الثلاثاء 6 كانون الأول (ديسمبر) 2011

اللاجئون الفلسطينيون عيوننا الى سوريا ترحل كل يوم

الثلاثاء 6 كانون الأول (ديسمبر) 2011

تعيش المخيمات الفلسطينية حالة من الانقسام تجاه ما يجري في سوريا. البعض يرى الحراك هناك على أنه «ثورة» ستغير نظام الرئيس السوري بشار الأسد، آخرون يلخصون ما يجري بأنها مؤامرة أميركية لضرب البلد العربي الوحيد الذي يقف في وجه «إسرائيل»، لكن بعيداً عن الكلام السياسي والدبلوماسي لمسؤولي الفصائل في لبنان، يعكس الشارع الفلسطيني حقيقة موقف الفلسطينيين مما يجري في بلاد الشام.

على مدخل مخيم برج البراجنة، وبالقرب من جامع الفرقان، حيث مكتب لـ «فتح الانتفاضة» انتشرت صور الرئيس السوري بشار الأسد. قبل 8 أشهر لم تكن تلك الصور موجودة بهذه الكثافة، إذ كانت صور الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله والشهيد عماد مغنية تطغى على كل شيء، حتى على صور الأمين العام لـ «فتح الانتفاضة» نفسه أبو موسى. ببساطة يمكن لأي كان أن يعرف المزاج العام في المخيم، وذلك من خلال الصور التي تنتشر وتُرفع في أزقته. في هذه الفترة وبعد الأزمة السورية اختفت صور رجب طيب اردوغان، رئيس الوزراء التركي، الذي فقد رصيده بعدما كان قد ارتفع بين اللاجئين، إثر مجزرة «مافي مرمرة» لمصلحة الرئيس السوري، الذي يواجه حالياً «العالم كله»، كما يقول أحد عناصر «فتح الانتفاضة»، الذي رفض الكشف عن اسمه، لأسباب شخصية. تغيير الموقف من اردوغان كان بسبب مواقف الأخير من سوريا، التي لم تعجب من كان قد رفع صوره مسبقاً. أنزل هؤلاء صور اردوغان ورفعوا مكانها صور الرئيس السوري. ابن «فتح الانتفاضة» واحد من هؤلاء، وبالنسبة إليه فإن ما يجري في سوريا هو لتغطية الانسحاب الأميركي من العراق، متوقعاً أن تستقبل دمشق في الأشهر المقبلة زعماء الدول العربية الذين سيأتون «للاعتذار من الرئيس السوري لما فعلوه بحق الشعب السوري». توجُّه عناصر «فتح الانتفاضة» المؤيد للنظام السوري ليس مستغرباً، فهؤلاء إضافة الى الجبهة الشعبية القيادة العامة معروفون بولائهم للنظام السوري، منذ ثمانينات القرن الماضي، لكن عتب بعض عناصر «فتح الانتفاضة» و«القيادة العامة» هو على حركة «حماس»، فهي بالنسبة إليهم «غير معروف توجهها مما يجري في سوريا، ولم تعلن حتى الآن موقفاً واضحاً من ذلك»، يقول أحد عناصر «القيادة العامة». يضيف «نسمع تسريبات من هنا وهناك أن الحركة تفتش عن مقر جديد لها خارج سوريا، ويقال إن قطر أو مصر ستكون المقر الجديد للمكتب السياسي للحركة». يصمت الشاب قليلاً ليضيف «لا يمكننا أن ننسى أن حماس هي الذراع العسكرية للإخوان المسلمين، وبالطبع فإن موقفها لن يكون بعيداً عن موقف الإخوان من سوريا».

هكذا، سببت الأزمة السورية انقساماً داخل التحالفات الواحدة القائمة منذ زمن. فبدأت فصائل «تحالف القوى الفلسطينية»، المعروفة بتأييدها لسوريا بالنظر بعين الريبة الى بعضها البعض، وخصوصاً تجاه حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي». فهاتان الحركتان بالنسبة إلى باقي فصائل تحالف القوى لم تعلنا موقفاً واضحاً وصريحاً بعد من الأحداث في سوريا. لكن ما هو الموقف الحقيقي لهاتين الحركتين مما يجري في سوريا؟ وما هو نبض مناصري «حماس» او «الجهاد الإسلامي» من الحراك القائم هناك؟

«حماس»، بحسب متابعين لشؤون الحركة، منقسمة بين اتجاهين.

