الاثنين 8 آب (أغسطس) 2011

دكتاتور سابق في القفص

الاثنين 8 آب (أغسطس) 2011

دخلت مصر عصراً جديداً، إذ أصبحت أول دولة عربية تضع حاكمها السابق في قفص الاتهام بدون أي تدخل أجنبي. ورؤية حسني مبارك ممدداً فوق سرير داخل قفص الاتهام في قاعة المحكمة يجب أن تشكل إنذاراً لسائر الطغاة (...).

محاكمة مبارك هي حدث تاريخي يجب أن يشكل تحذيراً لحكام الدول المجاورة من الدكتاتوريين. فمبارك هو أول زعيم عربي يخضع لمحاكمة مباشرة منذ انطلاقة الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت «الشرق الأوسط» هذا العام.

إن عصراً جديداً بدأ يرى النور في هذه المنطقة. فأولئك الذين يسيئون استغلال مراكزهم، ويتورطون في أعمال الفساد، ويصدرون الأوامر لقتل معارضيهم، سيدركون في المستقبل أنهم سينهون مسيرتهم داخل أقفاص الاتهام، وليس في المنافي الفخمة. والممارسة القديمة بأن الدكتاتوريين الذين يُطاحون ينتقلون للعيش الرغيد لدى حكام أصدقاء لهم في دول أخرى على غرار ما حصل مع دكتاتور تونس السابق، زين العابدين بن علي، أو يخضون لمحاكمات سريعة، قبل إعدامهم، قد انتهت الآن كما يبدو.

وقد شاهد ملايين المصريين، عبر شاشات التلفزة، رئيسهم المخلوع، وهو يصغي إلى الاتهامات الموجهة إليه وإلى ولديه، بالإضافة إلى وزير داخليته السابق حبيب العادلي مع ستة من قادة الشرطة السابقين، الذين كانوا سبباً في مقتل أكثر من 800 متظاهر خلال الانتفاضة.

ومن المؤكد أن يتذكر المصريون أحداث ذلك اليوم من المحاكمة، لفترة طويلة من الزمن. فالرجل الذي حكم مصر بيد من فولاذ، طوال ثلاثين سنة، يتم إدخاله إلى القفص في قاعة المحاكمة، فوق سرير، وهو مغطى حتى عنقه.

مئات الاشخاص هتفوا ضد مبارك خارج مبنى أكاديمية الشرطة في القاهرة، حيث جرت المحاكمة. كما أن هيئة المحكمة تعاملت معه كغيره من المتهمين. وقد أُجبر على المثول أمام القضاء، بالرغم من مشاكله الصحية في القلب، والمزاعم بأنه مصاب بالسرطان.

لفترة من الزمن، لم يكن من المؤكد ما إذا كان أعضاء المجلس العسكري في الحكومة الانتقالية، سوف يسمحون بتعريض قائدهم السابق لمثل هذا الإذلال العلني. لكن موافقتهم على ذلك هي الدليل الساطع على أهمية هذه المحاكمة.

من الواضح أن محاكمة مبارك وزبانيته، لا تهدف لإشباع الرغبة في الثأر، بل تمثل انقطاعاً واضحاً مع الماضي. إنها عملية تنظيف تلفزيونية، يريد القادة العسكريون في الحكومة الانتقالية، من خلالها، إبعاد أنفسهم عن أية اتهامات أو لوم.

والناس يأملون أنه ما ان تنتهي هذه المحاكمة، حتى تصبح مصر قادرة على الاهتمام بمعالجة مشاكلها وقضاياها الملحة. وإنعاش الاقتصاد أمر له الأولوية القصوى. وبالنسبة للثوار في ميدان التحرير، فإن الثورة لن تكون ناجحة إذا لم تؤد إلى تحسين أوضاع ملايين المصريين الذين يعانون الفقر والعوز والأمية.

- [**أولريكي بوتس، محللة في مجلة «دير شبيغل» الألمانية.*]

- **المصدر : صحيفة «السفير» اللبنانية



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2178500

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178500 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40