الاثنين 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011

مغامرو الحرب الناعمة وحلم الإمساك بإيران!

الاثنين 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 par د. محمد صادق الحسيني

«تعتبر إيران الحضارة او المدنية الكبيرة الأخيرة التي لم تذعن بعد للنظام الدولي، ولما كان النظام الحاكم فيها لا يزال يملك من الدعم الشعبي والاقتدار الديني والثروة النفطية ما يكفيه للاستمرار والمقاومة ...... من اجل مواجهته نحن بحاجة الى استراتيجية مركبة تقوم على الضغط من جهة والسعي الحثيث لإخراجه من دائرة المقاومة»!

هذا الكلام هو للكاتب والمقدم التلفزيوني الأمريكي المصري الأصل فريد زكريا وهو الرجل الذي يعمل مستشاراً متطوعاً لدى الإدارة الأمريكية في الحرب الناعمة المعلنة ضد نظام الحكم الإيراني الإسلامي وقد جاء كلامه هذا في مقالة له أخيراً نشرت في الـ «ديلي ستار» بعد زيارة قصيرة له لطهران التقى خلالها الرئيس احمدي نجاد وبعض مساعديه ومستشاريه وأركان إدارته.... !

من جهة أخرى فان «المؤسسة الأمريكية للسلام من اجل الديمقراطية» وهي مؤسسة أمريكية مخابراتية بامتياز كانت في الأيام الأخيرة هي الأخرى قد دخلت على خط التصعيد ضد طهران عندما دعت من سمتهم بمعارضة الداخل والخارج الى ماليزيا للمشاركة الفعالة في «ندوة موسعة عن الانتخابات البرلمانية التاسعة» وهي الانتخابات المقررة في الثاني من آذار/مارس المقبل.

ليست هي المرة الأولى التي تقرر فيها أدوات الحرب الأمريكية الناعمة «التصويب» على «المقاومة» الإيرانية الشعبية والنظامية لنظام «دولي» بقيادة أحادية أمريكية يأفل نجمها يوماً بعد يوم وترتعد فرائصها من الانزلاق الى أية حرب وهي تشد الرحال من عراق أنهك جيشه المحتل ومن بلاد نورستان التي كلما زادت زراعة الأفيون فيها كلما ازدادت مقاومة الشعب الأفغاني لاستمرار وجودها بعد سفر الهروب الثاني الذي ينتظرها هناك بعد العراق!

فالأنباء القادمة من كابول تقول بان «اللويا جيركة» ـ ما يشبه مجلس الأعيان ـ والتي ظنت أمريكا أنها أنشأتها لليوم الموعود قررت بأغلبية الأصوات الامتناع عن منح واشنطن قواعد عسكرية بعد سفر الخروج في العام 2014 وكذلك التوقيع على اتفاقية استراتيجية مع واشنطن!

الشيء نفسه حصل في العراق الذي رفض التمديد للاحتلال كما لمنح حصانة لمن يمكن أن يبقى من ضباطه لتدريب القوات العراقية، لا بل أن البعض من القيادات العراقية صرحت بوضوح وصراحة : «بان دولاً كثيرة أخرى قادرة ومستعدة للقيام بهذه المهمة أوروبية وإسلامية وعربية وبالتالي ليس هناك ما يجبرنا على التعاقد مع الأمريكان» كما جاء على لسان السيد مقتدى الصدر مثلاً!

حصاد الغزوتين والاجتياحين السافرين والإجراميين لهذين البلدين المسلمين إذن ينتهي في الأفق القريب الى فشل ذريع وهزيمة مخزية وأخبار سيئة لقادة الأحادية والقطب الهيمني الواحد!

لا عجب إذن أن يصبح المطلوب وبإلحاح ركوب موجات الحراك العربي ومصادرتها بل وقرصنتها وحرفها ان أمكن عن مساراتها الأولية او المفترضة ووضعها في وجه مشروع المقاومة وهو المشروع الأنبل في التاريخ العربي والإسلامي المعاصر.

