«إسرائيل» دوماً هي سوبرمانية، تخترق أجهزة الآخرين في كافة المجالات : في المخابرات والاستخبارات والشأن العسكري وهي القادرة على تجنيد العملاء، وهي القادرة على اختراق الشبكات الإلكترونية. هذا ما يصوره القادة «الإسرائيليون» عن دولتهم، ويدّعون باستحالة اختراق أي جهاز فيها، ولكن هذه المرّة خاب ظنّهم، فشاب عربي سعودي اخترق المعلومات الرسمية على الشبكية الإلكترونية لـ «إسرائيل»، وتمكن من اكتشاف آلاف الوثائق والبطاقات «الإسرائيلية» ونشر قائمة تحتوي على العديد من التفاصيل الخاصة بحوالي 11 ألف «إسرائيلي»، تضمنت أسماءهم وأرقام هواتفهم، والعناوين الدقيقة لأماكن سكناهم، وجميع أرقام بطاقات الائتمان الخاصة بهم، مستوعداً بالكشف عن 80 ألف بطاقة مصرفية أخرى، رداً على المعلومات «الإسرائيلية» التي تدّعي أن ما تم الوصول إليه هو 14 ألف بطاقة فقط، هذا ما ذكرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» «الإسرائيلية» وموقع «واي نت» «الإسرائيلي».
«إسرائيل» التي انذهلت من هذه القضية ادّعت أن «الهاكر» الذي سرق هذه الوثائق ويطلق على نفسه «Ox omar» أنه شخص يسكن في العاصمة المكسيكية واسمه عمر، وله صورة شخصية في صفحته على «الفيسبوك». الهاكر بعث برد إلى الموقع الإلكتروني «الإسرائيلي» وفيه نفى أنه الشخص الذي قيل أنه يسكن في العاصمة المكسيكية، مؤكداً أنه يسكن في العاصمة السعودية (الرياض) ويتحدى الوصول إليه، موضحاً أنه ليس مبتدئاً بل هو على دراية متقدمة بالتقنية، وأن «إسرائيل» لن تعثر عليه مهما جرى من إرسال آلاف الملفات والإيميلات له. الشاب أكد للموقع الصهيوني أنه «لا يعتبر «إسرائيل» إلا فلسطين المحتلة التي ستعود حتماً للفلسطينيين». بذلك شعرت «إسرائيل» بطعم الهزيمة مرات عديدة. الأولى عملية الاختراق نفسها، الثانية : أنه عربي، و«إسرائيل» تعتقد بأن العرب «يملكون المال فقط، ولا يملكون العقول» ولهذا دعا شيمون بيريز في كتابه «الشرق الأوسط الجديد» إلى «تزاوج العقل اليهودي والمال العربي في تغيير المنطقة». موشيه دايان وزير الحرب «الإسرائيلي» قال أيضاً جملته الشهيرة «العرب لا يقرأون وإن قرأوا فهم لا يفهمون وإن فهموا فهم لا يفعلون».
الهزيمة الثالثة التي شعرت بها «إسرائيل» في هذه الحادثة تتلخص في التحدي الذي أطلقه عمر في استحالة الوصول إليه، وبالفعل حتى اللحظة لم تتمكن الدولة الصهيونية من كشف أية معلومات عنه سوى تلك التي كشفها لهم.
الهزيمة الرابعة : أن «إسرائيل» وبعد اكتشافها بسرقة القائمة الأولى لم تستطع إيجاد الحلول لمنع السرقة، بل تمكن عمر من كشف آلاف الوثائق الجديدة.
الهزيمة الخامسة : أن الشاب وطني عربي ويؤمن بتحرير فلسطين، كل فلسطين.
حتى هنا تبقى الحادثة في حدود «العادية» التي تحصل، لكن ما زاد من قيمتها هو رد الفعل الرسمي «الإسرائيلي» من خلال التهديد الذي أطلقه نائب وزير الخارجية «الإسرائيلي» داني أيالون من خلال القول : «بأن أي مساس بالسيادة «الإسرائيلية» في الفضاء الإلكتروني يعتبر بمثابة إعلان حرب على «إسرائيل»، وأن كل من يفعل ذلك يعرض نفسه لرد «إسرائيلي»». جاءت أقوال أيالون هذه حسب الإذاعة «الإسرائيلية» خلال ندوة عقدت في بئر السبع (7 يناير الحالي)، حيث تطرق للحادثة ومستطرداً «إن أي استهداف لفضائها الإلكتروني. سيكون بمثابة إعلان حرب عليها وأنها سترد عليه، حتى بإطلاق صواريخ إذا اقتضت الضرورة ذلك».
تهديد نائب الوزير الصهيوني المشهور بـ «صقوريته» قائم على أساس العنجهية الصهيونية التي لا تتصور بأن يمس «فرد عربي» الشبكة الرسمية الإلكترونية الصهيونية، وكأن لسان حاله يقول : «بان «إسرائيل» ستطلق صواريخ على السعودية وعلى الرياض تحديداً بسبب وجود من قام «بعملية الاختراق فيها»».
«إسرائيل» وكرد فعل، حاولت اختراق الشبكة الالكترونية في السعودية، فتلقفت وسائل الإعلام «الإسرائيلية» نبأ استطاعة شاب «إسرائيلي»، اختراقها! لكن تظل المرة الأساس هي الأولى، التي تحسب للشاب السعودي.
من قبل، استطاعت المخابرات العربية : مصرية وغيرها اختراق «الموساد» «الإسرائيلي» ولعل حادثة من أُطلق عليه «رأفت الهجان» أكثر من معروفة، هذه الحادثة وغيرها الكثير، كذلك استطاع الجيشان المصري والسوري خداع المخابرات «الإسرائيلية» في بدء حرب أكتوبر عام 1973، والعديد العديد من الأحداث المعروفة للعرب وللعالم و«للإسرائيليين» والتي تُثبت بما لا يدع مجالاً للشك قدرة العرب على اختراق كافة الأجهزة الرسمية «الإسرائيلية» هذه التي تدّعي السوبرمانية المطلقة، وبأنها عصية على الاختراق.
RLS
