الثلاثاء 20 أيلول (سبتمبر) 2011

رئيس لولاية واحدة فقط؟

الثلاثاء 20 أيلول (سبتمبر) 2011

في هذه الأيام، تحمل استطلاعات الرأي العام الأمريكي أنباء سيئة للرئيس باراك أوباما الذي يستعد لمعركة تجديد انتخابه بعد سنة ونيف من الآن. ويرى خبراء ومحللون أمريكيون أن تراجع شعبية أوباما يثير بصورة جدية احتمال فشله في الفوز بولاية رئاسية ثانية.

أفاد استطلاع جديد أجرته بصورة مشتركة صحيفة «واشنطن بوست» وشبكة التلفزة «ايه .بي .سي» أن تشاؤم الرأي العام الأمريكي بشأن توجيه الولايات المتحدة ارتفع الآن إلى أعلى مستوى له منذ نحو ثلاث سنوات، ما أطفأ الإحساس بالأمل الذي أعقب تنصيب الرئيس أوباما وخفض معدلات التأييد له إلى مستوى قياسي.

وحسب نتائج الاستطلاع كما نشرها موقع الصحيفة، قال أكثر من 60% ممن سئلوا إنهم يستنكرون الطريقة التي يعالج بها الرئيس الاقتصاد وما أصبح القضية رقم واحد، وهو عدم توافر وظائف جديدة. وأعرب 43% فقط عن رضاهم عن أداء الرئيس، وهذه أدنى نسبة منذ توليه الرئاسة، في حين أعرب 53% عن عدم رضاهم، وهذه نسبة قياسية جديدة.

ولاحظت الصحيفة أن الملحّ بالنسبة إلى أوباما أن يفعل شيئاً ما، ليس بسبب استمرار معدل البطالة عند مستوى 9،1% من دون توافر وظائف جديدة فقط، وإنما أيضاً بسبب عمق المأزق السياسي الذي يجد الرئيس نفسه أمامه. وحتى أكثر من ثلثي الناخبين الذين أعطوا أصواتهم لأوباما يقولون الآن إن وضع البلاد سيئ.

وفي موقع «فورين بوليسي» تساءل البروفيسور ستيفان والت، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد، عما إذا كان أوباما رئيساً لولاية واحدة فقط. وكتب مقالاً قال فيه:

في مطلع عام 2009، مباشرة بعد تولي باراك أوباما منصبه، نشرت التوقع التالي في صحيفة «أمريكان ايج» (العصر الأمريكي) الأسترالية:

«يمكن القول، ولو بصورة فظة، إن أي شخص يتوقع من أوباما أن يصنع تحولاً دراماتيكياً في الموقف العالمي لأمريكا سيصاب بخيبة أمل. وهناك ثلاثة أسباب تجعل من غير المحتمل تحقيق إنجازات كبرى في السياسة الخارجية. أولاً، المسألة الكبرى لا تزال الاقتصاد، وأوباما سيركز معظم وقته ورصيده السياسي في هذا الحقل. وتحقيق نجاح في هذا المجال سيكون حاسماً بالنسبة إلى بقية جدول أعماله وآفاق إعادة انتخابه عام 2012. وثانياً، أوباما وسطي واقعي، في حين أن فريق سياسته الخارجية يتكون من ليبراليين أمميين يعتقدون أن زعامة أمريكية نشطة لهي أساسية من أجل حل معظم المشكلات الدولية. ومع أنه من المؤكد أن هذا الطاقم سيحاول إبطال تجاوزات إدارة بوش، إلا أنه من المستبعد أن يقوم بعملية إعادة تفكير جوهرية في الدور العالمي للولايات المتحدة. وثالثاً، وهذا هو الأهم، ليست هناك أية مشكلات سهلة على أجندة السياسة الخارجية لأوباما. وحتى إذا استطاع تكريس كل اهتمامه لهذه المسائل، سيبقى من الصعب حل أي منها بسرعة».

