الاثنين 5 كانون الأول (ديسمبر) 2011

أوباما و«الحروب بالواسطة»

الاثنين 5 كانون الأول (ديسمبر) 2011 par د. محمد نور الدين

يطرح الدور التركي في سوريا علامات استفهام عديدة حول العوامل التي تجعل قادة «حزب العدالة والتنمية» يتصدرون المشهد الداعي إلى إطاحة النظام السوري والمسارعة إلى التهديد بعقوبات اقتصادية من قبل أن تجتمع جامعة الدول العربية وتقرر مثل هذه العقوبات.

وفي ظل الحديث عن سيناريوهات للتدخل العسكري الخارجي ضد النظام السوري كانت تركيا أيضاً تقفز إلى الواجهة كأنه لا يوجد في الميدان سوى تركيا.

الشروط التركية للمشاركة في تدخل عسكري في سوريا كانت واضحة وتفضي إلى نتيجة واحدة هي استبعاد الخيار العسكري.

ذلك بأن الفيتو الروسي والصيني يحول حتى الآن دون صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي يشرّع التدخل العسكري في سوريا.

أما حلف شمال الأطلسي حيث تركيا عضو فيه فلا يبدو أيضاً حتى الآن أنه في وارد اتخاذ قرار بالتدخل العسكري.

يبقى أن الخيار الثالث، مبدئياً، أمام تركيا هو أن تتدخل بمفردها، وهذه قضية حساسة جداً ولا يمكن لتركيا أن تغامر باللجوء إليها.

لكن كتابات وآراء متعددة وتصدر عن مواقع غير بعيدة عن «حزب العدالة والتنمية» باتت تحذّر من توريط تركيا في المستنقع السوري من خلال حث بعض الأطراف لها، بل تحريضها على أن تكون رأس حربة في التدخل في سوريا سواء بالشراكة مع آخرين أو بمفردها.

يقول الكاتب التركي المقيم في الولايات المتحدة عمر طاشبينار إن «العقيدة» الجديدة للرئيس الأمريكي باراك أوباما تختلف عن عقيدة سلفه جورج دبليو بوش.

عقيدة بوش كانت المبادرة إلى شن الحروب مباشرة من جانب الولايات المتحدة ومن يوافق على أن يشاركها في هذه الحروب. هكذا كان غزو أفغانستان ثم احتلال العراق رغم عدم وجود أي قرار دولي يجيز ذلك.

أما أوباما فقد اختار الحروب بالواسطة عبر قوى أخرى. فالدرع الصاروخي تحول من مشروع أمريكي إلى مشروع أطلسي وعندها شاركت تركيا فيه.

والحرب على معمر القذافي في ليبيا خيضت بداية بصورة أمريكية حذرة جداً وما لبثت أن تحولت إلى حرب بقيادة حلف شمال الأطلسي شاركت فيها الولايات المتحدة لكن من خلف الستار أو بالشراكة المتكافئة مع الآخرين.

واليوم لا تريد واشنطن أن تبادر إلى شنّ حرب مباشرة على سوريا وتفضل أن يتولى ذلك عند الضرورة حلفاؤها مع دعمهم بقوة من خلف الستار.

في هذه النقطة بالذات يحذّر البعض في تركيا من مغبة دفع تركيا دفعا إلى تزعم جبهة أو بمفردها تسعى إلى إسقاط النظام في سوريا.

ومع أن وزير الخارجية التركي احمد داوود أوغلو ينفي وجود نوايا عثمانية توسعية، فإن الكاتب عبدالقادر سيلفي من صحيفة «يني شفق» المقربة جداً من «حزب العدالة والتنمية» يحذّر تركيا من مغبة الوقوع في ما سمّاه «الفخ العثماني».

وفي ما يبدو خطوة معاكسة لتوجهاتها السابقة أفردت الصحيفة مانشيتها الرئيسي لما كتبه عبدالقادر سيلفي.

يقول سيلفي إنه أمام انسداد سبل الحل السياسي للأزمة في سوريا تحوّلت الأنظار إلى العقوبات الاقتصادية. لكن البعض أراد أن تكون العقوبات خطوة أخيرة أمام سيناريو احتلال سوريا ودعوة تركيا لتتولى هذه المهمة.

ويقول سيلفي : إن بعض الدول في الغرب وفي المنطقة يدفع تركيا من ظهرها لكي تدخل إلى سوريا. وتركيا ليس عندها مثل هذه الخطة لأنه بعد ذلك ستخرج تلك الدول عينها وتصف تركيا بأنها قوة محتلة وتقود حملة ضد تركيا.

لكن عاكف ايمري الكاتب الإسلامي، وفي الصحيفة نفسها، يكشف عن أسماء بعض هذه الدول ويضع فرنسا في رأس القائمة، متسائلاً عما إذا كان يمكن للمستعمر الفرنسي أن يكون محرراً هذه المرة.

ويقول ايمري إن الكتّاب والصحافة الغربية متيقنون من أن تركيا ستخوض حرباً ضد سوريا.

لكن الكاتب يحذّر من أن المستعمرين السابقين الذين يدفعون تركيا إلى حرب ضد سوريا لن يعودوا إلى بلادهم بعد ذلك، معطياً العراق مثالاً على عدد القتلى الذين سقطوا بسبب الاحتلال الأمريكي له فضلاً عن الشرذمة الاثنية والمذهبية التي نتجت عنه.

إن الصراع من أجل الديمقراطية يجب ألا يحجب أبداً أن هناك من ينتظر لكي يقتنص الفرص ليغرق المنطقة العربية والإسلامية بحروب تبدأ ولا تنتهي ولا يكون الرابح منها سوى «إسرائيل» ومن خلفها الغرب.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2165395

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165395 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010