الثلاثاء 27 أيلول (سبتمبر) 2011

لو كان صادقاً فيما قال..!

الثلاثاء 27 أيلول (سبتمبر) 2011 par د.امديرس القادري

وحتى لا يلتبس الأمر على القارئ، فالحديث يخص رئيس السلطة الوطنية السيد محمود عبَّاس الذي انتهى مساء الجمعة الماضية من تلاوة الخطاب الموعود، والقول المنشود، الذي صدح به لسانه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وبعد أن قام بتسليم طلب العضوية الكاملة لفلسطين إلى الأمين العام بان كي مون الذي يفترض به حسب النظام أن يقوم بتمريره إلى مجلس الأمن للبت في الطلب مناقشة وتقريراً فيما بعد.

الرئيس الفلسطيني اقتبس عن محمود درويش الشاعر هذه الكلمات التي نضعها بين قوسين «دائمون هنا، خالدون هنا، ولنا هدف واحد.. واحد.. واحد.. أن نكون.. وسنكون» وحتى لا نظلم درويش، فإننا نود تعريف القارئ بأن الشاعر قال أيضاً ودائماً بين القوسين «ما أوسع الثورة، وما أضيق الرحلة، ما أكبر الفكرة، ما أصغر الدولة» وهذا ما قفز عنه الرئيس أبو مازن لأسباب تخص قناعته ونهج سلطته العبثي الذي يصر على التمسك به.

يؤكد المحرر السياسي لجريدة «السفير» اللبنانية بأن الثورة هي الأوسع في الحالة الفلسطينية، والدولة هي الأصغر بالرغم من كل القداسة الموجودة في فكرتها، ولأننا لا نختلف في انها سوف تكون في نهاية المطاف «غير المعلوم» تتويج لكل أشكال النضال الوطني الفلسطيني الطويل، فإننا وعلى قاعدة عدم الاتفاق مع نهج هذه السلطة نجد أنفسنا وفي مرحلة ما بعد «الخطاب التاريخي والقول الفصل» مضطرين إلى التأكيد على أن «الإفلاس» كان حاضراً في الفكرة وفي الأداء عند هذه السلطة ورئيسها وعند كل المطبلين الذين رافقوه في هذه الرحلة إلى الأمم المتحدة حيث قام بوضع القضية الفلسطينية بين يديها.

وحتى لا يشعر القارئ بأننا نتجنى عليهم، فلا بد أيضاً من التذكير بمسيرة التفاوض السلمية والعبثية وكل ما رافقها من مراهنات فاشلة وعلى مدى عقدين من الزمن، والتي كانت بمثابة الشغل الشاغل لكل أهل سلطة رام الله، والتي تريد إقناعنا بأنها أفاقت أخيراً من سباتها وعبثيتها فقررت ولأسبابها الداخلية، والخارجية الإقليمية المعقدة اللجوء إلى الأمم المتحدة لنيل الشرعية، وإحراج الراعي الأمريكي، وعزل الغاصب الصهيوني، ومن هنا يأتي الإحساس والشعور بأن هذا المسلك لا يجب أن ينطلي على أطفال الشعب الفلسطيني وحتى تتضح جوانب المصداقية التي نريد الافتراض المجازي على وجودها بداخله.

ولذلك وبقدرة قادر وما ان انتهى الرئيس من خطابه، وجدنا عشرات المواقع الإلكترونية وبعض الصحف الورقية تعج بعشرات المقالات التي حملت كل أشكال وألوان التطبيل والتزمير للخطاب الذي وصفه البعض بأنه خطاب الانتصار الفلسطيني، والخطاب الذي لامست مفرداته نسيم الحرية التي يتوق إليها شعب فلسطين، وبالخطاب الذي أسقط أوباما، وعزل «إسرائيل» دولياً، وكأن هذا الكيان المجرم أقام وزناً في يوم من الأيام للشرعية الدولية ومؤسساتها!.

