هناك من يعيد الخلافات في التاريخ العربي والإسلامي الى اجتماع سقيفة بني ساعده لاختيار خليفة للمسلمين ... وانبثق عن هذا الخلاف اصطفافات شتى.. عشائرية وقبلية ومذهبية لا تزال تلقي ظلالها على الأمة حتى اليوم..
وما يهمني في هذا المقال ليست الاصطفافات المعروفة التي تعالجها آلاف الكتب والمخطوطات، بل مغزى الاسم نفسه (سقيفة بني ساعده) ولا سيما في ضوء حملات التكفير والتسنين والإقصاء التي تريد احتكار التاريخ العربي والإسلامي على (فرقة ناجية) بعينها من أهل السنة والجماعة باعتبارها الآمرة الناهية المتعطفة على البقية من الملل والنحل من داخل الإسلام وخارجه.. وليس ما يجري في سورية سوى مثال على ذلك، فالمعركة ضد النظام السوري عند بعضهم ليست معركة ديمقراطية ولا سياسية بل لاسترداد حق أهل السنة والجماعة دون سواهم في السلطة (فهم الذين يمثلون المواطنة الكاملة) في رأيهم ولا يحق لأي عربي آخر من خارج (السنة) مسلماً أم مسيحياً أم درزياً أن يكون على رأس أية سلطة..
وبوصفي من أبوين مسلمين من أهل السنة والجماعة، اذكر هؤلاء قبل غيرهم أن اختيار أول خليفة للرسول، جرى في تلك السقيفة التي تحمل دلالات مسيحية واضحة قاطعة. فقبيلة بني ساعده الإيادية من القبائل المسيحية التي ناصرت الإسلام وأنتجت حكيم العرب الشهير القس بن ساعده (الشائع قس بني ساعده) صاحب القول المأثور لولده (إذا رأيت حرباً يجبن شجاعها ويجرؤ جبانها اصعد الى رابية وانظر الأمر جيداً، ترى الخيانة)..
وبالمثل يمكن التذكير أيضاً بالدلالة اللغوية للسقيفة وكانت أسقفية بدائية كما كانت جوامع المسلمين الأولى من الجريد.