وقد استعدت في خاطري ذلك المقال وما تضمنه من توقعات عقب حديثين مع صديقين كلاهما خبيران في السياسات الأمريكية، أحدهما عالم سياسي ورجل أعمال يميل نحو الحزب الجمهوري هذه الأيام، والآخر عالم سياسي لديه تجربة كبيرة في مؤسسة الحزب الديمقراطي. وقد قال لي صديقي رجل الأعمال بصراحة: «أوباما محكوم عليه بالفشل. والجمهوريون يستطيعون أن يرشحوا ضده فزاعة وأن يفوزوا». والأمر المثير للاهتمام هو أن صديقي عضو الحزب الديمقراطي تحدث حتى بصراحة أكبر في إدانته للرئيس ومستشاريه، وقد وصفهم بحدة بـ «الكارثة». (وفي ما يتعلق بتوقعاتي أنا، أعتقد أنني كنت مصيباً أساساً، مع أن أوباما لم يركز على المسائل الاقتصادية بالقدر الذي توقعته وخصص الكثير جداً من الوقت والرصيد السياسي في معركة إصلاح النظام الصحي. ولهذا السبب هو الآن في ورطة كبيرة).

والموسم الانتخابي لا يزال طبعاً في مستهله، في حين لم يبرز حتى الآن مرشحون أقوياء في المعسكر الجمهوري. ولكن هناك الكثير من أبحاث العلوم السياسية التي أعطت نتائج راسخة وأظهرت أن الرؤساء يواجهون خلال ولايتهم أوقاتاً عصيبة عندما يكون الاقتصاد راكداً، وأنا أجد من الصعب رؤية كيف يستطيع أوباما تحريك الوضع من جديد، خصوصاً أن قادة الجمهوريين لديهم جميع الحوافز لكي يحبطوا جهوده، حتى إذا كان ذلك يعني عدم توفير وظائف جديدة للأمريكيين خلال فترة سنة أو نحو ذلك.

واحتمال رئاسة من ولاية واحدة لأوباما لابد أن يكون له تأثيرات مهمة في السياسة الخارجية أيضاً. وأنا أراهن على أن هناك بلداناً أخرى قد بدأت منذ الآن تفكر في هذا الاحتمال وتضعه ضمن حساباتها. والمعنى الضمني الجلي هنا هو أن أية حكومات لديها خلافات جدية مع إدارة أوباما ستزداد تمسكاً بمواقفها وتأمل بالأفضل بعد استحقاق 2012. ومن الممكن أن بعض الحكومات التي تتخوف من سياسة أمريكية أكثر تشدداً بقيادة رئيس جمهوري قد تشعر بإغراء عقد صفقات مع الإدارة الحالية بينما هذا متاح الآن، ولكنني لا أعتقد أن ذلك ممكن جداً لأنها لابد أيضاً أن تتساءل عما إذا كانت إدارة مهددة بالسقوط قادرة على تنفيذ أية صفقة تعقدها. والفترة الزمنية الطويلة التي تستغرقها حملات انتخابات الرئاسة الأمريكية ستضاعف جميع هذه المشكلات، من خلال استنزاف المزيد من وقت واهتمام الرئيس خلال فترة السنة الانتخابية.

وهذا يبقى طبعاً في مجال التكهن، وينبغي عدم المبالغة فيه. ولكن الآن، وكما حدث في عام 1992 (عندما فشل الرئيس جورج بوش الأب في تجديد ولايته خلال معركته ضد بيل كلينتون)، فإن الاقتصاد يبقى هو المسألة الحاسمة . كما أننا لا نستطيع توقع الكثير من السياسة الخارجية الأمريكية خلال السنة الانتخابية المقبلة. وكما قلت في عام 2009: إذا كنتم قد اعتقدتم أن هذه الإدارة ستصنع تغييراً كبيراً في الموقف العالمي العام للولايات المتحدة، فلتهيئوا أنفسكم لخيبة أمل.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2181130

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2181130 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40