ولما كانت سورية بوابة المشرق والسور الحامي لمقاومات أذلت المحتل والغازي الأمريكي والصهيوني، فانه ليس من العجب أيضاً أن نقرأ لـ «اليوت ابرامز» وهو المنظر واللاعب الشيطاني الرفيق لرحلة جيفري فيلتمان منذ العهد البوشي القول بأنه : «لابد من إسقاط الأسد لأنه هو العربي الوحيد الحليف لإيران وهو من احتضن حماس وهو من امد حزب الله بالسلاح وهو من قتل الكثير من الأمريكيين في العراق» كما جاء في مقال له أخيراً في مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية.

إن حصاد التجييش ضد المقاومة والحرب المفتوحة عليها وعلى حاضنيها وفي طليعتهم إيران وسورية منذ هزيمتي حرب الـ 33 يوماً ضد لبنان والـ 22 يوماً ضد غزة هو الآخر ليس أحسن من حصاد غزوتي أفغانستان والعراق!

فلبنان ومقاومته لوحدهما باتا أقوى بمائة مرة مما كانا عليه في العام 2006 وهو أي لبنان لوحده قادر بل تمكن بالفعل من إسقاط نظرية الحروب الخاطفة والناجحة دوماً ضد العرب، بل ان قادته المقاومين هشموا صورته حتى امام سكان مستعمراته فضلاً عن إدخال الكآبة والإحباط والتردد والتخبط والخوف المستمر داخل أفئدة كبار ضباط أركانه كلما فكروا في الحرب!

فكيف إذا ما ترجم المشهد الدمشقي الذي تعلم «تل أبيب» قبل واشنطن وواشنطن أكثر من «تل أبيب» بأنه ما صور وظهر إلا ليكون فعلاً ميدانياً يتم الإعداد له ليل نهار ليحول التهديد أي تهديد الى فرصة يحول مقولة «الشرق الأوسط الجديد» الى «شرق أوسط» من دون «إسرائيل» أي شطب الكيان الصهيوني من معادلة الإقليم العربي الإسلامي!

إنها أيضاً أخبار سيئة تلك التي تصل الى واشنطن بان إيران أي «الجائزة الكبرى» الذي روج بوش بأنه ينتظر انتزاعها في نهاية حروبه هي اليوم قوة إقليمية عظمى تصول وتجول من مضيق هرمز الى باب المندب الى شواطئ المتوسط مروراً بقناة السويس والقادم أعظم، أي ان ما ينتظر هذا الثنائي من مفاجآت سيجعله يغادر دائرة التفكير في اللجوء الى أي حرب في المنطقة أياً كانت تقديراته للموقف ومهما تعاظمت أنباء انهياراته الاقتصادية والمالية التي لطالما اعتاد ان يعوضها او ينقذها بالخروج الى الحروب فإذا به يضطر لبلع الموسى والموت غيظاً وحنقاً والاكتفاء بالتهديدات التي لا تغني ولا تسمن من جوع!

هي إذن خريطة جديدة تتشكل حيث يعاد فيها تموضع القوات الإقليمية المقاومة والممانعة بعد أن زادت الضربات التي لم تمتها قوة، والصورة تكتمل مع تمدد نفوذ قوات دولية قادمة من أقصى الشرق الذي أرادوا محاصرته من خلال نصب معسكرهم الأول في أفغانستان فإذا به يغادر البحر الأسود مستأسداً نحو شواطئ المتوسط على امتداد الساحل السوري وربما نراه قريباً في زيارة استراتيجية للمياه الدافئة ما قد يحمل معه حلم القياصرة الذي لطالما ارق إمبراطوريات الغرب الاستعماري الجشع إذا ما اشتعلت الحرب الشاملة او كما يسميها البعض بالمنازلة الكبرى!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2181787

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

40 من الزوار الآن

2181787 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40