السبت 6 آب (أغسطس) 2011

مأساة في أفريقيا

السبت 6 آب (أغسطس) 2011 par د. سمير التنير

كانت بتالو محمود تأمل في هطول المطر بعد أن ذبحت آخر عجل لديها. ولكنها استسلمت أخيراً للقدر وبدأت المسيرة الطويلة من شمال الصومال إلى جنوبه تحت شمس مشتعلة وحر شديد. وكان معها زوجها وخمسة أولاد. لم يكونوا يملكون أي طعام عدا بعض المياه القليلة.

كانوا في طريقهم إلى مدينة داداب في كينيا حيث أقامت الأمم المتحدة أكبر معسكر للاجئين في العالم. لقد وقفت في الصف في انتظار تسجيل اسمها في منظمة UNHCR. وقالت إنه كان لديها 100 بقرة وعجل وسبعة جمال. ولكنها الآن لا تملك شيئاً. تنام الطفلة امبيا في الخيمة ويحوم الذباب حول شفتيها. ولكن الأب والأم لم يعودا يملكان القوة على رفعها.

تعد بتالو محظوظة إذا قورنت بغيرها. فالآخرون يمضون أسابيع إلى ان يصلوا إلى معسكر اللاجئين. وحين وصولهم يصبحون جلوداً على عظام.

أنشأت الأمم المتحدة معسكر داداب لاستقبال 90 ألفاً من اللاجئين الصوماليين، ولكنه اليوم يتسع لأكثر من 280 ألفاً من اللاجئين. كما يأتي إليه ألف لاجئ يومياً. وهم يقفون كل يوم في صفوف طويلة لا نهاية لها لأخذ نصيبهم من الماء والغذاء.

لم يعرف القرن الإفريقي جفافاً مثل ما يحدث اليوم وذلك منذ أكثر من 50 عاماً. ومع الجفاف تأتي المجاعة. ويعاني حالياً سكان الصومال وأثيوبيا وكينيا وجيبوتي وأوغندا من المجاعة التي تضرب 12 مليوناً من الجائعين.

تظهر إحصاءات الأمم المتحدة أن الحالة ستزداد خطورة في الأسابيع القادمة. ويقول انطونيو غوترين المفوض العام للاجئين في الأمم المتحدة، إن هذه الحالة قد تكون «الكارثة الأسوأ في عصرنا الحالي».

تمتد الكارثة وتتسع. ويقول الخبراء إنها البداية فقط والقادم أعظم. أما السبب فهو تغير المناخ الذي يمنع الأمطار من السقوط. كما أن تكاثر السكان في البلاد التي تضربها المجاعة زاد عددهم في العقد الأخير من 41 مليوناً إلى 167 مليوناً. وتنفق منظمات الإغاثة معظم أموالها في شراء الأغذية للجائعين ولا يبقى إلا القليل من أجل حفر آبار المياه ومساعدة المزارعين على زيادة محاصيلهم.

تقول ماري هونيو اليابانية التي تعمل في برنامج الغذاء العالمي (WEP) «لا يملك الناس أي خيارات. هم يهربون حتى إلى جيبوتي. أما في مقديشو فالمعارك الطاحنة لا تزال تدور بين «شباب المجاهدين» وقوة «الاتحاد الإفريقي».

يتألف فريق هونيو من 19 فرداً يعملون في منظمات إنسانية متعددة. وتقوم قوة الاتحاد الإفريقي بحمايتهم في الملجأ الذي يعيشون فيه. وغالباً ما يتطاير الرصاص فوق رؤوسهم، وتنفجر القذائف بالقرب منهم.

استطاع برنامج الغذاء العالمي إصلاح مرفأ العاصمة، كي تستطيع سفينة المساعدة «اطلانطا» من إفراغ المساعدات الغذائية، إذا أفلتت من فرق القراصنة الذين يعملون في مياه القرن الإفريقي.

يقوم برنامج الغذاء العالمي بتأمين الطعام لحوالى 1,5 مليون في العاصمة مقديشو وحدها. وقد انسحبت فرق برنامج الغذاء من المناطق التي يسيطر عليها «شباب المجاهدين» عام 2010. وتسرق في بعض الأحيان المواد الغذائية. ويعود السارقون لطرحها في السوق المحلي.

سمحت ميليشيا «شباب المجاهدين» لفرق الإغاثة بعد الجفاف الكارثي الذي ضرب البلد بالعمل. ولكن هونيو تريد ضمانات لعدم التعرض لهم. تبقى المشكلة الكبرى في التعب الذي أصاب تمويل منظمات الإغاثة. ولا يرغب المستثمرون في المشاركة في أية مشاريع في إفريقيا بسبب الاضطراب السياسي والأجواء المناخية غير الملائمة. وقد تلقى برنامج الغذاء العالمي مساعدات تبلغ 500 مليون دولار في السنوات الماضية، من أجل مكافحة الجوع في القرن الإفريقي. ويتوقع مركز مراقبة الجفاف الأميركي أن تختفي المزروعات، ثم تنفق الحيوانات، ويموت الناس أخيراً، إذا استمر الجفاف.

لقد مضى موسم المطر الثاني من دون أي قـطرة ماء. أما الموسم التالي فسيكون في الخريف القادم. وحتى لو هطلت الأمطار، فإن المزروعات لا بد أن يمضي عليها وقت كي تصبح جاهزة للبيع في الأسواق، وتقول خبيرة الطقس الأميركية دافي ويسهام ان تلك المناطق في إفريقيا تتعرض أكثر من غيرها بسبب ارتفاع حرارة الأرض. كما أن القرن الإفريقي يعد مركزاً للارتفاع الحراري. وسيستمر الجفاف في السنوات القادمة.

يؤثر ارتفاع أسعار المواد الغذائية على عمل منظمات الإغاثة. وقد ارتفعت أسعار البعض منها إلى أكثر من 240% في الصومال. ويقول الخبير الألماني فيلي دودن، الذي يعمل في منظمة «أطباء بيطريين بلا حدود» والذي كان يقيم في نيروبي عاصمة كينيا، «لقد ارتفع عدد السكان كثيراً، وانخفض الإنتاج الزراعي إلى حدود دنيا. لقد تغير المناخ وأصبحت مساحات كبيرة من الأرض غير قابلة للزراعة. إن تلك الأراضي أصبحت ببساطة لا تستطيع إنتاج الغذاء لإعالة سكانها وإطعامهم».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2177947

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2177947 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40