الأربعاء 21 كانون الأول (ديسمبر) 2011

لا ...تصالح!!

(تساؤلات حول شروط المصالحة الفلسطينية الجديدة !!)
الأربعاء 21 كانون الأول (ديسمبر) 2011 par د. رفعت سيد احمد

زفت إلينا، صحف القاهرة، وعلى استحياء، وهي المشغولة بالحرب الأهلية في شارع قصر العيني، أنباء عن قرب توقيع حركة «حماس» وسلطة الحكم الذاتي في رام الله، على اتفاق مصالحة جديد [هو العاشر ربما منذ اختلف الأخوة (الأعداء!!) على طبيعة المسيرة والمسار] وهللت بعض وسائل الإعلام المصرية عن مشاركة ممثلين عن حركة «الجهاد» والـ 13 فصيلاً فلسطينياً الآخرين، في التوقيع على المصالحة بعد أن يكون (الكبار) من «فتح» و«حماس» قد وقعوا؛ وقالت مصادر مطلعة، أن جوهر الاتفاق، هو ما سبق وأعلنه خالد مشعل وأبو مازن في القاهرة أثناء لقائهما الشهر الماضي (نوفمبر) وهو [إيقاف المقاومة المسلحة ضد العدو الصهيوني والاكتفاء بالمقاومة السلمية التي لا تستخدم العنف بأي صورة من الصور مع العدو، حتى لو استخدم هو العنف مع الشعب الفلسطيني الأعزل].

بهذا المعنى فإن اتفاق المصلحة، وإن تضمن كلام جميل وغائم عن (الاعتقال السياسي) والانتخابات والإدارة المحلية، وغيرها من القضايا التي ستظل هامشية قياساً على الشرط الرئيسي الحاكم للاتفاق، وهو (إيقاف المقاومة المسلحة) واستبدالها بالمقاومة أو النضال الـ (تيك أواي) نضال بعض ثورات الربيع العربي .. ثورات الـ C.I.A ، نضال على مقاس المصلحة والرؤية «الإسرائيلية»؛ نضال لا يغير من قواعد (الاحتلال) وأسسه وإن (جمَّل) و(غيّر) في شكل وأدوات عمل هذا الاحتلال (!!).

إن مخاوف القوى المقاومة العربية والفلسطينية بشأن المصالحة الجارية وقائعها الآن في مبنى المخابرات المصرية؛ عديدة، فدعونا نسجل أبرزها لعل ما نقوله يفيد :

[**أولاً :*] مما لاشك فيه أن أي قومي أو إسلامي مقاوم، يفرح كثيراً عندما يتصالح أبناء فلسطين، ويتوحدوا، ولكن بشرط أن تكون المصالحة والوحدة على أرضية المقاومة والتخلص من أدران الاتفاقات المذلة، وفي طليعتها اتفاق أوسلو 1993، والذي لم يعطِ للفلسطينيين سوى المهانة، والمزيد من المستوطنات!! فإذا ما جاءت (المصالحة) كما تتم الآن في القاهرة، وفقاً لأوسلو، فإنها مصالحة زائفة، بل وقاتلة، لأنها مصالحة على دم الشهداء من أبناء «حماس» و«فتح» و«الجهاد» والقوى والفصائل الفلسطينية الأخرى وهو ما يجعلنا نشك ليس في عدم جدوى هذه المصالحة بالنسبة للقضية الفلسطينية، فحسب، بل وفي خطرها على هذه القضية خاصة أنها تأتى برعاية نفس أجهزة (عمر سليمان و(حسنى مبارك) المعادية لروح المقاومة وغاياتها؛ وتأتي بموافقة أمريكية كاملة بل لا نبالغ إذ نقول أنها تأتى بطلب أمريكي صريح عبر الزيارة الأخيرة لمسئولي البنتاجون مع (جون كيري) حين التقى - الأخير - أجهزة المخابرات المصرية والإخوان المسلمين معاً، وكانت «كامب ديفيد» والمصالحة الفلسطينية على أرضية أوسلو هي العنوان الرئيسي للقاءاتهم.

[**ثانياً :*] تأتي المصالحة في أجواء تغييرات وثورات عربية؛ بعضها - كما اتضح الآن للجميع بعد أن بح صوتنا - (حقيقي) والآخر زائف، ومصطنع، بعضها، يضع (فلسطين) والمقاومة على سلم أولوياته، والبعض الآخر يدير لها ظهره، منذ اليوم الأول لتسلمه البرلمان أو الحكم من الأنظمة التابعة والعميلة، والمصالحة الفلسطينية كما جرت مقدماتها تأتي هي في إطار إعادة تشكيل المنطقة ليتكون الهلال (الإسلامي - الأمريكي الجديد)، الذي قشرته الخارجية إسلامية (إخوانية وسلفية وهابية) وقلبه أمريكي / (إسرائيلي). المصالحة لا تستهدف (القضايا الصغيرة) مع كامل الاحترام للبنود المنشورة : المعتقلين والانتخابات وإدارة شئون السجن الفلسطيني الكبير في رام الله وغزة، لكنها تستهدف وضع الجميع داخل قطار التسوية الجديد، قطار أوسلو، ولكن بلحية طويلة مشذبة!.

[**ثالثاً :*] رغم هذه الخدعة الكبيرة التي تجري وقائعها في قاهرة ما بعد ثورة يناير التي تُسرق هي الأخرى الآن؛ إخوانياً وأمريكياً، فإن المستقبل الفلسطيني يحمل مفاجآت لأطراف المصالحة تلك، أبرزها أن ثمة مقاومين، خارج إطار القوى والفصائل التي قبلت أن تكون (شهود زور) على اتفاق القاهرة المخابراتي هذا، ونحسبها ستشرع في إعادة الاعتبار لخيار المقاومة المسلحة الذي يستهدفه - بالأساس - هذا الاتفاق؛ وستقاوم بعيداً عن المقيدة قلوبهم قبل أيديهم من القوى التي كانت مقاومة، هؤلاء في ظني - وليس كل الظن إثم - موجودون حتى داخل «حماس» و«فتح» و«الجهاد»، وكل القوى والفصائل، وهم رغم أنهم متفرقون، ويبدو من أحاديثهم أنهم الأضعف تسليحاً وتمويلاً؛ وتنظيماً، إلا أنهم الأصدق، والأنبل؛ وفلسطين التي يحلم بها كل ثائر عربي حقيقي؛ تحتاج اليوم إلى الأصدق والأنبل، هي لا تحتاج إلى هذه (الفهلوة السياسية) التي يتقنها صناع وراكبي قطار أوسلو الجديد، سواء كانوا بلحية أو بدونها، وأحسبهم يتمثلون معنا قصيدة أمل دنقل الخالدة «لا تصالح» عندما تنزل عليهم الصاعقة، صاعقة الزيف، والدجل الأمريكي - السلفي الجديد، فيصرخون بأعلى الصوت :

لا تصالح ولو قيل ما قيل من كلمات السلام ..

كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنس ..

لا تصالح !!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165275

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165275 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010