الجمعة 13 كانون الثاني (يناير) 2012
الغرب يقرأ خفايا اغتيال العالِم مصطفى روشن ...

كلما زادت اغتيالات العلماء النوويين .. استدرجت «إسرائيل» إيران للحرب!

الجمعة 13 كانون الثاني (يناير) 2012

تكتظ الصحف الغربية وتحليلات المعاهد الأميركية والبريطانية بالأسئلة والأجوبة. بالافتراضات والتأكيدات، بالاتهامات والتبرئة، والموضوع واحد : ماذا يعني اغتيال عالم إيراني نووي جديد وسط التصعيد الأميركي - الإيراني والإيراني - «الإسرائيلي»؟ لا تنشغل الأقلام المستنفرة في تحليل معاني التوقيت، فلا أهمية لهذا العنصر في عملية اغتيال العالِم الإيراني الشاب مصطفى احمدي روشن، بعد مقتل 3 علماء آخرين قبله خلال عام، بل الأهمّ في ما كتبه المراقبون الغربيون تمحور حول مدى صوابية اغتيال هؤلاء العلماء بهدف ضرب برنامج إيران النووي. «إسرائيل» المسؤولة؟ بدا تبني هذه الفرضية واضحاً، لينطلق التحليل بعدها الى مدى مصلحة «تل أبيب» في ذلك من جهة وعجز إيران عن ضبط التهديد المسلط فوق رؤوس علمائها من جهة أخرى.

يطرح جيفري غولدبرغ في مقاله «اغتيال عالم نووي إيراني جديد.. ماذا يعني ذلك»، والمنشور في مجلة «اتلانتيك» الأميركية، أسئلة عدة محيطة بعملية الاغتيال، شملت الرؤية الغربية لميزان القوى الإيراني - «الإسرائيلي». «أولاً، لماذا لا يسعى الإيرانيون لقتل مسؤولي الدفاع «الإسرائيليين»؟ الجواب على ما أعتقد، مرتبط بالقيود «الفنية» الإيرانية : فحيث لا مشكلة لدى النظام الإيراني في قتل المدنيين «الإسرائيليين» (من خلال وكلائه «حزب الله» و«حماس»)، أشك في أن يكون لديه تحفظات حول مهاجمة المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين. غير أن أمراً واحداً ربما يحجم إيران عن القيام بذلك، هو خوفها من أن تدفع الهجمات على المسؤولين «الإسرائيليين» الى ضربة «إسرائيلية» جوية لموقع نتانز، وذلك قبل أن يتمكّن النظام من نقل أجهزة الطرد المركزي الى منشآته تحت الأرض في فوردو».

ويتابع غولدبرغ متسائلاً : هل تؤمن «إسرائيل»، او من كان وراء اغتيال العلماء الإيرانيين، بأن قتل هؤلاء قادر فعلاً على إبطاء البرنامج النووي الإيراني؟ هل يعتقد من يقف وراء هذه الاغتيالات بأن المعرفة الإيرانية النووية تتركز فقط في أدمغة بعض العلماء وبالتالي فإن قتلهم قادر على إعاقة البرنامج؟ هل الهدف من عمليات الاغتيال هو إقناع العلماء النوويين الإيرانيين بأن يبحثوا عن مجالات مهنية أخرى؟ لماذا يظهر أن إيران غير قادرة على حماية علمائها النوويين؟ لماذا يبرع «الموساد» (لنفترض انه «الموساد») في اغتيال أشخاص في طهران؟... علامات استفهام كانت أساس مقال غولدبرع الذي ختم قائلاً «لو كنت عضواً في النظام الإيراني، لكنت اغتنمت فرصة الاغتيالات للقول بأن الغرب غير معني تماماً في أي شكل من أشكال التفاوض، وانه عليّ عبور العتبة النووية بأسرع وقت ممكن. وعندها، أصبح كوريا الشمالية أو باكستان : بلد يستحيل المساس به».

حيرة غولدبرغ إزاء الأداء «الإسرائيلي» المفترض برأيه، لم تظهر بتاتاً في مقال الكاتب روبرت رايت الذي ردّ على زميله من المنبر ذاته على سؤال «لماذا تفعل «إسرائيل» ذلك؟»، مجيباً «ما نسي غولدبرغ أن يلفت إليه هو أن «إسرائيل» تحاول إشعال حرب مع إيران. فكلما قتل أشخاص من صفوف العلماء استُفزّت إيران للردّ. أما التصعيد فهو جليّ تماماً وقد يمهّد الطريق أمام ضربات عسكرية ضد منشآت إيران النووية».

