الأحد 25 أيلول (سبتمبر) 2011

أوباما ... يحنث بوعوده

الأحد 25 أيلول (سبتمبر) 2011 par د. فايز رشيد

سنة زمنية واحدة فقط مضت على خطاب الرئيس الأميركي في الأمم المتحدة العام الماضي، والذي تمنى فيه أن يأتي العام القادم (2011) ويرى مندوب دولة فلسطين جالسًا بين زملائه في الجمعية العامة. أتى العام وجاء خطاب أوباما ولكنه لحس وعوده، فهو يعارض الآن قبول دولة فلسطين في الأمم المتحدة ويدعو الفلسطينيين للعودة إلى المفاوضات! هذا في ظل إدراكه التام بأن هذا النهج لم يزد «إسرائيل» إلاّ تنكرًا للحقوق الوطنية الفلسطينية، وازديادًا في اشتراطاتها ليس على الفلسطينيين فحسب، وإنما على كل العرب أيضًا.

بالطبع إنها ليست المرة الأولى التي يتخلى فيها أوباما عن وعوده، فإبَّان حملته الانتخابية وفي بداية رئاسته: اشترط على «إسرائيل» وقف الاستيطان في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس، من أجل العودة للمفاوضات، نتنياهو رفض اشتراطات الرئيس الأميركي جملة وتفصيلًا وأصرَّ على المفاوضات في ظل الاستيطان الذي زادت وتائره بسرعة عجيبة، وبدلًا من الضغط المفترض للولايات المتحدة على «إسرائيل»، مارست ضغوطات كبيرة على الفلسطينيين من أجل العودة للمفاوضات وعدم اشتراط وقف الاستيطان! هذا في الوقت الذي يعلن فيه أوباما تأييده للربيع العربي، وللديموقراطية ولحقوق الإنسان، وقد نصَّب من نفسه ومن بلده، حاميين لهذه القيم النبيلة.

كذلك، إنها ليست المرة الأولى التي يتخلى فيها رئيس أميركي عن وعوده للفلسطينيين وللعرب أيضًا، فمن قبل أوباما وَعَدَ كل من الرئيس الأسبق كلينتون والرئيس السابق جورج بوش الابن، بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة، وحددا جدولًا زمنيًّا لقيامها. مضى الرئيسان كلٌّ في ولايتيه ولم تتزحزح «إسرائيل» عن موقفها أنملة واحدة، الأمر الذي يشي باستحالة إمكانية ممارسة الضغط على «إسرائيل» من قبل حليفتها الاستراتيجية الأولى: الولايات المتحدة. وذلك لأسباب كثيرة يعرفها القاصي والداني، وبدلًا من فرض وجهة النظر الأميركية على «إسرائيل» وهذا ما يقوله المنطق، نرى فرضًا لوجهة النظر «الإسرائيلية» على الدولة الأقوى والأعظم المتحكمة بالعالم وفقًا لأهوائها.

نقول هذه الحقيقة لأولئك المصدقين والمروجين بأن 99% من أوراق الحل في «الشرق الأوسط» يقع بين يدي الولايات المتحدة، تلك مقولة خاطئة تمامًا ولا تجوز المراهنة عليها مطلقًا، فذلك يعني: هروبًا من الحقيقة الأولى التي ذكرناها. أما الحقيقة الثانية فهي تتمثل في: أن الموقف الأميركي من «إسرائيل» ليس مرهونًا بهذه الإدارة أو تلك ولا برغبة هذا الرئيس أو ذاك، إنه محكوم بقوانين أبرزها: حماية المصالح المشتركة بين برنامجين: استعماري، واحتلالي هدفهما: السيطرة الاقتصادية والسياسية على عموم المنطقة ومقدراتها ومنع تحقيق أية صيغ تكاملية بين أقطار الوطن العربي، لعل ما نقوله ليس جديدًا، لكن للأسف يتجاوزه كثير من السياسيين والكتَّاب والصحفيين والمحللين السياسيين والمسؤولين على الصعيدين: الفلسطيني والعربي. أيضًا آن الأوان للاعتراف بالحقائق حول طبيعة العلاقة الأميركية ـ «الإسرائيلية».

وبالعودة إلى الموضوع المطروح: فبعد أوباما، حاول الرئيس الفرنسي ساركوزي في خطابه في الأمم المتحدة أن يُظهر تمايزًا فرنسيًّا وأوروبيًّا عن الموقف الأميركي، حين دعا على قبول فلسطين «كدولة بصفة مراقب» وإلى تحديد جدول زمني للتوصل إلى اتفاق نهائي بين الفلسطينيين و«إسرائيل».

يُدرك الرئيس الفرنسي تمام الإدراك: أن اقتراحه «قبول فلسطين بصفة مراقب» يخالف الرغبة الفلسطينية في انتزاع صفة «قبول فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة»، فهناك فارق كبير بين المسألتين إن في الجوانب القانونية أو في الاستحقاقات المترتبة على كل منهما. ندرك أن الاعتراف الأممي بدولة فلسطين كدولة كاملة العضوية في المنظمة الدولية ليس أكثر من انتصار معنوي يحققه الفلسطينيون، ذلك أن تطبيق القرار واقعًا على الأرض، يقتضي قبولًا «إسرائيليًّا» بالقرار، وهذا مستحيل في ظل ميزان القوى القائم حاليًّا، والذي يميل لصالح «إسرائيل»، وبخاصة أن السلطة الفلسطينية مجرَّدة من كل أوراق الضغط على «إسرائيل» وعلى حليفتها الاستراتيجية، إن في الخيار الوحيد المتمثل في المفاوضات فقط الذي اختارته، أو في التخلي عن المقاومة، أو حالة الانقسام الحالية بين الفلسطينيين، وتداعيات ذلك في عدم تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية كشرط رئيسي، إضافة للمقاومة، من أجل الانتصار.

نأمل: أن لا تقبل السلطة الفلسطينية باقتراح ساركوزي وذلك في محاولة منها لتجنيب الولايات المتحدة الحرج الكبير لها دوليًّا وبخاصة في العالمين العربي والإسلامي، إذا ما قامت باستعمال حق النقض (الفيتو) فيما لو جرى طرح الموضوع في مجلس الأمن.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 47 / 2165288

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165288 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010