السبت 31 كانون الأول (ديسمبر) 2011
من غرق الاقتصاد إلى النزاعات الإمبريالية... فـ «الثورة الاجتماعية»...

2012 و«نهاية العالم» كما نعرفه : مؤشرات كارثية لحروب وانهيارات

السبت 31 كانون الأول (ديسمبر) 2011

تحمل التوقعات الاقتصادية، السياسية والاجتماعية للعام 2012 إشارات سلبية كبرى. التوافق العالمي تقريبا، حتى بين الخبراء الاقتصاديين الأكثر تقليدية، يقوم على تشاؤم كبير حيال الاقتصاد العالمي. ولكن الواقع يتعدى نقطة التشاؤم المألوف، مع مؤشرات قوية على أنه انطلاقا من بداية العام المقبل، سوف يتجه العالم نحو تراجع اقتصادي أكبر وأسرع مما شهدناه خلال فترة الانكماش الكبير في العامين 2008 و2009. بموارد متضائلة، وديون متعاظمة توازيها المقاومة الشعبية لفكرة تحمل عبء انقاذ النظام الرأسمالي، لن تتمكن الحكومات من انقاذ النظام.

عدد كبير من المؤسسات والعلاقات الاقتصادية التي كانت السبب والنتيجة في التوسع الرأسمالي الاقليمي والعالمي خلال العقود الثلاثة الماضية، يسير الآن في عملية تفكك وارتباك. المحركات الاقتصادية السابقة للتوسع العالمي، في أميركا والاتحاد الأوروبي، قد استنفدت قدراتها وتقف الآن في انهيار واضح. أما مراكز النمو الجديد في الصين، الهند، البرازيل وروسيا، والتي أعطت دفعا جديدا للنمو العالمي خلال «العقد القصير»، فيتباطأ نموها هي أيضا، في نسق سيتواصل خلال العام الجديد.

[**انهيار الاتحاد الأوروبي*]

بالتحديد، سيتفكك الاتحاد الأوروبي المثقل بالازمات، وستتوجه البنية المتفككة إلى سلسلة من الاتفاقات التجارية والاستثمارية الثنائية أو المتعددة الجوانب. ألمانيا، فرنسا، وبلاد الشمال، ستحاول الحدّ من تبعات الانهيار. بريطانيا، وخاصة مدينة لندن المالية، التي بدأت تعيش عزلة كبيرة، ستغرق في النمو السلبي، فيما سيبحث مصرفيوها عن فرص جديدة للمضاربة في بلاد الخليج النفطية. أما اوروبا الشرقية والوسطى، وخاصة بولندا وجمهورية التشيك، فستقوي علاقاتها مع المانيا، لكنها ستعاني من تبعات التراجع الكبير في الأسواق العالمية. أوروبا الجنوبية، أي اليونان، اسبانيا، البرتغال وايطاليا، ستدخل في مرحلة هبوط عميق مع انهيار الطلب الاستهلاكي نتيجة الديون والهجمات الوحشية على الرواتب والميزات الاجتماعية.

البطالة بأشكالها المختلفة، ستفجر الصراعات الاجتماعية لتصل إلى مستوى الانتفاضات الشعبية. وسيتم استبدال اليورو بالعودة إلى العملات الوطنية، مترافقة بانخفاض كبير في القيمة وسياسة حمائية قوية. القومية ستكون الشعار الأبرز بالمعنى الاقتصادي. المصارف في المانيا، فرنسا وسويسرا، ستعاني من خسائر ضخمة على ديونها لدول الجنوب. وسيكون من الضروري اجراء عمليات انقاذ كبرى، ستزيد الاستقطاب في المجتمعين الالماني والفرنسي، بين الغالبية الدافعة للضرائب، والمصرفيين. النضال النقابي و«الشعبوية» اليمينية متجسدة بالنيو-فاشية، سيكثفان الصراع الطبقي والقومي.

اوروبا المفككة المحبطة والمنهارة ستكون أقل إقبالا على أي مغامرة أميركية - «إسرائيلية» ضد ايران (أو حتى سوريا). اوروبا المثقلة بالأزمات ستعارض المقاربة الصدامية لواشنطن ازاء روسيا والصين.

[**أميركا : عودة الانكماش*]

سيعاني الاقتصاد الأميركي من تبعات عجزه المالي المتضخم، ولن يكون قادرا على إخراج نفسه من الانكماش العالمي في العام 2012 عبر الانفاق وحده. كما انه لن يتمكن من التعويل على «التصدير» إلى آسيا، فيما تخسر الصين، والهند وباقي المنطقة، الدفع الاقتصادي الاستهلاكي السابق. سيتراجع النمو الهندي من 8 إلى 5 في المئة أو أقل. إضافة إلى أن سياسة «الإحاطة» العسكرية لإدارة اوباما، وسياستها الاقتصادية القائمة على الاستبعاد والحمائية، ستحول دون أي تحفيز من الصين.

