الاثنين 5 كانون الأول (ديسمبر) 2011

«ربط النزاعات» : يفك الحصار ويحقق الانتصار!

الاثنين 5 كانون الأول (ديسمبر) 2011 par د. محمد صادق الحسيني

ثمة حزمة اشتباكات تتقاطع أحياناً وتتنافر أخرى في فضاءات الكلام كما في مشاهد الميادين، القدر المتيقن منها أنها تدور في مجملها حول نزاعنا التاريخي والحقوقي والقانوني مع العدو القادم من وراء المحيطات الى قلب وطننا العربي والإسلامي لانتشال الكيان الذي يكاد يغرق نتيجة تسونامي الصحوة العربية والإسلامية وليس «الربيع العربي» بالتأكيد!

ننقل لكم من بين الكم الهائل من هذه التشابكات مثلاً فقط راشد الغنوشي يقول وفي ندوة له في معهد واشنطن للشرق الأدنى : «أنا مهتم بتونس لدي نموذج وتجربة أريدها أن تنجح فيما الآخرون مهتمون بفلسطين وليبيا، الكل مهتم بمصلحته الخاصة ومصلحتي هي تونس»!

المثل المذكور أعلاه لا يعني بالضرورة أبداً بأن جمهور هذا البلد يفكر بنفس ما يفكر به بعض النخبة فيه!

بل العكس تماماً فان كل التقارير القادمة من تونس وتلك القائمة في دمشق موالاة ومعارضة تقول بأن الشعبين التونسي والسوري يضعان في صدر أولوياتهما مشروع مناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني والعداء المطلق للكيان الغاصب.

بالمقابل فان ثمة تشابكات من نوع آخر تلف العالمين العربي والإسلامي على مستوى التجمعات الجماهيرية كما على مستوى الأحزاب والمنظمات والفصائل المنتمية لثقافة المقاومة وبعض من بقي من الدول الممسكة بجمرة دعم قضية فلسطين، القدر المتيقن فيما بينها من قواسم مشتركة هو أنها ربطت أمنها القومي بقضية إنهاء الاحتلال الصهيوني بأي شكل كان!

وهنا ربما يكمن بيت القصيد فيما نريد قوله :

فالجنس الأول يؤمن بفصل النزاعات أياً تكن مشروعية القضايا كل واحدة على حدة والأهم من ذلك أنه يعتقد أن بإمكانه أن يحقق عدالة اجتماعية وتنمية سياسية واقتصادية في بلاده بل وان يقدم نموذجاً راقياً ومتميزاً من الديمقراطية بمعزل عن حصار ميزان القوى العالمي المدجج بكلب الحراسة الصهيوني النووي!

بينما يعتقد الثاني متسلحاً ببصيرة الفطنة الوجدانية والعلمية التي لا تخطئ بأن ما من تنمية سياسية ولا اقتصادية فضلاً عن عدالة اجتماعية ناهيك عن أجواء ديمقراطية سليمة ممكنة ومتاحة لأي من بلداننا العربية والإسلامية ما لم بتم ربط نضال شعوبها بالحرب المفتوحة على الصهيونية «الإسرائيلية» تحديداً وأسيادها المستعمرين القادمين من وراء البحار عموماً!

يقول السفير الألماني المسلم مراد هوفمان في محاضرة له حول القرآن الكريم ومقولة الحرب الشاملة على الكفار ومقارنة ذلك بقوانين حلف الأطلسي أي الناتو :

ما ذنب محمد بن عبد الله إذا كان قد جاءه الأمر مبكراً من الله سبحانه وتعالى أي قبل أكثر من أربعة عشر قرناً من منظومة حلف الناتو بأن المطلوب مقاتلة المنافقين والكفار على طريقة الحرب الشاملة وذلك في تفسيره للآية الكريمة : «وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ» وهي القاعدة المتبعة حالياً في حلف الناتو كما هو وارد في البند الرابع والتي تقول بأن من حق أي طرف من أطراف حلف الناتو أن يهاجم أي طرف من أطراف خصمه حيثما أتيح له ذلك إذا ما هوجم من طرف من أطراف ذلك الخصم المشترك في أي مكان كان!

إنها معركة ربط النزاعات يا عرب ويا مسلمين، ولا يظنن أحد أي أحد أن بإمكانه أي يبقى في معزل عن هجمات أو اعتداءات أو مؤامرات حلف العدو الاستعماري القادم من أعالي البحار لاسيما من قبل الكيان الصهيوني لمجرد انه يقرر بالنأي بنفسه عن المواجهة من طرف واحد!

وان هذه الاعتذارية التي باتت منتشرة في صفوف البعض من المنهكين او المتعبين من نخب النضال السابق سواء كانوا في المعارضة او في الحكم لن تغفر لهم مطلقاً أنهم كلوا او ملوا من النضال وقرروا أن يتفرغوا للبناء بعدما هرموا ونالوا نصيبهم من الحرية او السلطة بعد طول انتظار، او أنهم قاموا بمراجعات فكرية او غير فكرية أفضت بهم الى أولوية الحرية والعدالة والثورة على أولوية تطهير بلادهم ووطنهم الأصغر والأكبر من رجس الصهاينة!

إنها حرب مفتوحة عرفنا كيف ننتصر فيها في حصار شعب أبي طالب كما في غزة هاشم كما في الضاحية الأبية، وبإمكاننا اليوم كذلك أن نحقق فيها انصع الانتصارات!

حرب نحن الذين سنحدد مصائرها بطريقتنا ومنظومة قيمنا، شرط أن تكون قواعد الاشتباك فيها قاعدة ربط النزاعات!

وعندها لن يكون لنا فيها خيار إما أن ننتصر او ننتصر، بعد أن ولى زمن الهزائم الى غير رجعة وبدأ ميزان القوى العالمي يميل بقوة لمصلحة الشعوب والحكام والنخب البصيرة من أصحاب إرادة التحضير للمنازلة الكبرى مع الشيطان الأكبر وزبانيته، ولا وقت فيها للتردد او الانتظار!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 81 / 2165477

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165477 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010