الأربعاء 21 كانون الأول (ديسمبر) 2011

جعبة أميركية مليئة بالفشل والخسارة.. على طريق الاندحار

الأربعاء 21 كانون الأول (ديسمبر) 2011

لم يولد «العراق الأميركي» بعد 9 سنوات من رحم الاحتلال، ورأى قادة واشنطن أن تحقيق عراق أميركي لعقود طويلة كان مراهنة فاشلة.. في لبنان كان مثال سابق عندما خرج الاحتلال من الجنوب، فحين يجد أي جيش احتلال أن كفة الخسارة بدأت تطغى على كفة الربح من المنطقي أن ينسحب، بل ان الأميركي وجد أن السنوات المقبلة ستزيد خسارته بشكل نوعي، وأحلامه وأهدافه السياسية والأمنية والاقتصادية تبتعد، والمقاومة العراقية كانت تزداد تدريباً وقدرات مع الوقت..

[**خيار الرحيل المرّ .. *]

في هذه المرحلة كان الأميركي من منظار مصلحته الاستعمارية أحوج ما يكون فيها للتواجد في المنطقة، لكننا نراه قرر حزم الحقائب ليجر أذيال الهزيمة خارجاً من العراق في تصرف هو عكس منطق المصلحة الأميركية وعكس الرغبة الشديدة، فلطالما كانت مسألة العراق تُدرس لناحية الأهمية في التواجد والجغرافيا السياسية والاستراتيجيا والنفط. الأحداث في المنطقة متسارعة ويزداد التوتر ويزيد الأميركي الضغوط على إيران ويريد لها أن تركع كما يريد لسورية أن تخضع ويحرك من اجل هذه وتلك الكثير من وسائل الضغط والتهويل.. هو في ظل ذلك يحتاج لاستمرار الوجود في العراق ليس لأجل المكاسب من العراق نفسه فحسب بل لأهمية وجوده في هذه المرحلة في وسط المنطقة العربية. بعدما كان خيار الرحيل المر، حاول أن يعوض عن ذلك عبر تثبيت وتقوية وجوده في بعض دول الخليج..

عندما يكون القرار المتخذ كان معاكساً للإرادة الأميركية بكل معنى الكلمة فهي طبعاً «هزيمة محققة وليست نصراً، وانسحاب القوات الأميركية من العراق يشكل إستراتيجية مأساوية تتخذها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما» كما يقول الخبير في الأمن القومي في مجلس العلاقات الخارجية بالولايات المتحدة ماكس بوت في مقال نشرته صحيفة «وول ستريت» الأميركية. ويضيف «أن أوباما يقول إن بلاده تنسحب من العراق بسبب تصلب موقف السياسيين العراقيين، ولكن الرئيس الأميركي لم يحاول اتخاذ المفاوضات مع العراقيين على محمل الجد».

[**كانت الصورة في العراق في الآونة الأخيرة على الشكل التالي :*]

- الشعب العراقي والقادة السياسيون يثبتون القدرة على ترتيب صنع القرار العراقي بما ينسجم والمصالح الوطنية.

- الأميركي لم يستطع إبعاد شبح الخسائر والعمليات والصواريخ وزرع العبوات من اجل إيقاع أفدح الخسائر بجيش الاحتلال.. وتصفية الحساب متواصلة ولو دون صخب إعلامي.

- محاولات أميركية لضرب العراقيين ببعضهم لم تنجح في تحويل الصراع الى صراع سني - شيعي واسع، وكثير من الهجمات ذات الطابع الطائفي يتهم المراقبون والعارفون الاستخبارات الأميركية بدعمها وتشجيعها بل تدبيرها..

[**لا مكاسب إستراتيجية وأمنية وثقافية ولا تطبيع مع الكيان الصهيوني*]

يقول المحلل السياسي العراقي عبَّاس الموسوي لموقع «المنار» «إن الانسحاب بالتأكيد لم يكن ترفاً أميركياً إنما جاء بسبب إصرار المقاومة بشقيها السياسي والعسكري على إجبار الإدارة الأميركية على الخروج بالطريقة المذلة».

بحسب الموسوي «كان يأمل الأميركي - خصوصاً في ظل ما يحدث في المنطقة من ثورات وتغييرات وأحداث - أن يبقى سنوات لإنجاح مشروعه لكن الضربات الحقيقية أفشلت أهدافه .. كما بدأ التفكير جدياً أن قواته غير باقية لأنها لم تحصل على حاضنة شعبية تبرر بقاءه.. وانتصار المقاومة في لبنان في تموز 2006 اثبت أن الشعوب من الممكن أن تهزم الجيوش القوية وكان ذلك مثالاً حياً»..

[**ماذا حقق الاحتلال وماذا فشل في تحقيقيه؟... يعدد الموسوي النقاط التالية :*]

- على المستوى الجغرافي هناك انكفاء والاحتلال لم يحقق إبقاء أي قاعدة عسكرية طويلة او قصيرة الأمد في العراق.

- على المستوى الاقتصادي لا توجد بوادر تشير الى أن الشركات الأميركية آمنة للعمل في العراق.. قد تكون تحصل على عقود لكنها ليست آمنة ولا تشهر عن نفسها.

- على المستوى الثقافي والتفكير الشعبي فنسبة من انخدعوا بفكرة الاحتلال كانت عالية لكن عندما انسحبت القوات الأميركية كان شبه إجماع مسبق على رفض وجود الاحتلال.

