الجمعة 30 كانون الأول (ديسمبر) 2011

أوراق اعتماد

الجمعة 30 كانون الأول (ديسمبر) 2011 par نافذ أبو حسنة

تواصل جهات وصلت إلى السلطة في بعض البلاد العربية، وأخرى تفترض أنها في الطريق إليها، تقديم المزيد من أوراق الاعتماد للولايات المتحدة الأمريكية، في حين يذهب بعضها مباشرة بأوراقه إلى الكيان الصهيوني، مستعيداً مقولة قديمة، كان عمل بمقتضاها عدد من قادة الدول الأفريقية، وهي : «إن الطريق إلى قلب أمريكا، يمر بـ «إسرائيل»».

المعلومات والتصريحات تتقاطر من هنا وهناك، عن قرب افتتاح سفارات للصهاينة، وعن وعود بقطع علاقات وإقامة أخرى، وتعهدات بعلاقة طيبة ووثيقة مع الولايات المتحدة، واقتراب حد الالتصاق من الغرب. ويطرح في الأثناء شعار «بلدنا أولاً» بكثافة لافتة للنظر، ليصب في ذات خانة تقديم أوراق الاعتماد.

حزب «النور» السلفي المصري تميز بالذهاب مباشرة، إلى تطبيق المقولة المشار إليها أعلاه، فأجرى المتحدث باسمه مقابلة مع إذاعة جيش الاحتلال الصهيوني، ليعود بعد يومين إلى الحديث عن أنه لم يكن يعرف أنه يعطي مقابلة لتلك الإذاعة؟!.

بدأت القصة قبل أيام، حين اعتبر زعيم هذا الحزب، «عماد عبد الغفور» أنه «ليس في الجلوس مع «إسرائيل» ما يخالف الشرع»، وأن حزبه يحترم الاتفاقات والمعاهدات التي أبرمتها مصر، في إشارة واضحة إلى «اتفاقية كامب ديفيد».

أثارت التصريحات ردود فعل وجدلاً، وجرى تسريب معلومات عن أن شورى الحزب، غير راضية عما قاله عبد الغفور، وربما يتم فصله من الحزب. لكن الناطق باسم «النور» يسري حماد تطوع لتقديم تفسيرات، أكدت ما نسب لرئيس حزبه. فقد قال إنه لا مانع من اللقاء مع «إسرائيليين» إذا جاء الطلب عبر وزارة الخارجية المصرية، وأعاد التأكيد على الالتزام بالمعاهدات، واحترام السياح القادمين من «إسرائيل» لأن لهم حق الضيافة، ثم جاءت التصريحات لإذاعة جيش الاحتلال، فالتأكيد مرة أخرى على التزام المعاهدات الموقعة، في تصريحات لم تعرف مناسبتها، أو سبب الإدلاء بها بعد كل ما حدث. سوى الافتراض بأن «النور» يسابق الزمن لتأكيد تموضعه إلى جانب العلاقات مع «إسرائيل»، والتشجيع على التطبيع، طمعاً في كسب ود دولة الاحتلال، فأمريكا. أو العكس ترتيباً.

عندما قال الغنوشي ما قاله أمام «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» التابع لـ «للإيباك»، مثيراً ردود فعل مستنكرة أيضاً، أخذ البعض على من تولى الرد عليه، التسرع في إطلاق المواقف، داعياً إلى إعطاء الحكام الجدد في تونس، وليبيا، والمحتملين في مصر، مزيداً من الوقت لترتيب أوضاعهم، وتركهم يمارسون تكتيكات، تجنبهم غضب الغرب. ومن أطرف ما قيل هنا إن الغنوشي لم يكن يعلم الصلة بين معهد واشنطن و«الإيباك». معقول؟! إن مجرد قراءة جريدة يومية واحدة، كفيل بكشف تلك الصلة، ومعرفة أن الأمر يتعلق، بأحد أبرز منظمات الضغط اليهودي الصهيوني في الولايات المتحدة.

في كل حال، كنا سمعنا هذا الكلام عندما تساءلنا عن غياب فلسطين، عن ميادين التظاهرات، وعند عدم مشاركة الإسلاميين في التظاهرات أمام سفارة الكيان الصهيوني في مصر، وعند انعدام إشارة أي من هؤلاء إلى «اتفاقيات كامب ديفيد»، قائلين دعوا الأمر للمستقبل، والشعب سيقرر بشأن هذه الاتفاقيات. وفي مناسبات أخرى. كان المطلوب هو التريث لأن هؤلاء سوف يوجهون الجهد والاهتمام نحو فلسطين وقضية الصراع مع العدو الصهيوني عندما يفرغون من ترتيب أوضاعهم الداخلية.

صمت البعض، وظل البعض الآخر يتحدث عن «ربيع عربي» سوف ينبت أزهاراً في فلسطين. نحسب أن الصمت لم يعد ممكناً الآن. قصارى القول : إذا كان هؤلاء يريدون أن يبعدوا غضب الغرب عنهم ولا يريدون استفزازه، بالحديث عن فلسطين، والقدس. فلماذا يذهبون بخطوات بعيدة نحو إظهار انسحابهم من القضية الفلسطينية؟ ربما يستطيعون الاكتفاء بالصمت ويتجنبون الإحراج. في الحقيقة، وعلى رغم الاتهامات بالتعجل، فإن الأمر أبعد من أن يكون تكتيكاً.

أما من ينتظرون «الربيع» وخيراته، فالأفضل أن يوجهوا الجهد نحو ربيع فلسطيني مقاوم، نحو إطلاق انتفاضة في فلسطين، طال انتظارها، والحاجة ماسة لها، من أجل حماية القدس وفلسطين. وبوجود انتفاضة في فلسطين سوف يتبين التكتيك المحكي عنه، من الحقائق العنيدة. وتستطيع فلسطين أن تحتل المكان اللائق بها، لا أن تنتظر فراغ البعض من مشاريعهم ليتفرغوا لها، هذا إذا كنا ساذجين إلى الدرجة التي نصدق فيها، أن لفلسطين وقضيتها مكانة على أجندة هؤلاء، وأن نصدق عدم معرفة من تحدث إلى إذاعة جيش الاحتلال بهويتها، وعدم معرفة المتحدث أمام معهد واشنطن بتبعية المعهد، ومرجعيته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2165289

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165289 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010