الأول مؤيد لبقائها في سوريا، ودعم النظام الذي دعمها حينما كانت تبحث عن مقر لها، والثاني، الذي يجسده المتشددون دينياً في الحركة رافض لإعطاء أيّ شرعية للرئيس السوري، مطالبين بنقل المكتب السياسي من دمشق الى مكان آخر. بين هذين الرأيين ينقسم أبناء الحركة. معظم «الحمساويين» يرفضون إعلان رأيهم بصراحة، ويتهربون من الإجابة بقولهم إنهم ليسوا حمساويين، بل مناصرون او مقربون من الحركة. هذه الصفة تسمح لهؤلاء بالتعبير عن حقيقة ما يدور في خلدهم، من دون تحميل «حماس» تبعات ذلك. يقول احد «مناصري» «حماس» إن موقف الحركة مما يجري في سوريا هو ما أعلنه مسؤول المكتب السياسي للحركة في طهران. حينها دعا مشعل «حكام أمتنا، وخاصة الذين يقفون معنا في نفس الخندق، إلى أن يلجأوا إلى الخيارات السياسية للتعامل مع هذا الربيع». المعتدلون من أبناء «حماس» يتبنون هذا الخطاب، بينما المتشددون منهم يرفضونه بالمطلق، رغم أنه صادر عن رئيس مكتبهم السياسي، فهؤلاء يرفضون أن تعطي «المقاومة» شرعية لأفعال الرئيس السوري. مسؤولون في «حماس» يعبرون عن امتعاضهم من طريقة تعامل النظام السوري مع الحراك الحاصل، مشيرين إلى أن النظام «لم يسمع ما قاله مشعل في طهران، عن ضرورة الحل السياسي». يؤكد هؤلاء أنه في اليوم نفسه الذي اعلن فيه مشعل هذا الموقف «قتل 20 متظاهراً». يضيف مسؤول بارز في «حماس» إن مشعل كان قد استقصد إعلان هذا الموقف من قلب طهران، ليكون موقف الحركة واضحاً وصريحاً. بالطبع لا ينسى هؤلاء التذكير بما طلبه «ابو الوليد من الشعب السوري»، بأن «تظل البوصلة واضحة لا التباس فيها ولا للتدخل الأجنبي ولا للعنف الداخلي». السقف الواضح الذي أعلنه مشعل بين الحل السياسي وعدم التدخل الخارجي يلتزم به معظم الحمساويين. لكن بعض هؤلاء يستغلون المساحة الفاصلة بينهم وبين قيادتهم الموجودة في سوريا من أجل التعبير عما يجول في خاطرهم. «نحن لسنا مع الأنظمة العربية، بل مع الشعوب لتنال حريتها، وبالطبع لا نرضى بعمليات القتل التي تجري في سوريا»، يقول حمساوي آخر. هذا الرأي الصريح الذي عبر عنه ابن الحركة يعكس حالة الضياع التي يعانيها الحمساويون، في ما يتعلق بالموضوع السوري.

بالنسبة إلى عناصر «الجهاد الإسلامي»، فهؤلاء يتخوفون من إعلان رأيهم، فحالهم كحال باقي الفصائل الموالية للنظام السوري. بالقرب من جامع الفرقان، حيث ثقل حركة «الجهاد الإسلامي»، يقول احد عناصر الحركة إن «النظام السوري يرتكب مجازر بحق شعبه، ولا يمكننا أن نتغاضى عن المشاهد التي تصل من سوريا». وعند سؤالهم عن تخليهم عن الدولة الوحيدة الباقية الداعمة للمقاومة يقول هؤلاء إن «الشعب السوري هو الذي سيحتضن المقاومة لا النظام».

أما أكثر من يعبّر عن رأيه بصراحة مطلقة فهم أبناء حركة «فتح». فبين النظام السوري وهؤلاء ثأر قديم. «لا يمكن أن أنسى كيف اعتقل والدي لمدة 13 عاماً فقط لأنه عرفاتي»، يقول أحد أبناء «فتح». فبالقرب من احد مراكز «فتح» على مدخل مخيم البرج الغربي يجلس أبناء الحركة. يذكر أحدهم «كيف كانت المخابرات السورية تعتقلنا دورياً، فقط لأننا فتحاويون، لا يمكنني أن أحب هذا النظام، فما فعله بنا لا يمكن أن ينسى»، يقول، لكن بين إعلان دعمهم للنظام من عدمه، وكيف يمكن أن ينعكس ذلك على الوضع الداخلي للمخيمات، يفضل الجميع أن يعزل الفلسطينيون أنفسهم عما يجري في سوريا. ببساطة لأن ذلك سينعكس «سلباً علينا، ولسنا بحاجة إلى خلق أعداء جدد، لذلك يجب أن نبعد أنفسنا عما يدور في سوريا»، يقول أحد عناصر «فتح».

أبناء المخيمات يتابعون ما يجري في سوريا بأدق تفاصيله، فلهؤلاء أقارب يعيشون في المخيمات هناك، والتواصل معهم كان صعباً في بعض الأحيان. هكذا، رنت قلوب اللاجئين صوب مخيم اليرموك، أكبر المخيمات الفلسطينية في سوريا، بينما بقيت أعينهم على شاشات التلفزة، التي بثت تقارير عما يجري في المناطق المحاذية للمخيم. حينها قيل إن القوات السورية تقصف أحياءً من المخيم، متسببة بمقتل عدد من اللاجئين. رواية أكدها بعض الذين هربوا من مخيم اليرموك الى مخيم برج البراجنة.

بين المؤيدين للنظام السوري والرافضين لما يجري في سوريا، يجمع أبناء المخيم على شيء وحيد، وهو عدم زجّ المخيمات الفلسطينية في أي نزاع قد يحصل في حال سقوك النظام السوري، «لأنها دايماً بتطلع براس الفلسطيني»، يقول أحد أبناء حركة «فتح».

- **المصدر : صحيفة «الأخبار» اللبنانية



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 7 / 2178476

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2178476 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40