- كان المشروع هو البقاء لأكثر من 20 سنة في العراق لبناء جيل جديد يتبنى مشروعه لكن هذا لم يحصل.

«إذاً فالأميركي لم يحقق مكاسب إستراتيجية وأمنية وثقافية ولا التطبيع مع الكيان الصهيوني ولم يتحول العراق لبلد صديق للكيان الصهيوني.... ولا شك أن الانسحاب يقوي العراق وإيران وسوريا وكل قوى الممانعة» كما يؤكد الموسوي..

[**مكاسب محور الممانعة والمقاومة جراء هذا الانسحاب *]

الخبير الاستراتيجي الإيراني أمير موسوي أورد في حديث لموقع «المنار» قراءة من ثلاث نقاط لمسألة الانسحاب :

- «الأولى أن أميركا إذا أرادت أن تحتل او تعتدي على دولة تحسب الحساب : هل ان الخسائر ستكون اكبر من الأرباح؟ وتجربة العراق أثبتت أن الأمور ليست كما ترغب.. صحيح أنها تدخلت في إسقاط النظام لكن لم تستطع أن تحصل على الأرباح التي كانت تنشدها خاصة السيطرة على البترول..

- ثانياً : النزاع السياسي الإيراني - الأميركي في منطقة «الشرق الأوسط» اثبت أن الأقوى ليس من يملك السلاح الأشد بل الإيمان والصمود. وقد خسرت أميركا في نزاعها الكثير وخروجها من العراق يمكن أن نسميه انتصاراً لإيران وأيضاً لقوى الممانعة بشكل غير مباشر، خاصة أن إيران داعمة لحكم عراقي مبني على إرادة الشعب كما هو الآن، والمالكي يحوز دعم الشعب وإيران كانت الى جانبه بقوة..

- ثالثاً : أميركا كانت لا تريد الخروج من العراق وخرجت على خلاف ما كانت تطبل له، وهي اليوم تتوسل الى دول أخرى لإبقاء قواتها فيها، وتطرح مع مجلس التعاون الخليجي إعادة انتشار القوات الأميركية في منطقة الخليج، مع العلم أن بعض محاور دول الخليج تحاول دائماً مساعدة أميركا في انتكاساتها وأميركا تواجه انتكاسة معنوية واقتصادية لذا فدول الخليج تساعد على إبقاء القوات الأميركية على أراضيها ومن جهة ثانية تسهيل التخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية الأميركية..

برأي موسوي «أثبتت أميركا إذاً من خلال توسلها لدول الخليج أنها كانت ترغب في البقاء في العراق». ويلفت الى أنها «العام الماضي كانت تجري مباحثات مع القيادة العراقية في سبيل موافقة المالكي على إبقائها وتمديد ذلك 6 أشهر لكن خسرت الجولة»..

ويخلص موسوي الى ان أميركا «اليوم تحاول إشعال الفتنة ودعم إعلان الحكم الذاتي وإثارة القلاقل والمشاكل بين دول الجوار مثل المملكة السعودية وإيران وهذا يدل على ان أميركا مضطربة أمنياً ودبلوماسياً، وما زاد الطين بلّة الانجازات الإيرانية الأمنية وأخرها إسقاط الطائرة الأميركية المتطورة»..

[**نقطة ارتكاز أساسية بعد أفغانستان *]

كان يراد للعراق أن يكون نقطة ارتكاز أساسية بعد أفغانستان لاستهداف متسلل لدول المنطقة كما أظهرت المعلومات، فقد جاء في كلام لـ «ويسلي كلارك» أحد أبرز القادة العسكريين الأميركيين، في كتاب له بعنوان «النصر في الحروب الحديثة.. العراق والإرهاب والإمبراطورية الأميركية» إنه عقب أحداث سبتمبر 2001 مباشرة علم بأمر خطة لمهاجمة عدة دول تباعاً تبدأ بأفغانستان وتتواصل عبر العراق لتنتقل إلى لبنان وسورية والسودان حتى إيران. وأنه بعد عام من زيارته الأولى قام بزيارة أخرى وتأكد من صدور نفس الأوامر ومن تواصل التخطيط لانجاز كل تلك الحروب وتغيير الأوضاع في كل تلك الدول.

إذاً هزيمة العراق ضربت هذه السلسلة أيضاً.. ليس فقط لم يحقق الأميركي أهدافه الكبرى في العراق بل استحال تواجده فيه كابوساً.. وكلمة كابوس استخدمها ريكاردو سانشيز قائد القوت الأمريكية السابق في العراق، الذي اتهم في هذا الإطار السياسيين الأميركيين بالفساد وعدم الكفاءة. أما جورج كيسي رئيس أركان القوات الأميركية البرية السابق، فيقول إن الجيش الأميركي بات يعاني بعد حربي أفغانستان والعراق من اختلال في التوازن يحتاج بين 3-4 سنوات حتى يستعيد نمط عمله الاعتيادي.

هذه أقوال أثبتت أن الأميركي منذ فترة ليست قليلة كان مقتنعاً انه لم ولا يحقق ما صبا إليه على مختلف المستويات في العراق، وخرج مصاباً بالارتدادات العكسية وبرضوض مؤلمة..

- **المصدر : موقع قناة «المنار» الالكتروني



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2181627

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

70 من الزوار الآن

2181627 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 75


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40