الأشجار تموت واقفة، ولهذا يكرهها العدو الصهيوني ولا يتوقف منذ أن احتل فلسطين عن اقتلاعها، من خلال جيشه ومستوطنيه معاً، الذين يتفننون في ممارسة إرهابهم عليها حيثما انتصبت، سواء بالجرافات أو بالمناشير أو عن طريق الحرائق، المهم أنهم لا يريدون لها أن تعيش وأن تثمر، وأن يستفيد الفلسطيني من جنيها، أو حتى من ظلالها.
الاحتلال يكره الحياة، والشجرة حياة، لكنها برغم أنوفهم تعود إلى الوقوف، حتى لو بقي جزء صغير منها تحت الأرض سرعان ما ترتفع، لأنها على اتفاق توأمة مع الفلسطيني، مثلها مثله، متشبثة بأرضها والوطن وهوائه ومائه وأنفاسه.
العدو يكره البشر ويكره الشجر والحجر أيضاً. ولا يكتفي بالانتقام من الشجر، بل هو نفسه يحرم استخدام الحجر ويجرمه. عدو حاقد فيه كبير غلّ على كل من وما في فلسطين. ما يعجز عن تهويده وتطويعه لا بد من قتله. واقتلاع الأشجار اغتيال بيّن، وصنف من صنوف الإرهاب الذي يتقنه الاحتلال.
أكثر من ستة عقود والعدو يستقدم مستوطنين ويتسلح بأحدث ما في ترسانات أمريكا والغرب من أدوات قتل وتدمير، لكن ذلك كله لم ينجح في ترهيب أرض فلسطين. هذه الأرض الخصبة، برغم ما تعرضت له، لم تتوقف عن الإنجاب بشراً وشجراً وحجراً. هذه الأرض المخضبة بدماء أبنائها، هي الأم وهي الحاضنة، وهي التي لا تني تفقأ عين الاحتلال وجلاوزته.
للاحتلال فصل واحد، هو الإرهاب، وأما لأرض فلسطين فكل الفصول بتنوعها وغناها، ولهذا نبتها خير ونبت العدو شر، ما تستولده مبارك وما يخرج من العدو ملعون. ولهذا كلما سقط شهيد جاءت الأم الفلسطينية بعشرة، وكلما قطع الصهاينة شجرة جاءت الأرض الفلسطينية بعشر.
أشجار فلسطين تعمّر لأنها تنبت في أرضها والاحتلال لن يدوم ولن يعمر لأنه نبت شيطاني على أرض لم تكن يوماً أرضه ولن تكون، وستبقى أشجار فلسطين واقفة مهما استخدم مجرمو الحرب هؤلاء من أدوات وأساليب في اقتلاعها، ومن له جذور له البقاء عكس الطارئ.
[**افتتاحية صحيفة «الخليج» الإماراتية.*]
RLS
