لو كنت موسوعياً، وهي صفة موجودة فقط عند العرب وتُطلق بكل سهولة على عدد من الكتّاب، لأجبت عن بعض الأسئلة الصعبة جداً، خصوصاً بالنسبة إلى كاتب يلتقط الفكرة كما يلتقط المغناطيس شريحة حديد صغيرة لتلتصق بالمغناطيس فتصبح كياناً مادياً وجزءاً عضوياً منه ..
لا هذا ولا ذاك، فالكتابة التخصصية في الثقافة وفي الإعلام وفي الأدب عموماً تكاد تكون معدومة، إلا أن بعض الكتّاب العرب مستعد أن يتكلّم في كل شيء .. بدءاً من السياسة، وحتى الثقافة، وانتهاء بالطبخ والأزياء .. وحتى المعمار .. هذا يتحدث بثقة وثبات معنوي محسود عليه .. عنده مرجعيات فورية، وأسانيده وبرهاناته جاهزة، كما لسانه جاهز وطليق، سواءً أكان لساناً إنشائياً سَيَلانياً بالكلام، أم أكان لساناً يستمد بعض الفسيفسائيات المعرفية من هنا وهناك في كوكتيل خطابي يدوّخ حتى أصلب الرؤوس والعقول.
لقد ابتعدت فعلاً عن فكرة هذا العمود.
مرة ثانية، ما هي هذه الأسئلة الصعبة جداً؟
السؤال الأول : ما هو أو من هو الطابور الخامس؟
السؤال الثاني : ما معنى الخروج من عنق الزجاجة؟
السؤال الثالث : ما معنى الدبلوماسية الهادئة أو تلك الباردة، والأخطر في السؤال .. ما هي دبلوماسية المثانة؟
السؤال الرابع : وهو سؤال طويل نوعاً ما، ومعقّد نوعاً ما .. أين جرت أصعب وأطول مفاوضات في العالم بين قطبين متنازعين انتهت إلى حل لا غالب فيه ولا مغلوب بين هذين القطبين؟
السؤال الخامس : ما معنى الخروج السلمي الآمن؟
السؤال السادس : .. ويا للمفارقة إنه سؤال ثقافي هذه المرة .. ما معنى تفكيك النصّ؟
السؤال السابع : ما الذي يقصده المنظّر السياسي عندما يحشو رؤوسنا بفكرة تفكيك الثقافة، وإلى جانبها تفكيك الفن.
السؤال الثامن : هل تعرف شيئاً عن الاستبداد؟
السؤال التاسع : ما هي الحرية؟
أسئلة صعبة، إذا طرحتها مرة واحدة في ورقة اختبار على أحد الممتحنين في ثانوية عامّة، أو حتى في جامعة، فإن ريقه سيجف، ويمتلئ سرواله بالماء.
ألم يكن نابليون بونابرت من أكثر الجبناء، وهو يدخل منزوعاً من مسدسه إلى صالة امتحان؟
المحنة صعبة والامتحان أصعب .. وفي الثقافة المسيحية تسمى المحنة = التجربة = .. فيا ربّ لا تخرج الظالم من عنق الزجاجة.
RLS