ويضيف رايت «في الواقع، أن إسرائيل قادرة على ضرب المنشآت حتى من دون تصعيد، غير أن الأخير يقدّم لها ميزتين : أولاً، تُلام «إسرائيل» اقل في مثل هذه الحالة على اعتبار أنها ليست هي من بدأ، بالرغم من أن الأمر سيكون العكس تماماً من وجهة النظر الإيرانية، غير أن واشنطن تعترف دوماً بـ «الإرهاب» عندما يكون من توقيع إيران وليس عندما تقوم به هي او «إسرائيل». ثانياً، يزيد هذا السيناريو من احتمالات انجرار الولايات المتحدة إلى الحرب، خصوصاً أن «إسرائيل» تفضل أن يكون لأميركا حصة الأسد من ضرب المنشآت الإيرانية إذ تتمتع بقدرات أوسع في هذا المجال»..

إذاً، «إسرائيل» المتهم رقم واحد. وقد لا تكون التهمة جديدة نظراً لقدرات الموساد الأمنية المعروفة في إيران وسواها، والتي سبق أن صُوّبت نحوها أصابع الاتهام الإيرانية في مناسبات ماضية، وذلك في إطار «العنف» الكلامي المتبادل على خط طهران - «تل أبيب». ومع ذلك، يبقى الأهم في توصيف عملية الاغتيال ما قاله العميل القديم في وكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه»، بول بيلر، في مقال بعنوان «الاغتيالات في إيران» في مجلة «ناشنال انترست». اذ رأى بيلر أن اغتيال روشن في شمال إيران يُصنّف في قائمة «أعمال الإرهاب الدولية»، اقله بحسب القانون الأميركي، كما قال، «غير أن هذا النوع من الإرهاب هو احد الأسباب التي جعلت إيران على لائحة الدولة الراعية للإرهاب. فخلال الثمانينيات والتسعينيات قام النظام الإيراني بعمليات اغتيال استهدفت سياسيين إيرانيين منفيين في أوروبا وشرق آسيا. ولكن طهران أوقفت هذا النهج منذ قرابة 15 عاماً بهدف تحسين العلاقة مع الأوروبيين، او ربما لأنها تخلصت من كل من كان على اللائحة.. أما اليوم، فإن إيران تواجه نوع الإرهاب نفسه».

ويُكمل بيلر مقارباً الحدث الإيراني من وجهة نظر أميركية «تخيلوا لو أن الأمر حدث للأميركيين باستهداف عالم نووي واحد يعمل مثلاً في المختبرات الوطنية، لكان الصراخ قد علا ضد العمل الحربي واتجه الرئيس الأميركي للرد بالقوة! لنضع أنفسنا مكان إيران التي لا تواجه الاغتيالات فحسب بل العداوة الغربية والعقوبات الاقتصادية. من هذا المنطلق، لن يكون مفاجئاً إذا ردّت إيران على ما يحدث لها وبالتالي تطوير برنامجها النووي».

وختم بيلر بتبرئة أميركا من الاغتيال واتهام «إسرائيل» بذلك دون أن يسميها، قائلاً «لا اعرف طبعاً من يقف وراء هذا العمل ولا اعتقد أن أميركا وراء ذلك. فنحن نغتال أشخاصاً نكون مقتنعين بأنهم إرهابيون، وليس علماء او أحد آخر. كما نستخدم وسائل تخدمنا في ما نعتبره «حرباً»، وذلك من ارتفاع مقداره آلاف الأقدام في الهواء بحيث لا نقترب من الواقع الدموي على الأرض. خالفنا ذلك لمرة واحدة في أيار الماضي، يوم قتلنا اخطر الإرهابيين في العالم (أسامة بن لادن)... اتفق مع من يقول إن لاعباً إقليمياً قام بذلك لتحويل المواجهة مع إيران الى صراع عسكري مباشر فيعيقها من الحصول على القنبلة النووية».

الاغتيالات التي تستهدف العلماء النوويين الإيرانيين «حرب سرية تحمل مخاطر جدية على منطقة «الشرق الأوسط» ككل»، كما قالت «الغارديان» البريطانية. أما الجديد في اغتيال روشن، فهو «الاستنكار الأميركي الكبير» بحسب وصف صحيفة «نيويورك تايمز»، وذلك في انعكاس «للقلق الأميركي الجدي من زيادة مثل هذه الاغتيالات في حين يرى بعض الخبراء أنها ستنعكس سلباً على أي مفاوضات مقبلة مع إيران التي من المتوقع في مثل هذه الحال أن تضاعف قدرتها النووية» أكثر من أي وقت مضى.

- [**المصدر : صحيفة «السفير» اللبنانية.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 5 / 2178823

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2178823 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 23


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40