الاثنين 3 تشرين الأول (أكتوبر) 2011

هبّة القدس والأقصى

الاثنين 3 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 par أمجد عرار

أحد عشر عاماً مرّت على «هبّة القدس والأقصى» التي قضى فيها ثلاثة عشر شهيداً وجرح العشرات برصاص الشرطة «الإسرائيلية» في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948. ففي مطلع أكتوبر/ تشرين الأول، وبعد مرور بضعة أيام على اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في الثامن والعشرين من سبتمبر/ أيلول عام 2000، انضمت جماهير الـ 48 إلى شعبها الفلسطيني الذي فجّر انتفاضته الثانية في العصر الحديث، بعد تدنيس أرئيل شارون للمسجد الأقصى بتواطؤ من رئيس الحكومة «الإسرائيلية» آنذاك إيهود باراك، وفي الوقت ذاته بعد مرور سبع سنوات على توقيع «اتفاقات أوسلو» التي لم تلتزم «إسرائيل» بها ولم تبد استعداداً لاستكمالها رغم كل ما تضمّنته من حيث المبدأ والتفاصيل، من إجحاف بحق الفلسطينيين وثوابتهم الوطنية والقومية.

لم تكن تلك الجماهير بهبّتها التاريخية، تقوم بفعل التضامن مع فلسطينيي القدس وبقية الضفة الغربية وقطاع غزة، كما صوّرها البعض، بقصد أو بغير قصد، إذ إن تلك الجماهير جزء أصيل من الشعب الفلسطيني والأمة العربية، تحمل القضية ذاتها وتعيش الهموم ذاتها، وإن اختلفت التفاصيل وأدوات النضال باختلاف الظروف، حيث دفعوا ثمن البقاء في الوطن والديار، بالعيش في مناطق تخضع للقانون «الإسرائيلي».

لقد سالت دماء غالية في هبّة القدس والأقصى، لكنها كانت علامة عز وفخار لجزء مهم وأصيل من الشعب الفلسطيني، لم تقتلعه نكبة سنة 48، ولم تنجح محاولات تهجيره عبر سياسات التضييق والتهويد والقوانين العنصرية التي سنّتها حكومات «إسرائيل» المتلاحقة طيلة ثلاثة وستين عاماً، وما زالت تسن المزيد منها تباعاً.

لقد ظن الصهاينة أن وجود هؤلاء الفلسطينيين تحت سيطرتهم وقوانينهم والمدارس الخاضعة لحكومتهم، وأن محاولات «إسرائيل» لعزلهم عن محيطهم الفلسطيني والعربي والإنساني، يمكن أن تنجح في أسرلتهم وسلخهم عن أبناء جلدتهم، ففوجئوا بأنهم لم يكونوا مهيّئين إلا لاستعادة شعورهم بالكرامة والتمسّك بهويتهم الوطنية الجامعة التي واظبت «إسرائيل» منذ النكبة على محاولات استئصالها وحقن أصحابها بأمصال التهويد. أرادت «إسرائيل» وخطّطت طيلة العقود الستة والسنوات الثلاث في العقد السابع، لكي يكون أكثر من مليون فلسطيني مجرّد كم بشري معزول عن محيطه، ومذوّب في همومه الخاصة بحثاً عن الطعام والشراب والسكن المقيّد بالقوانين العنصرية، كما التعليم والصحة والعمل والسفر وموازنات المجالس المحلية.

ومثلما كان لوثيقة كنغ العنصرية، صدى عكسي حين حاول واضعها الصهيوني، عام 1976، أن يتصدّى للتفوّق الديمغرافي الفلسطيني، ما أفضى إلى هبة يوم الأرض التي قضى خلالها شهداء في المثلّث والجليل، كان لهبّة أكتوبر 2000، مفعول مشابه، إذ أظهرت أن هؤلاء الفلسطينيين لم يذوبوا في الصهينة ولم تتبخّر هويتهم بحرارة التهويد ومفاعيل العنصرية ومكابس الضغط الحياتي اليومي. وما زاد من تحوّل هذه المناسبة إلى محرّك جديد لتجديد النضال السياسي في الداخل، قرار ما تسمى لجنة التحقيق الرسمية التي شكّلتها «إسرائيل» وأصدرت قراراتها بتبرئة الضباط وأفراد الشرطة الذين تلطخت أيديهم بدماء الشهداء.

لم يرق لـ «إسرائيل» أن ترى هذه الروح المتوهّجة لدى فلسطينيي الـ 48، ولم تكن على استعداد لتقبّل حقيقة أن هؤلاء لم تغادر فلسطين أفئدتهم، لم تكن قادرة على هضم نضالهم لكبح التغوّل الصهيوني الذي تمكن من احتلال أرضهم، لكنه عجز عن احتلال وعيهم، ونهب أرضهم لكنه لم يستطع سلبهم إرادتهم، وسفك دمائهم لكنه فشل في قتل انتمائهم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2165612

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

33 من الزوار الآن

2165612 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010