الخميس 17 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011

مؤامرة مسكوت عنها

الخميس 17 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 par إبراهيم مرعي

هناك أمر خطير يجري على الأرض مسكوت عنه بقصد أو من دون قصد، ولكنه سيؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى كارثة قومية تضاف إلى الكوارث التي تواجه أمتنا.

إنه صمت أقل ما يقال فيه إنه مريب جداً، صمت إما إنه يعني العجز، أو إنه يعني الموافقة الضمنية التي يقصد منها إخلاء المسؤولية والتهرب من مواجهتها.

فما يجري في مدينة القدس من تسريع لوتيرة مصادرة الأراضي ومباشرة تنفيذ مخططات إقامة آلاف الوحدات الاستيطانية ليس أمراً سهلاً أو عابراً يمكن تجاوزه من حيث هدفه ومضمونه وتوقيته.

إن ذلك يجري فيما المفاوضات مع السلطة الفلسطينية معلقة، وفيما الموقف الأمريكي الداعم للكيان الصهيوني يتزايد ويتصاعد، ويتخذ منحى عدائياً مكشوفاً للفلسطينيين، وفيما تتجدد العواصف المتعلقة بالملف النووي الإيراني، وتأخذ شكل النفير السياسي والعسكري الذي يضع المنطقة في حالة من القلق والمخاوف، وفيما تواجه الدول العربية مخاضاً سياسياً متعدد الأشكال تتنازعه قوى إقليمية ودولية للتأثير في نتائجه وبما يحقق مصالحها.

كأن كل ما يجري في المنطقة ومن حولها قنابل دخانية للتغطية على ما يجري على أرض فلسطين.

وسط كل هذا الضباب الذي يلف المنطقة تتحرك «إسرائيل» بقوة لتغيير الواقع الديموغرافي على الأرض بأقصى سرعة ممكنة، مستغلة الانشغالات العربية والإقليمية والدولية بما يدور حولها، وانصراف الأنظار عما تقوم به، ومعتمدة على تأييد أمريكي بلا حدود أو ضوابط.

وفقاً للمخطط الصهيوني بشأن القدس الشرقية، فإن ديموغرافيا المدينة يمكن أن تتغير في غضون عشر سنوات على الأكثر، بحيث يصبح العرب فيها أقلية مع غلبة يهودية واضحة، بعد أن يتم استكمال إقامة آلاف الوحدات الاستيطانية واستيراد آلاف اليهود إليها، وتغيير كل أسماء الأحياء والشوارع واستبدالها بأسماء يهودية، والاستيلاء على الساحات والأماكن المقدسة والمواقع الإسلامية والعربية التاريخية، ونزع كل ما يتعلق بعروبتها وإسلاميتها، ومنها مساجد وكنائس ومقابر.

حتى إن المسجد الأقصى التي تجري حفريات واسعة تحته قد يكون معرضاً للانهيار في أي وقت، بحيث يسقط أهم معلم مرتبط دينياً وروحياً وعقائدياً بملايين المسلمين، بذريعة الانهيار الطبيعي.

إن «إسرائيل» تقوم بذلك، وهي تعلم علم اليقين، بأن أحداً لن يردعها أو يعاقبها أو يحاسبها، وأن جلّ ما يمكن أن يصدر من ردود أفعال، وتحديداً من جانب العرب والمسلمين لن يتعدى الشجب والاستنكار، وتظاهرات الغضب الشعبية التي لا تلبث أن تهدأ وتتلاشى.

كما أن المجتمع الدولي الممثل بالأمم المتحدة هو أضعف من أن تتجاوز ردود أفعاله بيانات وقرارات اعتادت عليها «إسرائيل»، ولم تعرها أي اهتمام أو احترام، ثقة منها بأنها مصفحة بدعم أمريكي وغربي، وبقوى صهيونية ويهودية تمتلك من السطوة والتأثير في أية سلطة أو إدارة أو حكومة بحيث يمكن كبح جماحها بما يتعارض مع أي مصلحة «إسرائيلية».

الفلسطينيون والعرب والعالم في وادٍ، و«إسرائيل» في واد آخر. كلهم مشغولون ومنشغلون بهموم ومشاغل وأزمات يتم استيلادها تحت مسميات شتى .. و«إسرائيل» منشغلة بأمر واحد : تصفية القضية الفلسطينية واستكمال خطط التهويد .. وفرض أمر واقع جديد يصعب تغييره، وربما يستحيل تغييره في ظل موازين القوى القائمة، أو ما يتم تكريسه من موازين جديدة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 38 / 2181449

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2181449 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 4


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40