الاثنين 12 كانون الأول (ديسمبر) 2011

ما الذي يجمع بين الغنوشي وغليون و«إيباك»؟

الاثنين 12 كانون الأول (ديسمبر) 2011 par د. رفعت سيد احمد

ترى ما الذي يجمع بين الزعيم التونسي الإسلامي (راشد الغنوشي)، ورئيس ما يسمى بـ «المجلس الانتقالي السوري» برهان غليون، وبين منظمة «إيباك» الصهيونية؟ هل هو كراهية الاستبداد العربي والثورة عليه، أم هي المصلحة والمحبة والعلاقات الدافئة مع أعداء الأمة من الصهاينة والأمريكان؟ مناسبة هذا السؤال هو ما تداولته الأنباء خلال الأيام الماضية عن قيام راشد الغنوشي بتلبية دعوة «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» الذي أسسته وترعاه منظمة «إيباك» الصهيونية بالتنسيق مع المخابرات الأمريكية، وإلقاءه محاضرة في المعهد يعلن فيه - قولاً وسلوكاً - التطبيع مع العدو الصهيوني، أما برهان غليون والذي يرأس «المجلس الانتقالي السوري» الذي كونته جماعة الإخوان المسلمين بدعم علني من المخابرات التركية والفرنسية، فلقد قال في حوار غاية في الأهمية مع صحيفة «وول ستريت جورنال» بأن مجلسه إذا جاء لحكم سوريا سوف يقطع علاقاتها بالمقاومة اللبنانية والفلسطينية والعراقية، وسوف يقطع العلاقات مع إيران (لأنها علاقات غير طبيعية) وفقاً لكلامه، و(أنه سيقود أوسع عملية لإعادة توجيه السياسة السورية تجاه تحالف مع الدول الخليجية الموالية لواشنطن) وأنه سيسعى إلى استرداد الجولان بالحوار والتفاوض ليوقع اتفاقية تماماً مثل اتفاقية (كامب ديفيد) والسؤال الآن .. ما الذي يجمع هؤلاء الثلاثة (الغنوشي - برهان - «إيباك») فيما قالوه أو فعلوه خلال الأيام الماضية؟ الإجابة سنسجلها في النقاط الموجزة التالية :

أولاً : كنا ممن أحسنوا الظن براشد الغنوشي، خاصة أن من عرفنا عليه وعلى فكره المستنير في أوائل التسعينات من القرن الماضي، هو الصديق والمعلم الشهيد د. فتحي الشقاقي (مؤسس وأمين عام حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين)، وظللنا متعاطفين مع الرجل ومحنته في الغربة (20 عاماً)، إلا أن ما ارتكبه من جرم وطني قومي وإسلامي، خلال الأيام الماضية، متمثلاً في قبوله لدعوة مؤسسة (إيباك) الصهيونية، و«معهد دراسات الشرق الأدنى» لزيارة واشنطن والجلوس إلى عتاة المحافظين الجدد فيها، وإعلانه من هناك أنه لا عداءاً مطلقاً مع «إسرائيل»، وأن تونس الجديدة لن يتضمن دستورها أية إشارات بالعداء للكيان الصهيوني وأنه لم يعد يتفق مع مقولة إيران بأن أمريكا هي الشيطان الأكبر هذا الانهيار الأخلاقي والسياسي لدى الرجل الذي كنا نحسبه إسلامي مستنير وثوري وكنا نظنه - وهو أول من يعلم حجم الجرائم الأمريكية و«الإسرائيلية» ضد الفلسطينيين والعرب طيلة الـ 65 عاماً الماضية - سيكون أكثر تعاطفاً مع الحقوق الفلسطينية التي يأتي على رأسها حتمية العداء للمشروع الأمريكي الصهيوني، وحتمية أن تقوم الثورات الجديدة بمساندة المقاومات العربية وفي طليعتها المقاومة الفلسطينية بأضعف الإيمان وهو مخاصمة المشروع الأمريكي - الصهيوني، إلا أن السيد راشد الغنوشي وعند أول إشارة من اللوبي الصهيوني في واشنطن - الذي يبدو وكأنه الراعي الرسمي لبعض ثورات الربيع العربي - ذهب إلى هناك مهرولاً، ومرحباً بالعدو الصهيوني، ولاعناً المقاومة التي طالما تغزل فيها هو وشيخه (القرضاوي) صاحب أشهر الفتاوى لإباحة التدخل الأجنبي وإكسابه شرعية إسلامية يرفضها أصغر طفل يفهم في الإسلام فإذا بالمقاومة اليوم عبء عليه وعلى ثوراتهم الأمريكية الملوثة!.
ثانياً : أما تصريحات (برهان غليون)، فهي بصراحة الأكثر صدقاً في كل ما قاله (غليون) منذ وضعه الإخوان المسلمين على رأس المجلس الانتقالي هذا فالرجل عبر بصدق عن المخطط الذي طالما بح صوتنا وأصوات الشرفاء العرب والمسلمين من التحذير منه، وبأن ما جرى في سوريا ليس ثورة بل محاولة لتفكيك الدولة وضرب علاقاتها بقوى المقاومة العربية كان البعض يكذب ما نقول، ويدعى أن (ثوار سوريا) سوف يكونون في الطليعة المقاومة للمشروع الصهيوني، فإذا بالسيد غليون يفضحهم، ويعلن المسكوت عنه ولعل في لقاء ممثلي المعارضة السورية في الخارج - في جنيف -بالسيدة هيلاري كلينتون يوم (6/12/2011) حيث أجلستهم أمامها مثل التلاميذ الصغار، في قاعة صغيرة مغلقة لتلقي الأوامر للمرحلة المقبلة، وتأكيدها على ما قاله (غليون) بأن الأمر في سوريا لا ينبغي أن يتوقف عند مجرد الإطاحة بالأسد، بل تغيير كامل لدفة السياسة السورية لنصبح مجرد ذيل صغير للدولة العبرية ولواشنطن، لعل في هذا ما يؤكد على فقدان هؤلاء (الثوار) قيمة الشرف والكرامة التي يتصف بها أصغر طفل في سوريا وفي عالمنا العربي، حين نربط دائماً «الشرف الوطني» بالموقف من العدو الصهيوني -الأمريكي ويؤكد أيضاً على حقيقة وأبعاد المؤامرة الدولية على سوريا وأن الأمر هناك هو (صراع على الدولة) ودورها العربي المقاوم (وليس صراع داخل الدولة) عن حقوق الإنسان والحريات وغيرها مما صدعتنا به فضائية «الجزيرة» وأخواتها من قنوات التضليل الإعلامي المعروفة.

إذن ...

نخلص إلى القول أن ما يجمع بين (الغنوشي في طبعته الأمريكية الجديدة) وبرهان غليون في صدق تعبيره عن عمالته المبكرة للغرب وعدائه للمقاومة، وبين «إيباك» الصهيونية، هو وحدة الموقف، والمصلحة، والشرف المفقود، والأهم من كل هذا، أن ما يجمعهم، وما قد يجمع معهم من (إسلاميي مصر من الوهابيين الجدد بعد الانتخابات) هو بناء «الشرق الأوسط الجديد»، ذو اللب الأمريكي والقشرة الإسلامية.. و (ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا).



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165357

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165357 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010