الاثنين 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2011

صفقة تبادل الأسرى وما خلفها

الاثنين 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 par صالح النعامي

كثيرة هي الأوصاف التي أطلقتها النخب «الإسرائيلية» على صفقة تبادل الأسرى التي وقّعتها حركة «حماس» مع «إسرائيل»، والتي سيتم الإفراج ضمنها عن 1027 أسير فلسطيني مقابل الجندي «الإسرائيلي» جلعاد شليت، الذي أسرته المقاومة الفلسطينية قبل أكثر من خمس سنوات. فهناك من وصف الصفقة بـ «اتفاق الخنوع»، على اعتبار أنها الصفقة التي أطلقت «إسرائيل» ضمنها العدد الأكبر من الأسرى مقابل جندي «إسرائيلي» واحد. صحيح أنّ الرأي العام «الإسرائيلي» ظل بمجمله يؤيد الصفقة ويبدي تضامناً كبيراً مع عائلة شليت، والذي وجد تعبيره في مظاهر الفرح والتضامن مع العائلة التي وثّقتها وسائل الإعلام «الإسرائيلية»، لكن في المقابل هناك الكثير من النخب التي أبدت اعتراضها الشديد على الصفقة.

[**تهاوي الردع*]

أحد أهم المسوّغات التي قدمتها النخب التي تعارض الصفقة بشدة، التأكيد على أنّ هذه الصفقة ستعمل على تهاوي الردع في مواجهة المقاومة الفلسطينية. ويقول موشيه يعلون نائب رئيس الوزراء ورئيس هيئة الأركان السابق، أحد الوزراء الثلاثة الذين عارضوا الصفقة لدى التصويت عليها في الحكومة، أنّ مثل هذه الصفقة ستشجع الشباب الفلسطيني على الانخراط في أطر العمل المقاوم على اعتبار أنّه عندما يعي الشاب الفلسطيني أنّه سيتم تحريره من السجن مهما كانت التهمة التي أدين بها، فإنّ هذا سيجعله يقدم على العمل بكل طمأنينة. ويرى يعلون أنّ الصفقة ستؤدي حتماً إلى تعزيز المقاومة الفلسطينية بشكل جذري، حيث يضرب مثالاً واحداً على طابع القيادات التي سيفرج عنها، ويشير إلى يحيى السنوار، أبرز قادة الأسرى الذين سيفرج عنهم في الصفقة، ويصف يعلون السنوار بأنّه أبرز عقلية للمقاومة الفلسطينية، محذّراً من أنّ الإفراج عن مثل هذه القيادات سيمثّل سهماً مرتدّاً إلى نحر «إسرائيل» ومستوطنيها. ويستند المعارضون للصفقة إلى إحصائية قدّمها جهاز المخابرات الداخلية «الشاباك»، والتي توضح أنّ حوالي 62 في المائة من الأسرى الفلسطينيين الذين يتم الإفراج عنهم في صفقات تبادل الأسرى يعودون للانشغال بالعمل المقاوم. في نفس الوقت فإنّ النخب التي عارضت الصفقة تشير إلى الجانب الرمزي في الصفقة، والتي تكرّس الانطباع بأنّ «إسرائيل» ونخبها الحاكمة لا تفهم إلاّ لغة القوة والقوة فقط، مما يستدعي من القوى الفلسطينية مواصلة الاستثمار في مجال مراكمة القوة على اعتبار أنّه الخيار الأمثل في مواجهة «إسرائيل».

[**«حماس» وأبو مازن في ظلال الصفقة*]

إنّ أحد أبرز الانتقادات التي توجّه للصفقة تقوم على أساس أنّ هذه الصفقة تمثّل دفعة هائلة جداً لحركة «حماس» وتعزيزاً لشعبيتها أمام الرأي العام الفلسطيني، في الوقت الذي تمثّل ضربة قاصمة لأبو مازن وإضعاف لمكانته السياسية. ويرى الكثير من المعلّقين الصهاينة أنّه على الرغم من أنّ التحرك الذي أقدم عليه أبو مازن في الأمم المتحدة ومطالبته بحصول فلسطين على عضوية الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلاّ أنّ هذا لا يعني أن تسهم «إسرائيل» تحديداً في تعزيز مكانة «حماس» على حسابه عبر التوصّل لصفقة تبادل أسرى على هذا النحو، على اعتبار أنّ أبو مازن يرفض المقاومة المسلّحة وحتى المقاومة الشعبية التي تمثّل تحديّاً لـ «إسرائيل». من هنا فإنّ هناك الكثير من الأفكار التي تطرح «إسرائيلياً» لمعالجة الأمر، حيث أنّ هناك من يدعو إلى إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، والتشديد على أنّ هذه الخطوة تأتي من أجل تحسين مكانته، لكن مثل هذا الاقتراح صدر بشكل أساسي عن إعلاميين ومعلّقين وجنرالات متقاعدين، ولا يوجد مؤشرات على أنّ النخب الحاكمة ستتبناه حتى الآن.

[**لماذا الصفقة؟*]

على الرغم من كل المحاذير التي تمّت الإشارة إليها، إلاّ أن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو الذي عارض الصفقة في الماضي بكل قوة، وجد أنّ هناك من الأسباب الوجيهة ما يستدعي التوصل لهذه الصفقة، ويمكن رصد هذه الأسباب على النحو التالي :

1- انعدام فرص تحرير شليت بالوسائل العسكرية، وهذا ما عبّر عنه يورام كوهين رئيس جهاز «الشاباك»، حيث أنّ «إسرائيل» فشلت في الحصول على معلومات استخبارية تساعد على تنفيذ عملية التحرير، في نفس الوقت فإنّ جميع المستويات العسكرية ذات العلاقة قد أكدت أن الحصول على المعلومات الاستخبارية لن يضمن تحرير شليت على قيد الحياة.

2- التحولات الهائلة التي يمرّ فيها الوطن العربي في عصر ثورات التحول الديموقراطي، والتي جعلت القيادة «الإسرائيلية» تخشى أن تؤدي هذه التحولات إلى إسدال الستار على أي إمكانية للإفراج عن شليت. فعلى سبيل المثال تدرك «إسرائيل» أنّ الجانب المصري لعب دوراً حاسماً في التوسط للتوصل لصفقة شليت، وفي نفس الوقت لا يوجد هناك ضمانة أن تبقى صيغة الحكم القائمة حالياً في مصر لأمد بعيد، حيث تخشى «تل أبيب» أن تسفر الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة في مصر عن مجيء حكومة تناصب «إسرائيل» العداء بشكل واضح، وبالتالي لن يكون من مصلحة هذه الحكومة التوسط من أجل إطلاق سراح شليت.

3- التعاطف الجماهيري الواسع داخل «إسرائيل» مع شليت وعائلته، في نفس الوقت فإنّ هناك مخاوف من أن يؤدي بقاء شليت في الأسر إلى تراجع الدافعية لدى الشباب «الإسرائيلي» للتطوع في الوحدات القتالية للجيش «الإسرائيلي».

4- هناك من يعتقد أن حماس نتنياهو ووزير حربه إيهود براك للصفقة يرجع بشكل أساسي إلى نيتهما مهاجمة إيران، على اعتبار أنّ هذه الخطوة تتطلّب تنظيف الطاولة من كل الملفات، وضمنها ملف شليت، على اعتبار أنه سيكون من الصعب تحرير شليت في أعقاب مهاجمة إيران.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2181816

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2181816 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40