الأحد 21 آب (أغسطس) 2011

وقاحة صهيونية وحقائق

الأحد 21 آب (أغسطس) 2011 par د. فايز رشيد

لم توجد دولة وحكومة في التاريخ أشدّ وقاحة من الدولة الصهيونية وحكومتها الفاشية، فهي تمارس قتل الفلسطينيين والعرب، وترى أن من حقها القيام بغارات على قطاع غزة الذي تحاصره للعام الرابع على التوالي، تقتل فيه المدنيين والأطفال والمقاومين، وأن بإمكانها قتل الجنود والضباط المصريين في طابا بعد العملية الفدائية الأخيرة المجهولة المسؤولية، وأن تمارس أبشع مظاهر الاحتلال في القيام بمذابح والاغتيال والاعتقال، ومصادرة الأراضي والاستيطان والتهويد، والتنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية والأخرى العربية في الجولان والجنوب اللبناني، وأن تقوم بمجازر قانا وبحر البقر، وأن تقتل الجنود من الأسرى المصريين في سيناء في حرب 1967 وأن تعمل على تخريب النسيج الاجتماعي لأبناء الأمة العربية، وأن تسرق النفط والغاز من البحر المتوسط، وأن بإمكانها اقتراف ما تراه مناسباً من عدوان .. وليس من حق أحد أن يرد عليها إن كان فلسطينياً أو عربياً! فما تقوم به من مجازر واحتلال هو حق طبيعي مشروع لأنه دفاع عن النفس أما عمليات المقاومة المشروعة ضد المذابح والعدوان والاحتلال فهي (إرهاب)! .

«إسرائيل» لا تتعامل مع العرب فقط انطلاقاً من مفاهيم الصلف والعنجهية والاستعلاء والعنصرية والظلم، بل تتعامل هكذا مع كل من ينتقد سياساتها العدوانية من دول أخرى غير عربية! وعلى سبيل المثال لا الحصر، تركيا، التي مثّلت لعقود طويلة حليفاً استراتيجياً للكيان الصهيوني، فهي ترى أن من حقها قتل الأتراك في المياه الدولية، وكل ذنبهم أنهم أبحروا وآخرون، في مهمة إنسانية سلمية على «سفينة مرمرة»، هدفها الأساسي تسليم معونة إنسانية من أغذية للأطفال وأدوية للجرحى بفعل الاعتداءات «الإسرائيلية» لمحاصرين في قطاع غزة لأعوام طويلة. من حق «إسرائيل» ممارسة العدوان على السفينة رغم أن العدوان جاء في المياه الدولية، وليس من حق تركيا مطالبة «إسرائيل» بالاعتذار. الصلف الصهيوني ليس له حدود، فغير اليهود (الأغيار) هم من فئة إنسانية (أدنى) من (شعب الله المختار) كما يعتقدون. بمنتهى العنجهية رد نتنياهو، في رسالة بعث بها إلى الإدارة الأمريكية (التي طالبت تل أبيب بالاعتذار إلى تركيا) يعلن فيها بكل صلف: أن «إسرائيل» لن تعتذر لتركيا على الهجوم الذي شنته على السفينة «مرمرة».

هذه العنجهية هي الخلفية التي تحكمت في العقلية الصهيونية لقادة «إسرائيل»، منذ إنشائها وحتى اللحظة، فقد مارسها بن غوريون ومن تلاه من رؤساء حكومة، مروراً بغولدا مائير ومناحيم بيغن، وصولاً إلى نتنياهو، الذي يرأس حكومة فاشية حالية، رأس الدبلوماسية فيها عنصري فاشي يميني متطرف هو ليبرمان . لذلك فإن هذه الحكومة هي أقرب حكومة للأضاليل والأساطير الصهيونية، وبالتالي هي أكثر حكومة تمثل «إسرائيل». بالطبع لا فارق كبيراً بين رئيس هذه الحكومة أو تلك من رؤساء الوزارات «الإسرائيلية»، غير أن بعضهم يغطي قبضته الحديدية بقفازات حريرية ناعمة الملمس، انطلاقاً من محاولات إضفاء مرونة سياسية على الحكومات، وخاصة على صعيد السياسات الخارجية.

هذه الحكومة هي أوضح حكومة صهيونية في موضوع الاستيطان، والتنكر لكافة الحقوق الوطنية الفلسطينية والأخرى العربية، فالفلسطينيون والعرب عليهم أن يأتوا للمفاوضات من دون شروط مسبقة، وعليهم ألا يطالبوا بالقدس، فهي المدينة التي ستظل أبد الدهر موحدة وهي العاصمة الخالدة لـ «إسرائيل»، وعليهم ألا يطالبوا بحق العودة، وعليهم تفهم متطلبات الأمن «الإسرائيلي» والاقتناع بما(تتكرم) به «إسرائيل» عليهم من فهم للحقوق، وعلى كلا الطرفين الاعتراف بيهودية دولة «إسرائيل». كما على العرب القيام بتعديل مبادرتهم وفقاً للمتطلبات «الإسرائيلية». هذه هي حقيقة الدولة الصهيونية المتمثلة فيما يعرف بـ «إسرائيل». إن دولة بهذه المواصفات لا يمكنها إنتاج أي من التسويات العادلة، لا مع الفلسطينيين ولا مع العرب، هذه هي الحقيقة الأولى.

الحقيقة الثانية، أن فهم الدولة الصهيونية للحقوق الفلسطينية وجوهره الحكم الذاتي على القضايا الحياتية للسكان من دون أية مظاهر سيادية، هو فهم استراتيجي وليس ممارسات تكتيكية سياسية. كذلك الأمر بالنسبة إلى الحقوق العربية في الجولان على سبيل المثال لا الحصر .لقد أقرّ «الكنيست» ضم هضبة الجولان واعتبارها أراضي «إسرائيلية»، تماماً كما القدس، منذ سنوات طويلة، وبالتالي فلن يكون من السهل على أية حكومة «إسرائيلية» مقبلة الانسحاب من الجولان، فالتخلي عن الهضبة بحاجة إلى أغلبية في استفتاء عام في «إسرائيل»، مع العلم أن الرأي العام «الإسرائيلي» في تسارع تام بتوجهه نحو اليمين، ووفقاً لاستطلاعات رأي كثيرة فإنه في العام 2020 فإن نسبة 60%- 65% من اليهود في «إسرائيل» ستكون من اليمين، بالتالي لا يمكن على المديين القريب أو البعيد انتزاع قرار «إسرائيلي» بالانسحاب من القدس أو من الجولان.

الحقيقة الثالثة، أن أية مفاوضات فلسطينية أو عربية مع العدو الصهيوني لن تسفر عن أية إيجابية في الحقوق الوطنية الفلسطينية والعربية، هذا ما أثبتته مفاوضات العشرين عاماً.

الحقيقة الرابعة، أن الصراع الفلسطيني العربي الصهيوني يعود إلى مربعه الأول، وبالتالي لابد من وضوح استراتيجي جديد فلسطيني عربي في مجابهة «إسرائيل»، وضوح استراتيجي يقوم على أساس مواجهة الفهم الاستراتيجي الصهيوني في ما يتعلق بالحقوق الوطنية الفلسطينية والعربية، وهذا أضعف الإيمان.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 51 / 2178395

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2178395 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40