الجمعة 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011

سيناء وغزة و«إسرائيل»

الجمعة 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 par عوني صادق

جاء في تقرير أعده مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) التابع للأمم المتحدة، أن قوات الاحتلال «الإسرائيلي» قتلت خمسة فلسطينيين وأصابت خمسة عشر آخرين في قطاع غزة، بينهم أربعة أجانب منهم القنصل الفرنسي، وذلك في الفترة ما بين الثاني والخامس عشر من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.

في الفترة نفسها، جاء في شهادة عضو «الكنيست»، بنيامين بن أليعازر، أمام لجنة الخارجية والأمن، نشرتها صحيفة («يديعوت أحرونوت» - 15/11/2011)، أن «التطورات الأخيرة في مصر تدل أنه على المحور الزمني ستجد «إسرائيل» نفسها في مواجهة مباشرة مع مصر، ولذلك يجدر بنا البدء بالاستعداد لمواجهة». وأضاف : «لدينا اليوم مشكلات في سيناء التي تحولت إلى منطقة إرهابية بارزة، وخلافاً لحرية العمل التي لدينا في غزة، فإن علينا أن نأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار».

في الوقت نفسه، هدد رئيس أركان الجيش «الإسرائيلي»، الجنرال بني غانتس، بشن عدوان واسع على غزة، وقال إنه في الفترة الأخيرة تم شن هجمات من سيناء ضد أهداف «إسرائيلية». وجاء ذلك في تقرير قدمه غانتس إلى لجنة الأمن والخارجية التابعة «للكنيست» يوم 15/11/2011، وقال فيه : إن «طبيعة الهجمات التي تنطلق من الحدود مع مصر قد تغيرت، ولم تعد تنطلق من غزة فقط بل تخرج مباشرة من منطقة سيناء». وأضاف : «إنها تحولت من حدود مبنية على مواجهة متسللين (أفارقة)، إلى حدود تجعلنا في حالة جاهزية لمواجهة عمليات إرهابية معادية». وتابع : «سيناء تحولت إلى منطقة تتم فيها إقامة بنى تحتية كثيرة تنتج أنشطة تخريبية معادية».

وفي رد على الاتهامات «الإسرائيلية»، نفى محافظ شمال سيناء، اللواء عبد الوهاب المبروك، ما جاء فيها، مؤكداً أن القوات المسلحة المصرية «تعمل على حماية الحدود المصرية المشتركة مع غزة، كما تعمل قوات الأمن المركزي على حماية الحدود مع «إسرائيل»» («الخليج» 16/11/2011). ويبدو أن الحكومة «الإسرائيلية»، في نطاق ما تخطط له، لجأت إلى تحريك اللوبي الصهيوني في أمريكا، فعقد (معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى)، القريب جداً من منظمة (أيباك)، ندوة يوم 16/11/2011، تحت عنوان : (سيناء جبهة جديدة للصراع) لبحث (مستقبل سيناء) في ضوء الاتهامات «الإسرائيلية» القائلة إن سيناء بعد ثورة 25 يناير خرجت عن السيطرة المصرية، معتبرة أن الوضع الحالي يشكل تهديداً لأمنها. وقد انتهى (بحث) المعهد إلى أن سيناء اليوم «تسبب قلقاً شديداً، إذ يتنافس ويتعاون فيها الجهاديون والمجرمون وحملة السلاح للسيطرة على شبه الجزيرة». ورأى المعهد أن «مصر التي كانت في عهد حسني مبارك قائدة في مكافحة الإرهاب، ربما تصبح مصدّرة له ولعدم الأمان والاستقرار من جديد».

معروف أنه حسب «الاتفاق الأمني» بين مصر والكيان الصهيوني، الموقع العام 2005 والملحق باتفاق «كامب ديفيد»، يسمح فقط لـ 750 عنصراً من حرس الحدود المصريين بالانتشار على الحدود. وقد سبق للسلطات المصرية أن طلبت في نوفمبر 2007، طبقاً لوثيقة مصرية نشرتها («هآرتس» 11/11/2007)، سلمها مسؤولون مصريون إلى مسؤولين «إسرائيليين» سربوها للصحيفة، زيادة عدد أفراد القوة المصرية العاملة في المنطقة الحدودية . وجاء في «حيثيات» تلك الوثيقة أن المصريين، خلال تلك السنة، كشفوا عن 150 نفقاً واستولوا على 83 طناً من المتفجرات، وأسلحة مختلفة وعتاد، واعتقلت 130 متسللاً، و«عدداً من الفلسطينيين دخلوا من غزة إلى سيناء بهدف التسلل إلى «إسرائيل»، كانوا في طريقهم إلى تنفيذ عمليات ضد «إسرائيل»». وبناء على تلك الإنجازات، طلبت مصر زيادة عدد الجنود المصريين على الحدود، بهدف تشديد الرقابة على «عمليات التهريب»، ووسّطت الولايات المتحدة للحصول على الموافقة «الإسرائيلية»، عبر مسؤولين من وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين هما روف دانين ومارك كميت، لإجراء تعديلات على «الملحق الأمني» وزيادة الجنود المصريين. لكن الحكومة «الإسرائيلية» رفضت الوساطة والطلب معاً، واتهمت مصر بمساعدة المهربين، والتغطية على عمليات التهريب. («عرب 48» - 11/11/2007).

حدث ذلك في عهد مبارك. مؤخراً، وبعد «عملية إيلات» الفدائية الفلسطينية، وتكرار تفجير الأنبوب الذي ينقل الغاز إلى الكيان الصهيوني، تمت الموافقة «الإسرائيلية» على زيادة الجنود المصريين ليصبح العدد في حدود الألفين، ثم جاءت الاتهامات «الإسرائيلية» الأخيرة عن عدم سيطرة القوات المصرية على الوضع في سيناء، وهو ما يشير إلى أن خططاً «إسرائيلية» «جديدة» حيال سيناء أصبحت موضوعة على الطاولة يمكن أن تحمل معها مخاطر جدية على أمن مصر.

مؤخراً تزايدت التهديدات «الإسرائيلية» على كل الجبهات، وتحدث القادة «الإسرائيليون» علناً عن أنه «لا مفر من عملية عسكرية واسعة في غزة». وإذا كانت التهديدات والعمليات العسكرية ضد غزة، ليست جديدة، فإن الإشارات إلى «خطورة» الوضع في سيناء يمثل «جديداً» يدخل مصر في إطار تلك التهديدات التي صارت صريحة في الأسابيع الأخيرة. وقد يكون الغرض من ادعاء فقدان المصريين السيطرة على سيناء هو الضغط على المجلس العسكري في مصر لاتخاذ مواقف أكثر صرامة ضد غزة، وأكثر «اعتدالا» إزاء التطورات الجارية في مصر، لكن هذا لا ينفي المخاطر التي قد تعنيها تلك التهديدات على الأمن المصري، خصوصاً أن الأطماع القديمة في سيناء لا تزال قائمة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2180837

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2180837 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40