا الذاكرة أو صهينوها، سأذكره بأنه في 8/6/2009 كتب بجريدة «روزاليوسف» حرفياً: (من المستحيل أن نفصل بين أسلوب الكاتب وأبعاده الشخصية لأن الكاتب في النهاية وعاء ينضح بما فيه) فهل علي سالم باستخدامه لهذه «الدرر» في كتاباته (ينضح بما فيه)؟

وفي الحوار الذي أجراه معه الزميل محمد بركة بمجلة «الأهرام العربي» في 2/6/2001 بعد أن وصف علي سالم نفسه بأنه أحد كبار كتاب الكوميديا (في العالم) قال نصاً: (هؤلاء الذين يقفون حائلاً بين نصوصي وبين المسرح يخونون وطنهم) .. نعم، وصف علي سالم من يمنعون عرض مسرحياته، أياً كان سبب المنع، بـ (الخيانة) .. فهل يقبل أن يصفه أحد هو الآخر بالخيانة، بسبب دفاعه عن التطبيع، وتبريره للجرائم التي ترتكبها «إسرائيل» يومياً ضد أشقائنا في فلسطين المحتلة؟ هل يقبل؟

المضحك، هو أن علي سالم في مقاله المنشور بنفس جريدة «روزاليوسف» في 15/8/2010 أفتى نصاً وبصيغة «فرمانية» قاطعة لا تقبل النقاش قائلاً : (لا يوجد ما يسمى بالرسالة في مهن عديدة منها الصحافة والإعلام والفن .. هناك فقط شرف المهنة الذي يجب تذكير الناس به دائماً) .. فهل من شرف المهنة نشر المقال الواحد في جريدتين مختلفتين، وفي وقتين متباعدين، دون إشارة أو تبرير .. أم تلك هي أخلاق السماسرة ومحترفي التلون والتزوير؟

أيضاً : وبنفس صيغة الأحكام المطلقة .. امتلك علي سالم الحكمة واحتكر الحقيقة، وأفتى في مقال آخر بجريدة «روزاليوسف» في 4/8/2010 قائلاً : (لا يوجد على ظهر الأرض ما يسمى بالصحافة المعارضة .. الصحافة صحافة ووظيفتها الوحيدة لاحظ كلمة الوحيدة هي البحث عن الحقيقة ثم نقلها للقارئ) .. قال علي سالم ذلك نصاً ونسي أنه في فتوى ثالثة منشورة بنفس مجلة «روزاليوسف» في 15/8/2010 قطع أيضاً بأن (الكتابات الصحفية تموت عندما ننتهي من قراءتها) .. وفي فتوى رابعة منشورة أيضاً بنفس مجلة «روزاليوسف» في 15/12/2008 بعد أن قال أنه (كاتب ليبرالي وداعية سلام) كتب أيضاً بالحرف: (أنا كاتب مسرحي في الأساس، وأعمل بالكتابة الصحفية هذه الأيام بوصفها الميدان الوحيد المتاح لي لأكل عيشي بعد انهيار المسرح في مصر) .. وبعدها بعام تقريباً، وتحديداً في 18/7/2009 كذب علي سالم نفسه بنفسه في الحوار الذي أجراه معه الزميل عصام عبد العزيز بمجلة «روزاليوسف»، كما رأيتم في بداية هذه السطور، وقال : (بعد فصلي من اتحاد الكتاب بسبب سفري إلى «إسرائيل»، وجدت الوسط الفني يتجاهل أعمالي الدرامية فاكتفيت بالكتابة الصحفية) .. فأي علي سالم نصدق؟ الذي يقول أنه يعمل بالكتابة الصحفية بسبب انهيار المسرح في مصر ..

وبمناسبة الفتوى التي قال فيها «الحكيم» علي سالم: (لا يوجد على ظهر الأرض ما يسمى بالصحافة المعارضة) وبأن الصحافة لا يوجد بها (ما يسمى بالرسالة) .. ما رأيه في كتاب سلامة موسى الصادر عام 1958 بعنوان (الصحافة .. حرفة ورسالة) .. هل قرأ مثلا صفحة (186) من هذا الكتاب؟ هل قرأ تلك الصفحة التي يقول فيها سلامة موسى بالنص : (لا ينبغي أن يكون هناك إنسان محايد أو صحيفة محايدة)؟ لاحظ أن سلامة موسى قال «لا ينبغي» ولم يقل «لا يوجد» مثلما أفتى علي سالم.

[**ثمن الخيانة*]

آخر سطر: الأستاذ علي سالم، أو إيلي سالم، أو علي خنفس، سمه ما شئت .. بقي أن تعرف أن السبب الذي جعل بعض المثقفين المصريين، يسمونه «على خنفس» .. هو أن علي خنفس هذا، هو أشهر «موالس» مصري تعاون مع قوات بريطانيا العظمى وتسبب في هزيمة الزعيم أحمد عرابي في معركة التل الكبير واحتلال بريطانيا لمصر عام 1882.

ومن باب التذكرة لمن باعوا الذاكرة أو صهينوها، فإن أشهر درس يذكره التاريخ في فضيحة علي يوسف خنفس، وشهرته «علي خنفس» وكان وقتها أميرلاي البيادة أي قائد المشاة في جيش عرابي .. هو ما جاء في صفحة (431) من الكتاب الموثق والمهم (أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه) الذي كتبه المؤرخ المحترم محمود الخفيف عام 1947 وقال فيه إن «علي خنفس» بعد أن تعاون مع المحتل، وذهب يقبض العشرة آلاف جنيه ذهباً التي وعده بها الإنجليز ثمناً لخيانته، لم يمنحوه سوى ألف جنيه فقط، بل وليست من الذهب الخالص، وإنما من معدن الرصاص المطلي بالذهب .. هكذا قالت صفحة (445) من نفس الكتاب.

ولأن محترفي الموالسة والدجل، لا يعرفون الحياء أو الخجل، يقول مؤرخنا الكبير محمود الخفيف في نفس كتابه : (بعد هزيمة عرابي لم يخجل علي خنفس من أن يشكو للخديوي توفيق من أنه لم يقبض سوى ألف جنيه فقط من الذهب الفالصو ثمناً لتعاونه مع الإنجليز، وشكا من أن الإنجليز خدعوه ولم يمنحوه المبلغ الذي وعدوه به، وهو عشرة آلاف جنيه ذهباً، وشكا علي خنفس أيضاً من أن الإنجليز بعد أن أصبحوا في غير حاجة إليه، لم يجد منهم سوى كل احتقار وإهمال) .. وذلك هو الدرس، وتلك هي النهاية، التي يتناساها المتصهينون الذين يروجون للخنوع والركوع ويبررون التبعية والانبطاح، باسم الحكمة والواقعية والإصلاح.

- [**المصدر : صحيفة «الخليج» الإماراتية، وينشر بترتيب مع وكالة «الأهرام» للصحافة.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2178694

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2178694 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40