الثلاثاء 6 أيلول (سبتمبر) 2011

الكويتيون عندما يدافعون عن مبارك

الثلاثاء 6 أيلول (سبتمبر) 2011

تواصلت يوم امس محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك حيث استمع القضاة الى شهادات الشهود في الاتهامات الموجهة اليه حول مسؤوليته عن قتل ما يقرب من الخمسمئة من المتظاهرين ضد نظام حكمه.

المحكمة التي جرت بعيداً عن الاضواء بسبب قرار القاضي بمنع البث التلفزيوني الحي لوقائعها لقطع الطريق على بعض التطلعات الاستعراضية لبعض المحامين شهدت اعمال ضرب وصدامات بين محامي الدفاع وخصومهم، اضطر القاضي على اثرها الى رفع الجلسة اربع مرات على الاقل، مثلما شهدت الباحات الخارجية للمحكمة صدامات من نوع آخر بين اهالي الضحايا وبعض رجال الامن بسبب عدم حصول عدد كبير من الاهالي على تصاريح بدخول المحكمة.

ولعل الظاهرة الابرز التي خطفت الاضواء فعلاً، واثارت اهتمام الصحف وكتاب الاعمدة في مصر ليس دخول الرئيس مبارك الى قاعة المحكمة على سرير طبي محاطاً بنجليه، وانما حضور مجموعة من المحامين الكويتيين بهدف الانضمام الى فريق الدفاع عن الرئيس المخلوع.

المحامون الكويتيون قالوا انهم اقدموا على خطوتهم هذه كرد لجميل الرئيس المخلوع الذي وقف الى جانب بلادهم اثناء اجتياحها من قبل القوات العراقية في صيف عام 1990، ولعب دوراً كبيراً في عملية تحريرها واخراج القوات العراقية منها عندما ارسل قوات مصرية للقتال الى جانب القوات الامريكية من اجل هذا الغرض.

الكويتيون عاطفيون، مثل معظم العرب الآخرين، وخطوتهم هذه مفهومة، وربما ينظر اليها كثيرون بالاحترام والتقدير، لانها تعكس وفاء لرئيس مصري في لحظة حرجة يمر بها، بل ربما اكثر اللحظات حراجة في حياته، في وقت تخلى عنه الكثيرون من رجالاته وزعماء قدم لبلادهم خدمات كبيرة.

في المقابل هناك من يرى عكس ذلك تماماً، وهؤلاء كثر ايضاً، خاصة في صفوف ابناء الشعب المصري، حيث اكتوت الغالبية الساحقة منهم بنيران النظام وعانوا كثيراً فقراً وجوعاً وحرماناً من فساده ومجموعة مافيا رجال الاعمال المحيطة به التي تشكل العمود الفقري لبطانته، وهي المجموعة التي امتصت دماء المصريين وعرقهم وكونت المليارات من الثروات واقامت دولة داخل الدولة.

من حارب الى جانب الكويتيين وقضيتهم ليس الرئيس مبارك وانما الشعب المصري بالدرجة الاولى، وربما يفيد التذكير بان هذا الشعب هو الذي وقف بكامله تقريباً ضد احتلال الكويت، وفتح عدد كبير من ابنائه بيوته وقلوبه لاحتضان الكويتيين الذين فروا الى مصر ولجأوا اليها ايام الغزو، وتقاسموا معهم لقمة الخبز.

ومن هنا فإن الكثير من المصريين سيرون في حضور محامين كويتيين للدفاع عن رئيس طاغية فاسد اهانة لهم، وجرحاً لمشاعرهم، الامر الذي قد لا يخدم قضية الكويت، وفي مثل هذا الوقت بالذات الذي يتحدث فيه المسؤولون فيها عن مخاطر ايرانية، بل وعراقية تتهددهم وتزعزع استقرارهم، ولا تفوتنا هنا الاشارة الى القاء السلطات الكويتية القبض على شبكات تجسس وتخريب تعمل لصالح ايران داخل الكويت، وتهديد مجموعات عراقية مسلحة بقصف الكويت وميناء مبارك الكبير الذي بدأت الحكومة الكويتية باقامته في منطقة الفاو، ويعتبره العراقيون عائقاً لحركة الملاحة في ميناء «ام قصر» الميناء العراقي الوحيد المطل على الخليج.

صحيح ان هؤلاء المحامين الكويتيين لا يزيد تعدادهم على اصابع اليد الواحدة وقد لا يمثلون شعب الكويت جميعاً، او حتى المحامين الكويتيين بشكل عام، وان خطوتهم هذه تظل رمزية، ولكن حجم الاضرار التي يمكن ان يلحقها هؤلاء بالكويت وعلاقاتها بمصر كبير جداً، فالشعب المصري ايضاً مثل الكويت شعب عاطفي، يصعب عليه ان يهضم الاساءة، او من يحاول ان يتعاطف مع رئيس اذله وجرح كرامته الوطنية والشخصية لأكثر من ثلاثين عاماً.

- [**رأي صحيفة «القدس العربي» اللندنية.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2178409

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2178409 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40