[**نزعات العسكرة ستعزّز التراجع*]

أميركا وبريطانيا ستكونان أكبر الخاسرين من إعادة الإعمار الاقتصادية للعراق بعد الحرب. من أصل 186 مليار دولار في مشاريع البنى التحتية، ستحصل أميركا وبريطانيا على أقل من 5 في المئة بحسب صحيفة الـ«فايننشال تايمز» في عددها لـ16 كانون الأول الحالي. والصورة مشابهة لذلك في ليبيا. العسكرة الامبريالية الأميركية تدمر الخصم، وتغرق في الديون للقيام بذلك، فيما يحصد الذين لم يقاتلوا العقود الثمينة لاقتصاديات ما بعد الحرب.

سيقع الاقتصاد الأميركي في الانكماش القوي، و«معافاة عام 2011 العاطلة عن العمل»، ستستبدل بتصاعد سريع لمعدلات البطالة في العام 2012. استنزاف الطاقة العمالية سيتصاعد مع توجه الرأسماليين إلى إجبار العمال على مزيد من الانتاج مقابل رواتب متضائلة، بما يعمق الهوة بين الرواتب والارباح.

وسيترافق كل هذا مع تخفيضات متوحشة في البرامج الاجتماعية لمساعدة المصارف والصناعات المتعثرة ماليا. سيكون الجدال بين الحزبين حول حجم الاقتطاعات للعمال والمتقاعدين، لضمان «ثقة» حاملي السندات السيادية الأميركية. وفي مواجهة هذه الخيارات السياسية المحدودة، سيقوم الناخبون بردة فعل عبر التصويت ضد اصحاب المناصب والمقاطعة، وعبر الحركات الاحتجاجية الشعبية العفوية أو المنظمة، كما في حركة «احتلال وول ستريت». ديماغوجيو الحزب الديموقراطي سيحملون الصين المسؤولية، فيما سيلوم نظراؤهم في الحزب الجمهوري المهاجرين. وسيلتقي الطرفان حول التصعيد ضد «الإسلاميين الفاشيين» وخاصة ايران.

[**الصهاينة يطلقون الزناد*]

الرؤساء الـ52 للمنظمات الأميركية اليهودية الكبرى واتباعهم وراء شعار ««إسرائيل» أولا» في الكونغرس ووزارات الخارجية والخزانة والدفاع، سيدفعون في اتجاه حرب مع ايران. إذا نجحوا، سيؤدي ذلك إلى انفجار اقليمي وانكماش عالمي. وفي ظل نجاح النظام «الإسرائيلي» المتطرف في ضمان الطاعة العمياء لسياساته الحربية من الكونغرس والبيت الأبيض، من الممكن تنحية أي شك حول كارثية النتائج.

[**الصين وآليات التعويض*]

ستواجه الصين الانكماش العالمي في العام 2012 بإمكانيات متعددة لتحسين نفوذها. تستطيع بكين أن تتحول إلى انتاج السلع والخدمات للـ700 مليون مستهلك على أراضيها الذين هم حاليا خارج دورتها الاقتصادية. عبر زيادة الاجور، وتحسين الخدمات الاجتماعية والامن البيئي، تستطيع الصين التعويض عن خساراتها في أسواق الخارج. لكن النمو الاقتصادي الصيني، المرتبط إلى حد كبير بالمضاربة على العقارات، سيتأثر سلبيا عندما تنفجر الفقاعة. وسيؤدي ذلك إلى خسائر في الوظائف، وإفلاسات إقليمية، وصراعات طبقية واجتماعية متزايدة.

من المحتمل أن يسفر ذلك عن قمع متزايد أو تحول تدريجي نحو الديموقراطية. كما من المتوقع أن يؤثر الواقع هذا على العلاقات بين الدولة والسوق نحو مزيد من سيطرة الأولى على الثانية.

[**الحرب الآتية*]

اوباما أسس الأرضية لحرب جديدة وضخمة في «الشرق الأوسط» عبر إعادة تموضع جنوده من العراق وافغانستان إلى التركيز ضد ايران. ولمواجهة ايران، توسع واشنطن عملياتها العسكرية السرية كما المدنية ضد حلفاء ايران في سوريا، باكستان، فنزويلا والصين. مفتاح الاستراتيجية الحربية الأميركية و«الإسرائيلية» حيال ايران، هو سلسلة من الحروب في الدول المجاورة، إضافة إلى عقوبات اقتصادية عالمية، وهجمات الكترونية ضد صناعاتها الحيوية، واغتيالات ارهابية للعلماء والمسؤولين العسكريين.

وستحول الحرب الأميركية الموجهة صهيونيا انكماش بدايات العام 2012 إلى انهيار ضخم بحلول نهاية العام، مما سيؤدي أيضا إلى حركات احتجاجية شعبية ضخمة.

خلاصة القول إن كل المؤشرات تؤكد أن العام 2012 سيشكل نقطة تحول كبرى تتجسد بازمة اقتصادية متواصلة تنتشر من اوروبا وأميركا إلى آسيا وتابعاتها في افريقيا واميركا اللاتينية. الأزمة ستكون عالمية فعلا. المواجهات بين الامبرياليات والحروب الاستعمارية ستقوض أي جهود لمعالجة الازمة. وفي المقابل، ستظهر حراكات شعبية تنتقل من الاحتجاج إلى الانتفاضة، على أمل أن تتحول إلى ثورات اجتماعية وسلطات سياسية.

- [**(جيمس بتراس من معهد «غلوبال ريسرش» بتصرف).*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 65 / 2177844

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2177844 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40