البعض الآخر من الذين نعرف إبداعاتهم في فنون النفاق، والتملق، ذهب إلى ما هو أبعد وهو يصف الخطاب بأنه كان نصف الساعة التي هزت العالم وزلزلت أركانه، وبأن الرئيس الذي دق جدران الخزان وأزاح الستار عن الفجر الفلسطيني الجديد كان يخوض حرب شوارع في أروقة الأمم المتحدة وهو يتنقل بين المتاريس والخنادق، وفي مشهد هو أقرب إلى حرب الاستقلال العبَّاسية التي أتقن أبو مازن الإعداد والاستعداد لها فكان له النصر المبين وهو يعلن أن ساعة الربيع الفلسطيني دقت وآن أوانها!.

لن نستطرد أكثر في سرد كتابات وأقوال هؤلاء البؤساء من الذين لهم في كل يوم وجه، ولهم لون يضعونه من جعبة الأصباغ التي اعتادوا أن يحملونها في رقابهم، وسنقفز مؤقتاً عن كل تنازلات الخطاب لنقول لشعبنا أولاً، ولكل قواه الوطنية وبمن فيها من الأحرار الشرفاء ثانياً، بضرورة أن نلتقي على كلمة حق، ولنطالب هذا الرئيس بتقديم كشف مصداقية لكل ما يمكن أن يكون إيجابياً في خطابه، أليس من حقنا ذلك؟!.

نريد من سيادة الرئيس الذي سيعود إلى رام الله تحت ظلال الموافقة الصهيونية التي تعطيه تصريح الخروج والدخول، وكما جرت العادة بعض الأمور البسيطة التي لا تحتاج من سيادته أي جهد:

[**أولاً :*] أن يمزق التصريح الأمني الصهيوني أثناء الدخول، وأن يلقيه في وجه أول من سيقابله من قطعان خنازير الغاصبين لتراب الوطن، وذلك للدلالة على بداية التحرر من الإذلال والعنجهية.

[**ثانياً :*] أن يعلن بكل أمانة عن الوقف التام لكافة أشكال التنسيق الأمني مع كل الجهات والمؤسسات الأمنية «الإسرائيلية»، وأن الانتهاك لحرمة مناطق السلطة التي تحمل الرمز (أ) سوف يواجه بالرصاص الفلسطيني.

[**ثالثاً :*] المبادرة إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين الوطنيين في أقبية وسجون أجهزة الأمن الفلسطيني.

[**رابعاً :*] أن يصدر مرسوماً رئاسياً يتم من خلاله توجيه التهمة بالتقصير والتقاعس الوطني لكل محافظة، ومدينة، وبلدة وقرية، لا يخرج أهلها وشبابها في فعاليات وأنشطة المقاومة والاحتجاج السلمي التي سيحميها الأمن الوطني.

[**خامساً :*] منظمة التحرير وكل مؤسساتها التي وقف يتحدث باسمها تعاني من حالة الموت السريري، فليبدأ هو وجميع الفصائل في إنعاشها لعودة الحياة إلى جسدها المشلول.

[**سادساً :*] التمسك بالوحدة الوطنية، وإنهاء الخلاف والانقسام الذي دمر الطاقات وحطم الإمكانيات كلها مطالب لم يعد مقبولاً التقاعس والتهاون في إنجازها.

[**سابعاً :*] تنظيف السلطة من الفساد، والترهل الإداري، وتحويل جميع موظفيها إلى مقاتلين في خدمة الشعب وبنظام المكافأة وليس الراتب وحتى تحقيق الاستقلال الفعلي والناجز.

إن في السلة الوطنية عشرات المطالب يجب إنجازها قبل التفكير العاطفي بالدولة التي لا نريدها هبة من احد، لأنها حق مشروع يجب أن يرضخ له العالم، وهذا الكيان الصهيوني المتعجرف والظالم، ولقد صدق من قال بأن ألفي قذيفة من كلام لا تساوى قذيفة من حديد، وعذراً للإطالة!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2165961

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165961 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010