السبت 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011

قوانين عنصرية صهيونية جديدة

السبت 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 par د. فايز رشيد

لم يجف حبر القوانين التي سنها «الكنيست» «الإسرائيلي» ضد عرب أراضي الـ 48، بعد، حتى بدأت الأحزاب «الإسرائيلية» بطرح حزمة قوانين عنصرية جديدة ضد أهلنا في كل المناطق الفلسطينية المحتلة. ففي دورتها الحالية سيبحث «الكنيست» هذه القوانين، التي وقع عليها، على طريق إقرارها، أكثر من ثلث أعضائها من النواب، وهو ما يشي بسهولة تمريرها لتصبح قوانين سارية المفعول في الدولة العنصرية، التي تدّعي الديمقراطية في كل وقت.

أول هذه القوانين : هو «قانون مكافحة الإرهاب» والذي يُقصد من خلاله تحويل بعض أنظمة الطوارئ في زمن الانتداب البريطاني إلى قوانين ثابتة، فمعروف أن «إسرائيل» تطبق ما يسمى بـ (الإداري) على المعتقل الفلسطيني الذي لم تثبت أية تهمة عليه، وبموجب «الإداري» تستطيع «إسرائيل» توقيف هذا المعتقل إلى الأبد، بتجديد فترة الاعتقال دورياً. لقد عانى كثيرون من أبناء شعبنا ولا يزالون من الحكم (الإداري) ومن بينهم من بقي في السجن بموجبه عشرات السنين، ومنهم من لا يزال معتقلاً بموجبه منذ سنوات طويلة. هذا القانون الفاشي يهدف أيضاً إلى اختراع عقوبات جديدة يجري تطبيقها على كل من يقوم بأعمال مناهضة للسياسة «الإسرائيلية» بما في ذلك التعبير (مجرد التعبير) عن مواقف مؤيدة لمقاومة الاحتلال. من هذه العقوبات وعلى سبيل المثال لا الحصر : مصادرة أملاك وأموال المشتبهين (من وجهة نظر المخابرات «الإسرائيلية») ويمكن إطلاق كلمة (المشتبه) على كل من يدعو إلى مقاومة الاحتلال. هذه العقوبات سيجري تطبيقها في الأراضي المحتلة (أراضي الـ 48، الضفة الغربية، وقطاع غزة إلى حد ما). هذا القانون من أخطر القوانين التي يجري سنها في «إسرائيل».

القانون الثاني هو تعريف «إسرائيل» على أنها «دولة القومية اليهودية» وهذا يشكل قاسماً مشتركاً أعظم بين كل الأحزاب الصهيونية، ومن أبرز ما سينص عليه القانون هو إلغاء صفة «الرسمية» عن اللغة العربية. بموجب هذا القانون يمكن لـ «إسرائيل» طرد أي عربي من أراضي 48 لا يعترف بـ «إسرائيل» كـ «دولة يهودية»، وهذا القانون يمس التعليم والمناهج الدراسية العربية، ولأنه قانون يتوجب أن يجري تدريسه للطلبة العرب في أراضي الـ48. كما يطال القانون الثقافة العربية ويجعل اهتمام «الدولة اليهودية» منصباً على خدمة اليهود فقط، من دون الاهتمام بالعرب، لأن الأفضلية ستكون لليهودي الذي من الطبيعي أن يعيش في دولته. القانون ينفي بصفة أوتوماتيكية التاريخ الفلسطيني العربي والإسلامي لفلسطين، ويجعل من رواية الأضاليل والأساطير الصهيونية حقيقة واقعة. في سياق هذا العنوان علينا أن لا ننسى قرارات وكالة الغوث الدولية لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بتدريس «الهولوكوست» للطلبة الفلسطينيين في الشتات، لكن ذلك ووجه برفض وبرد عنيف من الفلسطينيين الموجودين في كل مناطق الشتات، الأمر الذي حدا بـ «الأونروا» إلى إلغاء قرارها.

ما نود التأكيد عليه أن إقرار القوانين العنصرية السابقة والحالية في الدولة الصهيونية جاء بالتزامن مع قرار «الأونروا»، وهذا يؤكد أن القوانين العنصرية «الإسرائيلية» هي جزء من مؤامرة صهيونية بمشاركة بعض الجهات الدولية لمحو الذاكرة الفلسطينية، ومحو كل ما يرتبط بها من حقائق تاريخية، وتراث سابق وتاريخ عربي إسلامي لفلسطين عن طريق الترويج محلياً ودولياً للرواية الصهيونية الكاذبة جملة وتفصيلاً.

من جانب آخر، سيواصل «الكنيست» بحث وتشريع قوانين عنصرية جديدة أخرى ضد العرب الفلسطينيين، في سلسلة لا تنتهي من القوانين التي تقيّد حركتهم وتتيح للدولة الصهيونية إجراء ترانسفير بحقهم، وبالقانون أيضاً، أليس ذلك ما يجري في الدولة التي تدّعي الديمقراطية في عصر حقوق الإنسان في القرن الواحد والعشرين؟

من سلسلة القوانين هذه قانون فرض عقوبة السجن لمدة عام على كل من يدعو إلى عدم الاعتراف بـ «إسرائيل» كدولة «يهودية وديمقراطية». وقانون يمنح أفضلية العمل في سلك خدمات الدولة، لمن خدم في الجيش والخدمة القومية. قانون يفرض على فلسطينيي 48 الاعتراف بـ «إسرائيل» «كدولة يهودية» كشرط للحصول على بطاقة الهوية «الإسرائيلية». من الجدير ذكره أن القانون الأخير جرى إقرار شبيهه في السنة الماضية، وبموجبه يُفرض على كل من يطلب الجنسية «الإسرائيلية» من غير اليهود الاعتراف بـ «إسرائيل» «كدولة يهودية» وكان المقصود بهذا القانون الشبيه فلسطينيي المناطق المحتلة عام 1967 ممن يتزوجون فتيات من منطقة 48 أو العكس. الآن القانون المطروح للنقاش يُقصد به فلسطينيو 48، ويجري فرضه بصورة متدرجة وصولاً إلى فرضه عليهم تماماً باشتراط الاعتراف بيهودية دولة «إسرائيل» من أجل الحصول على الجنسية.

وحتى تكتمل تمثيلية الديمقراطية «الإسرائيلية» توجه المستشار القضائي للكنيست إيال يانون بدعوة للأعضاء لإعادة النظر في بعض هذه القوانين. جدير ذكره أن هذا المستشار كان قد (عارض) سابقاً بعض القوانين العنصرية السابقة التي جرى سنها، لبشاعتها من ناحية قانونية، ولكن لم يُعمل برأيه، وتم إقرارها.

الغريب أن سن هذه القوانين العنصرية في «إسرائيل» يجري على مسمع ومرأى من كل دول العالم والمنظمات الدولية المنادية بالمساواة والعدالة والتمسك بحقوق الإنسان، لكن لم يرتفع صوت واحد يدين هذه القرارات! يا ترى لو أن دولة غير «إسرائيل» سنّت الحد الأدنى من هذه القوانين العنصرية ضد الأقليات فيها ومنها اليهودية، ماذا سيحصل؟ تتصورون بالطبع.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 46 / 2182152

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

26 من الزوار الآن

2182152 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40